أخبار

من موانئ شنجهاي ولوس أنجلوس إلى مصر: كيف حال الشحن والتوريد؟

قرار

كتب: فاروق يوسف

تتزايد حدة انقطاع سلاسل التوريد، وترتفع معها أسعار الشحن، يصاحبها ارتفاع في الطلب ويقابله بطء في تدفق السلع والخدمات، وتتكدس الموانئ من شنجهاي إلى لوس أنجلوس بالسفن دون أي حركة.

يشكل هذا المشهد قلق متزايد في أغلب دول العالم، وحاول “إيكونومي بلس” التعرف على أثر الموقف الحالي على مصر سواء فيما يخص موانئها، وكذا شركات الشحن وتداول الحاويات العاملة فيها.

وانقسمت الآراء حول كيفية حل الأزمة؛ منها ما شعر بخيبة أمل مريرة على قدرة قطاع الشحن والملاحة البحرية لإنقاذ الموقف.

والآخر رأى أن الأزمة سوف تستمر لسنوات، والحل يكمن في إمكانية البلدان على تحديث بنية موانئها التحتية وتقديم خدمات لوجيستية متعددة للسفن.

تمتلك مصر موانئ: الإسكندرية، والدخيلة، ودمياط، وشرق وغرب بورسعيد والسخنة والأدبية والعريش.

كيف تتأثر مصر؟

التأثير على مصر طفيف مقارنة ببعض الدول؛ إذ تعمل الحكومة على زيادة استثماراتها لتطوير الموانئ وإنشاء وتحديث الأرصفة والمحطات متعددة الأغراض بما يضمن خدمة الأنشطة المختلفة واستقبال أكبر عدد من الحاويات، بحسب رئيس شركة “المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض”، اللواء عبدالقادر درويش.

أزمة الشحن الحالية واختناقات سلاسل التوريد ستبقى مستمرة لفترة طويلة من الوقت، يقول درويش الذي شغل سابقاً رئاسة ميناء الأسكندرية: “لا أتوقع انتهاء الأزمة في غضون أشهر، ما سببته جائحة كورونا في القطاع اللوجيستي عالمياً لا يمكن حله سوى خلال سنتين على الأقل”.

السفن تزدحم في الموانئ العالمية

توضيحاً لما تمر به موانئ العالم حالياً، استناداً إلى بيانات “بلومبرج وإي إتش إس ماركت، وجينسكيب”؛ فإن موانئ الصين “تشوشان ونينغبو وشنجهاي” تشهد عدد سفن منتظرة حوالي 73 سفينة، من أصل 271 سفينة منها 89 سفينة راسية داخل الميناء.

بينما تشهد موانئ “بيرل دلتا ريفر، وشنتن وهونج كونج” انتظار 82 سفينة من عدد 229 سفينة.

هذا في حين ينتظر بموانئ الولايات المتحدة الأمريكية “لونج بيتش ولوس أنجلوس” حوالي 33 سفينة، وفي سنغافورة تنتظر حوالي 53 سفينة من إجمالي 101 سفينة، منها 37 سفينة داخل الميناء نفسه.

أما من الناحية الإقليمية؛ فينتظر في موانئ دبي والشارقة وجبل علي، 10 سفن من أصل 53 سفينة، منها 31 سفينة راسية.

إذا نظرت إلى الموانئ الحديثة في مصر – يتحدث عبد القادر- مثلاً ميناء دمياط فستجد أنه يحوي بضائع يتراوح حجمها من 25 مليون إلى 30 طن بضائع، وميناء الدخيلة أيضاً الذي بدأ يتداول أكثر من ميناء الإسكندرية، ولديه إنتاجية من الأرصفة تصل إلى 80%.

الحل يعتمد على إمكانيات البلدان

من المؤكد أن إمكانيات وقدرات البلدان ستكون عنصر مهم في حل المشكلة، لذلك تركيز الحكومة على تحديث وإنشاء موانى جديدة يأتي في محاولة منها لخلق طلب جديد، وتلبية ما هو متاح حالياً، وفق رئيس الشركة الحكومية التي تعمل في مجال الموانئ والمحطات.

شهد عدد الحاويات التي تمر عبر الموانئ المصرية تزايداً واضحاً على الرغم من الأزمة؛ حيث بلغ عددهم خلال عام 2020 نحو 7.6 مليون حاوية، مقارنة 7.2 مليون حاوية في 2019.

أسعار الشحن تصل إلى 14 ألف دولار للحاوية.. وهذا الحال عند الزيادة أكثر من ذلك

ارتفاع أسعار الشحن أحد أهم الأسباب المؤثرة في تفاقم الأزمة، لقد ارتفع سعر النولون للحاوية من 3000 دولار في عام 2020، إلى 16000 دولار في 2021، ما ساهم في تكدس السفن بالموانئ في أغلب دول العالم، بحسب شريف سليمان، رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الاعمال المصريين الأفارقة، والمدير التنفيذي لشركة واي أوت للشحن.

أصل الحركة المرروية في خطوط الملاحة

بدأت الأزمة من شرق آسيا، وتحديداً الصين واليابان صاحبتا الحركة الكبير في مؤشر حركة التجارة الدولية.

عادة تبدأ حركة الملاحة الأساسية من شرق آسيا ثم إلى أوروبا ومنها ما يتجه إلى دول أفريقيا وأمريكا.

عندما بدأت أزمة كورونا انخفضت أسعار الشحن وكذلك السفن التى هبطت من 5 مليون يورو للسفينة الواحدة إلى 2 مليون يورو فقط.

لم تتوقف حركة الإنتاج في الصين في غضون الجائحة، بل توقفت في أوروبا التي شهدت ارتفاع في الإصابات، الأمر الذي ساهم في تأخير تفريغ الحاويات في موانئ إنجلترا وهولندا وألمانيا وأغلب دول القارة البيضاء؛ نظراً لعدم وجود عمالة، وفق سليمان.

حينما بدأ الوضع في التحسن، كانت الحاويات متواجدة في أماكن يقل فيها عمليات الإنتاج؛ لذلك ارتفعت أسعار الشحن لمستويات قياسية، وبالتالي أصبحت المعدات قليلة وغير متوافرة لمراكز سلاسل الإمداد الرئيسية، بحسب مدير واي أوت للشحن.

وصف ما سبق ينطبق عليه مثال: “في مصر لما بنستورد حاوية من الصين 40 قدم، ندفع 3000 دولار، وعند تصدير نفس الحاوية للصين مرة أخرى ندفع 300 دولار”.

انخفاض أسعار الشحن مرهون بعودة حركة التجارة العالمية إلى طبيعتها، وإعادة توزيع الحاويات كما هو الحال سابقاً، وكذلك تخفيف حدة منافسة الخطوط الملاحية، وهذا ما سيحدث بعد شهر يونيو على أقل تقدير، يرى سليمان.

تأسيس جهة مصرية لها القوة التفاوضية لتقليل أسعار الشحن

اقترح تأسيس جهة مصرية مسئولة عن التعاقدات على الحاويات والتنسيق مع باقي الخطوط الملاحية، بحيث يكون لها القوة التفاوضية لتقليل الأسعار، وتشتري العديد من السفن، بدلاً من تفاوض المستورد والمصدر كل منهم على حدة.

عدنا إلى عبدالقادر مسئول شركة محطات الموانئ، مرة أخرى، وعلق مسألة ارتفاع أسعار الشحن، وقال إن ارتفاع أسعار الشحن أكثر من المستويات الحالية سينعكس سلباً الموردين والمستوردين، وبالطبع السلع.

هل دفعت الأزمة الجارية قناة السويس لرفع رسوم عبور السفن؟

زيادة الطلب الحالية وعدم القدرة على تلبيته في ظل قلة عدد العمال وأزمة الإمداد، هما العناصر الأساسية في رفع الأسعار وتعطل الموانئ، بحسب رئيس قطاع الخدمات الحكومية بشركة قناة السويس لتداول الحاويات، هاني النادي.

منذ أيام رفعت هيئة قناة السويس رسوم عبور السفن بواقع 6%، وسيتم تطبيقها في شهر فبراير 2022.

استبعد النادي توجه مصر إلى رفع رسوم العبور نتيجة أزمة الشحن والتوريد الحالية، لكنها جاءت وفق سياسات متزنة تنتهجها الهيئة استناداً إلى دراسات سوقية خاصة بالتسعير، ولديها المرونة في مسألة التكيف مع الوضع العالمي.

تشهد بعض الموانئ العالمية الحالية أوضاع صعبة منها ما تم إغلاقه، ومنها ما تكدس بالسفن، والآخر فكر في سحب الحاويات مرة أخرى لإعادة هيكلتها لعودتها في الخطوط الملاحية وفق المتغيرات الجديدة، بحسب ما ذكر.

مع تفاقم الأزمة إلا أن شركة السويس لتداول الحاويات تستعد لإقامة توسعات جديدة بمنطقة بورسعيد، وتتفاوض مع الحكومة حالياً لإنهاء التفاصيل.

نفذت الشركة التي تدير ها “ميرسك” أعمال توسعات خلال العام الماضي بما يزيد عن 65 مليون دولار تمثلت في تعزيز البنية التحتية وزيادة المعدات الخاصة بالسفن الضخمة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية