ملفات

الطيران الرخيص.. قليل من المال وكثير من السفر

الطيران

يعانى بعض الناس من رهاب ركوب الطائرة، لكن الجميع يشعر برهاب أسعار التذاكر عندما تهاجمه فكرة السفر.. وتقدم شركات الطيران منخفض التكلفة حلولاً عملية للراغبين فى القيام برحلة سواء للترفيه أو للعمل، وبدأ نشاط هذا النوع من الشركات منذ عقود، لكن تأثيرها على قطاع الطيران العالمى ومنافستها للشركات العملاقة لم يكن أبدا بالزخم الذى يشهد به الخبراء خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب البيانات المسجلة عالمياً فقد بلغت الحصة السوقية لشركات الميزانية المحدودة فى قطاع الطيران 56% بين بلدان رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (الآسيان)، و40% فى أوروبا الغربية و32% فى الولايات المتحدة، وفى دولة مثل الصين التفتت مؤخراً لأهمية هذا القطاع خاصة مع ارتفاع الطلب داخلياً على الرحلات الرخيصة ورغم أن نسبتها لا تزيد على 10%، لكن التوقعات المستقبلية لنموها هائلة.
وتمثل اقتصاديات السفر أهم عنصر فى عملية النقل الجوى حيث يبحث الجميع بداية من الركاب إلى أصحاب الشركات عن خفض التكلفة سواء لتقليل نفقات السفر بالنسبة للأفراد أو لزيادة الربحية بالنسبة لمؤسسات الطيران.
وقد أجبرت هذه الطفرة شركات الطيران التقليدية على إعادة النظر فى استراتيجياتها وباتت تتبع نماذج مشابهة فى توفير النفقات مثل إلغاء بعض الخدمات الإضافية وخفض الرسوم عليها.

الطيران منخفض التكلفة فى مهمة تقريب المسافات

إذا كنت قد حجزت عطلة فى أى وقت خلال الـ15 عاماً الماضية، فإن الاحتمالات أنك تدرك تمامًا انتشار شركات الطيران منخفضة التكلفة.
وانفجر سفر الميزانية المنخفضة على نطاق واسع فى السنوات الأخيرة، ما أدى إلى فتح مجموعة متزايدة من وجهات السفر، واليوم فى المملكة المتحدة على سبيل المثال يوجد عدد ضخم من الرحلات الرخيصة التى تغادر كل يوم ومع تزايد عدد هذه الرحلات الجوية التى تقلع كل عام لا يبدو أنها فقاعة لها علامات على الانفجار فى أى وقت قريب بل تحولت إلى اتجاه راسخ فى سوق السفر.
ومعظم الناس يدينون لإنطلاق موجة ازدهار شركات الطيران الرخيض إلى شركة “ريان إير” والتى تأسست فى أيرلندا عام 1985 واضطرت إلى الانتظار لمدة 10 سنوات حتى ظهرت منافستها شركة “ايزيجيبت”، وبدأ عدد متزايد من شركات الطيران فى الازدهار، حيث كانت شركة طيران “ويز” فى المجر واحدة من أحدث شركات الطيران الرخيص، واليوم باتت قارة أوروبا تنعم بأرخص تذكرة ذهاب حتى أنها أصبحت أرخص من تذكرة ذهاب داخل داخل المملكة المتحدة وقد يتساءل البعض كيف يمكن بناء صناعة كهذه.
وتعتبر شركة “ريان إير” واحدة من الناقلات الجوية الأوروبية التى تركز على السفر بين المدن الأوروبية فهى أكبر شركة طيران فى القارة من حيث عدد المسافرين، وتعد باستمرار واحدة من شركات الطيران الأكثر ربحية فى العالم ويعود ذلك فى المقام الأول لخفض كبير فى التكلفة المتاحة للمستهلك.
وعلى سبيل المثال، قد تكلف تذكرة واحدة غير قابلة للاسترداد مع حقيبة أمتعة محمولة كتفاً فقط مبلغاً أقل بكثير من تذكرة أكثر مرونة تسمح بشحن حقائب إلى جهة الوصول والفارق هنا كبير بالفعل.
فى المقابل تبذل بعض شركات الطيران المزيد من الجهد للضغط على العملاء لدفع المزيد أو حتى مجرد محاولة تقليل التكاليف الإضافية فى الخدمات التى لا يريدون التخلى عنها، وعلى سبيل المثال، تفرض بعض شركات الطيران رسوماً باهظة إذا حاولت تسجيل الوصول لدى الوصول إلى مطار المغادرة وليس عبر الإنترنت مسبقاً.
كما أصبح من الشائع على نحو متزايد أن تقترح شركات الخطوط الجوية دفع مبلغ إضافى لضمان مكان للحقائب التى يحملها المسافر، وهى تعمل الآن على أساس من يأتى أولاً يُخدم أولاً فيما يتعلق بأمتعة المقصورة أو على الأقل تدعى ذلك مما يخلق حجة قوية لدفع مزيد من الأموال حيث يعتبر موضوع شائع إلى حد ما بين شركات الطيران ذات الميزانية المحدودة للتهديد بشكل متكرر بالرسوم إذا لم يلتزم المسافر بالأوزان المسموح بها أو عدد الحقائب.
وفى الواقع، عادة ما تكون هذه التهديدات لا معنى لها ومن الأفضل لطاقم الطائرة وموظفو مكتب السفر وضع راحة عملائهم بشكل عام قبل الأرباح الهامشية.
واليوم تقدم عدد من شركات الطيران المختلفة رحلات إلى مجموعة كبيرة من الوجهات، ففى المملكة المتحدة تتوجه غالبية الرحلات إلى مدن أوروبا مع أقلية منها تخرج إلى آسيا وشمال أفريقيا.
وبفضل خطوط الطيران النرويجية، أصبح من الممكن الآن حجز رحلات منخفضة بشكل مذهل إلى المدن الواقعة على الساحل الشرقى للولايات المتحدة وعادة ما تكون إما إلى بوسطن أو نيويورك، وبفضل انخفاض تكلفة الرحلات الجوية التى تصل إلى النصف تقريباً، والتى تتوقع أن تدفعها من خلال شركة طيران متميزة فإنها تقدم عروض قوية لا يمكن قول لا أمام إغراءاتها، كما شهدت آسيا عدداً من الشركات التى فتحت خطوطاً للطيران منخفض الميزانية بما فى ذلك شركتى “تايجر للطيران” و”جيتستار”.
وقد ساعد تطوران رئيسيان شركات الطيران منخفضة التكلفة على الازدهار أولهما هو عودة برامج حزمة العطلات، وبفضل الرحلات منخفضة التكلفة باتت عروض العطلات الجماعية أكثر شعبية من ذى قبل، وتقدم العديد من شركات الطيران حزم خاصة بها، مثل نظام حجز غرف مع رحلات “ريان إير”، حيث يمكنك حجز إقامة اقتصادية مع الرحلة.
العامل الرئيسى الآخر فى رحلات الميزانية المنخفضة هو التوسع فى المطارات على مستوى العالم، وفى مقدمة هذه التوسعات الهائلة جاءت المملكة المتحدة التى تشهد مطاراتها رحلات اقتصادية من مطارات “هيثرو” و”جاتويك” و”لوتون” و”ستانستيد” و”ساوثيند”.
وتتعامل المطارات الثلاثة الأخيرة مع شركات طيران منخفضة التكلفة بشكل حصرى تقريياً، فى حين أن هذا يعنى بالتأكيد أنه على المسافر تحمل تكلفة السفر إلى المطار البعيد عنه لكنه لايزال رخيص بما يكفى لتكون الرحلة جديرة بالاهتمام.
ومع تزايد حركة المرور فى السماء تعتمد العديد من شركات الطيران منخفضة التكلفة الآن على هوامش زمنية ضيقة للغاية عندما يتعلق الأمر بالإقلاع والهبوط ولم يعد بإمكانهم تحمل المخاطرة بالغرامات الضخمة الناتجة عن المغادرة المتأخرة.
وهذا يعنى اتباع نهج لا يتساهل مع المسافرين الراحلين فى المطار وكذلك بعض البيئات الصعبة إلى حد ما بالنسبة للطيارين وموظفى الطيران، ومع ذلك لايزال يتم تمرير هذه المدخرات الهائلة يسير باتجاه العملاء.
ولا تظهر الرحلات منخفضة التكلفة أى علامة على التراجع فى أى وقت قريب وبالنسبة للمستهلك العادى هذا بالتأكيد شىء عظيم، وكثير من الناس يذهبون لرؤية العالم بطرق لا يمكن تصورها قبل 30 سنة أو نحو ذلك.

نموذج «كيليهر» فى فن خفض تكاليف الرحلات الجوية

كان «وارن بافيت» يمزح ذات مرة قائلاً إنه كان على الرأسمالى البعيد النظر إسقاط «أورفيل رايت”، رائد الطيران فى العالم، فى «كيتى هوك» لإنقاذ المستثمرين من خسائرهم فى شركات الطيرانن ولكن هذا يغفل سنوات نمو أرباح غير منقطعة لهذا القطاع خاصة أن شركته «سيج أوف أوماها» الإعلامية لها استثمار فى شركة طيران «ساوث ويست» التى توفى مؤسسها «هيرب كيليهر» قبل شهور، ويعد كيليهر أحد رواد خطوط الطيران منخفضة التكلفة مثله مثل «الأخوين رايت» صاحباً أول رحلة بالطائرة.
وفى عصر «فيس بوك» الذى أرسى قاعدة «تحرك سريعاً واكسر الثوابت» قدم كيليهر وشركته مثالاً على كيفية تحدى نهج العمل التقليدى الذى غير شكل صناعة كاملة، وأدخلت شركة «ساوث ويست» الابتكارات القياسية لقطاع الطيران منخفض التكلفة.
وقللت الشركة من التعقيدات وبالتالى التكاليف والموظفين عن طريق استخدام نوع واحد فقط من الطائرات على الطرق من نقطة إلى نقطة محددة وفى كثير من الأحيان كان العمل يجرى فى مطارات من الدرجة الثانية.
وتتميز هذه المطارات بتكلفة خدمات أقل وسمحت أوقات العمل السريع لطائراتها بالحصول على عدد رحلات جوية أكثر فى اليوم الواحد ما يعنى توزيع أفضل للرسوم.
واعتماد شركة الطيران من قبل قطاع الطيران الأمريكى الذى كان ولايزال يخضع لقواعد تنظيمية صارمة فى ذلك الوقت تطلب صلابة وتصميم لمواصلة قتال قانون دام 4 سنوات، ولكن على نفس القدر من الأهمية، أنشأ كيليهر وزملاؤه نموذجاً تجارياً يضع موظفيه فى المقام الأول اعتقاداً منه بأن الموظفين السعداء سيضمنون رضا الركاب أيضاً.
وعندما أجبرت الدعاوى القضائية شركة «ساوث ويست» على خفض نشاطها بعد عام واحد فقط ألغت عقد إيجار على إحدى طائراتها الأربع بدلاً من الاستغناء عن الموظفين.
وفى المقابل، طلب من الموظفين أن يخفضوا فترات التناوب بين الطائرات المتبقية من 55 دقيقة إلى 15 دقيقة فقط، ولم تكن هذه فكرة كيليهر ولكنه قال كان لدى إحساس جيد بالحفاظ على العمل من الدخول إلى فوضى عندما كان الجميع فى عالم الاستثمار يدعونا للتغيير.
وفى صناعة تشتهر بصراعاتها العمالية كانت الشركة رائدة فى تقاسم أرباح الموظفين، حيث أنفق على هذا البند وحده 4.5 مليار دولار على مدار 44 سنة الماضية، ومن بين أولئك الذين كانوا يمدحون كيليهر فى الأيام الأخيرة رئيس اللجنة النقابية للطيارين بالشركة، كما جعل رئيس شركة الطيران الموظفين يشعرون بالثقة والتفاؤل.
وعادة ما يستحوذ قادة عظام مثل كيليهر على اهتمام وسائل الإعلام، إلا أنه كان يعمل على تعزيز ثقافة داخلية سمحت للآخرين أن يكونوا فى المشهد أكثر منه وكان الرئيس التنفيذى ينافسه فى الظهور الدعائى، وراء روح المرح التى تميزت بها الشركة تكمن أخلاقيات العمل الجادة والفهم الواضح لكيفية البقاء على قيد الحياة فى فترات الركود التى أفلست العديد من شركات الطيران المنافسة.

تقنيات حديثة تدعم سياسة تسعير التذاكر للمسافرين

أصبحت مهمة شراء تذكرة طائرة فى يوم من الأيام علماً بحد ذاته فلدى المسافر الآن عدداً لا يحصى من المتغيرات ليأخذ فى الاعتبار عند التخطيط للسفر الجوى بداية من يوم الحجز ووقت الخدمة إلى اختيار شركة الطيران وما إذا كان الطريق مباشر أو غير مباشر، ولكن الجانب الآخر من القصة هو أن مسئولى شركات الطيران يحاولون جاهدين أكثر من أى وقت مضى ضمان تحقيق أقصى قدر من الإيرادات مع إظهار أنهم يقدمون أفضل سعر.
وتعرف شركات الطيران ما يسمى بإدارة الإيرادات وباتت قادرة على تعديل الأسعار ديناميكياً وبشكل فورى فى الوقت الذى تستخدم فيه برمجيات أكثر تطوراً تأخذ بعين الاعتبار أداء مساراتها وخدماتها حول العالم.
وفى تقريرها نقلت صحيفة «ذى تليجراف» البريطانية عن روبرت دبليو مان وهو مسئول تخطيط طيران سابق قوله فى تصريح لشبكة «سى إن إن» إن تقنيات مثل Revensue Marginal Recognue (EMSR) تنظر إلى أفضل الطرق لتحسين الأسعار بشكل فورى ليس فقط على مسار معين ولكن مع مراعاة الفرص المدرة للدخل عبر شبكة خطوط الطيران بأكملها.


وعلى سبيل المثال قد تكلف رحلة طيران من لندن إلى دبى نفس تكلفة خدمة أطول بكثير إلى مانيلا عبر دبى، حيث ترفع شركة الطيران سعر السفر برحلة واحدة لإثناء أولئك الذين يريدون السفر بدون ترانزيت، مما يترك المقاعد للعملاء ذوى القيمة الأعلى فى الرحلة ذات المسار الواحد، وليس من المستغرب أن تقوم شركة الطيران بتسعير مقاعدها وفقاً لمن تعتقد أنها ستطير بهم سواء كانوا عائلات أو مسافرى الترفيه أو رجال أعمال.
وقال ستيوارت باروود، مؤسس شركة «ترافيريسيال» للاستشارات الجوية إن الطريق من لندن إلى مايوركا على سبيل المثال، يتمتع بمظهر ترفيهى ملحوظ وهذا له تأثير ليس فقط على مستويات الأسعار، ولكن أيضاً على الطريقة التى تتغير بها الأسعار بمرور الوقت.
وأضاف أنه إذا افترضت شركة الطيران أن المسافرين بغرض الترفيه سيميلون إلى الحجز مبكراً، قبل أشهر من عطلاتهم، فقد يميل إلى بدء تسعير المقاعد على هذا المسار بشكل مرتفع نسبياً ثم تقوم بتعديلها وفقاً لاستجابة السوق.
وفى الوقت نفسه تقوم بالعمل بطريقة مختلفة على طريق تجارى من لندن إلى فرانكفورت، حيث قد تبدأ الشركة بأسعار منخفضة لملء الحد الأدنى من السعة ثم ترفع الأسعار بشكل حاد للمسافرين من رجال الأعمال الذين يقومون بالحجز فى اللحظة الأخيرة، كما أن بعض شركات الطيران حتى على استعداد لاستقبال ركاب ذات قيمة منخفضة لإفساح المجال لكبار المسافرين.
وتساعد إحدى الخدمات التى طورتها شركة كارافالوا التى تتخذ من برشلونة مقراً لها شركات الطيران على تحديد العملاء الذين يرجح أن يقبلوا مبادلة رحلات مقابل الحصول على تعويضات عن الطرق المزدحمة، بحيث تترك مقاعد خالية للبيع بسعر أعلى.
ولطالما أشيع، أن شركات الطيران تستخدم ملفات تعريف الارتباط للإنترنت لزيادة أسعار الرحلات الجوية للعملاء العائدين إلى موقع الحجز على الإنترنت اعتقاداً منهم أنهم إذا عادوا فسيكونون مستعدين لدفع المزيد، ومع ذلك، فإن برامج الولاء والمستخدمين المسجلين على مواقع الإنترنت تعطى شركات الطيران أفكاراً أكثر وضوحا عن هوية المسافر وأسباب سفره وأين يتنقل ومن المحتمل أن يكون ذلك فى المستقبل سبيلاً يمكن معه استغلال هذه البيانات لاستخدامها فى إدارة الإيرادات بشكل أفضل.
وفى العام الماضى كشفت دراسة أجرتها شركة «أيرلاين ريبورت كوربوريشن» أن يوم الجمعة كان أغلى يوم لشراء تذكرة طائرة حيث كانت الرحلات أكثر من 13 % منها إذا حجزت يوم الأحد وكان يوم الثلاثاء هو اليوم الأكثر احتمالاً لإيجاد عرضاً تخفيضياً حيث سعى التنفيذيون فى شركات الطيران إلى تفريغ مقاعدهم المتبقية بعد رؤية كيف كانت مبيعات عطلة نهاية الأسبوع.
ومن نماذج التبسيط حالياً تقسيم الطائرة لفئتين فقط والحقيقة هى أن شركات الطيران لديها عدد من التقسيمات الفرعية للتكلفة داخل هذه الفئات، وكلما تبيع واحدة تقفز بسعر التالية.
وأى شخص حاول شراء تذكرة طائرة فى مكتب طيران قبل ساعات من السفر قبل المغادرة سيكون على دراية بأن أسعار المقاعد الأخيرة بجوار دورات المياه المتبقية ترتفع مع نفاذ الدقائق.

معركة مفتوحة فى سماء الخليج بين شركات الطيران

تعيش شركات الخليج سياق تنافسى ساخن يؤكد على صعوبة معركة تدور رحاها منذ فترة طويلة غير أن أعمدة الدخان سدت الآفاق فى الأشهر الأخيرة.
وانطلقت شركة الاتحاد للطيران قبل 15 عاماً بدعم من إمارة أبوظبى وهى أغنى إمارة فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت المرحلة الأولى تركز على شراء حصص فى شركات الطيران بجميع أنحاء العالم لبناء شبكة سريعة تتناسب مع المنافسين الإقليميين خاصة شركة الإمارات ومقرها دبى والخطوط الجوية القطرية بالدوحة.
وتعثرت الخطة عندما انهارت 2 من استثماراتها، وهما إير برلين وأليتاليا فى عام 2017 وخسرت شركة الخطوط الجوية البريطانية مبلغ 808 ملايين دولار وهو ما يعد اعترافاً بأن الاستثمارات لم تكن تساوى الأموال التى أنفقت عليها، وعلى مدى عامين متتالين عانت طيران الاتحاد من خسائر بلغت أكثر من 3.5 مليار دولار منها 1.52 مليار دولار لعام 2017 و1.95 مليار دولار فى عام 2016، لكن فى 2018 أعلنت الشركة عن هيكلة إدارية واسعة شملت تعيينات إدارية وهيكل جديد لتنفيذ استراتيجية تهدف للخروج من دائرة الخسائر مما دفع بها إلى المرتبة 15 العام الماضى بين أفضل 100 شركة فى تقديم الخدمات على متن الطائرة.
وقال تيم كومبس، مدير قسم اقتصاديات الطيران إنه فى صناعة الطيران يجب أن يكون المحرك الأول جاهز دائماً وقد تأخرت الاتحاد للطيران قليلاً فى بدء الحفل لكنه لم يفشل بعد.
وأشار إلى أن إدارة الاتحاد تحاول تكرار تجربة طيران الإمارات فى دبى فكانت نقطة انطلاقهم هى التركيز على عقلية تنمية الإيرادات بدلاً من التركيز على الربح.
وأضاف أنها عقلية مألوفة لكثير من الشركات الناشئة لا سيما فى الاقتصاد الرقمى الحديث حيث يتم جمع المليارات ثم يجرى إنفاقها على اكتساب العملاء الجدد لكن شركة الاتحاد قررت الاستثمار فى شركات الطيران الموجودة التى كانت بالفعل فى ورطة.
وتركز الاستراتيجية الجديدة لشركة الاتحاد على التخلص من المسارات غير المربحة وتغيير حجمها لتصبح أكثر من مجرد شركة طيران متوسطة تخدم أبوظبى، ويواجه الطيران الإماراتى منافسة شرسة من الخطوط الجوية القطرية التى اشترت ما يقرب من %10 من أسهم شركة “كاثى باسيفيك» ومقرها هونج كونج بقيمة 622 مليون دولار وهذه الحصة تمنحها موطئ قدم فى الصين، والتى من المتوقع أن تكون أكبر سوق للطيران فى العالم خلال عقد من الزمان.
لكن محاولات شراء حصة فى الخطوط الجوية الأمريكية تم رفضها بصوت عال من قبل شركة الطيران التى تتخذ من تكساس مقراً لها، والتى اتهمتها وغيرها من الشركات الخليجية بالاستفادة من دعم الدولة.
وتواجه الشركات الخليجية شكاوى شركات الطيران فى الولايات المتحدة من الدعم الذى تلقاه شركات الشرق الأوسط متجاهلة الإعفاءات الضريبية والقوانين التى تحمي شركات الطيران التى مقرها الولايات المتحدة من الإفلاس.
ومع انهيار الحجوزات بسبب الحصار الذى تفرضه السعودية والإمارات العربية المتحدة، تأمل قطر فى إتاحة الصفقة مع كاثى باسيفيك لتمكينها من توجيه المزيد من المسافرين عبر مطار الدوحة الدولى، الذى يعتبر من أفضل المطارات فى العالم منذ افتتاحه عام 2014.
ومن المتوقع أن تستمر شركة طيران الإمارات فى النمو وأن تلعب دوراً رئيسياً فى مجال الطيران العالمى بفضل تحالفاتها الخارجية.
ولكن فى الوقت الذى قد تكون فيه متاعب الاتحاد للطيران بمثابة نعمة بالنسبة إلى طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية، فإن كليهما يواجهان تهديداً جديداً.
فمع افتتاح تركيا لمطار اسطنبول الجديد الذى يمكنه التعامل مع 90 مليون مسافر سنوياً تتطلع الخطوط الجوية التركية إلى استهداف ركاب أكثر يتنقلون بين أوروبا وآسيا وقد يستقبل اكثر من 200 مليون راكب بحلول 2028.

الطيران الرخيص يجبر الشركات الأوروبية على خفض أسعار رحلاتها

سجلت الخطوط الجوية البريطانية وإيبيريا ولوفتهانزا انخفاضاً فى متوسط الأسعار الاقتصادية وهو ما سيؤثر بدوره على الربحية حيث تبدأ التكاليف ومنها الوقود فى الارتفاع.
وفى دراسة حديثة نشرها موقع «آنا اير» تناولت سعر تذاكر الطيران فى أوروبا، والتى تشمل الضرائب الحكومية للرحلات عبر المحيط الأطلنطى لمعرفة كيف تغيرت خلال الـ12 شهراً الماضية مع استمرار تشبع السوق من قبل الرحلات منخفضة التكلفة.
فى حين أن الحديث عن السفر منخفض التكلفة فى السوق المربحة عبر المحيط الأطلنطى قد تمت مناقشته على مدى أكثر من 30 عاماً، إلا أنه فى السنوات الأربع أو الخمس الماضية فقط ازدهر القطاع بالفعل.
واستناداً إلى بيانات هيئة الطيران تم نقل 8.60 مليون شخص فى الاتجاهين على الطرق بين أوروبا وأمريكا الشمالية فى عام 2018 وهذا يمثل زيادة هائلة بنسبة %66 مقابل عام 2017، فى حين أن العدد وصل إلى 124 ألف فقط فى الاتجاهين خلال 2013.


وتناول هذا التحليل البيانات الخاصة بشركات الطيران ذات الخدمات الكاملة منها آير لينجوس والخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية وأيبيريا وكيه إل إم ولوفتهانزا، بالإضافة إلى أن شركة الخطوط الجوية النرويجية هى شركة الطيران المهيمنة علي السوق منخفضة التكلفة عبر المحيط الأطلنطى.
وتشير البيانات إلى أن متوسط التكلفة المرجح على الخدمات من أوروبا إلى أمريكا الشمالية لشركات الطيران الأوروبية في عام 2017 هو 491.13 يورو، وبعد مرور عام، كانت النتيجة المسجلة 446.32 يورو، مما يشير إلى انخفاض بنسبة %9.1 فى متوسط السعر خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وجاء أكبر تغيير فى الأسعار بين شركات الطيران الأوروبية من لوفتهانزا، وهى أكثر شركات الطيران تكلفة عندما يتعلق الأمر بتذاكر الطيران عبر المحيط للرحلات بدون توقف حيث كان متوسط أسعارها فى عام 2017 أكبر بنسبة %23 من متوسط أجرة السفر التى وضعتها شركات الطيران.
وفى عام 2018، انخفضت أسعار تذاكر الطيران فى أمريكا الشمالية بنسبة أقل بقليل من %17، حيث أصبحت أسعارها الآن أعلى بنسبة %13 فقط من المتوسط الجماعى، وبعد شركة لوفتهانزا كانت شركة الطيران الأخرى التى شهدت انخفاضاً كبيراً فى متوسط سعرها المرجح للسفر جواً هى أيبيريا بنسبة انخفاض بلغت %13.
وكان الانخفاض الأقل بين حاملات العلم الأوروبى فى كيه إل إم الذى سجل انخفاضاً بنسبة %2.5 فى متوسط سعره، فى حين كانت إير لينجوس ثانى أقل انخفاض حيث سجلت تراجعاً بنسبة %2.6، وبالنسبة لـ «كيه إل إم» فلم يكن سوقها المحلى فى هولندا لاعباً كبيراً فى المشهد ذى التكلفة المنخفضة، حيث كان أكبر تطور فى عام 2018 يأتى من الشركة النرويجية التى بدأت خدماتها إلى نيويورك «جون كنيدى».
ومع ذلك، شهدت أيرلندا بدء تشغيل الشركة النرويجية لخدمات أمريكا الشمالية من دبلن وشانون وكورك فى عام 2017 على الرغم من عدم وجود منافسة فى أى مسار رحلات مع إير لينجوس الأيرلندية مباشرة.
وكان المشغل الأيرلندى سجل أدنى متوسط سعر مرجح بين شركات أوروبا المدرجة فى هذا التحليل وانخفض متوسط الميزة السعرية لأير لينجوس من أاوروبا إلى أمريكا الشمالية من %45 إلى %36 خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وفى مقابل اتجاه ناقلات العلم الأوروبى، يبدو أن شركات الطيران منخفضة التكلفة قد نمت متوسط أسعارها فى عام 2018 حيث شهدت الشركة النرويجية ارتفاع متوسط سعرها على الخدمات بنسبة %3.6 من 255.41 يورو إلى 264.53 يورو، وهذا من شأنه أيضاً دعم تقارير الشركة بتحسين عوائدها على الخدمات من مطار جاتويك فى لندن حيث يتم تنفيذ العديد من عملياتها من المطار لمسافات طويلة.
وتتسق هذه البيانات مع تقارير لوفتهانزا وأيبيريا عن أكبر انخفاض فى متوسط أسعار التذاكر فمن غير المفاجئ أن تشهد أسواقها المحلية فى ألمانيا وإسبانيا أكبر ارتفاع فى ركاب الرحلات منخفضة التكلفة عبر الأطلنطى العام الماضى.
وسجلت إسبانيا زيادة بنسبة %244 خلال عام 2018 حيث ارتفع عدد المغادرين على متن الرحلات منخفضة التكلفة عبر الأطلنطى من 85 ألف فى عام 2017 إلى 294 ألف فى العام الماضى، وشهدت ألمانيا ارتفاعاً بنسبة %143، حيث ارتفعت من 79 ألف مسافر فى اتجاه واحد إلى 192 ألف فى الفترة نفسها.

شركات الميزانية المحدودة تغير شكل قطاع الطيران الصينى

مع تذاكر السفر الرخيصة وتكاليف التشغيل المنخفضة تحلق شركات الطيران الاقتصادية الصينية على ارتفاع كبير، بينما تشتد المنافسة على المدى الطويل، حيث يناضل أكبر منافسيها لتحقيق ربح خلال الأوقات الصعبة.
ومع وجود نموذج تجارى يستند إلى تذاكر طيران رخيصة وتكاليف تشغيل مخفضة، تحافظ شركات الطيران للرحلات ذات الميزانية المحدودة على الربحية فى وقت تلاحق فيه صناعة الطيران ضعف سعر عملة اليوان المحلية واحتمال ارتفاع تكاليف الوقود، وقد يجبر نجاحها حتى شركات المسافات الطويلة على نسخ بعض من تكتيكات خفض التكاليف وفقاً لتقرير صحيفة «ساويث تشينا مورنينج”.
ويعتقد العديد من المحللين فى القطاع أن أى اتفاق لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» لخفض إنتاج البترول سيؤدى لارتفاع تكاليف الوقود.
وعادة ما تحافظ شركات الطيران الاقتصادية على تكاليف التشغيل أقل بكثير من شركات الطيران التقليدية وذلك من خلال قطع ما يسمى بالخدمات الإضافية لتعويض تأثير أسعار تذاكرها الرخيصة، وبين عامى 2011 و2015، على سبيل المثال، كانت شركة سبرينج إيرلاينز ومقرها شنجهاى لديها تكاليف تشغيل للوحدات كانت أقل بنسبة %35 من الخطوط الجوية الصينية، والخطوط الجوية الصينية الشرقية، وشركة طيران تشاينا ساوثرن، وهى أكبر 3 ناقلات فى البلاد وفقاً لبيانات «دويتشه بنك».
وتساعد التكلفة المنخفضة الشركة فى تحقيق ربحية أفضل حتى فى ظل إيرادات أقل بكثير بسبب انخفاض أسعار تذاكر السفر، ويعد معدل العائد على السفر مقياساً رئيسياً لربحية شركات الطيران، حيث يقيس الأموال التى يتم تحصيلها من حمل أحد الركاب لمسافة كيلومتر واحد.
وبسبب أسعار تذاكرها المنخفضة، كانت عائدات الركاب لـ«سبرينج إيرلاينز» أقل فى المتوسط بنسبة %36 عن نظرائها، ويتوقع الخبراء أن تتبع الشركات الكبرى نموذج الشركات منخفضة التكلفة فى بعض جوانب نموذجها للتشغيل مثل إلغاء الكحول المجانى والترفيه أثناء الطيران.

المصدر:جريدة البورصة 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية