تقود شركتا «أمازون» و«ألفابت»، ما يتشكل ليصبح الحملة السياسية الأكثر قوة من قبل الشركات الأمريكية فى التاريخ الحديث كجزء من محاولة أخيرة لمنع الكونجرس من إصدار قوانين للحد من قوتهما فى السوق.
وتستهدف الشركات مشروع قانون «التفضيل الذاتى» الذى من شأنه منع المنصات الكبيرة على الإنترنت من استخدام هيمنتها فى مجال واحد لمنح منتجات أخرى ميزة تفضيلية غير عادلة، فعلى سبيل المثال تستخدم «ألفابت» محرك بحث «جوجل» الخاص بها للترويج لمنتجات السفر أو التسوق.
إذا مُرر مشروع القانون، فإنه سيعطى زخماً على الأرجح لموجة من التشريعات تستهدف تعزيز قواعد المنافسة الأمريكية، فيما يمكن أن يكون أكبر تحديث لقواعد مكافحة الاحتكار فى البلاد منذ جيل، بحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
قال مات شرويرز، رئيس جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات، التى نسقت استجابة صناعة التكنولوجيا لمشروع القانون: «هذه واحدة من أهم الحملات التى أطلقناها فى الأعوام الأخيرة، نظراً لعدم وجود اقتراح جاد على الإطلاق لتقويض القدرة التنافسية الأمريكية وتعريض المستخدمين الأمريكيين للخطر».
يرى أولئك الموجودون على الجانب الآخر أن حملة الضغط تستهدف تعزيز هيمنة مجموعات التكنولوجيا الكبرى.
قال لوثر لوى، نائب الرئيس الأول للسياسة العامة فى شركة «يلب»، التى ضغطت لمصلحة مشروع القانون: «عمالقة الإنترنت يتبعون أسلوب يولو- الذى ينص على أنك لا تعيش إلا مرة- فهم يائسون ويفعلون كل ما فى وسعهم لتغيير المسار».
وجد الديمقراطيون والجمهوريون قضية مشتركة نادرة فى الأعوام الأخيرة فى محاولاتهم لكبح جماح قوة الشركات الكبرى فى وادى السيليكون.. لذلك اقترح أعضاء فى الكونجرس مجموعة من التشريعات لهذا الغرض، بما فيها تدابير لخفض الوقت الذى يمكن فيه لشركات التكنولوجيا الكبرى شراء منافسين أصغر ومنعها من العمل مشترية وبائعة فى سوق الإعلان الرقمى المربح.
لكن مشروع قانون «التفضيل الذاتى»، المعروف باسم «قانون الابتكار والاختيار الأمريكى على الإنترنت»، هو ما تصب الصناعة تركيزها عليه، نظراً لدعمه الواسع فى الكونجرس والآثار المحتملة على الصناعة.
يستهدف مشروع القانون، الذى دافعت عنه السيناتور الديمقراطية إيمى كلوبوشار فى مجلس الشيوخ، ودافع عنه زميلها فى الحزب ديفيد سيسلين فى مجلس النواب، «أمازون» و«ألفابت» و«أبل» و«فيسبوك» على وجه التحديد، إذ مر مشروع القانون عبر لجان فى مجلسى النواب والشيوخ وينتظر مؤيدوه الآن القادة الديمقراطيين لنقله لمرحلة التصويت.
قال مساعد فى الكونجرس الأمريكى: «تستمع مكاتب مجلس الشيوخ حالياً إلى هذه الشركات عدة مرات فى اليوم».
إذا مُرر القانون، ستُمنع «جوجل» من وضع منتجاتها الخاصة فى أعلى نتائجها للبحث، وستمُنع «أمازون» من إعطاء معاملة تفضيلية فى متجرها عبر الإنترنت للبائعين الذين يمكنهم دفع ثمن تلك المعاملة، وستُمنع «أمازون» من إجبار البائعين المشتركين فى خدمتها «برايم» على استخدام خدمات التوصيل الخاصة بالشركة، كما ستُجبر الشركات على مشاركة بيانات عملاء معينة مع المنافسين المحتملين.
فى الأسابيع الأخيرة، منحت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن دعمها لمشروع القانون، بينما يقول مؤيدوه فى مجلس الشيوخ إن تشاك شومر، زعيم المجلس الديموقراطى، أبلغهم بأنه يعتزم طرحه للتصويت بحلول أوائل الصيف.
آثار ذلك قلق الشركات التى ستتأثر، حيث أنفقت جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات، التى تمثل المجموعات الأربع، أكثر من عشرة ملايين دولار خلال العام الجارى لشراء إعلانات تلفزيونية تحذر من أن مشروع القانون سيدمر «برايم» وينهى التوصيل المجانى المضمون خلال يومين.
تعد الأموال جزء من موجة نقدية وجهتها صناعة الإنترنت نحو واشنطن فى الأعوام الأخيرة، إذ تشير بيانات عامة جمعتها «أوبن سيكرتس» إلى أن إنفاق الصناعة على جماعات الضغط ارتفع من 25 مليون دولار فى 2011 إلى 85 مليون دولار بعد عقد زمنى.
جدير بالذكر أن الشركات لن تترك الضغط للجمعيات الصناعية فحسب، فقد تحدث مسؤولون تنفيذيون من «ألفابت» و«أمازون» و«أبل» شخصياً إلى أعضاء الكونجرس.
ذكر عدد من الأشخاص العاملين فى الصناعة أن كينت ووكر، كبير المسؤولين القانونيين فى «جوجل»، قاد جهود شركته، كما استخدمت «أمازون» أربعة من كبار مديريها التنفيذيين لإثبات قضيتها، وهم الرئيس التنفيذى آندى جاسى والمستشار العام ديفيد زابولسكى والمستشار العام المساعد أندرو ديفور ورئيس السياسة العامة بواشنطن بريان هوسمان.
قدم هؤلاء المسئولون التنفيذيون حججا عدة ضد مشروع القانون، مثل أن المستهلكين يحبون جمع الخدمات معاً، بجانب أن مشروع القانون سيقوى نفوذ المنافسين الصينيين، وقد يجبرهم على التعاون بشكل وثيق مع منافسيهم لتعريض أمن بيانات العملاء للخطر.
قالت مصادر فى الصناعة وفى الكابيتول هيل، إن «جوجل» اقترحت مجموعة من التعديلات، بينما ذكر مسؤولون فى الكونجرس أن «أمازون» اتصلت بأعضاء من ولايتها الأم واشنطن بحجة أن القانون قد يؤدى إلى فقدان الوظائف هناك.
وفى محاولة لتهدئة بعض مخاوف الصناعة، أصدرت السيناتور الديمقراطية كلوبوشار الشهر الماضى نسخة محدثة من النص، تسهل على الشركات القول بإنها تتخذ إجراءات معينة لحماية الخصوصية الرقمية للعملاء، وتقول إنه لا ينبغى معاقبة الشركات على تقديم خدمات مراسلة مشفرة مثل «واتساب» أو خدمات الاشتراك مثل «أمازون برايم».
مع ذلك، لم تكن هذه التغييرات كافية لتهدئة معارضى القانون.
عن ذلك، قالت زوى لوفجرين، النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا: «من حيث المبدأ، لم نصدر مطلقاً تشريعاً على أساس وضع قواعد لخمس شركات»، مشيرة إلى أن «طريقة إعداد القانون تنطوى على إشكالية».
بالنظر إلى الانقسامات داخل حزبهم، يعتقد البعض أن القيادة الديمقراطية بالكونجرس قد تتجنب التصويت على القانون، حتى لو كان يجتذب دعم الجمهوريين، بينما يعتقد بعض آخر أن الديمقراطيين سيرغبون فى اغتنام الفرصة لتمرير تشريع تاريخى.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا