تسعى المملكة العربية السعودية للتحول إلى مركزا عالميا لصناعة السيارات الكهربائية مستغلة في ذلك مئات المليارات التي يتحكم بها صندوق الاستثمارات العامة السعودي والبالغ قيمته نحو 700 مليار دولار.
استثمرت المملكة ما لا يقل عن 10 مليارات دولار في شركة لوسيد موتورز ومقرها الولايات المتحدة، وأنشأت شركة سير، العلامة التجارية السعودية الخاصة، وبنت مصنعًا للسيارات.
يستهدف الصندوق إنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول عام 2030، ارتفاعًا من هدف 150 ألفًا في عام 2026.
وعلى الرغم من تلك الخطط الطموحة إلا أنه وبحلول ديسمبر الماضي، كان مصنع السيارات الوحيد الذي تم افتتاحه في المملكة، في سبتمبر قد أعاد تجميع حوالي 800 سيارة فقط.
يذكر ذلك بمحاولات سابقة للدولة النفطية لمحاولة جذب صناعة السيارات لأراضيها، حين رفضت شركة تويوتا اليابانية صفقة سعودية في عام 2019، متعللة بارتفاع تكاليف العمالة حينها، إلى جانب أسباب أخرى من بينها نقص الموردين المحليين، وصغر حجم السوق.
يبلغ إجمالي عدد سكان الممكلة العربية السعودية نحو 32.2 مليون نسمة، بحسب موقع هيئة الإحصاء السعودية.
محاولات السعودية لاستقطاب صناعة السيارات jأتي في وقت يبتعد فيه العالم عن السيارات التي تعمل بمشتقات النفط، الممول الأول للاقتصاد السعودي منذ ما يزيد عن ثمانية عقود.
بحسب المحللين فإن هناك العديد من العقبات التي يجب على السعودية التغلب عليها، من بينها المنافسة الشديدة.
“هناك منافسة هائلة ستواجهها البلاد من مراكز التصنيع القوية ومن سلاسل التوريد القائمة، ويجب أن يتم تنفيذ الكثير من الأشياء قبل أن تتشكل هذه الصناعة وتشتعل بالفعل”، بحسب محلل التصنيع والتنقل العالمي المتقدم في EY، غوراف باترا.
تهيمن الصين على سلسلة التوريد الجديدة وكذلك إنتاج السيارات الكهربائية، إذ أصبحت شركة BYD الصينية أكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم بعد أن تجاوزت شركة تسلا.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، تتمثل إحدى أكبر الصعوبات في جذب منتجي مكونات السيارات، أي شيء من أبواب السيارات إلى المحركات، عندما لا تكون هناك صناعة محلية كبيرة لتوريدها.
تخطط شركة تصنيع السيارات الكهربائية المحلية “سير”، وهي مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة Foxconn التايوانية، لإطلاق سيارة بحلول عام 2025، لكنها لم تقم ببناء مصنعها بعد.
“من غير المرجح أن يكون لدى الشركة سيارة على الطريق قبل عام 2026″، بحسب مصدر بشركة “سير” تحدث لـ”رويترز”.
تصريحات المصادر السعودين تأتي متوافقة أيضا مع شكوك المحللين في النتائج المبكرة للخط السعودية.
“لا نؤمن بأرقام الإنتاج السعودي المرتفعة، لأن هذا الإنتاج المحلي المرتفع سيتطلب صادرات كبيرة من المنطقة، وهذا ممكن، لكننا لا نرى أن هذا يحدث ضمن أفق توقعاتنا”، بحسب الخبيرة في شركة ستاندرد آند بورز جلوبال موبيليتي، تاتيانا هريستوفا.
أعلنت شركة هيونداي الكورية الجنوبية لصناعة السيارات وصندوق الاستثمارات العامة عن مشروع مشترك لبناء مصنع لمحركات الاحتراق الداخلي والمركبات الكهربائية، والذي من شأنه، مع شركتي لوسيد وسير، إنشاء مجموعة من المصانع في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في جدة.
ستحصل شركة “سير” على مكونات من شركة “بي إم دابليو” الألمانية، بما في ذلك البطاريات، وهي الجزء الوحيد الأكثر كلفة في السيارة الكهربائية.
ترى “هريستوفا” إن ذلك لن يكون كافيا لإقناع مصنعي المعدات الأصلية بالتوطين المحلي.
قال نائب الرئيس العالمي لشركة لوسيد فيصل سلطان في ديسمبر لـ”رويترز” إن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى وجود الموردين المهمين، وأن مصنعها السعودي يقوم فقط بإعادة تجميع السيارات ومن ثم اختبار جودتها في موقع الشركة في أريزونا.
قال مسؤول تنفيذي من قطاع تصنيع السيارات السعودي إن نهج الشركة، المتمثل في الحفاظ على سلسلة التوريد وتصنيع السيارات في الولايات المتحدة، قد يحفز شركات أخرى على إنشاء مواقع إعادة التجميع للحصول على حوافز سعودية مربحة للتوطين.
أضاف المسؤول إن هذا قد يعيق التوسع في التصنيع المحلي حيث ستواصل البلاد استيراد السيارات الأجنبية الصنع.
قال مسؤولون سعوديون العام الماضي إنهم يأملون أن تصبح المملكة مركزا لتصنيع وتوريد بطاريات السيارات الكهربائية.
لكن لتحقيق ذلك تحتاج إلى مواد خام، أبرزها الليثيوم، الذي قال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد بن صالح المديفر لـ”رويترز” إنه أحد المعادن التي تسعى المملكة إلى إنتاجها، على الرغم من عدم الإعلان عن احتياطيات.
قال روبرت ويلت، الرئيس التنفيذي لشركة التعدين المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة معادن، إن محاولات استخراج الليثيوم من المياه المالحة كانت في المرحلة التجريبية.
“لدينا صناعة سيارات آخذة في الظهور في المملكة وستتطلب مواد بطاريات السيارات الكهربائية. ربما لن نجد ذلك في الوقت المناسب مع بناء المصانع، لذا يتعين علينا أن نذهب إلى الخارج ونحصل عليها”، قال ويلت.
طلق صندوق الاستثمارات العامة في يناير من العام الماضي مشروع منارة للمعادن، وهو مشروع مشترك مع شركة معادن، لتأمين المعادن من الخارج.
يقول المسؤولون التنفيذيون في الصناعة الدولية إنه مهما كانت العقبات، فإن المملكة العربية السعودية يمكن أن تمتلك الموارد المالية اللازمة للتغلب عليها.
“أنا لا أستبعد صندوق الاستثمارات العامة لأن لديهم قدرًا هائلاً من الموارد”، بحسب آندي بالمر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة أستون مارتن.
“المال يمكن أن يحل أي شيء تقريبا، لكنه سيكون أكثر بكثير مما يعتقده الجميع في البداية”، أضاف آندي بالمر.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا