أخبار

بعد عام من كارثة “مرفأ بيروت”.. ماذا حدث في لبنان؟

مرفأ بيروت

استمر الوضع وكأن شيئا لم يكن، يمكن أن تلخص هذه العبارة ما حدث بعد عام من كارثة انفجار مرفأ بيروت، حتى لم تفلح السلطات في توجيه اتهام واضح أو تحدد أسباب يرتاح لها الناس أو حتى تشكيل حكومة، لكن لكل شئ حل.

أحدث انفجار مرفأ بيروت قبل عام من الآن دويا لفت انتباه العالم لأسوأ أزمة اقتصادية يعيشها لبنان في تاريخه الحديث، الانفجار لم يكن سببا في الأزمة بل ربما كانت الأزمة الخانقة ما دفعت المرفأ لينفجر.

وقالت كريستالينا غورغييفا، المدير العام صندوق النقد الدولي الأربعاء خلال المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني: “كان هناك أمل بأن تؤدي المأساة إلى التقاء إرادة الجميع على القيام بإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي موسع، من المؤسف أن هذا لم يحدث. بل على العكس من ذلك، ما نراه هو تدهور حاد في الأوضاع المعيشية للشعب اللبناني.”

الأوضاع الاقتصادية في سويسرا الشرق من سئ لأسوأ، واستمرت معدلات التضخم فوق مستويات الـ100%، في وقت يتخطى سعر الدولار الواحد بالسوق الموازية الـ20 ألف ليرة، فيما كان 8 آلاف ليرة قبل عام، وفي المقابل يحافظ البنك المركزي اللبناني على نفس السعر لصرف الليرة أمام الدولار عند 1507.5 ليرة، ولا يطبق سعر الدولار الرسمي إلا على الواردات الأساسية مثل الوقود والأدوية والقمح.

فشلت لبنان إلى الآن في تشكيل حكومة، إذ لم يستطع سعد الحريري في التوافق مع الرئيس ميشال عون على حكومة ليعتذر بعدها الحريري عن التشكيل، وقبل الحريري، اعتذر السفير مصطفى أديب، الذي كُلف بتأليف الحكومة نهاية أغسطس 2020.

قبل نحو أسبوعين كلف الرئيس عون، رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، وهي بالطبع مهمة صعبة بعد عام فشلت فيه محاولتان لتأليف مجلس وزراء يتولى مهمة إخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي.

 

دعم مؤقت

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن بلاده ستقدم مساعدات طارئة للبنان، بأكثر من 100 مليون يورو، مضيفا أنه لن يكون هناك شيك على بياض للبنان لكن دون أن يوضح آلية لذلك.

وأشار ماكرون أيضا إلى أن فرنسا سترسل 500 ألف جرعة من لقاحات كورونا للشعب اللبناني للمساهمة في تجاوز تداعيات الجائحة، ووصول اللقاحات إلى اللبنانيين.

تصريحات ماكرون، سبقتها بعض التغريدات للرئيس اللبناني، ميشال عون، والذي قال فيها: “سنة مرت على الكارثة التي ضربت قلب بيروت، ولا تزال جرحاً نازفاً في وجدان كل اللبنانيين، ولا يزال السعي الى الحقيقة وإحقاق العدالة الكاملة مطلباً لكل لبناني، وحقاً بديهياً، خصوصاً لمن أصابته الخسارة في الصميم، أهالي الضحايا الذين سقطوا في ذلك اليوم المشؤوم”.

وفي الأول من يونيو الماضي، قال البنك الدولي، إن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وتوقع البنك الدولي في تقرير له حينها، انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان، الذي يعاني من “كساد اقتصادي حاد ومزمن” بنحو 10% في العام 2021.

ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ في تاريخه الحديث.

 

نظرة للخلف.. كيف بدأت الأمة؟

تحتل لبنان المركز الخامس عالميا من حيث نسبة الديون إلى حجم الاقتصاد بـ172%، مع تخطي قيمة الدين الحكومي الـ130 مليار دولار، وسجل الدين الخارجي 36.7 مليار دولار، كما أن المشكلة ليست في زيادة الدين فحسب بل في عدم وجود رؤية أو حتى حكومة لبدء دوران عجلة الاقتصاد من جديد والخروج من الدائرة المفرغة التي دخلتها بيروت.

قبل نحو عام ونصف، وبالتحديد في مارس 2020 قررت الحكومة اللبنانية التخلف عن أقساط ديون مستحقة عليها، وعلق لبنان 1.2 مليار دولار مستحقة عليه في 9 مارس 2020 تحت ضغط شح السيولة من العملة الأجنبية والتي قررت الحكومة عدم التفريط فيها لتلبية الحاجات الأساسية للشعب.

التخلف عن السداد أدى بالطبع لإحجام المستثمرين عن ضخ الأموال في السندات اللبنانية، كما أن فشل تشكيل الحكومة جمد المحادثات مع صندوق النقد.

وأعلن صندوق النقد في أكثر من مناسبة أنه على استعداد تام لمساعدة لبنان آخرها أمس، لكن غياب وجود حكومة يعرقل هذه الخطوة.

 

كورونا تزيد الطين بلة

انكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 30% العام الماضي تحت عدد من الضغوط، من بينها الجائحة بالطبع، وتوقع صندوق النقد في تقريره الأربعاء أن يستمر الانكماش خلال العامين الحالي والمقبل، وبالأخص مع فقد الليرة 90% من قيمتها وارتفاع أسعار الغذاء بنحو 10 أضعاف منذ مايو 2019، لتئن أكثر من نصف الأسر اللبنانية تحت خط الفقر.

 

لكن هل يوجد أمل؟

الإنسان وحده هو من يستطيع خلق الأمل لنفسه، ويرى صندوق النقد أن حل الأزمة اللبنانية يحتاج خطة إصلاح شاملة تبدأ بحل مشكلة ضعف الحكم، ثم تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتحسين أداء الشركات المملوكة للدولة، وبالأخص قطاع الطاقة، كما يجب أن يشمل ذلك عمليات تدقيق البنك المركزي ومزود الكهرباء.

يجب أيضا، وفق الصندوق، تنفيذ استراتيجية مالية، تجمع بين إعادة هيكلة الديون والإصلاحات لاستعادة المصداقية والشفافية في إطار المالية العامة، مع توسيع شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً.

وعلى لبنان الاعتراف أولا بالخسائر التي تكبدتها البنوك الخاصة والبنك المركزي، والقيام بهذا بطريقة تحمي صغار المودعين، ثم إنشاء نظام نقدي وأسعار صرف موثوق بها، مدعومة بتوحيد أسعار الصرف المتعددة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

“كندا” ترفع حظر الاستيراد عن الفراولة الطازحة المصرية ولكن بشروط

رفعت كندا الحظر عن صادرات الفراولة المصرية الطازجة، شريطة قيام...

منطقة إعلانية