عادةً ما يرفض رجل الأعمال المقيم فى نانجينج، وو شياو، الدولارات، فعلى مدى الثلاثة أعوام الماضية، لم يأخذ سوى الأموال الصينية من أجل شركته الناشئة العاملة فى تكنولوجيا «البلوكتشين»، وهو ينوى الاستمرار فى رفض المستثمرين الأجانب.
ووصف شياو موقفه بأنه «خيار استراتيجى»، قائلاً: «إذا حصلنا على تمويل أجنبى، فقد لا نتمكن من تقديم الخدمة لبعض المطورين المحليين، وقد نكتسب بعض الفرص، لكننا نفقد البعض أيضاً».
بالنسبة إلى رواد الأعمال الصينيين فى عدد متزايد من القطاعات، فإن العملة التى يختارون جمعها من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة هى نقطة اهتمام متزايدة.
وهناك علامات مبكرة على أن تفضيل الرنمينبى، الذى كان مهيمناً منذ فترة طويلة فى القطاعات الحساسة سياسياً مثل الدفاع، آخذ فى التوسع الآن، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
حتى الآن فى أغسطس، كان هناك 23 عملية لجمع الأموال بالرنمينبى، ولم تكن هناك صفقات بالدولار لشركات الإنترنت الناشئة، وفقًا لشركة «بيداتا» (Pedata.cn)، وهى شركة تقدم بيانات مالية مقرها بكين.
رغم أن القرار يبدو تافهاً، وهو زيادة الرنمينبى أو الدولار الأمريكى، فإن العملتين المهيمنتين تمولان كتلة الشركات الناشئة فى البلاد، وتضعان رواد الأعمال على طريق نتيجتين مختلفتين تماماً.
بالنسبة للشركات الناشئة الممولة بالرنمينبى، فإن الأمر بسيط، حيث ينشئ رواد الأعمال كيانات صينية يمكن للمستثمرين شراؤها مباشرة ويهدفون بشكل عام إلى طرحها للاكتتاب العام فى البورصات المحلية للبلاد، أو فى بعض الأحيان فى هونج كونج.
على النقيض من ذلك، فإن جمع الدولارات يجبر الشركات الناشئة على الإنترنت على إنشاء هيكل خارجى يسمى «كيان المصالح المتغيرة» لتجاوز قيود الاستثمار الأجنبى الصينية فى القطاع، وإذا سارت الأمور على ما يرام فيتم إعدادها للاكتتاب العام الأولى فى الولايات المتحدة أو هونج كونج.
لكن الحملة الصارمة التى تشنها الصين على شركات التكنولوجيا تعمل على تغيير حسابات بعض المؤسسين والمستثمرين.
خلال شهر يوليو المضطرب، تعرضت بعض أكبر شركات التكنولوجيا فى الصين، بما فى ذلك تطبيق مشاركة الركوب «ديدى»، لتحقيقات بشأن كيفية الاحتفاظ بالبيانات واستخدامها، مما أجبرهم على وقف عمليات اشتراك المستخدمين الجدد.
وقالت بكين فى وقت لاحق إن أى شركة لديها أكثر من مليون مستخدم تخطط لطرح أسهمها فى الخارج يجب أن تخضع أولاً لمراجعة الأمن السيبرانى، وهذه الإجراءات أزعجت استقرار المستثمرين الأجانب وأوقفت تدفق الشركات الصينية التى تتطلع إلى طرح أسهمها فى الولايات المتحدة.
ويقول بعض المستثمرين إن تركيز الصين الوطنى الجديد على البيانات، مع احتمال صدور قانون جديد لأمن البيانات وحماية موسعة للمعلومات الشخصية، يؤدى بالفعل إلى تغييرات فى النظام البيئى للتمويل.
قال أحد أصحاب رأس المال الاستثمارى فى شنغهاى: «كلما كانت هناك بيانات، يتردد رواد الأعمال فى جنى الدولارات. وبالنسبة لتدفق الصفقات التى وصلنا إليها، ندرس كيفية تصنيف أنواع مختلفة من البيانات لتقييم مستوى حساسيتها».
فى الوقت نفسه، قال شريك فى صندوق الرنمينبى إنه شهد ارتفاعاً فى الطلب.
وأشار إلى أن «الكثير من الشركات الناشئة، بقيادة شركات السلع الاستهلاكية، تحولت إلينا منذ أن أصبحت الاكتتابات الأولية الأمريكية مستحيلة فى أعقاب حادثة ديدى».
لكن مستثمرين آخرين، مثل دوان كوإنج من شركة «تشيمينج فينتشر بارتنرز» (Qiming Venture Partners)، يقولون إنهم لم يروا بعد تغييراً ملحوظاً فى تفضيل الرنمينبى على الدولار.
وأوضح كوإنج: «الدولارات لا تعنى بالضرورة عمليات اكتتاب عام فى الولايات المتحدة، طالما ظلت نافذة الاكتتاب العام فى هونج كونج مفتوحة، فسيظل من الممكن جنى الدولارات».
وأشار إلى أن «تفضيلات العملة تذبذبت ذهاباً وإياباً على مدار العقد الماضى، وعلى مدار العشرة إلى الاثنى عشر شهراً الماضية، وربما تكون نسبة تفضيل الرنمينبى قد ارتفعت بشكل طفيف».
وعلى مدى الثلاثة أعوام الماضية، شكل التمويل بالدولار حوالى %70 من إجمالى جمع الأموال لشركات الإنترنت الصينية الناشئة، فى حين أن النسبة المتبقية كانت متعلقة بعملة الرنمينبى الصينية.
وفى شهرى يوليو وأغسطس، عندما بدأ المنظمون تحقيقات بشأن شركة «ديدى» وأوقفوا الاكتتابات العامة الأولية فى الولايات المتحدة، انقلب هذا الأمر بحيث شكل الرنمينبى %70 من حصيلة استثمارات الشركات الناشئة عبر الإنترنت، بينما شكل الدولار %30 فقط، وفقًا لموقع البيانات «بيداتا».
واستوعبت الصناعات الحساسة تاريخياً الجزء الأكبر من تمويل الرنمينبى، فقد كان %90 تقريباً من تمويل أشباه الموصلات العام الماضى مقوماً بالرنمينبى، وكانت التكنولوجيا الحيوية تقارب %60، بينما تعتمد صناعة الطيران بالكامل على الرنمينبى.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا