مقالات

إنتاج البترول فى فنزويلا قد لا يتعافى أبداً

أطول فترة تمكن إنسان من حبس أنفاسه فيها تحت الماء كانت 24 دقيقة و3.45 ثانية وفقاً لموسوعة جينيس العالمية، وحتى إن كانت كل دقيقة بمثابة 3 أشهر، فلن يقف قطاع البترول الفنزويلى على قدميه مجدداً بمجرد أن يصعد فوق الماء، بغض النظر عن كيف ستنتهى الفوضى السياسية الحالية.
ولن أدّعى أننى أعرف كيف سيتطور الوضع فى فنزويلا فى الأيام والأسابيع والأشهر القادمة، ولكن هناك شىء واحد أنا متأكد منه وهو أن الضرر الذى وقع على قطاع البترول فى الدولة بسبب سنوات عدم الاستثمار الكافى وسوء الإدارة بجانب هجرة أعداد كبيرة من العمالة الماهرة لن يتم معالجته بسرعة وسهولة، ولن يشكل من يتولى السلطة أو كيف تنتهى أى فترة انتقالية أى فرق.
وإذا أردت أن تقوم بمقارنة سريعة لكيف ستتطور الامور فى قطاع البترول الفنزويلى فى السنوات المقبلة، انظر إلى ماضى ليبيا القريب، أو تجربة إيران بعد الثروة الإسلامية فى 1979.
وفى كلتا الحالتين، كان هناك تراجع فورى فى الإنتاج إلى الصفر أو قرب الصفر، تلاه تعافى قصير، ثم سنوات من التقدم البطيء بمستويات إنتاج قرب نصف ما كانت عليه قبل الثورات، وبعد 7 سنوات من الإطاحة بالنظام السابق، لم يتعاف الناتج بالكامل.
وبينما توجد اختلافات بين المواقف فى كل دولة من الثلاثة، هناك أوجه تشابه أيضاً، إذ سيطرت حكومة ما بعد الثروة بشدة على القطاع، وأبعدت التكنوقراطيين واستبدلتهم بموظفيين سياسيين لديهم خبرة قليلة أو ليس لديهم خبرة بالقطاع، وفى فنزويلا حدث ذلك بالفعل، بعد أن طرد الرئيس هوجو تشافيز التكنوقراط المناهضين لثورته الاشتراكية، أما خليفته نيكولاس مادورو، فقد عين الجنرال مانويل كيفيدو، رجل عسكرى بدون أى خبرة، لإدارة شركة البترول الحكومية وجعله وزير البترول أيضاً فى 2017.
وفى ليبيا، أعاقت المليشيات المحلية المتقاتلة وانهيار سيطرة الحكومة على أجزاء واسعة من الدولة تعافى القطاع، وتسببت السرقة واختطاف الأسرى وإغلاق خطوط الأنابيب ومرافق الإنتاج فى تأخير عملية تعافى إنتاج الحقول وترميم البنية التحتية لنقل البترول.
وعندما استقال لويس جيوستى من رئاسة شركة البترول الحكومية «بتروباس»، قبل يوم من تولى تشافيز الحكم فى فبراير 1999، كان قد ترأس الشركة لخمسة أعوام تقريباً، وكانت تحسدها بقية الأعضاء فى منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، وكانت قد عززت القدرة الإنتاجية إلى 3.3 مليون برميل يوميا، بارتفاع بنسبة %30 عن 1994، وكان لديها شبكة من المصافى فى الخارج لتأمين الوصول للأسواق.
واليوم، يبلغ إنتاجها حوالى ثلث ما كان عندما تولى شافيز السلطة، واختفت أغلب المصافى الخارجية لبتروباس وتدار مصافيها المحلية بحوالى %20 من قدرتها فقط، وفشلت المشروعات المشتركة لتطوير البترول الثقيلة فى حزام أورينوكو فى بناء المصافى المكلفة اللازمة لتحقيق أهداف الناتج الطموحة.
وسيتطلب الأمر أكثر من فتح بعض الصناير لجعل البترول يتدفق مجددا، فقد تسببت الأنابيب المتشققة والصمامات المتعطلة والجوانات المهترئة فى تسريبات سامة، ولذا يجب تغيير أغلب البنية التحتية قبل رفع الإنتاج.
وتحتاج الحقول الأقدم فى بحيرة ماراكايبو وبالقرب منها فى غرب الدولة إلى إشراف دائم، ولكن غادر أغلب المهندسين الذين يفهمون طبيعة الاحتياطيات هناك، والتحفوا بوظائف فى الدول المجاورة، فى كندا وأمريكا، وتغيير الحكومة سوف يكون بداية ما هو مطلوب لكى تعود تدفقات البترول.
وقال لى جيوستى منذ عدة أشهر أنه يخشى من أن تكون احتياطيات البترول فى ماراكايبو قد تعرضت لأضرار لا يمكن عكسها، وأن الإنتاج فى غرب فنزويلا قد لا يتعافى أبداً.
وكان انهيار الإنتاج فى فنزويلا فى العامين الماضيين جزءاً كبيراً من نجاح مجموعة «أوبك» بلس فى خفض المعروض، لذا لن تقلق المجموعة بشأن التعافى السريع فى الإنتاج الفنزويلى.
بقلم: جوليان لى

وكالة بلومبرج

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية