راتب عامل القطاع العام بالكويت أعلى بنسبة 245% من القطاع الخاص وفى مصر “الفجوة سلبية”
بحث: لا يوجد ارتباط بين معدلات التوظيف العام وإجمالى نسبة العمالة
أظهر بحث لصندوق النقد الدولى أن محاولات الدول الشرق أوسطية المصدرة للبترول لاحتواء البطالة من خلال خلق قوة عاملة متضخمة فى القطاع العام فشلت فشلاً ذريعاً.
وأوضح البحث أن فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة فشلت فى تحسين جودة حياة الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، كما قللت بقدر كبير المساحة المتاحة أمام الحكومات لتمويل التحويلات الاجتماعية والاستثمار الرأسمالى – الذي يعد أقوى محرك للنمو الاقتصادى – كما خنقت الأوضاع المالية العامة بتلك الدول.
ويطالب الصندوق الواقع فى واشنطن بالتعامل الملح مع الأجور العامة المفرطة، محذراً من أنه حتى فى حالة ثبات فاتورة الأجور، فإن ارتفاع التزامات المعاشات سترفع التكلفة الكلية.
وقال جهاد عزور، مدير قسم الشرق الأوسط فى صندوق النقد، لصحيفة “فاينانشال تايمز”، إن حجم فاتورة الأجور العامة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين اﻷعلى عالمياً.
أضاف أن الإصلاح مطلوب لزيادة المساحة المالية، وتحسين جودة الخدمات العامة، وتهيئة الظروف للنمو الاقتصادى من خلال تقليل الفجوة بين أجور القطاعين العام والخاص، كما طالب بإنفاق اجتماعى موجه وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية ما سيسمح لاقتصاداتهم بالنمو سريعاً.
وقال صندوق النقد إنه عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأيضاً فى أفغانستان وباكستان، تصرفت الحكومات كصاحب عمل الملاذ الأول، وتعد وظائف القطاع العام وسيلة للدعم الاجتماعى، وفى بعض الحالات، طريقة لإعادة توزيع بعض ثروات الموارد.
وأوضح بحث صندوق النقد، “فواتير الأجور العامة فى الشرق الأوسط ووسط آسيا”، أنه لا يوجد ارتباط بين معدلات التوظيف الحكومى والبطالة الإجمالية، ولدى دول مثل مصر، وأرمينيا، والأردن، وتونس معدلات بطالة عالية رغم القوة العاملة الضخمة فى القطاع العام، بينما لدى البحرين وأفغانستان معدلات بطالة منخفضة وقطاعات عامة صغيرة.
وبدلاً من خلق وظائف صافية، تتسبب الوظائف الحكومية الكبيرة فى وظائف أقل بالقطاع الخاص، والأسوأ من ذلك أن معدل العمالة العالى فى القطاع العام يرتبط بشدة بانخفاض مشاركة القوة العاملة، بمعنى آخر يقدر البحث أن الوظائف الحكومية جيدة الراتب والتى تقدم مزايا لأفراد العائلة، تثبط مشاركة الفئات التى يمكن أن تجلب دخل ثانوى للأسرة خاصة بين النساء والشباب.
وعبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، وجد صندوق النقد أن الدول أنفقت 65% فى المتوسط من ناتجهم المحلى الإجمالى سنوياً على الرواتب الحكومية على مدار العقد الماضى، وهو ما يشكل 28% من إجمالى الإنفاق العام.
وتعد مستويات التوظيف الحكومى هى الأعلى فى العراق واليمن حيث تصل إلى 27.4% من إجمالي معدل العمالة، تليهم دول مجلس التعاون الخليجى والجزائر عند 26.6%، ثم الدول المصدرة للبترول في القوقاز ووسط أسيا عند 24.8%.
واستناداً على عدد المواطنين وليس عدد السكان (بما فيهم العمالة الأجنبية)، يعمل 84% من الكويتين فى القطاع العام، وتصل النسبة إلى 79% فى قطر، و66% فى السعودية، و41% فى البحرين.
وعلى النقيض، يشكل القطاع العام عبر الأسواق الناشئة ككل 8.9% من العمالة، أى ما يعادل 5% من السكان في سن العمل.
وتتضاعف تكلفة فاتورة الاجور في العديد من الدول بسبب الرواتب السخية، ففى الكويت، على سبيل المثال، يحصل عامل القطاع العام على مرتب اعلى بنسبة 245% من نفس الوظيفة بالقطاع الخاص، بينما يصل الرقم فى البحرين إلى 229%، وفى السعودية وقطر 150%، أما فى مصر فالفجوة سلبية.
وعلاوة على ذلك، ارتفعت فواتير الأجور العامة بشكل عام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى في السنوات الأخيرة، مرتفعة من 11.9% إلى 13.5% فى دول مجلس التعاون الخليجى والجزائر منذ 2002، ومن 10% إلى 17.7% في العراق واليمن، رغم تراجعها فى الأسواق الناشئة من 6.5% إلى 5.1% من الناتج المحلى الإجمالى.
ونتيجة لذلك، تنفق العديد من الدول في الشرق الأوسط الكثير على أجور القطاع العام، ويتبقى أموال أقل للأغراض الأخرى، ويخصص مستوردى البترول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان وأفغانستان 23.4% من إنفاقهم العام على الموظفين.
وعند احتساب تكاليف خدمة الدين، والإنفاق على البضائع والخدمات وغيرها من الإنفاق الحالى، يتبقى القليل للحكومات للأنفاق على التحويلات الاجتماعية (1.3% من إجمالى الإنفاق الحكومى)، والاستثمار الرأسمالى (13.7%).
أما الدول المصدرة للبترول تنفق 34.2% من إنفاقهم على الأجور، وتسمح لهم تكاليف خدمة الديون الضئيلة بالإنفاق أكثر قليلا على التحويلات الاجتماعية (4.6%)، والاستثمار الرأسمالي (22.3%).
ويختلف الاتجاه للغاية عبر الأسواق الناشئة ككل حيث يجتمع انخفاض فاتورة الأجور العامة مع تكاليف الاقتراض المنخفضة، ما يعني أن 19.1% من موازنة الحكومات يذهب إلى التحويلات الاجتماعية، و19.1% إلى الإنفاق الرأسمالى.
ويكون التناقض أكثر وضوحاً فى الدول المتقدمة اﻷعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية التى تخصص 36.5% من الموازنات الحكومية إلى الإنفاق الاجتماعى، أى أعلى بكثير من نسبة الـ 23% الموجهة لأجور القطاع العام.
ويقول صندوق النقد الدولى “توجد حاجة لكبح جماح الإنفاق على الأجور لتقليص العجز المالى وتحرير الموارد للاستثمار فى البنية التحتية من أجل ضمان أن فاتورة الأجور العامة ستظل مستدامة مالية وأكثر تركيزاً على تقديم الخدمات العامة بشكل أفضل وتركيز الحكومات على التدابير التى تعزز خلق القطاع الخاص للوظائف وتقوي شبكات الآمان الأجتماعى”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا