مقالات

الطـــاقــة المتـجـددة قـد تـدفـع ثـمـن أزمـة الـوقــود

وجدت دراسة حديثة ، أن معظم الأمريكيين سيصوتون ضد ضريبة مناخية سنوية تبلغ 24 دولارا فقط، ويتعين على الدول الآن أن تسأل نفسها عما إذا كانت مستعدة حقا لبدء دفع فواتير التحول عن الكربون.

ممارسة حكومة بايدن لعبة مزدوجة الجانب لا يساعد.. فالسياسات تثنى بقوة المنتجين المحليين عن إضافة سعة الـوقــود الأحفورى، ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالقدرة العالمية، فإن أمريكا تتحدث وتلعب دورا مختلفا تماما.

أدى وباء «كوفيد 19» إلى العديد من العواقب غير المتوقعة، ونقترب الآن من واحدة من أكبرها: الإقصاء المحتمل لحركة الطاقة الخضراء، وأسعار الوقود الأحفورى ترتفع بشكل حاد.
ويستجيب معظم العالم محاولا خفض الأسعار مجددا، وقد ينتهى الأمر بالناخبين إلى المعارضة بشدة أى رؤية طاقة باهظة الثمن مرة أخرى، وهذا يفرض مشكلة أمام تبنى الطاقة المتجددة، لأنه أثناء الانتقال بعيدا عن الـوقــود الأحفورى، من المرجح أن تكلف العديد من أشكال الطاقة أكثر.
وإذا رجعنا قليلا بالزمن للوراء، جاءت ثلاثة أحداث فى نفس الوقت، الأول، كجزء من اتجاه هيكلى طويل الأجل بسبب الضغوط السياسية ومخاطر الاستثمار، كان الغرب يخفض استثماراته فى طاقة الـوقــود الأحفورى قبل تشغيل كميات كبيرة حقا من مصادر الطاقة المتجددة.
بعد ذلك، أدت المراحل المبكرة من الوباء إلى تراجع الطلب على الطاقة، وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير وتثبيط مزيد من الإنفاق على سعة الطاقة، بما فى ذلك فى قطاع الغاز الطبيعى.
وأخيرا ، بسبب اللقاحات والسياسة المالية النشطة، جاء الانتعاش الاقتصادى أسرع مما كان متوقعا، ما تسبب فى ارتفاع تكاليف الطاقة، وفى بريطانيا، على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعى بنسبة %700 مؤخرًا.
تحب النخب الأمريكية أن تجادل من أجل ضريبة الكربون وغيرها من الوسائل لرفع سعر انبعاثات الكربون، وأنا شخصيا كنت ضمن هذا المعسكر، ومع ذلك ، فإن أسعار الطاقة المرتفعة لا تحظى بشعبية لدى العديد من الناخبين، ووجدت دراسة حديثة أن معظم الأمريكيين سيصوتون ضد ضريبة مناخية سنوية تبلغ 24 دولارا فقط على فواتير الطاقة الخاصة بهم، ويتعين على العديد من الدول الآن أن تسأل نفسها عما إذا كانت مستعدة حقا لبدء دفع فواتير التحول عن الكربون.
استمرت حركة الطاقة المتجددة فى النمو بطرق جيدة ومفيدة، ولكن الأسعار المنخفضة، حتى وقت قريب، للطاقة من جميع الأنواع ربما تركت للمستهلكين صورة وردية للغاية عن المبلغ الذى سيدفعونه مقابل الـوقــود، فى الوقت الذى تتقلص فيه المصافى ومناجم الفحم تدريجيا قبل أن تصبح البدائل بما فى ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح متاحة على نطاق واسع.
ولعب حكومة بايدن لعبة مزدوجة الجانب لا يساعد، فالسياسات تثنى بقوة المنتجين المحليين عن إضافة سعة للوقود الأحفورى، وبالفعل لا تزال هذه الاستثمارات منخفضة، وربما هذا ما ينبغى أن يكون، ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالقدرة العالمية، فإن أمريكا تتحدث وتلعب دورا مختلفا تماما.
على سبيل المثال، انتقدت إدارة بايدن منظمة أوبك لعدم كفاية إنتاج النفط الخام، وقال مستشار الأمن القومى، جيك سوليفان، صراحة: «فى لحظة حرجة من الانتعاش العالمى، هذا ببساطة لا يكفي»، ومن الصعب تسوية هذا النوع من الحديث عن السياسة من نفس الحكومة التى ألغت تصاريح خط أنابيب «كيستون إكس إل»، وعقود إيجار محدودة للنفط والغاز على الأراضى الفيدرالية وفى ألاسكا، واستخدمت قانون الأنواع المهددة بالانقراض للحد من تطوير مشاريع الطاقة فى الأراضى الخاصة فى الغرب.
تبدو استراتيجية الحكومة الفيدرالية واضحة، فهى تثبط قدرة الوقود الأحفورى فى الولايات المتحدة وكندا، ولكن للحفاظ على أسعار الطاقة منخفضة، فإنها ستتحمل وتشجع بالفعل الإنفاق المرتفع على الوقود الأحفورى فى دول أخرى أبعد.
ومن شأن ذلك أن يمنح الولايات المتحدة بعض «الجوائز» المحلية فى الكفاح من أجل الحد من الوقود الأحفورى، ولكن دون أسعار طاقة أعلى للعالم بأسره.
لكن المشكلة هى أن نفس المزيج من السياسات لن يفعل الكثير للحد من انبعاثات الكربون الإجمالية، وسيضر الصناعة الأمريكية، من خلال معاقبة إنتاج الطاقة المحلى، وكذلك الإضرار باستقلال الطاقة فى الولايات المتحدة.
والمأخذ المتفائل هو أن الرغبة السياسية فى انخفاض أسعار البترول مؤقتة وستتلاشى فى غضون عام أو عامين، لكن أنا قلق من أن السيناريو المعاكس يتكشف، وإذا كان هناك أى وقت لإدخال أسعار أعلى للطاقة، فإنه سيكون أثناء فوضى الوباء، عندما يكون هناك كبش فداء سهل، وإذا تقاعست أمريكا عن قبول أسعار أعلى للوقود الأحفورى الآن، فقد يتعلم السياسيون الدرس القائل بأن مثل هذه الأسعار لن تحظى بشعبية على الإطلاق، وهذا بدوره سيشجع استمرار الاستثمارات فى الوقود الأحفورى فى جميع أنحاء العالم، ويمكن أن ينتهى بنا الأمر بمزيد من الطاقة المتجددة ومزيد من طاقة الوقود الأحفورى، وذلك لن يحل مشاكل تغير المناخ.
حفزت أزمة إمدادات الغاز الطبيعى فى أوروبا تدافعا على الفحم للحصول على ما يكفى من الفحم لتدفئة المنزل الشتاء الحالى، وربما سيحتج الناخبون على مثل هذه التطورات غير الصديقة للبيئة، لكننى سأراهن على عكس ذلك، وهذا فى منطقة تعد الأكثر «صديقة للبيئة» ظاهريا على الأقل من الولايات المتحدة، حتى أن ألمانيا لديها حزب خضر بأكمله، وهو حزب من المرجح أن ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
أتذكر تصريح القديس أغسطينوس: «يا رب أعطنى العفة وضبط النفس – لكن ليس الآن».
تستمر الخسائر الحقيقية من الوباء فى الارتفاع، وتأتى بطرق تفاجئنا، لكن فى هذه الحالة، ربما يعلمنا الوباء كيف كانت الأمور حقا طوال الوقت.

بقلم: تايلور كوين

كاتب مقالات رأى لدى «بلومبرج» وأستاذ الاقتصاد فى جامعة جورج ماسون.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية