يستمر التحول الكبير فى الإنفاق الاستهلاكى، عندما أغلق العالم فى عام 2020، اشترينا ما احتجنا إليه للبقاء فى المنزل: معدات التمارين والحيوانات الأليفة والسراويل الرياضية والخميرة، وفى عام 2021، انعكس تسوقنا على إعادة الفتح: وضعنا أحمر الشفاه مرة أخرى، وبيضنا أسناننا، واستبدلنا ملابس النوم بأزياء بناطيل سبور وفساتين، وحظيت معظم مجموعات المستهلكين والتجزئة والرفاهية بعام جيد.
لكن القطاعات الاستهلاكية تواجه الآن تحولا جديدا فى العادات وهو تحول قد لا يكون محبذا في 2022.
يعد «أوميكرون» بمثابة رياح معاكسة للسفر والضيافة والبيع بالتجزئة، وحتى لو بلغت الموجة الأخيرة من العدوى ذروتها قريبًا نسبيًا، فهناك مخاطر أخرى فى المستقبل بدءا من استنفاد مدخرات الإغلاق تمامًا مع ارتفاع الأسعار إلى تشديد السياسة النقدية وزيادة تكاليف الاقتراض، وهو أمر لم يضطر المستهلكون لتحمله لعدة سنوات.. وبالفعل، بدأت التصدعات فى الظهور.
وحتى قبل الزيادة الكبيرة فى حالات «أوميكرون»، كانت هناك علامات على أن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً، وعلى سبيل المثال، قالت شركة التجزئة البريطانية «كاريز» إن الطلب على إلكترونياتها كان أضعف من المتوقع، ووسط قلة عدد الأشخاص الذين يتوجهون إلى مراكز ومكاتب المدن، قام متجر «هارودز» الشهير فى لندن بتقديم موعد خصوماته من 26 ديسمبر «يوم الملاكمة» إلى 17 ديسمبر، كما عانت مناطق حضرية أخرى، مثل مدينة نيويورك.
ولكن لا يؤثر المتحور الجديد وحده على أذهان المتسوقين، وارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية بقدر أقل من المتوقع فى نوفمبر، وصحيح أنه ربما جاء بعض الإنفاق مبكرا فى أكتوبر عندما قدم العديد من تجار التجزئة عروضًا خاصة وكان المستهلكون يتسوقون لتجنب نقص المنتجات، لكن القلق الحقيقى هو أن ارتفاع الأسعار قد بدأ أخيرا فى إحداث خسائر.
وحتى الآن، كان المستهلكون قادرين على تحمل التضخم المتسارع فى كل شئ من القهوة إلى طاولات القهوة، كان الكثير منهم غارقين فى المدخرات بعد أن ظلوا فى منازلهم طوال معظم العامين الماضيين، لكن إعادة فتح الاقتصادات أدت إلى انخفاض تلك الأموال.
وعلى الرغم من أن المدخرات كنسبة مئوية من الدخل المتاح لا تزال مرتفعة وفقًا للمعايير التاريخية، فقد عاد المقياس إلى مستويات ما قبل الجائحة.
والآن ترتفع الأسعار بمعدل أسرع، وتتفاوض معظم شركات السلع الاستهلاكية بالفعل مع تجار التجزئة بشأن رفع الأسعار أو ستبدأ فى يناير، ومع دخول التضخم فى السلع من النفط إلى التعبئة والتغليف، فإن ذلك سيجعل بعض المحادثات صعبة، ومن المحتمل أيضًا أن يؤدى إلى مزيد من الطفرات فى الأسعار، وصعدت أسعار المواد الغذائية فى الولايات المتحدة بنسبة %6.1 فى نوفمبر، وهو أعلى مستوى فى 13 عامًا، ويمكننا أن نرى تصعيدًا مشابهًا فى أوروبا.
وعلى الرغم من زيادة الأجور أيضا، إلا أن التضخم فى الولايات المتحدة يتجاوزها ببعض المسافة: الفجوة بين الاثنين هى الأكبر منذ أكثر من 20 عاما.
وقد تعكس بعض التحذيرات التى رأتها «كاريز» ضغوط الإنفاق الجارية بالفعل فى بريطانيا، فبعد كل شئ، يعد الكمبيوتر المحمول الجديد أو أيفون أو الفرن عملية شراء كبيرة، وفى الولايات المتحدة، قالت شركة «لويز كوز» إنها تتوقع أن تتلاشى طفرة تحسين المنازل المشهودة أثناء الوباء أخيرا.
وكثير من الناس أنفقوا مبالغ طائلة خلال الوباء، خاصة فى المنازل الجديدة، وقد يكون هذا مصدر ضعف آخر مع ارتفاع أسعار الفائدة، ومن المتوقع ارتفاع تكاليف الاقتراض فى عام 2022، مما قد يدفع الأمريكيين والأوروبيين إلى اللجوء لسياسة شد الحزام.
وفى حين أن البنود الكبيرة والمكلفة قد تكون الضحية الأولى، فإن المجالات الأخرى ستعانى أيضا فى النهاية، ويميل المستهلكون إلى استبدال العلامات التجارية الكبرى إلى علامات تجارية أرخص ثمناً، أو التحول من اللحوم إلى الوجبات النباتية.
وعندما يتوترون بشأن محافظهم، سيكون تقليص التبذير الذى نما خلال الوباء، مثل تناول الطعام فى الخارج، طريقة أخرى لتوفير المال.
بقلم: أندريا فيلستد
كاتبة مقالات رأى لدى «بلومبرج» وتغطى القطاعات الاستهلاكية والتجزئة
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا