كتب: أحمد صبري
يواجه سوق السيارات في مصر حالة من الارتباك في ظل القرارات والمستجدات التي أثرت عليه خلال الفترة الماضية، لدرجة وصلت إلى ركود المبيعات مع ارتفاع الأسعار.
انفلتت أسعار السيارات محليا في ظل شح الكميات المعروضة متأثرة بالأزمات العالمية من آثار كورونا وما تبعها من عجز بالرقائق وسلاسل التوريد العالمية تلاهما إغلاق الصين بهدف السيطرة على تفشي كورونا بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي أربكت العالم.
مع شح المعروض ظهر ما يعرف بظاهرة الـ “أوفر برايس”، وهي مبالغ أضافها الموزعون على الأسعار الأساسية للسيارات الجديدة نظرا لحالة السوق.
قرر جهاز حماية المستهلك الشهر الماضي السيطرة على الأمور وألزم التجار والموردين ببيع السيارات بأسعارها الرسمية المحددة من الوكيل.
اقرأ أيضا:
تفاعل واسع بين التجار والجمهور.. هل ينهي “حماية المستهلك” الأوفر برايس بسوق السيارات؟
دخل الموزعون مع الجهاز في مناقشات للتوصل لاتفاق يحفظ لهم جزء من المكاسب التي حققوها من الظاهرة التي يرونها نتيجة للسوق الحر والعرض والطلب وأنها يجب أن تستمر.
جهاز حماية المستهلك عقد الأسبوع الماضي اجتماعات متتالية مع الوكلاء والموزعين والتجار للوصول إلى حلول ترضي كافة الأطراف مع الحفاظ على حقوق المستهلك.
ليصدر الجهاز أمس قرارًا يسمح لموزعي السيارات بإضافة كماليات على السيارة -لم يحددها- وبيعها بزيادة لا تتجاوز 5% من إجمالي قيمتها.
ما تأثير قرار الـ 5%؟
يقول أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، في حديثه لـ”إيكونومي بلس” إن الرابطة كانت قد طلبت من جهاز حماية المستهلك السماح بزيادة السعر الرسمي للسيارة من الوكيل بنسبة 10% على الأقل.
ويضيف أن مطلب الرابطة خلال اجتماعها مع الجهاز الأسبوع الماضي كان يتضمن أن تكون نسبة الزيادة من إجمالي سعر السيارة لا تشمل قيمة الاكسسوارات والكماليات.
“القرار حل وسط للأزمة الحالية” ولكن اعتبر أبو المجد نسبة الـ5% متضمنة قيمة الاكسسوارات والكماليات متواضعة بعد حصول بعض التجار سابقًا على أوفر برايس بنسبة تقارب 30%، يوضح أبو المجد.
لم يحدد الجهاز الكماليات ولكن ترك الأمر بين المستهلك والتاجر.
أما محمود خيري، وهو مراجع سيارات ولديه أكثر من 700 ألف متابع على فيسبوك فقط، فيقول إن قرار جهاز حماية المستهلك جاء للحد من ظاهرة بدأت تنتشر بين معارض وتجار السيارات منذ شهر.
ويضيف: “كان التجار يلجؤون إلى إضافة كماليات بأسعار مرتفعة، مثل إضافة نانو سيراميك بقيمة تصل إلى 100 ألف جنيه في بعض الأحيان، للتهرب من قرار منع البيع بأوفر برايس”.
النانو سيراميك هو مادة توضع على الهيكل الخارجي للسيارة لحماية طلاءها من الصدمات.
لا يوجد في القانون ما يمنع رفع السعر مقابل إضافة بعض الكماليات في السيارة، ولذلك اتخذ الجهاز هذا القرار لوضع “سقف” لتلك الارتفاعات في الأسعار، بحسب خيري.
محمود حمّاد، نائب رئيس رابطة تجار السيارات، يقول إن بيع كماليات واكسسوارات السيارات بقيمة لا تتجاوز 5% من سعر السيارة، قرار جيد وفي صالح التجار، لكنه يرى أنه يجب ترك السوق لآلية العرض والطلب وفقًا للمستجدات وعدم إلزام العاملين بالقطاع بأسعار محددة.
أما علاء السبع، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، ورئيس شركة “السبع” الموزع المعتمد للعديد من العلامات التجارية، فيرى أن نسبة الـ 5% سوف تكون توافقية بين التاجر والمستهلك.
هل يحل الاستيراد الموقف؟
اتفق عدد من تجار وموزعي السيارات أن الحل لمواجهة الأزمة هو زيادة المعروض عبر فتح باب الاستيراد لزيادة المعروض بالسوق.
“زيادة المعروض بتيسير إجراءات الاستيراد عبر فتح اعتمادات مستندية، هو الحل الأمثل لانخفاض أسعار السيارات، إلا أن ذلك مرهون بتوجّهات الحكومة في ظل العقبات التي تواجه الاقتصادين المحلي والعالمي”. يوضح حمّاد.
اتفق السبع مع رأي حماد، وقال “القرار لن يحل الأزمة في السوق، الحل الوحيد هو فتح الباب لاستيراد السيارات، ولكن نتفهم بكل تأكيد سبب قرار الحكومة بالاستيراد من خلال الاعتمادات المستندية”.
نقص الاستيراد يخفض المعروض
“استمرار الوضع كما هو عليه لن يزيد السوق إلا ركود.. احنا بنحارب ونضع قيود على سلعة غير موجودة”، قال حماد.
يقول علاء السبع، إن الحصول على سيارات من الوكلاء أصبح في غاية الصعوبة بسبب انخفاض الواردات: “كنت أحصل من أحد وكلاء السيارات على 100 سيارة حصلت الشهر الجاري على 7 فقط، كما حصلت على 4 سيارات من وكيل مقابل 50 سيارة سابقًا، و120 سيارة من آخر مقابل 400 سابقًا”.
وحول لجوء بعض الموزعين لعدم بيع السيارات للتجار وتخزينها للاستفادة من الزيادة في الأسعار، قال حمّاد، إن الموزّعين توقفوا عن إعطاء سيارات للتجار في ظل توقف الاستيراد وعدم وضوح الرؤية بالسوق، ما اضطره إلى العمل في السيارات المستعملة بشكل أكبر.
من جانبه نفى السبع: “الأمر فُهم بشكل خاطئ، التخزين لا يكون بهدف الانتظار لارتفاع الأسعار، ولكن قد يكون لوضع أوليات لعمليات البيع لكل سيارة بحسب ظروف السوق”.
ماذا عن السيارات المستعملة؟
يقول حمّاد الذي يرأس قطاع السيارات المستعملة برابطة تجار السيارات، إن الإقبال على شراء السيارات المستعملة يشهد تضاعفًا.
“نقص المعروض من السيارات الجديدة دفع المستهلكين إلى الاتجاه لشراء السيارات المستعملة رغم ارتفاع أسعارها بالتبعية بنسبة تتراوح بين 15 و20% بحسب النوع والموديل”، كما يوضح حمّاد.
وينصح محمود خيري، المستهلكين بتأجيل تغيير السيارات في الوقت الحالي سواء إلى جديد أو مستعمل في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير، لاسيما مع توقعات ارتفاعها المستمرة.
ويرى أن السوق يواجه حالة من الركود التضخمي، حيث يعاني السوق من الركود في المبيعات بالإضافة إلى ارتفاعات كبيرة ومتتالية في الأسعار.
يوافقه في الرأي علاء السبع الذي يؤكد ضرورة تمسك المستهلكين بسياراتهم الحالية لحين وضوح الرؤية بالسوق، في ظل انخفاض المعروض بنسب “خيالية”، حيث يرى أنه برغم انخفاض الطلب بسبب ارتفاع الأسعار، إلا هذا الطلب المنخفض ما زال أكثر من المعروض.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا