نشرة الصناعات الغذائية أخبار

كيف تتأثر الصناعات الغذائية بمصر بثلاثية حرب أوكرانيا والفائدة والدولار؟

صادرات الصناعات الغذائية

لم تنته بعد العقبات التي تعانيها صناعة الغذاء في مصر من الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، لتصطدم بقسوة مع ثلاثة مشاهد في فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع تقريبًا.
المشاهد الثلاث، دفعت أسعار المواد الغذائية نحو الزيادة بين 10 و50% لدى أغلب الشركات المنتجة والمصنعة لها، ويتوقع محللون بالصناعة ارتفاعات مماثلة في الفترة المقبلة، لكنها ستظهر تدريجية.

ما الذي يحدث؟

قبل 5 أسابيع تقريبًا، تفاقمت حدة التوترات الاقتصادية العالمية مع إعلان روسيا غزوها على أوكرانيا، لتزداد أعباء سلاسل الإمداد والتوريد العالمية في جميع السلع، والمتعطلة بالفعل جراء فيروس كورونا المستمر منذ بداية 2020.

قبل 10 أيام، وللمرة الأولى منذ تفشي الجائحة، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 0.25%، بهدف السيطرة على ارتفاع التضخم، ليرفع المركزي المصري أسعار الفائدة 1% في مشهد إضافي بتاريخ 21 مارس الجاري.

في اليوم نفسه وبصورة مفاجئة، خسر الجنيه المصري أكثر من 16% من قيمته أمام الدولار، بعد أن ارتفع سعر الصرف إلى 18.5 جنيهًا مقابل 15.70 جنيهًا قبلها، ليمثل موجة جديدة من ارتفاعات أسعار السلع.

البداية مع الغزو

أثرت الحرب كثيرًا على مصنعي الأغذية حول العالم، ومن بينهم المصريين، خاصة بعد عقوبات الغرب على “موسكو”، ومع توالي الهجمات بين البلدين تزايدت توترات حركة الشحن التجاري بشكل عام، قال أحمد سليم، رئيس شركة سنو فريش للأغذية المصنعة.

صاحب ذلك نقصًا في المعروض العالمي من السلع الغذائية، خاصة الاستيراتيجية منها، مثل القمح، والذرة والفول الصويا، وهى سلعًا أساسية على أغلب أطراف الصناعات الغذائية، بداية من الأعلاف لتربية الثروة الحيوانية، وصولًا إلى الزيوت، ومجموعة واسعة من السلع الأخرى، قال أنور العبد، رئيس شركة الأهرام للدواجن.

ترتب على الأزمة قرارات حكومية استسنائية لمصر بهدف الحفاظ على اسمرارية العرض عند مستويات جيدة لتجنب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، لكن لا يزال الحديث مستمرًا حول الطلب فى المستقبل القريب.

الغزو بعد كورونا

عمق الغزو الروسي لأوكرانيا خسائر الاقتصاد العالمي من تبعات فيروس كورونا، خاصة على مستوى سلاسل الإمداد والتوريد، قالت المحلل الاستهلاكي في شركة بلتون المالية، نيفين غنيمة .

تعاني شركات الغذاء ضغطًا كبيرًا على التكلفة، خاصة وأن الحرب الحالية بين دولتين تؤثران بقوة في صناعة الغذاء العالمي، فستحوذ روسيا وأوكرانيا على 30% تقريبًا من تجارة الحبوب عالميًا، خاصة القمح ومنتجات الزيوت النباتية، أوضحت غنيمة.

زيادات قوية للأسعار

أثرت الحرب على أسعار السلع بقوة في فترة زمنية قصيرة، لذا اضطرت الشركات لرفع أسعار السلع بمستويات تتفاوت بين 10 و50% فى الربع الأول من العام الجارى، كان أغلبها بعد الحرب، أضافت غنيمة.

توقعت غنيمة أن تطرأ زيادات مماثلة لمواكبة قفزات التكاليف، لكنها ستظهر تدريجيًا على مدار العام الجاري لاستيعاب السوق وتجنب التأثير المباشر على الطلب.

تتأثر أسعار المواد الخام ببعضها البعض، فنقص المعروض العالمي من زيوت دوار الشمس 50% بسبب الحرب لم يؤثر على أسعارها فقط، بل أسعار الزيوت الأخرى لأن الشركات اضطرت للعمل من خلال البدائل، وبالتالى زيادة مستمرة للأسعار، أوضحت غنيمة.

إلى أى حد نمت التكاليف؟

انعكست الحرب على أسعار خامات التصنيع بصورة رئيسية، ونمت تكاليف التوريد على الشركات بين 40 و45%، قالت محلل القطاع الاستهلاكى فى بنك استثمار بلتون، إنجي ديواني.

الأعلاف تُعد أحد أهم مدخلات الصناعات الغذائية، فيما يخص صناعة الألبان والأجبان ومنتجاتها، وارتفعت تكلفتها كثيرًا بسبب التوترات الأخيرة، جراء الغزو وارتفاع أسعار الفائدة وخسائر الجنيه أمام الدولار.

قفزت أسعار أعلاف الثروة الحيوانية من الماشية محليًا بأكثر من 3000 جنيهًا في الربع الأول من العام الجاري وصولًا إلى 8500 جنيهًا، والدواجن إلى 11.2 ألف جنيه.

سينعكس ذلك بالتأكيد على هوامش الربحية، لكن من المستبعد اتجاه الشركات نحو تخفيض الإنتاج الفترة المقبلة، خاصة مع موسم رمضان الذي يمثل أفضل فترة في العام للشركات الغذائية، أضافت ديواني.

الأسبوع الجاري فقط، ارتفعت أسعار الذرة وألبان البودرة 3% لكل منهما، ليسجلا على التوالي 36 و64% على أساس سنوي، وصعدت أسعار ألبان البودرة إلى 4093 دولارًا للطن قبل يومين، بخلاف زيادات الفول الصويا، وتغيرات المناخ التي أثرت بالفعل على الإنتاج العالمي، قال المحلل الاستهلاكي بشركة نعيم القابضة، هشام حمدي.

هل تضغط الفائدة؟

الفائدة ستضغط على تكلفة اقتراض الشركات، وقد يتسبب في إرجاء الاستثمارات الجديدة، خاصة إذا ارتفعت من جديد، أوضح حمدي.

وأقرت الحكومة مؤخرًا إجراءات لمواجهة زيادة الأسعار والضغط على تكاليف المعيشة بعد ارتفاع أسعار الدولار والفائدة، وهذا جيد، لكن طرحت البنوك الحكومية شهادات استثمار بفائدة 18%، وقد تؤثر على السيولة لدى المستهلكين وبالتالي، قد يقل الطلب، أضاف حمدي.

تتسق رؤية تخفيض المشتروات نسبيًا مع السيناريو التقشفي الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية مؤخرًا لمواجهة التطورات الاقتصادية القاسية على مستوى العالم، وبالفعل جمعت البنوك فوق 150 مليار فى أول 4 أيام من الإعلان عن تلك الشهادات، انظر التفاصيل.

لا أتوقع أن يصل تباطؤ الطلب مستقبلًا بصورة تصل إلى مستويات التباطؤ الذي شهدته الأسواق بعد تحرير أسعار الصرف في 2016، أوضح حمدي.

مكاسب الدولار والصادرات

على خلاف قطاعات صناعية عدة في مصر، تعتمد الصناعات الغذائية على استيراد أغلب خامات التصنيع، وارتفعت أسعارها كثيرًا جراء الأحداث الأخيرة، لذا تُشير التقديرات إلى استفادة أقل من الخفض الأخير لأسعار الجنيه، قال سعيد المشد، رئيس شركة وايت لاند للصناعات الغذائية.

يُعد تعميق الصناعة المحلية والاعتماد على المكون المحلي في الإنتاج وتخفيف استيراد المكونات لتجنب الوقوع تحت وطأة هذه الأزمات، أحد أبرز الخطوات التي يجب أن نسرع بتنفيذها الفترة المقبلة، أوضح المشد.

بشكل عام، قد تشهد الأسواق ارتفاعات في الأسعار خلال الفترة المقبلة بين 10 و12%، على خلفية تحريك سعر الدولار أمام الجنيه، قال عضو شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية، حسن الفندي.

يُصاحب صعود الدولار إيجابيات تظهر من خلال ارتفاع أعداد الشركات التصديرية للاستفادة منه، ويُشجع شركات فى قطاعات عدة على تصدير منتجاتها بزيادة تنافسيتها فى الأسواق المستقبلة، خاصة التى تعتمد على مواد خام أغلبها محلية.

يأمل قطاع الأغذية المصنعة في امتداد طفرة العائدات التي حققها العام الماضي إلى العام الجاري، ليصل إلى 5 مليارات دولار مقابل 4 مليارات في 2021.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

“جوجل” تفصل 28 موظفا احتجوا على عقدها “نيمبوس” مع إسرائيل

فصلت شركة "جوجل" 28 موظفا بعد أن شاركوا في احتجاجات...

منطقة إعلانية