تتساءل شركات صناعة السيارات التى أنفقت مليارات الدولارات على إنشاء مصانع وخطوط إنتاج فى الصين، خلال العقود الماضية، عما إذا كان النمو سيعود من جديد، بعدما سجلت الصين أول انخفاض سنوى فى مبيعات السيارات فى أكثر من عقدين، مع توقع مزيد من الآلام عام 2019. يأتى ذلك بعد أن تباطأ النمو السنوى فى الصين إلى أدنى مستوى منذ عام 1990، إذ أثرت قرارات التوترات التجارية مع أمريكا على ثقة المستهلك، والنفقات الرأسمالية.
وسجلت الصين معدل نمو اقتصادى تبلغ نسبته %6.6 عام 2018 بأكمله، منخفضاً من %6.8 فى عام 2017، وهو أدنى مستوى له منذ أن واجهت البلاد عقوبات دولية بعد مذبحة ميدان «تيانانمين» فى العاصمة بكين عام 1989.
وانخفض الناتج المحلى الإجمالى للصين ليصل إلى %6.4، فى الربع الرابع من العام الماضى، وهو أدنى مستوى له منذ اﻷزمة المالية العالمية فى 2009، مقارنة بنسبة %6.5 المسجلة فى الأشهر الثلاثة السابقة لتلك الفترة.
وأشارت الصحيفة إلى أن النمو الاقتصادى فى الصين تباطأ الآن لثلاثة أرباع سنوية متتالية، ما أثار القلق بين المستثمرين من أنها قد تتسبب فى إبطاء وتيرة نمو الاقتصاد العالمى.
وأوضحت بيانات جمعية سيارات الركاب الصينية، تراجع المبيعات فى أكبر أسواق العالم بنسبة %6 ليصل الإجمالى إلى 22.7 مليون سيارة العام الماضى، وهو أول انخفاض سنوى منذ عقدين على الأقل.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنَّ الحرب التجارية التى لم تحل بعد، والركود فى الأسهم الصينية، عوامل أدت إلى إبعاد المشترين، ما يشير إلى مزيد من المشاكل فى صناعة تنتشر فيها الأنوار التحذيرية بجميع أنحاء العالم.
وتضررت صناعة السيارات الصينية التى تأثرت بارتفاع أسعار الخامات، ما دفع الحكومة إلى الاستعداد لاتخاذ إجراءات تحفيزية لإحياء المبيعات.
وقال تسوى دونجشو، رئيس جمعية سيارات الركاب الصينية، إنَّ الضغوط على شركات صناعة السيارات فى تصاعد مستمر.. وقد يؤدى انخفاض مبيعات السيارات إلى تسريع عملية الضغط على اللاعبين غير الأكفاء، وربما نشهد خروج بعضهم من السوق العام المقبل.
وأوضح المحللون لدى شركة «آر بى سى كابيتال ماركتس»، أن ما يحدث فى الصين هو انعكاس للوضع فى جميع أنحاء العالم، من ارتفاع الأسعار والاضطراب السياسى والكراهية لسيارات الديزل التى أدت إلى تآكل الطلب على السيارات فى أسواق، منها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتعثر الأخير فى الصين، مضيفين أن صناعة السيارات العالمية هى بالفعل فى حالة ركود.
ومن المحتمل أن تنخفض أحجام المبيعات بنسبة %7 العام الحالى فى الصين، إذ يدخل سوق السيارات فى انخفاض غير مسبوق لعدة أشهر.
وقالت مجموعة «جولدمان ساكس»، إنَّ المبيعات قد تبدأ فى الانتعاش عام 2020.
وتوقع المحللون لدى جمعية سيارات الركاب الصينية، أن يظل السوق دون تغيير عام 2019.. وفى الوقت الذى يتراجع فيه الطلب على السيارات التى تعمل بالبنزين، من المحتمل أن يساعد ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية، السوق ككل على تجنب حدوث هبوط آخر.
وأوضحت الجمعية، أن الطلب على السيارات لا يزال قائماً.. لكن قد يستغرق الأمر حوالى ثلاث سنوات حتى يتسارع السوق من جديد.
وأضاف المحللون، أن حالات عدم اليقين التى قد تقوض عمليات شراء السيارات، تشمل التقلبات فى التنمية الاقتصادية وعلاقات الصين التجارية مع الولايات المتحدة.
وتوقعت الجمعية التى تتعقب سوق التجزئة فى مجال السيارات، أن ترتفع المبيعات بنسبة %1.2 عام 2019.
وكانت القيود المفروضة على ملكية السيارات فى المدن الكبرى بما فى ذلك بكين تثقل كاهل الطلب.. وقد يساعد التخفيف المحتمل لهذه القيود على زيادة المبيعات العام المقبل.
وتراجعت مبيعات التجزئة للسيارات فى ديسمبر بنسبة %19 وهو الانخفاض الشهرى السابع على التوالى.
وبالنسبة لخطط التوسع، أوضحت «بلومبرج»، أنه ينبغى على المصنعين أن يقرروا ما إذا كانوا سينفذون خطط التوسع فى المستقبل، بعد أن أعلنت شركة «فورد»، أنها تعتزم إدخال أكثر من 50 مركبة جديدة بحلول عام 2025 فى الصين.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تعتزم فيه شركة «فولكس فاجن»، أكبر علامة تجارية أجنبية فى الصين، استثمار حوالى 4 مليارات يورو، وهو ما يعادل 4.5 مليار دولار فى البلاد العام الحالى مع شركاء محليين.
وستواصل شركة «جنرال موتورز»، الاستثمار «بحكمة» فى الصين، وهو ما يكفى لتلبية الطلب المتوقع فى السوق على مدى السنوات القادمة.
وأعلن ممثل «فورد»، أن الشركة تضع جداول الإنتاج بناء على طلب السوق، وتعمل بشكل وثيق مع التجار لإدارة المخزون. كما تخطط شركة صناعة السيارات الأمريكية لجلب خمس مركبات أخرى للإنتاج المحلى العام الحالى، لزيادة نموها فى الصين.
ورغم ذلك، خفض البعض عمليات التوسع فى الصين، إذ خرجت شركة «سوزوكى» من البلاد فى 2018 بعد أن فشلت سياراتها الصغيرة فى الحصول على دفعة من المستهلكين الصينيين الذين أجبروا «جاجوار لاند روفر»، أيضاً، على إغلاق مصنع لفترة مؤقتة.
وتوقع الاقتصاديون، أن النمو فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم قد يتباطأ إلى %6.2 العام الحالى، مقارنة بنسبة %6.6 فى 2018، إذ إنَّ عدم اليقين بشأن الحرب التجارية ينسجم مع انخفاض ثقة المستهلكين فى تقلص التوقعات.
وتضع شركات صناعة السيارات بشكل متزايد رهاناتها على السيارات الكهربائية التى تكتسب شعبية فى ظل السياسات البيئية للصين.
ومن المتوقع أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة ومركبات خلايا الوقود بنحو الثلث فى عام 2019 إلى 1.6 مليون وحدة بعد أن تجاوزت المليون سيارة لأول مرة فى عام 2018.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا