من المثير للدهشة أن بنك الاحتياطى الهندى والأسواق ومكتب رئيس الوزراء، اتفقوا على حاجة الدولة إلى استقرار السياسات، حتى فى ظل الحملة الانتخابية الوطنية التى تجرى على قدم وساق، والإغراءات المتمثلة فى تقديم أعظم الهبات السخية.
وهذا إنجاز كبير بالنسبة لبلد كان قبل 11 عامًا واحدًا من اقتصادات الأسواق الناشئة «الخمسة الهشة» التى رأى «مورجان ستانلى» أنها معرضة لاحتمالية هروب رؤوس الأموال.
كان ذلك قبل وقت قصير من فوز رئيس الوزراء ناريندرا مودى الأول فى الانتخابات الوطنية.
واليوم، أصبح لدى الدولة، التى بدت احتياطياتها الأجنبية غير كافية، حوالى 600 مليار دولار فى البنوك لتخفيف أى صدمات.
وذكرت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية أن اقتصاد الهند لم يكن أفضل حالاً قبل ذلك، فالدولة تعد الآن أسرع الاقتصادات الكبرى نموًا فى العالم وتتفوق على الصين للمرة الأولى.
وتسجل الهند الآن معدلات نمو سنوية تتجاوز %7، بينما ستواجه الصين، التى تتصارع مع الديون والانكماش والعوامل الديموغرافية، ضغوطاً شديدة لتحقيق هدفها الرسمى المتمثل فى تحقيق نمو بنسبة «نحو %5» هذا العام.
ومع ذلك فإن الهند تتمتع بميزة النمو من قاعدة أصغر، فيما أصبح الناتج المحلى الإجمالى للصين الآن أكبر بنحو خمسة أضعاف.
ولابد أن يعود الفضل فى الأداء الاقتصادى المتفوق فى الهند إلى حكومة مودى وبنك الاحتياطى الهندى، الذى أصبح تكنوقراطيًا على نحو متزايد فى الأعوام الأخيرة.
وفى أغلب الأسواق المتقدمة، حيث تتمتع البنوك المركزية بالاستقلال الاسمى، فإن من بين مسئولياتها تجنب تشكل الفقاعات، أو على الأقل تحديدها فى وقت مبكر.
ومن ناحية أخرى، يحب الساسة أن ترتفع الأسواق، فكلما حدث ارتفاع كلما كان ذلك أفضل، ويكرهون أن بلعب البنك المركزى دور المفسد.
وبالتالى فإن البنوك المركزية تشكل هدفاً واضحاً، سواء كان ذلك من أجل ملاحقة سياسات مالية سهلة تؤدى بعد ذلك إلى تحفيز التضخم أو عكس تلك السياسات وتحمل المسؤولية عن التسبب فى الركود.
يذكر أيضًا أن إدارة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبى تأتى ضمن الوظائف الأساسية لأى بنك مركزى، فهى مسؤولية واضحة نسبيًا.
ويتعين على البنوك المركزية أن تحتفظ بأموالها لممارسة نفوذها على قيمة عملاتها، سواء لدعمها عندما تتعرض للهجوم أو لمنعها من تعزيز قوتها أكثر مما ينبغى وتقويض المصدرين.
وعلى نحو متزايد، من المتوقع أيضًا أن تساهم إدارة الاحتياطيات فى الثروة السيادية لضمان أمن وازدهار الأجيال القادمة، خاصة فى الأنظمة التجارية التى تسعى إلى مراكمة فوائض كبيرة فى الحساب الجارى وفى الدول المصدرة للبترول ذات الكثافة السكانية الصغيرة.
لم يتضح بعد ما هو المستوى الأنسب من الاحتياطيات الأجنبية للهند، فالمخزون الكبير للغاية قد يشكل خطراً بقدر ما قد لا يكون كافياً، نظراً لخطر سوء إدارة الاحتياطيات والتسبب فى خسائر للحكومة.
بالنسبة لأى دولة، هناك أيضاً تحدى متمثل فى عزل البنك المركزى عن الضغوط غير المبررة، سواء من وزارات المالية أو الخزانة أو الساسة، وفى الوقت نفسه ضمان المساءلة ومستوى مناسب من الشفافية.
ويتعين على البنوك المركزية أيضًا دعم القطاعات المصرفية فى بلدانها باعتبارها مقرض الملاذ الأخير، خاصة فى عالم يمكن أن تُفلس فيه البنوك فى غضون دقائق وليست أشهر.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا