أخبار

منافسة لجذب صناعة الأعمال الفنية الأجنبية.. هل تدخل مصر السباق؟

الأعمال الفنية

كتب: أحمد صبري

نجحت دولا عربية على رأسها المغرب والأردن في جذب صناعة الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة والاستفادة بتعزيز مدخلاتها الدولارية ومكانتها من خلال تذليل العوائق أمام الصناعة وخاصة الأجنبية منها.

حاليا تسعى المملكة العربية السعودية لجذب صناعة الأعمال الفنية بخطوات سريعة تدعمها فوائض النفط، فيما تواجه الصناعة في مصر عوائق.

أين تكمن المشكلة؟

المنتج الفني صبري السمّاك، يقول إن بعض الفرص ضاعت على مصر لصعوبة استخراج تصاريح تصوير الأعمال الفنية الأجنبية بها منذ فترة التسعينيات حتى الآن.

يضيف “قطاعات أخرى تستفيد بشكل غير مباشر من التصوير في مصر بعيدا عن الرسوم التي تُدفع للتصوير من بينها السياحة والفنادق والطيران”

تستفيد هذه القطاعات طوال فترة إقامة فريق العمل، إضافة إلى أنها دعاية مجانية للسياحة في مصر وتُنقل خبرات فريق العمل الخاص بتلك الأعمال لنظرائهم المصريين فضلًا عن تشغيل معدات التصوير الخاصة بهم، بحسب ما يرى السمّاك.

المخرج أمير رمسيس، يقول إن العديد من الأفلام الشهيرة كان من الممكن أن تصور في مصر إلا أن تعقيد الإجراءات حال دون ذلك، مثل فيلم The English Patient الذي حصل على عدد من جوائز الأوسكار عام 1996.

لا تقتصر أهمية تصوير الأفلام والمسلسلات الأجنبية في مصر على العائد الاقتصادي المباشر بحسب رمسيس، الذي يرى أن بعض الدول تستغل مواقع التصوير لجذب سائحين لمشاهدتها، وهو ما يعد دعاية “كبيرة للسياحة” في البلد التي يتم فيها التصوير.

ما هي العقبات؟

يعدّد مصدر آخر بمدينة الإنتاج الإعلامي – طلب عدم ذكر اسمه- العقبات التي رصدتها المدينة لتصوير الأعمال الأجنبية في مصر خلال دراستها للأمر عام 2017.

قال: “يتم التعامل مع المُنتِج الأجنبي على أنه شخص جاي معاه فلوس فقط، بجانب ارتفاع رسوم التصوير ودفع جمارك على المعدات التي تستردها شركات الإنتاج بصعوبة عقب انتهاء التصوير”.

أضاف أن تعدد جهات إصدار التراخيص والموافقات اللازمة لبدء التصوير، فضلًا عن وجود سماسرة هدفهم الرئيسي الحصول على الأموال لدرجة تستشعر معها الشركة بأنها أمام عملية نصب.

عالية عبد رب النبي، المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة فاروس ميديا برودكشن، المتخصصة في تيسير إجراءات تصوير الأفلام الأجنبية في مصر، تقول إن رحلة منتجي الأفلام الأجنبية لإنهاء إجراءات التصوير كان من الممكن أن تمتد إلى بضعة أشهر لاشتراط الحصول على التراخيص من عدة جهات.

إحدى الفرص التي ضاعت على مصر هي فيلمGods of Egypt  وهو فيلم فانتزي أمريكي نشر في 2016 وتدور قصته حول الآلهة في مصر القديمة، لكن لم يتم تصويره في مصر.

طلب القائمين على الفيلم التصوير في الأقصر وأسوان وسيوة عام 2014، إلا أن الجهات المعنية طلبت 15 مليون دولار للحصول على التراخيص بجانب ارتفاع قيمة الجمارك على المعدات وهو ما قوبل بالرفض من جهة الإنتاج، كما تقول عالية.

تضيف: “ذهب فريق عمل الفيلم للتصوير في المغرب رغم أن الأحداث تدور في مصر، حيث وفّرت لهم أماكن التصوير مجانًا مقبل مضاعفة تكلفة الإقامة في الفنادق طوال فترة التصوير”.

المغرب منافس رئيسي

ترى عالية أن المغرب من أكثر دول الشرق الأوسط تقدّمًا في تصوير الأعمال الفنية الأجنبية بها، تأتي بعدها الأردن ثم السعودية التي بدأت في الترويج لنفسها كموقع تصوير من خلال التعاقد على فيلمين مع هوليود، ولذلك يجب المُضيّ قدمًا للحاق بهم.

تمتلك مصر تمتلك العديد من مواقع التصوير التي تمكّنها من احتلال مكانة كبيرة في مجال تصوير الأفلام الأجنبية، بحسب عالية، “إلا أننا لا نستطيع تسويقها بالشكل الأمثل”.

يمكن لصناعة الأعمال الفنية أن تدر على مصر ذلك ملايين الدولارات وتساهم في النمو الاقتصادي لمصر جنبًا إلى جنب مع القطاع السياحي الذي يتأثر بأي توترات سياسية أو اقتصادية على المستويين المحلي والعالمي، تابعت عالية.

بلغت الميزانية المستثمرة من المنتجين الأجانب بالمغرب بدون احتساب الرسوم، في عام 2019 قبل تفشي كورونا نحو 83.3 مليون دولار و76.5 مليون دولار عام 2018، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن المركز السينمائي المغربي.

بالطبع تراجع الرقم إلى نحو 23.6 مليون دولار في 2020، جراء آثار الوباء وعمليات الغلق التي طالت العالم أجمع، لكن الأرقام بشكل عام مبشرة.

تجربة المخرج محمد دياب مع مارفل

تحدث المخرج والمؤلف محمد دياب عن عدم تصوير مسلسله الجديد Moon Knight في مصر خلال استضافته في Space عبر موقع Twitter استمع إليها إيكونومي بلس: “كنت أتمنى التصوير في مصر ولكن تأخّر إصدار التصاريح جعلنا نلجأ إلى التصوير في المجر”

تمنى دياب في حديثه وجود آلية تحافظ على تلك الفرص.

“المسلسل كان فرصة لظهور مصر لمدة 3 ساعات على الشاشة، في حين أن مصر تدفع ملايين الدولارات مقابل إعلان 10 أو 20 ثانية يروج للسياحة على قناة أجنبية”.

كما أن ميزانية مسلسل Moon Knight 160 مليون دولار، جزء منها كان سيتم إنفاقه في مصر.

يخرج دياب Moon Knight، وهو من بطولة أوسكار آيزاك، وشارك فيه من مصر الموسيقار هشام نزيه والممثلة مصرية الأصل مي القلماوي والمونتير أحمد حافظ ومصممة الأزياء ريم العدل.

ينتمى المسلسل إلى سلسلة عالم مارفل التي تتكون من أفلام ومسلسلات تقع في عالم خيالي يركز على الأبطال الخارقين، ويتم إنتاجها بشكل مستقل من قبل استوديوهات شركة مارفل إنترتينمنت التابعة لعملاق الترفيه والت ديزني.

يعتقد دياب أن الحكومة سوف تساند تصوير الأعمال الأجنبية في مصر خلال الفترة المقبلة متمنيا وجود إدارة مسئولة عن هذا الأمر، خاصة بعد الانطباعات الجيدة من الأجانب عن مصر برغم التصوير في المجر، حيث كشف عن أن بعض العاملين بوزراتي الآثار والسياحة تحدثوا معه بشكل فردي حول المسلسل.

مصر سوف تصبح جزء من سلسلة Moon Knight في المستقبل لارتباطه بها بشكل دائم وليس لمجرد حلقة أو موسم، بحسب دياب، ولا بد اختتم حديثه: “عايزين ديزني لما يجيلها مشروع في مصر تجري تصور عندنا”.

حلول في الطريق

المنتج الفني، صبري السمّاك، يقول إن مدينة الإنتاج الإعلامي تعمل على إعادة تفعيل “الشباك الواحد” بشكل أكبر الفترة المقبلة لتتولى مسئولية استخراج وإنهاء كافة التراخيص الخاصة بتصوير الأعمال الأجنبية في مصر بدلًا من تعدد الجهات.

أما سيد فتحي، المدير التنفيذي لغرفة صناعة السينما باتحاد الصناعات المصرية، فيقول إن الغرفة شكلت لجنة من ثلاثة من أعضائها لبحث المعوقات التي تواجه تصوير الأعمال الأجنبية في مصر، وبحثها مع الوزارات والجهات المعنية خلال الفترة المقبلة.

عالية عبد رب النبي تقول إن فكرة شركتها تعتمد على حل مشكلة تصوير الأفلام الأجنبية في مصر من خلال استحداث مصطلح “سياحة السينما” وربطها بالتكنولوجيا في إطار واحد.

تتلخص آلية العمل في قيام الشركة الراغبة في التصوير في مصر بمليء البيانات على منصة على الإنترنت تتضمن الأماكن التي ترغب التصوير بها وعدد الأيام ومعدات التصوير التي تحتاجها وفئة الفنادق التي تحتاج إلى الحجز بها ونوعية العمل وكافة البيانات الخاصة بفريق العمل.

“كافة البيانات اللازمة سوف تُرسل إلى الجهات المعنية لاستخراج كافة التصاريح اللازمة قبل حضور فريق عمل الفيلم إلى مصر، نستهدف أن نوفر كافة الخدمات اللازمة لفريق العمل من المطار إلى المطار، حيث سنتولى مسئولية كل شيء حرفيًا”، كما تضيف عالية.

بدأت فكرة شركة فاروس ميديا برودكشن منذ عام ونصف وأنهت إجراءات التأسيس يناير الماضي، لتبدأ عالية عبد رب النبي وشركائها الثلاثة في رحلة لطرق أبواب الوزارات والجهات الحكومية للتعريف بأنفسهم والتسويق والترويج للشركة في المهرجانات والأحداث السينمائية على المستوى العالمي، فضلًا عن تصوير بعض الأماكن في مصر لعرضها على منصة الإنترنت الخاصة بالشركة للراغبين في التصوير بمصر.

بدأت عالية وشركائها بالفعل في جني أولى ثمار الترويج لمشروعهم من خلال إمكانية جذب أفلام فرنسية في فئة الأفلام المستقلة للتصوير في مصر نظرًا لمحدودية أماكن التصوير بها.

الفكرة التي تتبناها الشركة دفعت مستثمرين عرب -لم تفصح عنهم- لدراسة ضخ تمويلات في المشروع خلال الفترة المقبلة بحسب عالية، إلا أنهم في مرحلة الانتظار حاليًا لحين الوقوف على مدى ترحيب الحكومة بالفكرة، حيث ترى عالية أن سبب سعيهم لتأسيس الشركة هو أن مصر أصبحت من أبرز الدول التي تتبنّى المشروعات الناشئة ودمجها بالتكنولوجيا.

يرهن المخرج أمير رمسيس الذي تولى منصب مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته المقبلة، نجاح جذب شركات إنتاج أجنبية للتصوير في مصر بوجود رغبة حقيقية لدى الحكومة ليكون هذا الملف بمثابة مشروع قومي.

إذ يرى رمسيس أن على الحكومة تيسير الإجراءات وتوحيد الجهة المشرفة على الأفلام وخفض رسوم التصوير وإقرار حوافز لجذب الشركات.

يقول رمسيس: “المغرب تعيد جزء من الضرائب المستحقة للشركات المنتجة كحافز لهم نظير تشغيل عمالة وتوفير فرص عمل خلال التصوير”.

ويتابع أن الفترة من 2011 حتى 2014 شهدت انفراجة في تصوير الأفلام الأجنبية في مصر من خلال تفعيل خدمة الشباك الواحد بالمركز القومي للسينما للحصول على التراخيص وإجراءات دخول معدات التصوير، ما ساهم في تصوير أجزاء من بعض الأفلام بمصر خلال تلك الفترة مثل   A Hologram for the King لتوم هانكس وExodus: Gods and Kings الذي تم تصويره في أسوان.

خطوات لمدينة الإنتاج الإعلامي

أصدر شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء السابق، قرارا في يناير 2018 بأن تكون المدينة هي المسئولة عن إصدار تراخيص الأعمال الفنية الأجنبية التي تصوّر في مصر، بعد تواصل مسئولي المدينة معه وشرح مميزات تصوير الأفلام الأجنبية في مصر وتأثيرها على السياحة وتنشيطها.

تضمنت خطة مدينة الإنتاج الإعلامي في جذب الشركات للعمل في مصر تمثلت في دراسة تجارب الدول المنافسة في نفس المجال، ليحددوا معارض ومؤتمرات عالمية متخصصة في الترويج لأماكن التصوير في الدول، وأهمها معارض في لوس أنجلوس ولندن وروسيا، وفقا المصدر بمدينة الإنتاج الإعلامي يقول لـ “إيكونومي بلس”.

بلغت عائدات التصوير الأجنبي بالمدينة خلال الفترة من بداية عام 2019 حتى نهاية 2021 تقدر بنحو 20 مليون جنيه فقط، بحسب المصدر.

“بدأنا التواصل مع تلك الجهات وشاركنا في أحد المعارض عام 2019 وحضر وفد منتجين إلى مصر.. كما استحدثت المدينة إدارة مسئولة عن التصوير الأجنبي بها، بجانب التنسيق لإنشاء لجنة من كافة الجهات المعنية بإصدار التراخيص لإصدارها خلال اجتماعاتها لتقليل المدة والتيسير على شركات الإنتاج” كما يوضح المصدر.

بدأت المدينة في مخاطبة الشركة الأجنبية للترويج لعملية التصوير في مصر، لكن ومع انتشار جائحة كورونا مطلع عام 2020 تعطلت الاستفادة المرجوة من المشروع، وفقًا للمصدر.

فهل تجد مصر موطئ قدم في صناعة الفن العالمية؟

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية