ملفات

تباين مواقف الشركات الخاصة فى السعودية من «رؤية 2030»

كورونا

تواجه كثير من اﻷنشطة التجارية فى السعودية، مصاعب اقتصادية ناتجة عن خطة الإصلاح المعروفة باسم «رؤية 2030»، التى أطلقها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان.
وأغلق العديد من الشركات والمتاجر، نتيجة ارتفاع التكاليف ونزوح العمالة والنمو الاقتصادى الضعيف.
ورغم شعور بعض الشركات بالتشاؤم والخوف من الوضع الراهن فى السعودية، يشعر آخرون بالتفاؤل وبضرورة التغيير القادم لا محالة، ليصبح هذان الموقفان المتناقضان أمراً واقعاً منذ الإعلان عن «رؤية 2030» قبل ثلاثة أعوام.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن هذين الموقفين المتناقضين يقعان فى صميم أحد أكبر اختبارات ولى العهد السعودى، والتى تثير التساؤل حول ما إذا كان القائد الفعلى للبلاد بإمكانه دعم القطاع الخاص المكدوم.. وبالتالى المساعدة فى إعادة إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل للشباب للحد من البطالة المتفشية.
ومنذ البداية، شددت رؤية «السعودية 2030» على دور القطاع الخاص، مؤكدة ضرورة زيادة مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى من %40 إلى %65، فضلاً عن توفير 450 ألف وظيفة غير حكومية بحلول عام 2020، بهدف خفض معدلات البطالة من %12.5 إلى %9 فى العام المقبل.
وتحملت الشركات السعودية العبء اﻷكبر الناتج عن التغيرات الشاملة لولى العهد، كما أن التخفيضات الكبيرة التى طرأت على دعم الطاقة وإدخال ضريبة القيمة المضافة أثرت بشدة على إنفاق اﻷسر.
وبعد انخفاض أسعار البترول فى عام 2014، لم تستطع الحكومة دفع عشرات المليارات من الدولارات من العقود الموقعة معها، فضلاً عن أن الرسوم الكبيرة التى فرضت على العمال الأجانب وذويهم، الذين شغلوا %90 تقريباً من وظائف القطاع الخاص، أدت لارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض الأرباح، ما أدى إلى هجرة جماعية للمغتربين، كما تسبب انخفاض الطلب على السلع الاستهلاكية فى انكماش.
وقال مسئول أجنبى إن هناك ما يقرب من 7 آلاف شركة صناعية فى السعودية، معظمهم يعانى خسرات مالية كبيرة أو يجنون اﻷموال بصعوبة.
ولا يزال يعانى البعض آثار حملة مكافحة الفساد التى شنها ولى العهد، والتى احتجز خلالها أكثر من 300 من الأمراء ورجال الأعمال وموظفين الدولة السابقين، فى فندق ريتز كارلتون فى الرياض فى نهاية عام 2017، ما تسبب فى حفاظ الكثير من العاملين فى القطاع الخاص على أموالهم أو الهروب إلى الملاذات الآمنة خارج البلاد.
وبحث صندوق الاستثمارات العامة السعودى عن صفقات وشركاء أجانب، فى الوقت الذى أعلن فيه عن مشاريع بمئات المليارات من الدولارات داخل البلاد وإنشاء شركات جديدة.
وكان اﻷمير سلمان مصمماً على تطوير قطاع خاص جديد، باستخدام أدوات الدولة، خاصة صندوق الاستثمارات العامة، مع تجاهل الشركات التقليدية التى كان ينظر إليها بازدراء؛ نظراً لثرائها بفضل عقود الدولة والعمالة الأجنبية الرخيصة.
ولكن يبدو أن هذه الحسابات تغيرت عقب جريمة قتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى؛ حيث بدأ المستثمرون الأجانب التفكير جيداً فى المخاطر السياسية للاستثمار فى أكبر مصدر للبترول، ولهذا السبب بدأت الحكومة فى التركيز بشكل أكبر على الشركات المحلية بعد إهمالها والتخلى عنها لفترة طويلة.
وتواصل المملكة جذب الاستثمارات فى القطاعات التقليدية، خصوصاً قطاع البترول والبتروكيماويات، إذ أعلنت مجموعة «إينوس» البريطانية، فى يونيو الحالى، أنها ستنفق 2 مليار دولار لبناء ثلاثة مصانع كيماويات فى البلاد.
أما فيما يخص القطاعات الأخرى الحيوية بالنسبة لجهود التنويع الاقتصادى، فلا يزال المستثمرون حذرين، فقد قال أحد المسئولين التنفيذيين اﻷجانب، إن الكثير من المستثمرين يرغبون بالاستثمار فى السعودية، ولكنهم يشعرون بالخزى، خاصة بعد مقتل خاشقجى.
وفى غياب المستثمرين اﻷجانب أصبحت الرياض أكثر اعتماداً على المستثمرين المحليين.
وأكد وزير المالية السعودى محمد الجدعان، أن الأمور تسير بشكل صحيح، إذ أصبح هناك تعاون وثيق بين الحكومة والقطاع الخاص.
واعترف «الجدعان» بأن الإصلاحات الاقتصادية تسببت بكثير من الآلام، ولكن الشركات الديناميكية آخذة فى الازدهار، مؤكداً أن القطاع الخاص على دراية كاملة بحجم الآلام والمصاعب الاقتصادية التى قد تواجهه نتيجة الإصلاحات الاقتصادية، وبضرورة قيام أصحاب الشركات بإعادة هيكلة شركاتهم لتتوافق مع الواقع الجديد.
وفى مايو الماضى، أعلن صندوق النقد الدولى، أن الإصلاحات الاقتصادية بدأت تؤتى ثمارها على صعيد نمو القطاع غير البترولى وزيادة مشاركة النساء فى سوق العمل، ولكن هذا النمو هش ويعتمد على أسعار البترول والإنفاق الحكومى، رغم أن رؤية 2030 تعتمد فى اﻷساس على تقليص دور الدولة وتخليصها من الإدمان على البترودولارات.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، إن الناتج المحلى الإجمالى السعودى نما بنسبة %3.6 على أساس سنوى فى الربع الأخير من 2018، وهى أسرع وتيرة نمو له فى ثلاثة أعوام، مدفوعاً بشكل كبير بالقطاع البترولى، فى حين بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص غير البترولى فى نمو الناتج المحلى الإجمالى %1.96.
وبشكل عام، نما الاقتصاد السعودى بنسبة %2.2 فى العام الماضى بعد ركود عام 2017، ولكن صندوق النقد الدولى يتوقع تباطؤ الاقتصاد بشكل نسبى إلى %1.9 هذا العام، فى حين سيرتفع النمو فى القطاعات اﻷخرى غير البترولية إلى %2.9 معتمداً بشكل جزئى على زيادة الإنفاق الحكومى.
ورغم السياسات التقشفية القاسية، لم تحرز السعودية تقدماً كبيراً فى الإصلاحات الاقتصادية الأخرى، مثل برنامج الخصخصة الذى وعدت بتنفيذه به.
ويجب العلم أن استياء أو عدم رضا بعض الشركات لم ينتج عن الإصلاحات نفسها، بل من سرعة وتيرة الإصلاح المالى وغياب الإصلاح الاقتصادى، وفقاً لما قاله أحد المصرفيين المتقاعدين.

المصدر: جريدة البورصة

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية