ملفات

صندوق النقد يدعو الحكومات لتمرير الزيادة فى الأسعار إلى المستهلكين مع حماية الضعفاء

صندوق النقد الدولي

دعا 4 خبراء فى صندوق النقد الدولى حكومات العالم لتمرير الزيادة فى الأسعار العالمية للسلع إلى المستهلكين مع حماية الفئات الضعيفة، كجزء من استجابتها للطفرة غير المسبوقة فى أسعار معظم السلع الأولية الحيوية.

وقال ديفيد أماجلوبيلى وأمينة هاندر وجى هى هونج وسيلين تيفنو الاقتصاديون فى إدارة شؤون المالية العامة بالصندوق إلى عدم الحد من تمرير الأسعار إلى المستهلكين المحليين.

وكتبوا على مدونة الصندوق أن الحكومات الحكومات خيارات صعبة على صعيد السياسات فى سياق سعيها لوقاية المواطنين من أسعار الغذاء القياسية وتكاليف الطاقة بالغة الارتفاع التى تقودها الحرب فى أوكرانيا نحو مزيد من الارتفاع.

أضافوا أن البلدان استحدثت مجموعة متنوعة من تدابير السياسات لمواجهة هذه الطفرة غير المسبوقة فى أسعار معظم السلع الأولية الحيوية.

وقالوا إن دراستهم المسحية لهذه التدابير التى أعلنتها البلدان الأعضاء أن كثيرا من الحكومات حاولت الحد من ارتفاع الأسعار المحلية عند زيادة الأسعار الدولية، سواء بتخفيض الضرائب أو دعم الأسعار بشكل مباشر. غير أن هذه التدابير الداعمة تخلق بدورها ضغوطا جديدة على الميزانيات المستنزفة بالفعل من جراء الجائحة.

ويروا أن الحد من تمرير الأسعار ليس هو المنهج الأمثل فى كل الأحوال. فطبقا لما ورد فى مذكرة جديدة أصدرها الصندوق، ينبغى لصناع السياسات أن يسمحوا بتمرير الأسعار العالمية المرتفعة إلى الاقتصاد المحلى مع حماية الأسر الضعيفة التى تتأثر بهذه الزيادات. فذلك أقل تكلفة، فى النهاية، من إبقاء الأسعار منخفضة للجميع على نحو مصطنع، بغض النظر عن القدرة على الدفع.

وقالوا إنه ليست كل البلدان قادرة على اتباع نفس المسار. فحيثما كان الدعم مطبقا، تختلف وتيرة التعديلات السعرية ومدى استخدام شبكات الأمان الاجتماعى من بلد إلى آخر. ولذلك، تقدم المذكرة مشورة دقيقة بشأن السياسات، تبعا لظروف كل بلد، مثل مدى قوة شبكة الأمان الاجتماعى ومستوى الدعم الحالى لأسعار الغذاء والوقود ومدى الحيز المالى المتاح للإنفاق.

صعود كبير فى الأسعار

وقال الخبراء إن غزو روسيا لأوكرانيا جاء عقب المكاسب الكبيرة التى تحققت العام الماضى فى سوق السلع الأولية، ليدفع بأسعار الغذاء إلى مستويات قياسية وبأسعار الغاز الطبيعى إلى مستويات تاريخية. فأسعار القمح، وهو سلعة أساسية تُصَدِّر منها روسيا وأوكرانيا معا حوالى ربع الصادرات العالمية، ارتفعت بنسبة %54 عن العام السابق. ومع انقطاع واردات الغذاء والطاقة من هذين المصدرين، تواجه البلدان الأخرى تكاليف مرتفعة وحالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات.
وقالوا إن سكان البلدان منخفضة الدخل هم الأكثر عرضة للتأثر بارتفاع الأسعار لأن الغذاء يمثل %44 من استهلاكهم فى المتوسط، مقارنة بنسبة %28 فى اقتصادات الأسواق الصاعدة و%16 فى الاقتصادات المتقدمة. كما شهدت أسعار النفط ارتفاعات كبيرة، مما يفرض أعباء مختلفة على المستهلكين. فالأسر الأعلى دخلا تستخدم فى الغالب قدرا أكبر من الوقود مقارنة بالأسر الأقل دخلا، وهى أكثر استخداما للبنزين مقارنة بالأسر الفقيرة، التى تستهلك قدرا أكبر من الكيروسين فى كثير من البلدان النامية. ويجب مراعاة هذه الفروق الثلاثة فى السياسات الحكومية الرامية لتخفيف الأثر الاجتماعى لتزايد الأسعار، كما يجب ضمان عدم وقوع العبء الأكبر على الفقراء.

استجابات السياسات

وكان تمرير أسعار الوقود الدولية إلى المستهلكين المحليين أقل فى الأربعة شهور الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الماضى. وبالإضافة إلى ذلك، كان مستوى التمرير هو الأعلى فى الاقتصادات المتقدمة والأدنى فى البلدان الصاعدة والنامية المصدرة للنفط. ويُعزى إلى دعم الوقود السائد فى كثير من البلدان المصدرة للنفط فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء جزء كبير من السبب وراء احتمالات أن يكون المستهلكون فى هذه المناطق أقل شعورا بالضرر من أسعار البنزين، وذلك على حساب التكاليف التى تتحملها المالية العامة، وبالتالى مزيد من خفض الإنفاق على خدمات عامة أخرى فى المستقبل، فى كثير من الحالات.
وقال الخبراء إن أكثر من نصف البلدان التى شملتها دراستهم المسحية والتى بلغ عددها 134 بلدا قد أعلن اتخاذ تدبير واحد على الأقل لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. وأعلنت الاقتصادات الصاعدة والنامية اتخاذ عدد أقل من التدابير الجديدة على صعيد السياسات، وهو ما يُعزى على الأرجح إلى استمرار اعتمادها على دعم الطاقة والغذاء القائم والحد من التعديلات فى الأسعار المحلية – أو تجنب هذه التعديلات. ومن المحتمل أيضا أن يكون لديها حيز مالى أضيق للتصرف أو صعوبة أكبر فى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعى بسرعة. ففى الاقتصادات المتقدمة، أعلنت معظم البلدان تقديم تحويلات نقدية وشبه نقدية (ومنها القسائم والتخفيضات فى فواتير المرافق). وفى الاقتصادات الصاعدة والنامية، كانت التخفيضات فى ضرائب الاستهلاك هى الأكثر شيوعا.

الاعتبارات المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعى

ووفقًا للدراسة فإنه بالرغم من أن معظم البلدان تحد من تمرير الأسعار الدولية، فلا يُنصح بالسير فى هذا الاتجاه. وقالوا إن الإشارات السعرية بالغة الأهمية فى إتاحة المجال لتكيف العرض والطلب وحث الطلب على الاستجابة، حيث تشجع الأسعار المرتفعة على زيادة الكفاءة فى استهلاك الطاقة. ومن ناحية أخرى، فإن الأسعار المدعمة تشجع على زيادة الاستهلاك، مما يفرض مزيدا من الضغوط على أسعار الطاقة. وفى الوقت ذاته، ينبغى للبلدان أن تقدم تحويلات مؤقتة وموجهة للأسر الأكثر ضعفا.
أضافوا أنه يمكن أن تكون استجابة الطلب كبيرة بالنسبة للطاقة، ولكن أقل كثيرا بالنسبة للغذاء نظرا لأن حجم الحاجة للغذاء يظل دون تغيير تقريبا. غير أن البلدان عليها أن تحجم عن منع تكيف الأسعار المحلية مع الأسعار الدولية لأن هذه التدابير، التى تؤدى إلى الدعم، تفتقر إلى الكفاءة فى حماية الفئات الأكثر ضعفا. وبالإضافة إلى ذلك، فهى باهظة التكلفة، وتؤدى إلى إزاحة الإنفاق الأكثر إنتاجية، وتخفض حوافز المنتجين والموزعين. ونحن ننصح بالسماح بتمرير الأسعار الدولية إلى أسعار الغذاء، شريطة حماية الفئات الضعيفة وعدم تعريض الأمن الغذائى للخطر.
وشددوا أيضا على أن البلدان ينبغى أن تراعى مدى قوة شبكات الأمان الاجتماعى عند وضع السياسات:
فالبلدان التى تتمتع بشبكات أمان اجتماعى قوية يمكن أن تستخدم التحويلات النقدية المؤقتة الموجهة إلى المستحقين من أجل تخفيف الأثر على الفئات الضعيفة. ويمكن لهذه البلدان أن تقدم تحويلات موجهة تعتمد على برامج اجتماعية قائمة.
والبلدان التى لا تتمتع بشبكات أمان اجتماعى قوية بما يكفى لدعم الفئات الأكثر ضعفا يمكنها توسيع نطاق برامجها القائمة الأكثر كفاءة عن طريق زيادة مستويات المنافع والتغطية حسب الحاجة. ويمكن استخدام الأدوات الرقمية، على سبيل المثال، لتسجيل المستفيدين وتقديم المنافع المستحقة لهم.
أما البلدان التى تقدم بالفعل دعما على الطاقة والغذاء، فينبغى أن تبدأ بالتدريج تمرير الأسعار الدولية إلى المستهلكين مع الالتزام بإلغاء الدعم فى السنوات القادمة. وينبغى ضبط وتيرة تمرير الأسعار بعناية تبعا للفجوة بين أسعار التجزئة والأسعار الدولية، والحيز المالى المتاح، والقدرة على تنفيذ تدابير لحماية الضعفاء.
وفى البلدان التى يعد الأمن الغذائى مصدر قلق بالنسبة لها والتى استنفدت كل الخيارات الأخرى، يمكن للحكومات النظر فى خطوات مؤقتة أخرى، مثل دعم الأسعار أو فرض ضرائب على الواردات تخضع لبنود انقضاء واضحة فى حالة الأغذية الأساسية. وينبغى للحكومات أيضا أن تسعى إلى زيادة إمدادات الغذاء عن طريق دعم الإنتاج، مع تجنب التخزين، واستخدام مخزونات الأغذية الاحتياطية متى توفرت. وإذا كان الأمن الغذائى معرضا للخطر، قد يكون من الضرورى توزيع الأغذية الأساسية بشكل مباشر.
وخلص خبراء صندوق النقد الدولى إلى أنه على مدار فترة العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة، ينبغى للحكومات أن تركز على الاستثمار فى شبكات الأمان الاجتماعى وإصلاح الدعم القائم. فمن شأن مثل هذه الإصلاحات الشاملة أن تساعد البلدان على تعزيز الصلابة وتشجيع زيادة الإنفاق المنتج لدعم النمو الاحتوائى.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

رسميًا..”كاتليست بارتنرز ميدل إيست” تطلق أول شركة استحواذ ذات غرض خاص في مصر

أطلقت شركة كاتليست بارتنرز ميدل إيست (CPME) اليوم أول شركة...

منطقة إعلانية