قبل نحو أسبوعين أضاف البنك المركزي الروسي 9 عملات إلى قائمة العملات التي يحدد لها سعر صرف رسمي أمام الروبل، هي الدرهم الإماراتي، البات التايلندي، الدونغ الفيتنامي، الدينار الصربي، الدولار النيوزيلندي، الاري الجورجي، الروبية الإندونيسية، الريال القطري، إضافة إلى الجنيه المصري، بحسب بيان منشور على موقع المركزي الروسي.
يعادل الجنيه المصري الواحد 2.32 روبل روسي بتاريخ 28 يناير، وفق موقع المركزي الروسي.
اعتماد روسيا للعملات جاء وسط حصار اقتصادي يحاول الغرب فرضه على الكرملين بعد قرار اجتياح أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، أي قبل 12 شهرا من الآن.
العقوبات الاقتصادية التي انتهجتها الولايات المتحدة في كثير من صراعتها مؤخرا، دفع العديد من الدول ذات التجارة البينية لمحاولة اعتماد عملاتها تجنبا للعقوبات، كما تسعى بعض الدول القوية كروسيا والصين للتملص من سيطرة الولايات المتحدة على التجارة العالمية.
يسيطر الدولار وحده على 11.5% من التجارة العالمية، ونحو 60% من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم، وفق بنك التسويات الدولية.
ما وضع مصر؟
يعد التوقيت الذي أعلنت فيه روسيا اعتماد الجنيه ضمن قائمة أسعار صرف العملات مهما بالنسبة لروسيا في ظل العقوبات المفروضة عليها منذ بدء الحرب في أوكرانيا، كما أنه مهما لمصر في ظل مساعيها لتخفيف الضغط على الدولار، بحسب عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع الدكتور فرج عبدالله في حديثه لـ”إيكونومي بلس”
تملك روسيا البنية التحتية المالية التي تجعل النظام البديل للسويفت يعمل بدون أعطال، حيث أنشأت نظام “SPFS” الروسي للتعاملات التجارية والمالية في العام 2014، على خلفية تهديدات واشنطن بطرد موسكو من نظام سويفت المالي، بعد اندلاع أزمة شبه جزيرة القرم، أضاف عبد الله.
تابع حديثه: “انضمت 460 مؤسسة عالمية لنظام “SPFS” الروسي 10% منها تعمل في أوروبا، وهو ما يفسر استمرار تصدير الغاز الروسي حتى الآن لأوروبا وإن كان بأقل من المعدلات الطبيعية”.
كيف ستتم التجارة؟
تستحوذ صادرات روسيا على 87.5% من قيمة التبادل التجاري مع مصر البالغة 3.144 مليار دولار في 2021-2022 ، لتكون المركز 12 بين أهم الشركاء التجاريين مع مصر.
هو ما يعنى حاجة مصر إلى الروبل بقدر أكبر من احتياج روسيا للجنيه في الفترة القريبة المقبلة.
يرجح الدكتور ضياء حلمي، رئيس جمعية الصداقة المصرية الروسية، أن يكون التعامل بالعملات الوطنية للدولتين بقيمة مساوية لاحتياج الجانبين للجنيه والروبل، على أن يتم باقي القيمة بالدولار في السنوات الأولى.
“لن يتم التخلي عن الدولار دفعة واحدة بين الدول التي قررت التعامل بالعملات الوطنية فيما بينها حتى لا تتعرض اقتصاداتها لصدمة مفاجئة إنما سوف يتم تقليل الاعتماد عليه تدريجيا”.
الميزة الأخرى ستكون على الأغلب الأولوية التي ستمنحها روسيا للاستيراد بالروبل، ما يعني فرصة أكبر للتصدير بالدول التي تقبل الروبل ومن بينها مصر.
منذ خمس سنوات ماضية بدأت دول الأعضاء بمجموعة البريكس التي تضم 5 دول هي الصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل في التعامل الجزئي بالعملات الوطنية في المعاملات التجارية فيما بينهم.
سوف تشهد مجموعة البريكس انضمام دول صديقة في الفترة المقبلة، ما يزيد من توسعة التعامل بالعملات بين قاعدة من الدول أكبر مستقبلا.
في أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الصيني تشي جي بينج انتهاء عالم أحادي القطب، وأن العالم متعدد الأطراف والمراكز الدولية.
كيف تستفيد مصر؟
“أمام مصر فرصة للحصول على المنتجات البترولية الروسية بأسعار خاصة في ظل القيود المفروضة على روسيا من أوروبا والولايات المتحدة باعتبارمصر من الدول الصديقة لروسيا وهو ما يحقق مصلحة متبادلة للدولتين في ظل التعامل بالجنيه والروبل”، وفق قول الدكتور فرج عبدالله.
من جانبه يرى الدكتور حلمي:” أن التعامل بين الجانبين سوف يفتح آفاق جديدة ليتزايد حجم التبادل التجاري مستقبلا وبصورة متوازنة بما يفتح الباب أمام زيادة الصادرات المصرية مستنده على أفضيلة تلبية الاحتياجات دون الاحتياج للدولار”.
هل تتأثر موارد مصر الدولارية من استخدام السياح الروس للروبل؟
مخاوف تراجع العائدات السياحية من الدولار بعد إمكانية السائح الروسي استخدام الروبل أو الجنيه ببدها الدكتور فرج موضحا أن استخدام السائح الروبل في المقاصد السياحية المصرية يوفر العملة الروسية لدفع فاتورة ما يتم استيراده من روسيا.
اكمل قائلا :”بخلاف أن إمكانية التعامل بالروبل أو الجنيه سوف يزيد أعداد السائحين الروس وهو ما يحسن العائد المستخدم في تلبية الاحتياجات بالعمله نفسها ما يصب إيجابا في الاحتياطي النقدي خاصة مع تخفيف الضغط على الدولار”.
هل اقتربت نهاية البترودولار؟
هناك أيضا محاولات دولية لفك ارتباط الدولار بالبترول فيما يعرف بنظام “بترو دولار” والذي أنشأته الولايات المتحدة عقب انتهاء اتفاقية بريتون وودز لسنة 1971 التي كانت تستهدف تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي، وتم فيها تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي أمام الذهب.
توقعات بتحسن الجنيه
بحسب توقعات فرج تحسن وضع الجنيه أمام الدولار في الفترة المقبلة خاصة مع احتمالية قيام الصين باتباع النهج الروسي في إدراجه ضمن قائمة أسعار صرف العملات في البنك المركزي الصيني في الفترة المقبلة.
تستخدم دول العالم خمسة عملات لتسوية المعاملات التجارية تشمل الدولار والجنيه الاسترليني واليورو واليوان الصيني والين الياباني.
يأتي الجنيه في المرتبة السادسة عشر في قائمة أسعار صرف العملات بالبنك الروسي عقب اليور والدولار الأمريكي، وتبلغ قيمته 2.29 روبل.
“عند اعتماد دولتين عملاتهم للتعاملات البينية، فهناك مقومات لتحديد سعر صرف العملتين بينها الأسعار العالمية للبترول والغذاء والعرض والطلب على الروبل مقابل الجنيه”، وفق رؤية عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع.
الاستثمارات الروسية بقناة السويس
من المتوقع أن تمهد خطوة اعتماد الجنيه في روسيا الطريق نحو ضخ الاستثمارات في المدينة الصناعية الروسية بمنطقة قناة السويس الاقتصادية والمتوقع أن تكون مدينة صناعية متكاملة خلال الـ5 إلى 7 سنوات المقبلة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا