ملفات

تأثيرات إقليمية لضريبة القيمة المضافة فى الخليج

الدخل

تراجع متوقع للتحويلات المالية ولبنان والأردن ومصر أكبر المتضررين  دول خليجية تدرس رفع الضريبة إلى %10

%2.5 إلى %3 معدل الضريبة الفعلى بسبب الإعفاءات وقصور التحصيل

%5 مساهمة التحويلات الخارجية فى الناتج المحلى اﻹجمالى المصرى

الإمارات تحقق أفضل العائدات المنتظرة نتيجة ارتفاع دخول زوارها

%60 من إجمالى التحويلات إلى لبنان تأتى من الخليج

%39 من شركات الخليج سرحت موظفين

 

كان يناير الماضى هو الموعد المحدد لتطبيقة ضريبة القيمة المضافة بنسبة %5 فى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بينما باقى دول مجلس التعاون الخليجى ستبدأ التنفيذ فى النصف الثانى من عام 2018 وخلال 2019.

ومع دخول تلك الضريبة حيز التنفيذ تنشأ أوضاع جديدة فى الدول التى اعتاد المواطنون فيها والوافدون أيضا على عدم دفع ضرائب.

وستؤدى الضريبة وغيرها من الرسوم التى ستفرضها تلك الدول إلى تحسن مالياتها العامة وتنوع إيراداتها التى تعتمد حاليا على النفط بشكل أساسى، لكن تأثيرها لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيتخطاه ويتخطى الحدود الخليجية إلى التأثير فى البلدان التى ترسل أبناءها للعمل هناك وتتلقى التحويلات منهم لتعزيز اقتصادياتها.

وتعتمد اقتصادات بعض أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على دول مجلس التعاون الخليجى بعدة طرق.

ولفت تحليل لمجموعة استراتيجية الأسواق الحدودية «فورنتير استراتيجى جروب» الانتباه إلى أن دولا مثل لبنان والأردن ومصر تعتمد بشكل من الأشكال على دول مجلس التعاون الخليجى فى مجالات الاستثمار والسياحة، وفى الأساس تعتمد عليها فى النصيب الأكبر من تدفقات التحويلات المالية فى الوقت الراهن.

وتستهدف بعض الضرائب التى ستطبقها دول مجلس التعاون الخليجى الوافدين بشكل خاص، لتجنب الآثار السلبية فى حال تطبيقها على مواطنى تلك الدول.

وتقول الرياض إنها أعفت المؤسسات الطبية والأدوية الأساسية والمعدات الطبية من الضريبة فى حين تتوقع حصيلة فى أول عام تصل إلى 35 مليار ريال بما يعادل 9 مليارات دولار بحسب تقرير لموقع مييد الاقتصادى.

وقال بحث لمؤسسة بى أم أى نشرت صحيفة جلف نيوز تقرير عنه إن الإمارات ستحقق أفضل العوائد من تطبيق الضريبة بفضل اتساع قاعدة المستهلكين من ناحية ومن ناحية أخرى لأن زوراها على مدار العام هم من طبقة الأثرياء.

وتأمل الإمارات فى نجاح خطتها للتخلى عن البترول كمصدر رئيسى للدخل حيث لا يزال يمثل نحو %38.2 من العائدات بحسب بيانات 2016 وذلك عبر تنويع مصادر الدخل الحكومى.

وبحسب صحيفة خليج تايمز فإن ضريبة القيمة المضافة سوف تزيد الإيرادات الحكومية فى المتوسط ​​بنحو %1.7 إلى %2 من الناتج المحلى الإجمالى، إذا وصل معدل كفاءة التحصيل من %50 إلى %60.

وستعكس النسبة فى هذا النطاق معدل ضرائب فعلى يتراوح بين %2.5 إلى %3 أى أقل من المعدل القانونى البالغ %5، بسبب أوجه القصور الإدارية المتوقعة، ورغبة البلدان فى إعفاء قطاعات مختارة وفقا لما ذكرته تقارير وكالة التصنيف الدولية استاندر آند بورز.

وأشار تريفور كولينان، المحلل لدى شركة ستاندرد آند بورز فى دبي، إلى أن التناقض بين المعدلات الضريبية القانونية ومعدل الفاعلية من شأنه أن يؤثر على مناقشات يجريها حاليا صناع السياسات بشأن زيادات أسعار الضريبة على القيمة المضافة فى المستقبل لتصل إلى %10 فى بعض بلدان مجلس التعاون الخليجى. ومع زيادة ضريبة القيمة المضافة بهذا الحجم فمن المرجح أن يرتفع سعر الضريبة الفعلى إلى نسبة تترواح من %5 الى %6 ومن المرجح أن ترتفع الإيرادات الحكومية بنسبة %1.7 إلى %2 إضافية من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط. غير أن تقرير الوكالة الدولية لم يذكر متى يمكن لحكومات دول مجلس التعاون الخليجى رفع معدل الضريبة إلى هذه النسبة الكبيرة.

 

ويتوقع كولينان أن تنتظر البحرين حتى وقت لاحق من هذا العام وعمان حتى عام 2019 لفرض ضريبة القيمة المضافة بسبب القيود الناجمة عن ضعف القدرات الإدارية لتطبيقها.

وقد فرضت بعض البلدان المصدرة للبترول غير الخليجية الكبيرة ضريبة القيمة المضافة من %5 إلى %17، وضرائب الشركات من %20 إلى %35 وضريبة الدخل بين %10 و%35 لتوسيع إيراداتها. غير أن البحرين فرضت ضريبة على الشركات تراوحت بين %10 و%20 على الشركات غير البترولية المملوكة للأجانب.

ووفقا لمحللى وكالة التصنيف الدولية فإن فرض المزيد من الضرائب على الشركات، والأفراد والتحويلات، سيمكن دول مجلس التعاون الخليجى من زيادة الإيرادات الحكومية بنسبة تصل إلى %4.5 حيث إن المنطقة لديها مجال لتوسيع القاعدة الضريبية بسبب انخفاض الإيرادات الضريبية وفقا للمعايير الدولية.

وبحسب تقدير الوكالة فإن توسيع سلطات مجلس التعاون الخليجى قواعدها الضريبية بشكل كبير من خلال تطبيق ضريبة الشركات بنسبة %15 مثلا، وضريبة الدخل الشخصى بنسبة %15 وضريبة التحويلات بنسبة %5، فإن ذلك سيزيد الإيرادات الحكومية فقط بما يتراوح بين %3 و%4.5 من إجمالى الناتج المحلى.

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» تنفيذ ضريبة جديدة على الشركات أو ضريبة دخل على الوافدين، وسيتم التدرج مع السكان المحليين فقط بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى يمكن أن تترتب على ذلك. وأضافت ان بعض دول مجلس التعاون الخليجى قد تفضل عدم فرض ضرائب جديدة لمحاولة الحصول على ميزة اقتصادية تنافسية.

ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى، فإن ضريبة الشركات بنسبة %15 على جميع الشركات غير البترولية فى مجلس التعاون الخليجى، المحلية منها والمملوكة للأجانب على السواء، يمكن أن تولد إيرادات حكومية تبلغ %3 من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تحقق ضريبة الدخل بنسبة %15 على العمالة الوافدة إيرادات حكومية تبلغ %2 من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط، وهذا يتوقف على حجم المغتربين.

وفى حين أن ضريبة ثالثة محتملة تدرسها بلدان مجلس التعاون الخليجى – وهى ضريبة التحويلات الخارجية لن تحقق عائدات تبلغ سوى %0.3 من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط ​​على أساس معدل ضريبى قدره %5.

وتقدم لغة الأرقام لغة صادقة لأهمية التحويلات كعامل مهم فى اقتصادات لبنان والأردن ومصر فبين عامى 2010 و2016، كانت التحويلات كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى %15.4 و%11.3 و%5 على التوالى.

وبالنسبة للبنان، فإن %60 من إجمالى التحويلات المالية تأتى من الخليج، فى حين أن النسبة الأعلى فى الأردن تبلغ %70. أما بالنسبة لمصر، فإن %47 من العاملين فى الخارج يقيمون فى الخليج، ويبلغ مجموعهم نحو 4.4 مليون، منهم 2.9 مليون فى المملكة العربية السعودية وحدها.

كما زادت أهمية التحويلات المالية فى السنوات القليلة الماضية فى وقت عانت اقتصادات كل من مصر والأردن ولبنان من عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، وبالتالى ازداد اعتماد العديد من العائلات على الدخل الخارجى، فى حين تضاءلت العمالة المحلية وتراجع معدل نمو الأجور.

ويواجه هؤلاء المغتربون تحديات عديدة فى دول مجلس التعاون الخليجى فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أدت عوامل عديدة إلى تضييق آفاق المستقبل بالنسبة للأجانب اللبنانيين والأردنيين والمصريين العاملين فى دول مجلس التعاون الخليجى. وقد تباطأ نمو الاستثمار فى دول مجلس التعاون الخليجى بسبب انهيار أسعار البترول، فضلا عن شعور الشركات متعددة الجنسيات بالقلق تجاه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ما أدى إلى انخفاض وتيرة النمو فى مراكز الإدارة الإقليمية فى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وتراجع الطلب على العمالة الوافدة فى جميع مستويات المهارات وعلاوة على ذلك، فإن ارتفاع تكاليف المرافق والوقود، وإدخال رسوم الوافدين والموظفين المقيمين فى الخارج، يزيد من رسوم الخدمات الحكومية، وقد أدت ضريبة القيمة المضافة إلى زيادة تكاليف المعيشة للوافدين فى دول مجلس التعاون الخليجى، ما قد يحد من حجم التحويلات التى يرسلونها إلى بلادهم.

وكانت تدفقات التحويلات المالية فى حالة ركود منذ سنوات بسب انخفاض أسعار البترول، ما أدى إلى تباطؤ النمو فى دول مجلس التعاون الخليجى، ولكن هذه الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الحكومات الخليجية مؤخرا ستزيد من الضغط على تكاليف المعيشة للوافدين والتحويلات التى يرسلونها إلى بلدانهم.

وقال التقرير إنه بالنظر إلى التطورات الأخيرة، فمن المرجح أن يتباطأ تدفق التحوىلات الخارجة من الخلیج إلل هذه البلدان فى عام 2018 لكن من الصعب التأكيد على تأثير واضح على الناتج المحلى الإجمالى فى هذه الأسواق، ويظهر البحث وجود علاقة إيجابية بين تدفقات التحويلات الداخلية والاستهلاك الخاص ولا سيما بالنسبة للبنان.

ويعانى لبنان مع المخاطر المحتملة للتوترات السياسية التى تدفع حكومات دول مجلس التعاون الخليجى إلى منع مواطنيها من زيارة لبنان لكن سيظل الاقتصاد اللبنانى يعتمد بشكل كبير على التطورات الخليجية.

وقد تكون مصر قادرة على تعويض تباطؤ التحويلات من دول مجلس التعاون الخليجى مع تحسن طفيف فى تدفقات التحويلات من الولايات المتحدة وأوروبا، والتى من المتوقع أن تشهد نموا قويا فى عام 2018.

وبالإضافة إلى تدفقات التحويلات المباشرة، فإن الأثر غير المباشر لتباطؤ دول مجلس التعاون الخليجى هو أنه يخلق ضغطا هبوطيا على الأجور فى مصر ولبنان والأردن. ومع تباطؤ تدفق العمالة من هذه البلدان وكذلك عودة بعض الوافدين إلى بلدانهم الأصلية، فإن هذه الظروف مجتمعة تؤدى إلى توافر العمالة من ذوى الخبرة مع الضغط على نمو الأجور فى نفس الوقت.

ويجب الإشارة الى ان دولة الإمارات العربية المتحدة هى سادس أكبر دولة كمصدر للتحويلات فى العالم، حيث يرسل المغتربون فى البلاد أكثر من 19 مليار دولار (70 مليار درهم) كل عام إلى الأصدقاء والعائلات فى الوطن.

وتبقى الولايات المتحدة فى المركز الأول كأكبر مرسل للتحويلات بحوالى 56.3 مليار دولار وتحتل السعودية المرتبة الثانية عند 36.9 مليار دولار، يليها روسيا بـ32.6 مليار دولار وسويسرا بـ24.7 مليار دولار وألمانيا بـ20.8 مليار دولار.

ويمكن تصنيف معظم الـ7.8 مليون وافد فى دولة الإمارات بحسب الجنسيات إلى الهند والمملكة المتحدة ومصر والفلبين وبنجلاديش وباكستان وإندونيسيا وسريلانكا واليمن وفقا لكتاب حقائق البنك الدولى حول الهجرة والتحويلات.

ووفقا لتدفقات التحويلات المالية العمالية، فإن التدفقات الكلية الخارجة البالغة 70 مليار درهم تمثل %4.8 من الناتج المحلى الإجمالى للإمارات.

ويشكل الوافدون أكثر من %70 من القوة العاملة فى البلد، وبالتالى، مع ما سبق، يمكن أن تؤثر ضريبة القيمة المضافة على تدفق الحوالات المالية فى الإمارات العربية المتحدة على كل من المستهلكين وأعمال تحويل الأموال.

وتشير دراسة لمؤسسة هايز للتوظيف وإلحاق العمالة إلى أن %39 من الشركات الخليجية سرحت عددا من الموظفين لديها فى العام الماضى فى محاولة للحد من تكاليف العمالة على أصعدة مختلفة منها تكاليف المعيشة والرعاية الصحية والنقل وغيرها.

وتمثل الإعفاءات جزء مهم من عملية التطبيق لكن ما يهم جيران دولة مثل المملكة العربية يزورها سنويا نحو 10 ملايين شخص كحجاج أو معتمرين أن الهيئة العامة للزكاة والضرائب السعودية أعلنت انها تعمل على وضع آلية تسمح برد ضريبة القيمة المضافة إلى السياح لعدم الإضرار بالتجار المحليين.

وقال حمود الحربى مدير مركز عمليات ضريبة القيمة المضافة فى الهيئة إنه وفقا للأنظمة التنفيذية، يمكن للشركات إعادة ضريبة القيمة المضافة إلى الزوار على المنتجات يأخذونها إلى بلدانهم.

وأضاف سيتم تحديد هذه الآلية فيما بعد وأنهم ما زلوا يعملون على وضع تصور لهذه العملية والآليات والقواعد التى يتم بموجبها رد المبالغ ففى فبعض البلدان، على سبيل المثال، تحدد مبلغ رد الضريبة إذا كانت نسبة الضريبة المخصومة فوق 100 يورو.

وفى بعض الدول مثل فرنسا لتشجيع السياح على الانفاق تقوم برد نسبة من الضرائب اذا كانت مشتريات السائح فوق مستوى معين وذلك لدى خروجه من المطار حيث خصصت مكتب لعرض الفواتير واسترداد المستحقات المالية.

لكن تطبيق نظام رد الضرائب على المشتريات السياحية لم يتم فى يناير مع بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة على نطاق واسع فى جميع أنحاء المملكة لأنه لم يتم الانتهاء منه بعد.

وسيتعين على جميع السياح الآخرين تقديم طلب للحصول على ضريبة القيمة المضافة الخاصة بهم خلال رحلتهم فى المملكة العربية السعودية عدا مواطنى مجلس التعاون لأنهم لا يخضعون لهذا النظام.

وتأتى هذه الخطوات كجزء من برنامج إصلاح أوسع يهدف إلى تنويع مصادر الدخل الحكومى فى ظل انخفاض أسعار البترول نسبيا فى وقت يشعر المديرون التنفيذيون فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقلق إزاء تأثير ضريبة القيمة المضافة إلى جانب ارتفاع تكاليف المرافق العامة والرسوم الحكومية وضعف نمو الأجور على بيئة الأعمال حيث يستعدون لانضغاط هوامش الربح وتراجع الاستهلاك العام الحالى.

ويؤكد تقرير لصحيفة دبى كرونيكل الالكترونية الناطقة باللغة الإنجليزية أن تطبيق الضريبة لم يؤثر سلبا على الثقة فى الاقتصاد الخليجى خصوصا أنها تأتى ضمن خطة إصلاح يقلص دعم الطاقة ويزيد من دور القطاع الخاص فى الاستثمارات بناء على بحث أجرته مؤسسة جى أى سى أس أجاب على تساؤلاته 250 شخصا من المديرين والرؤساء التنفيذيين لشركات عالمية كبرى.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

الحكومة تقترب من إعداد الخطة الاستراتيجية الاستثمارية للدولة

اقتربت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية من الانتهاء من صياغة الخطة...

منطقة إعلانية