كتبت: ميري راغب
عانت مصر في 2023 من صيف حار وسط تقديرات بأنه كان الأكثر سخونة عالميا من 2000 عام، ليرتفع الاستهلاك الكهرباء محليا بما لم يضاهيه كميات الغاز والمازوت المتوفرة لتشغيل محطات لكهرباء، ومنذ ذلك الحين طبق جدول تخيف الأحمال الذي بموجبه تنقطع الكهرباء لمدة تتخطى الساعتين في بعض المناطق.
تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال العامين الأخيرين لينخفض 5% في 2022، و11% في 2023، بحسب مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)
قال وزير البترول الأسبق أسامة كمال، في مكالمة هاتفية مع ايكونومي بلس، إن أزمة الكهرباء، سببها يرجع إلى استمرار اعتماد الدولة على الوقود التقليدي في تشغيل المحطات وهو يرى أن الحكومة تأخرت في توفير بدائل له بدلا من تحميل الدولة فاتورة استيرادية عالية لهذه السلع.
“الاستهلاك المحلي يصل إلى 37 جيجا وات من الكهرباء بحد أقصى، ولكن منهم 7 جيجا وات يتم استيراد المازوت أو الغاز لانتاجهم، بينما تستطيع الدولة استبدال الوقود التقليدي بالطاقة المتجددة، في بعض القطاعات لتقليل ضغط الاستهلاك”، أوضح كمال.
حلول لترشيد الاستهلاك
طرح كمال عدة حلول لبعض من القطاعات التي هي أشد استهلاكا للوقود التقليدي، مثل قطاع صناعة الأسمدة إذ يرى أنه لابد من إنشاء محطات شمسية لكل مصنع لإنتاج الكهرباء الذي يستخدم في عملية التحليل الكهربائي للمياه لإنتاج الهيدروجين اللازم لإنتاج الأسمدة الكيميائية، ليوفر هذا الحل نحو 1.5 مليار قدم مكعب غاز يوميا.
تحفيز استيراد السيارات الكهربائية
اقترح كما أيضا إلغاء ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة لاستيراد أعداد أكبر من السيارات الكهربائية التي ذكر أن محطات شحنها وفرتها الدولة بشكل كبير على أن تأتي الكهرباء للمحطات من الطاقة الشمسية.
هل تحقق الدولة مستهدف مزيج الطاقة؟
“لن تستطيع الدولة الوصول لمخططها المستهدف في 2030 للحصول على مزيح للطاقة بنسبة 42% من الطاقة المتجددة، لتأخرها في تنفيذها، فإذا قدرنا حجم الذي تم تحقيقة منها فهو لا ييتعدى 7%”، بحسب وزير البترول الأسبق.
بلغ نصيب الطاقة المتجددة من الإجمالي 11.5% من الإجمالي بنهاية 2021، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة.
طرح كمال حلا آخر يقتدي بتقنين دور الوزراة كجهاز تنظيمي لمطورين تقسم عليهم مناطق امتياز لإنتاج الكهرباء كما هو الحال في الغاز الطبيعي، على أن تقوم الشركات المطورة بالإنتاج والتوزيع.
وقعت مصر مع 7 اتفاقيات تعاون مع 7 مطورين عالميين وجهات حكومية للاستثمار في مجالي إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بنحو 41 مليار دولار على مدار 10 سنوات في فبراير الماضي بحسب بيان مجلس الوزراء.
في مايو الماضي، بدأت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة إجراءات تخصيص نحو 6 ملايين متر مربع من الأراضي لصالح 7 شركات وتحالفات عالمية لتدشين مشاريع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، ليكون إجمالي قدرتها الإنتاجية 27 ألف ميجاواط، باستثمارات 40 مليار دولار خلال 10 سنوات، وتوازي تلك القدرات نحو 45% من السعة الاجمالية للشبكة الكهربائية المصرية، والتي تصل لنحو 59 ألف ميجاواط حالياً، وفقا لاقتصاد الشرق مع بلومبرج.
هل يمكن رفع دعم الطاقة؟
“الحكومة عليها أن ترفع الدعم عن الوقود لتخفيف الضغط على الفاتورة الاستيرادية، إذ تدعم الدولة لتر كل من الغاز والمازوت بنحو 20 جنيها فوق السعر المتاح في الأسواق، كما توزع يوميا 40 مليون لتر سولار وتدعم الدولة اللتر الواحد بنحو 25 جنيه لتكون فاتورة هذا الدعم حوالي 800 مليون جنيه يوميا”، قال كمال.
أضاف: “اسطوانات البوتاجاز التي يتم بيعها بنحو 100 جنيه سعرها الأصلى 400 جنيه ودعمها يكلف الدولة الفارق ما يثقل كاهلها بنحو 350 مليون جنيه يوميا”.
قال وزير البترول الحالي طارق الملا في تصريحات تليفزيونية لقناة سي بي سي، “إن التحدى الذى يواجهه قطاع الكهرباء الذى يبيع الكيلوات كهرباء بأقل من تكلفته رغم الزيادة الأخيرة في تكاليف التشغيل وسعر الصرف وغيرها تجعله غير قادراً على سداد ثلثى فاتورة شراء الوقود لقطاع البترول بما يعادل تقريباً 120 مليارجنيه سنوياً خاصة مع العجز لديه في تكلفة الكيلوات، ما يشكل تحديات إزاء شراء وقود اضافى لحل مشكلة تخفيف الأحمال لمدة ساعتين”.
في المقابل، يعاني المصريون بالفعل من معدلات تضخم قياسية وانخفاض الدخول، ما يعني أن زيادة أسعار الطاقة سواء محروقات أو كهرباء سيزيد الحمل على كاهلهم خاصة بعدما فقد الجنيه نحو 67% من قيمته خلال العامين الأخيرين، ليبقى حل رفع الدعم صعبا وربما غير قابل للتطبيق.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا