يجب الاعتماد على السياسة المالية لحفز الاقتصاد وتعديل الموازين التجارية بدلا من السياسة النقدية
التعريفات المتبادلة لن تقلل الاختلالات التجارية الإجمالية لكنها تحول التجارة إلى مكان آخر
حذر 3 من كبار الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى البلدان من الاعتماد بشدة على تخفيف السياسة النقدية وخفض قيمة العملات وقالوا إنهما ليسا «المطرقة ولا السندان» فى الجهود الرامية إلى تنشيط الاقتصادات.
ومع تباطؤ النمو العالمى وانخفاض التضخم، خفضت مجموعة من البنوك المركزية فى الآونة الأخيرة أسعار الفائدة لدعم اقتصاداتها، بينما يتوقع أن يحذو حذوها آخرون، مثل البنك المركزى الأوروبى، فى وقت لاحق من هذا العام.
ويقلل خفض أسعار الفائدة من تكلفة الاقتراض على أمل تشجيع المستهلكين والشركات على الإنفاق والاستثمار أكثر.
ومع ذلك، فى مدونة نشرت يوم الأربعاء، حذر كبار خبراء الاقتصاد فى صندوق النقد الدولى جيتا جوبيناث ولويس كوبيدو وجوستافو أدلر من أن الزيادة الأخيرة فى التيسير النقدى لدى كل من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة خلقت مخاوف بشأن ما يسمى سياسات «الجار المتسول» و مخاوف من حرب العملات.
ويشير مصطلح «الجار المتسول» إلى السياسة التى تتبعها دولة لزيادة تجارتها الخارجية مع الإضرار بجيرانها أو شركائها التجاريين.
وفى حين أن التيسير النقدى يمكن أن يساعد فى تحفيز الطلب المحلي، ويفيد البلدان الأخرى عن طريق زيادة الطلب على سلعها، فقد أعرب صندوق النقد الدولى عن قلقه بشأن خفض أسعار الصرف، وهذا يجعل الصادرات أكثر قدرة على المنافسة ويقلل من الطلب على واردات البلدان الأخرى مع ارتفاع أسعارها، وهو تأثير يُعرف باسم «تبديل الإنفاق».
وأصبح تخفيض قيمة العملة نقطة محورية للتوترات التجارية العالمية، ففى وقت سابق من هذا الشهر، اتهمت الولايات المتحدة الصين رسميًا بالتلاعب بالعملة، وفى يونيو، هاجم الرئيس دونالد ترامب رئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى بسبب تأثير تعليقاته «الحمقاء» على قيمة اليورو مقابل الدولار.
وقال خبراء صندوق النقد الدولى «مع وجود مساحة نقدية تقليدية محدودة لبعض الاقتصادات المتقدمة، حظيت قناة التسهيل النقدى هذه باهتمام كبير».
أضافوا أنه «لا ينبغى للمرء أن يثق بشدة فى الرأى القائل بأن تخفيف السياسة النقدية يمكن أن يضعف عملة البلد بما يكفى لتحقيق تحسن دائم فى ميزانها التجارى من خلال تحويل الإنفاق».
وخلصوا إلى أنه من غير المرجح أن تستطيع السياسة النقدية وحدها تحفيز «التخفيضات الكبيرة والمستمرة» اللازمة لتحقيق هذا التحسن الدائم، مع التركيز على أن تأثير تحويل الإنفاق على ضعف العملة هو الحد الأدنى عمومًا.
ويؤدى خفض العملة بمعدل %10 فى المتوسط إلى تحسين الميزان التجارى للبلد بحوالى %0.3 من الناتج المحلى الإجمالى خلال فترة 12 شهرًا، وذلك أساسًا نتيجة انكماش الواردات، مع ملاحظة، أن غالبية فواتير التجارة يتم تحريرها بالدولار.
وقال الخبراء إنه على مدار 3 سنوات، يرتفع تحسن الميزان التجارى إلى %1.2 من الناتج المحلى الإجمالى حيث تستجيب الصادرات بشكل أكثر جدوى لتحركات سعر الصرف، على الرغم من أن «تأثير التحويل الكامل للإنفاق يظل متواضعًا نسبيًا».
الرسوم العكسية
وقال موقع سى إن بى سى إن خبراء صندوق النقد الدولى الثلاثة استهدفوا أيضًا ما اعتبروها خيارات السياسة العكسية التى اتخذها صناع السياسة لتخفيف المبالغة فى تقييم العملة، مثل فرض تعريفة جمركية على الواردات من البلدان التى يُنظر إليها على أنها ذات قيمة عملات منخفضة.
أبرز الاقتصاديون أن التعريفات وأسعار الصرف تعمل بشكل مختلف، حيث إن تعريفة %10 لن تعوض بالضرورة عن المبالغة فى تقدير سعر الصرف بنسبة %10، وأشاروا إلى مثال التطورات الأخيرة فى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وقال الاقتصاديون: «منذ أوائل عام 2018، زاد متوسط التعريفة الأمريكية على البضائع المستوردة من الصين بنحو 10 نقاط مئوية، وسيزداد بمقدار 5 نقاط مئوية أخرى إذا تم تنفيذ الخطط المعلنة مؤخراً لفرض رسوم إضافية».
«وفى الوقت نفسه، انخفض سعر صرف الرنمينبى بحوالى %10 مقارنة بالدولار، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى هذه الإجراءات التجارية والشكوك المرتبطة بها – سمحت المرونة المتزايدة للرنمينبى بأن تكون عازلة ضد الصدمات التجارية».
وقد يظن البعض أن تأثير ارتفاع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية سوف يقابله دولار أقوى حيث تصبح البضائع الصينية أرخص، لكن الواقع أن هذا لم يحدث والمستوردون والمستهلكون الأمريكيون يتحملون عبء هذه التعريفات.
وأضاف خبراء الصندوق «السبب: كان لقوة العملة الأمريكية تأثير ضئيل حتى الآن على أسعار الدولار التى يتلقاها المصدرون الصينيون بسبب أن الفواتير بالدولار».
بالإضافة إلى ذلك، أوضح خبراء صندوق النقد الدولى أن التعريفات الثنائية من غير المرجح أن تقلل من الاختلالات التجارية الإجمالية، بدلاً من ذلك فإنها ببساطة تحول التجارة إلى مكان آخر وتضر بالنمو المحلى والعالمى عن طريق استنزاف ثقة الأعمال والاستثمار وتعطيل سلاسل التوريد وزيادة التكاليف للمنتجين والمستهلكين.
الحلول
دعا خبراء صندق النقد الدولى الدول التى تعانى من العجز التجارى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى تقليل العجز فى الميزانية دون التضحية بالنمو، والتحرك لتعزيز القدرة التنافسية لصناعاتها التصديرية، بدلا من سياسة الاعتماد على الرسوم الجمركية.
كما اقترحوا تحسين الاستثمار فى مهارات القوى العاملة وتشجيع الادخار مدى الحياة.
وبالنسبة للبلدان ذات الفائض المالى مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية، اقترحت توسيع السياسة المالية من أجل زيادة الاستثمار فى البنية التحتية، مع تبنى إصلاحات تشجع الاستثمار الخاص مثل الحوافز الضريبية على البحث والتطوير أو تخفيض الحواجز أمام الدخول فى المهن المنظمة.
وأشاروا إلى أن ألمانيا غيرت لهجتها الأسبوع الماضى بشأن التحفيز المالى المحتمل، حيث قال وزير المالية الألمانى أولاف شولز إن الحكومة مستعدة لضخ 55 مليار دولار إذا دخل الاقتصاد فى حالة ركود.
ودعا خبراء الصندوق الصين إلى إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، وفتح المزيد من القطاعات أمام الاستثمار الخاص والأجنبى وإزالة العوائق أمام التجارة.
وحث الصندوق كلاً من الدول ذات الفائض والعجز على إيجاد حلول دائمة للنزاعات التجارية لمعالجة المخاوف بشأن إعانات التصدير وضعف حماية الملكية الفكرية.
وقال إن هناك مشاكل خطيرة يجب مواجهتها مثل تزايد عدم المساواة والنمو البطيء.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا