ملفات

نموذج رقمى جديد.. حياة سعيدة للبشر

الذكاء الاصطناعى

على الرغم من بعض القصص المرعبة مثل «قطع تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى للأرزاق» و«تدمير فرص العمل فى المستقبل»، بالإضافة إلى «اختراق الحكومات والشركات لخصوصيات الأفراد من خلال البيانات الشخصية»، إلا أن التقنيات الرقمية يمكن أن تكون أكثر إبداعاً وإنسانية فى نفس الوقت بل ومصدر لسعادة البشر، لكن الكثير من هذه الإمكانيات لاتزال غير مستغلة فى ظل العجلة لتطوير اقتصاد رقمى يهمل فى تصميمه الاحتياجات الأساسية للناس.
وتوفر دراسة مؤسسة «دينتسو للابتكار» نموذجاً جديداً يقوم على الاحتياجات الرقمية الخاص للأفراد يمكن من خلاله بناء استراتيجيات جديدة لتلبية حاجات مثل الاتصال من خلال شبكات موثوقة والتمتع بإحساس متوازن بالرفاهية الشخصية والنظر بشكل إيجابى إلى المستقبل.
ولأسباب اجتماعية واقتصادية، يجب أن يضمن هذا النموذج أن تصبح مثل هذه الاحتياجات هى المبادئ التوجيهية للتطور التكنولوجى فى المستقبل.
العالم وصل إلى مرحلة حرجة فى تطوير الاقتصاد الرقمى، لكن لاتزال هناك فرصة لإعادة توجيهها عن كثب وفقاً للاحتياجات الإنسانية.

جودة الخدمات تضمن نجاح الاعتماد على التكنولوجيا فى التنمية

يمكن حماية الفوائد طويلة المدى للاقتصاد الرقمى عبر التوظيف والتعليم والرعاية الصحية والبيئة فعلى سبيل المثال يجب التركيز على تلبية احتياجات الناس الأساسية بخلاف الاحتياجات النفسية واحتياجات تحقيق الذات والاحتياجات المجتمعية فهى عبارة عن سلسلة الأساسيات المتكاملة.
ويمكن تعريف الاحتياجات الأساسية بأنها الظروف المحيطة الضرورية للأشخاص قبل مرحلة التعامل مع المنتجات والخدمات الرقمية ويمكن قيس الاحتياجات الأساسية من حيث الوصول إلى البنية التحتية الرقمية عالية الجودة «الإنترنت الثابت وشبكات المحمول على وجه التحديد» وكذلك الثقة التى يعبر عنها الأشخاص فى الشركات والحكومات لاستخدام بياناتهم بطريقة مسئولة فيما يتعلق بالخصوصية والأمن، ويعنى انعدام الثقة زعزعة الاستقرار فى الاقتصاد الرقمى وبدون الثقة لن يتم الاستفادة من الإمكانات الكاملة الرقمية.
واستناداً إلى الدراسة الدولية التى شملت أكثر من 43 ألف شخص حول العالم يعتقد أقل من النصف «%49» حاليا أن احتياجاتهم الرقمية الأساسية قد تم تلبيتها، وفى بلدان مثل البرازيل، حيث يبلغ هذا الرقم %35 فقط، تشكل البنية التحتية مصدر قلق رئيسى للناس، بينما فى اليابان حيث أفاد %29 فقط من الناس أنه يتم تلبية احتياجاتهم الأساسية وهى أقل البلدان التى قام الباحثون بتحليلها، فإن الثقة فى استخدام البيانات هى القلق المسيطر.
ويسيطر الشعور الإيجابى لدى الناس فى الأسواق الناشئة مثل الصين %69 والهند %67 أكثر بكثير فيما يتعلق باحتياجاتهم الأساسية مما يعكس السرعة التى تم بها نشر البنية التحتية الرقمية فى تلك الأسواق وكذلك زيادة الثقة فى الشركات والحكومات لاستخدام البيانات الشخصية بمسئولية، وتلعب العديد من الشركات بالفعل دوراً لتلبية الاحتياجات الأساسية للناس فى المجال الرقمى، فعلى سبيل المثال تضع شركة الإلكترونيات «باناسونيك» الاحتياجات الأساسية فى قلب مبادرة CityNow الطموحة من خلال بناء بنية تحتية لمدينة ذكية فى كولورادو بالولايات المتحدة بهدف تحويل 400 فدان من الأراضى الفارغة إلى مدينة ذكية بحلول عام 2026.
ويدرك النموذج الجديد كما فى حالة مدينة «باناسونيك الذكية»، أن الاقتصاد الرقمى كان مصدراً إيجابياً للتغيير فى جميع أنحاء العالم، كما أنه يتمتع بنظرة مستقبلية أطول حول الطريقة التى يمكن أن يخدم بها الابتكار التكنولوجى احتياجات الناس على أفضل وجه. ولذلك فإن الناس فى العديد من البلدان، خاصة تلك ذات الاقتصادات الناشئة عالية النمو إيجابيون بشكل كبير بشأن مستقبلهم فى الاقتصاد الرقمى

الاحتياجات النفسية سر الوصول إلى الزبائن الجدد

فى حين أن التقنيات الرقمية يمكن أن تساعد فى توصيل الناس وتعزيز الإحساس بالانتماء إلى المجتمع، فإن طبيعة الوسائط الاجتماعية والهواتف الذكية يمكن أن يكون لها تأثير سلبى على الرفاهية الشخصية بسبب طول فترات الاستخدام، وأصبح تحقيق توازن صحى فى استخدام التكنولوجيا الشخصية حاجة أساسية للاقتصاد الرقمى وهو ما دفع عدداً من الشركات للعمل على مساعدة المستهلكين الآن على إدارة وقت التعرض للشاشة بفعالية.
وفى يونيو 2018، على سبيل المثال، أطلقت شركة «أبل» الأمريكية العملاقة مجموعة من أدوات الرفاهية الرقمية الجديدة لتقليل الوقت الذى يقضيه الأشخاص عبر الإنترنت.
ويوفر تطبيق Screen Time الجديد لوحة معلومات لمستخدمى اجهزة «أى فون» و«أى باد» لرصد المستهلك لنشاطه بدءاً من الوقت الذى يقضيه فى أى تطبيق وصولاً إلى عدد المرات التى أمسكوا فيها أجهزتهم، بالإضافة إلى تعيين حدود زمنية يومية لكل تطبيق على حدة.
ويمكن التطبيق الذكى الآباء من الوصول إلى نشاط أطفالهم وفهم عادات التصفح لديهم وفى جزء مهم من استبيان شركة «دينتسو» أجاب الناس عن أسئلة مرتبطة بتأثير التقنيات الرقمية على صحتهم ورفاهيتهم، وكذلك على جودة حياتهم بشكل عام.
ويوجد اتجاه واضح فى النتائج وهو أن الدول الآسيوية تميل للنظرة السلبية فى هذا الجانب حيث تحتل سنغافورة، التى تتصدر تصنيفات مؤشر المجتمع الرقمى لهذا العام، المرتبة الأدنى حيث يعتقد 25% فقط ممن شملهم الاستطلاع أن احتياجاتهم النفسية قد تم تلبيتها.
ويكشف انخفاض مستوى الرضا فى الهند والصين عن الصورة المزيفة النمطية التى مفادها أن الصحة الرقمية هى مشكلة فقط فى الاقتصادات المتقدمة وذلك نظراً لتبنى الأسواق الناشئة للتقنيات الرقمية بسرعة مما جعلها أكثر إدراكاً للتأثير المفاجئ الذى يمكن أن يحدثه التحول الرقمى على رفاهيتهم.
ويتطلب الاستفادة من الإمكانات الفردية والإنجاز فى سياق الاقتصاد الرقمى امتلاك المهارات والتعليم والفرص لإيجاد عمل ناجح لكن مع وجود قدر كبير من عدم اليقين حول التأثير المحتمل للتكنولوجيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعى على الوظائف، تعد الثقة فى قدرة المجتمع على إدارة التغيير فى المستقبل من العوامل الحاسمة للتفاؤل والسعادة الفردية تجاه الابتكارات الحديثة.
ولعل عنصر الحسم فى الثقة والتفاؤل هو مدى شعور الناس أن تعليمهم قد أعدهم لمستقبل تقنى، ومستوى مهاراتهم الرقمية بحسب التقييم الذاتى للشخص، ومدى تمكينه من استخدام مهاراته الرقمية بالكامل، ويسجل فقط %45 من الناس رضاهم بشكل إيجابى عن هذا الجانب ويظل التعلم مجالًا لضعف الرضا بشكل كبير، ففى الأسواق المتقدمة باليابان وألمانيا وفرنسا لا يتذكر شخص من بين كل 3 أشخاص آخر مرة تلقوا فيها أى تدريب رقمى أو لم يتلقوا أى تدريب أصلاً، لكن نسبة الرضاء ترتفع فى الأسواق الناشئة مثل الصين والهند والمكسيك.
وبعض الشركات تستجيب مباشرة لهذه الحاجة وتقوم مجموعة «ليودز» المصرفية بمعالجة احتياجات الأشخاص المختارين من خلال معالجة فجوة المهارات بالتدريب المباشر.
وكجزء من خطة «مساعدة بريطانيا على الازدهار»، التزمت بنوك المملكة المتحدة بتوفير التدريب على المهارات الرقمية، بما فى ذلك التدريب على الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لـ2.5 مليون فرد من الشركات الصغيرة والمتوسطة والجمعيات الخيرية لبناء مهارات الناس الرقمية وإمكانية توظيفهم.

 أبحاث التطوير تتجاهل المطالب الأساسية لتحسين حياة الناس

طورت مؤسسة «دينتسو أجيس نيتوورك لبحوث الابتكار» إطار عمل جديد قائم على احتياجات المجتمع وفقاً لمفهوم «التسلسل الهرمى للاحتياجات فى العصر الرقمى»، وأظهر بحث فى البلدان الـ24 التى رصدها تقرير عام 2019 أن معظمها لايزال لا يلبى هذه الاحتياجات بشكل كاف.

■ الاحتياجات الأساسية:
كان الوصول إلى البنية التحتية الرقمية دائماً شرطاً ضرورياً للتعامل مع الاقتصاد الرقمى، ولكن الآن، تعد الثقة فى استخدام البيانات جزءاً أساسياً يجب أن تقوم عليه المنتجات والخدمات الرقمية، ويعتقد %49 فقط من الناس على مستوى العالم أن احتياجاتهم الأساسية يتم تلبيتها فى حين أن الاقتصادات الغربية هى الأفضل فى هذا الجانب.

■ الاحتياجات النفسية:
يمكن أن تساعد التقنيات الرقمية فى تعزيز شعور المستخدمين بالصحة الجيدة والرفاه ومع ذلك يعتقد %38 فقط من الناس عالمياً أن هذه الحاجة قد تم تلبيتها لكن الدول الآسيوية صاحبة الأداء الضعيف فى هذا الجانب ومن بين جميع البلدان التى تم تحليلها تحتل سنغافورة المرتبة الأدنى فى الاحتياجات النفسية.

■ احتياجات تحقيق الذات:
يسهم مدى شعور الناس بأن لديهم التعليم الرقمى الصحيح والمهارات والفرص اللازمة لإنجاز العمل فى أن يعوض عن القلق بشأن الأتمتة وتأثير الذكاء الاصطناعى، ومع ذلك، فإن %45 فقط من الأشخاص على مستوى العالم يسجلون نتائج إيجابية، مع ضعف استخدام أصحاب العمل للمهارات الرقمية.
وعلى سبيل المثال، فى الدنمارك، يتفق أقل من أربعة من كل 10 أشخاص لديهم مهارات رقمية متوسطة أو أعلى من المتوسط على أن صاحب العمل الخاص بهم يسهل من استخدام الطاقة الكاملة لديهم وعمق معرفتهم التقنية.

■ الاحتياجات المجتمعية:
يتعلق ذلك بتفاؤل الناس على نطاق واسع بأن التقنيات الرقمية ستكون قوة للخير بشكل عام، مما يساعد على خلق فرص عمل وحل التحديات الاجتماعية وهناك أقل من النصف «%49» من الناس يؤمنون بالدور الرقمى الإيجابى، خاصة فى آسيا فيميلون إلى أن النظرة الأكثر إيجابية حول إمكانات التكنولوجيا الرقمية فى تطوير المجتمع.
وتشير نتائج مصنفة حسب التركيبة السكانية لتباين هذه الاتجاهات بوضوح فعلى سبيل المثال، فى هولندا، %42 من الرجال متفائلون بالتأثير المجتمعى للرقمنة، لكن هذا ينخفض إلى %30 للنساء.
وفيما يتعلق بالعمر، فإن الأشخاص الأصغر سناً هم الذين يحصلون على أدنى درجات فى تلبية الاحتياجات النفسى، مما يعكس كيف يؤثر الاستخدام العالى للتكنولوجيات الرقمية سلباً على الصحة العقلية للشباب ورفاهيتهم.


وكشفت الدراسة، أن الكثير من الناس فى جميع أنحاء العالم يشعرون بأن النمو الرقمى قد تأخر عنهم وتتداخل هذه المشاعر مع الاختلافات فى التنمية الاقتصادية والنضج التكنولوجى والثقافة وهذه ليست مشكلة فى العالم المتقدم فقط بل مشكلة العالم بأسره.
وتوجد 3 عناصر للشعور السلبى للأفراد بتخلفهم الرقمى، أولاً أن مهاراتهم لا تواكب الاحتياجات، حيث أن التقنيات الرقمية تعيد تشكيل وظائف الغد، كما أن شخص واحد من بين كل 3 أشخاص على مستوى العالم لا يمكنه تذكر آخر وقت قاموا فيه بتدريب رقمى أو لم يفعلوا قط.
ثانياً، تسبب وتيرة التغيير التكنولوجى القلق للناس خشية عدم القدرة على ملاحقة التطور السريع، وفى بلدان مثل الصين والهند والبرازيل، يشعر أكثر من %80 من الناس أن وتيرة التغيير التكنولوجى سريعة للغاية.
ثالثاً أن التطور المستقبلى لا يتحقق بالتساوى داخل المجتمع ففى حين أن العديد من الدول تعمل بقوة على تقديم اقتصاد رقمى يناسب الجميع مثل سنغافورة والولايات المتحدة والصين فإن العديد من الدول تتبنى استراتيجية نمو رقمى غير متوازنة.
ويمكن توضيح تأثير المفهوم الإيجابى لدى الناس نحو الرقمنة بأنها تؤثر على سلوك المستهلك ومن ثم الشركات والأسواق فكلما كان الأشخاص أكثر إيجابية زاد احتمال مشاركتهم فى المنتجات والخدمات الرقمية.
وبمعنى آخر، يساعد منح الناس الثقة الرقمية فى زيادة احتمال استخدامهم للمنتجات والخدمات الرقمية ما يعنى أن الأمر لا يتعلق هنا بحالة أخلاقية فقط لتوفير اقتصاد رقمى يناسب الجميع بل هناك حالة تجارية قوية أيضاً.
وتسعى الشركات المتنافسة على الوصول إلى المستهلك الرقمى الجديد وهى الخطوة الأصعب، ولكنها ذات قيمة أكبر ويمكن تعريفها بأنها مواطن يشارك بشكل كامل فى الأنشطة ذات الصلة مثل التسوق عبر الإنترنت، واستخدام التطبيقات لالتقاط سيارات الأجرة والاستماع للموسيقى.
والمفارقة أن الأشخاص الذين يصعب الوصول إليهم هم أيضاً الأكثر قيمة تجارياً وهذا يعنى على نحو متزايد أن العلامات التجارية ستحتاج إلى إيجاد طرق جديدة لزيادة قيمة اللحظات الثمينة للتفاعل مع المستهلكين، والانتقال إلى أبعد من متناول اليد لخلق لحظات أكثر جدوى للمشاركة.
وتشير الدراسة إلى الحاجة لاتباع نهج أكثر توازناً وإبداعاً لإشراك الناس فى المنتجات والخدمات الرقمية فلم يعد يكفى أن تعتمد المؤسسات على زيادة الوصول إلى قاعدة المستخدمين وتوسيع نطاقها بل يجب أن يقابل ذلك الجهد الابتكار فى تطوير علاقة ذات معنى مع المستهلكين.

 

توصيات الازدهار الرقمى للعلامات التجاريةوالحكومات

من الواضح أن جعل عملية الرقمنة مستدامة سيعتمد على تلبية احتياجات الناس فى المجال الرقمى بدلاً من السعى وراء الابتكار من أجل الابتكار، وللاستجابة للتحديات الكثيرة المحددة فى هذه الدراسة هناك عدة توصيات للعلامات التجارية والحكومات.
فى البداية يجب تقسيم شريحة المستهلكين والجمهور حسب الدافع والاحتياجات، فالأساليب التقليدية للتقسيم حسب الخصائص الديموغرافية غير كافية فهناك حاجة لتحليل دوافع التعامل مع المنتجات والخدمات ما يعنى للعلامات التجارية إمكانية تصميم استراتيجياتها بدقة أكبر بكثير.
وعلى سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بالنماذج الأولية للمنتجات والخدمات الرقمية الجديدة فقد يكون من المنطقى استهداف جماعة ذات مستويات منخفضة من الإلمام بالأدوات الرقمية أو لا تؤمن بالتأثير المجتمعى الرقمى ومن خلال التعرف على هذه المجموعات المهمشة يمكن ضمان تطوير منتجات وخدمات أكثر شمولاً واسرع انتشاراً على نحو أكثر فاعلية فى أسواق متعددة.
ويعمل المستهلكون على الأرجح عند استخدام المنتجات والخدمات الرقمية على تقليل كمية البيانات التى يشاركونها وتثبيت برامج حظر الإعلانات وإدارة بصمتهم الرقمية بشكل عام وفقاً لشروطهم، وهذا يميز قدرة العلامات التجارية على زيادة قيمة التفاعلات التى تجنيها من المستهلكين.
فعلى سبيل المثال، احتفلت شركة «أديداس» بشراكتها التى دامت 30 عاماً مع «هيئة ألعاب الوى» فى بوسطن وإصدار نسخة جديدة من حذاء الركض فقامت بتقديم مقطع فيديو مخصصاً لكل واحد من 30 ألف عداء شاركوا فى مارثون بوسطن 2018 وتم إرسالها بالبريد الإلكترونى إلى المتسابقين بعد ساعات فقط من انتهاء السباق.
واستفادت الحملة الإعلامية لـ«أديداس» من فعالية كبيرة انطلاقاً من خط الأساس العام للعلامة التجارية وارتفع معدل البريد الإلكترونى المفتوح للحملة بنسبة %113 وزادت مبيعات المنتج الفعلى لكل بريد إلكترونى بنسبة %1.189.
على جانب آخر، مع اتخاذ العديد من المستهلكين خطوات لتقليل كمية البيانات التى يشاركونها والوقت الذى يقضونه عبر الإنترنت يمكن استخدام مميزات الولاء فى مساعدتهم على التفاعل مع المنتجات والخدمات الرقمية بشروطهم الخاصة.
وإذا تمكنت العلامات التجارية من وضع احتياجات المستهلكين فى المقام الأول من خلال دعم ارتباطهم الصحى بالعالم الرقمى، فسوف يعززون علاقات عملائهم، وعلى سبيل المثال تمتلك كل من «أبل» و«جوجل» ميزات غير مكتشفة لتشجيع مستخدميها على التخلص من السموم رقمياً بإظهار «زر وضع القيلولة» بعد الظهر ليأخذوا استراحة لمدة معينة خلال يوم واحد أو لمدة أسبوع واحد أو أكثر، ويمكن للشركات جعل الشفافية حول استخدام البيانات مصدراً إيجابيًا، لأن استخدامها هو المحرك الأول لعدم الثقة فى صناعة التكنولوجيا.
وقام البنك الأسترالى «إيه إن زد» بالشراكة مع الوكالة الرقمية «إسبور» بتحويل عملية طلب القرض إلى أسلوب سلس وشفافة للعميل من خلال «Banker Desktop» وهى تجربة شاشة مشتركة موحدة تمكن العملاء من تولى مسئولياتهم المالية بأنفسهم.
وبسط البنك العملية للعملاء والمصرفيين على حد سواء وتطلب ميزة هذه الشاشة فقط البيانات الأكثر أهمية من العميل ومن خلال التركيز على الشفافية فى تجربة العميل تمكن البنك من تقليل وقت تقديم الطلب بنسبة %83، مما يوفر للشركة 1660 ساعة يومياً بجميع أنحاء أسترالياً.
ومن التوصيات المهمة أيضاً ضرورة فهم المهارات الرقمية لدى موظفى الشركات وإعادة وضع تصور عمليات العمل وتصميم المؤسسة باستمرار حسب القدرات الكاملة للأفراد.
وتوجد شركة واحدة قدمت نموذجاً مثالياً للحرص على تحديد مهارات موظفيها وهى شركة «تى ايه آند تى» متعددة الجنسيات كجزء من مبادرتها «الاستعداد للمستقبل» لإعادة تشكيل موظفيها من حيث المهارات التكنولوجية.
وقامت الشركة بإنشاء بوابة الذكاء المهنى «AI-p»، والتى ترسم خريطة طريق لكل موظف مع القيام بوضع مسار لرحلة عمل الموظف من حيث يقف هو إلى حيث يريد أن يكون، وتمكن البوابة الموظفين من التعرف على الوظائف المطلوبة فى الشركة والمهارات طويلة الأجل المطلوبة منهم، ثم يتم وضع منهج للموظفين لاكتساب هذه المهارات، حيث تهدف المبادرة لإعادة تدريب 100 ألف موظف بحلول عام 2020.
وتتناول زاوية أخرى من التوصيات أهمية البحث عن طرق ذات مغزى لتعزيز فهم قوة التقنيات الرقمية فى تحسين المجتمع وتلبية احتياجات الناس ورغباتهم.
وفى أواخر عام 2017، بالاشتراك مع الوكالة الرقمية «i 360» أصدرت شركة «ناشونال جيوجرافيك» أول تطبيق تأمل صوتى على الإطلاق باسم «Bravo Tango»، للمحاربين القدامى لمعالجة مشاكل الصحة العقلية فى مجتمعهم.
ويقدم التطبيق تمارين التأمل بداية من التنفس والتركيز إلى التصور واسترخاء العضلات ويتعرف التطبيق على أكثر من 40 حالة مزاجية بما فى ذلك الغضب والشعور بالوحدة والتعب والحزن والخوف لربط المستخدمين بممارسة مناسبة بناءً على مشاعرهم، ومنذ إطلاقه، اكتسب التطبيق أكثر من 10 آلاف مستخدم جديد وكان متوسط الوقت الذى يقضيه الشخص فى التطبيق خلال الشهر الأول من إطلاقه 10 دقائق.
ولكن ماذا عن دور الحكومة؟.. فى عام 2018، احتلت حكومة الدنمارك المرتبة الأولى فى استبيان الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية الذى يجرى كل سنتين، وهو ترتيب للحكومات الرقمية الأفضل أداءً فى العالم نتيجة لاستراتيجيتها الرقمية الأولى التى تنص على وجوب استخدام جميع المواطنين للخدمات العامة عبر الإنترنت وتلقى البريد الإلكترونى من الحكومة.
ويسلط النظام الضوء على أهمية حماية ثقة الجمهور فى هذه البيئة من خلال التزام شفاف بجعل هذه الخدمات آمنة للمواطنين والشركات على حد سواء، وتشمل الاستراتيجية الرقمية للدنمارك الجهود المبذولة لدعم فرص الأعمال الجديدة للقطاع الخاص وتشجيع الانتقال الرقمى للأعمال من خلال تحسين الظروف المحيطة، ويمكن للحكومات أن تأخذ زمام المبادرة من خلال إشراك الناس فى عملية تقرير ما هو أخلاقى وما يحمى مصالحهم، لا سيما من حيث صلته بالأخلاقيات حول استخدام البيانات الشخصية.
وفى إسبانيا، يهدف مشروع التشفير «DECODE» إلى بناء مجتمع رقمى جدير بالثقة من خلال إنشاء أدوات تسخر تقنيات سلاسل الكتلة والتشفير لاسترداد الأشخاص لملكية بياناتهم، وهى تعمل حاليًا مع مجلس مدينة برشلونة ومنصة التكنولوجيا المدنية Decidim.org لتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم مع التحكم بالوقت نفسه فى بياناتهم الشخصية.
ولتسهيل الأمر على الناس من حيث تحديث مهاراتهم على مدار حياتهم والاستفادة من إمكانات التقنيات الرقمية لخلق تجارب تعليمية أكثر مغامرة استخدمت حكومة سنغافورة تقنيات الواقع الافتراضى والمعزز لإنشاء وحدات تعليمية جذابة وتدريب لطلاب الطب فى السنة الأولى والثانية بجامعة سنغافورة الوطنية.
ويمكن من خلال النظام ممارسة التشريح البشرى التفاعلى الظاهرى عبر استكشاف التشريح والتعامل مع الأجزاء والهياكل المختلفة باستخدام سماعة رأس وأجهزة تحكم محمولة باليد، فضلاً عن المشاركة بتمارين ظرفية يصعب تكرارها فى الحياة الواقعية

زيادة المشاركة تعتمد على تلبية الاحتياجات المجتمعية

فى عصر التحديات المجتمعية المعقدة والفجوة المتزايدة بين من يملكون والذين لا يملكون، هناك إمكانات هائلة للتكنولوجيات الرقمية للعب دور حاسم فى سد هذه الفجوة عبر مجموعة من التحديات بداية من القضاء على الفقر إلى تحسين الوصول للرعاية الصحية والتعليم.
ولا ينكر عاقل التأثير الذى يمكن أن يحدثه التحول الرقمى فى الحد من أوجه عدم المساواة وخلق مجتمع أكثر عدالة لكن يعتمد ذلك على الاستفادة من الإمكانات التكنولوجية وإقناع الناس بالمشاركة عبر بث التفاؤل والثقة فى أن الرقمنة يمكن أن تكون قوة للتغيير الإيجابى.
ويمكن قياس الاحتياجات المجتمعية أو بمصطلح آخر «المشاركة الرقمية» من خلال رصد مدى شعور الأفراد المتفائلين بقدرة التقنيات الرقمية على تعزيز المجتمع بشكل عام، بالإضافة إلى حل التحديات العالمية الرئيسية وخلق فرص عمل جديدة.
وفى دراسة عام 2019، يعتقد أقل من نصف الأشخاص «%49» أن هذه الحاجة قد تم تلبيتها، حيث كانت الأسواق الناشئة أكثر إيجابية بشكل ملحوظ من البلدان المتقدمة، وتتصدر الصين هذا الجانب بنسبة %76، لكن الأسواق المتقدمة بشكل عام غير متفائلة بسبب العديد من قصص الخوف حول التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعى والروبوتات على الوظائف وتظل الأسواق الناشئة متفائلة على الرغم من التأثير المحتمل على وظائف التصنيع بشكل خاص.
وبنسبة %36، زادت النسبة الإجمالية للأشخاص الذين يعتقدون أن الرقمنة ستخلق فرص العمل مقارنة بدراسة عام 2018 عندما كانت %29 فقط من الناس يعتقدون ذلك ومع ذلك، فإن هذه الزيادة يفسرها جزئياً الزيادة فى النطاق الجغرافى للدراسة من 10 إلى 24 دولة.
واستناداً إلى مقارنة شبيهة بالمثل، يعتقد %32 من الأشخاص فى البلدان العشرة الأصلية أن الرقمية ستخلق فرص عمل، مما يشير إلى تحسن طفيف فى التفاؤل.
ويعتبر المصدر الأساسى للتشاؤم هو اعتقاد الناس أنه لا يتم تلبية احتياجاتهم الرقمية وهناك أيضاً تباين كبير بين البلدان التى قام الباحثون بتحليلها، ويميل الناس فى الأسواق الناشئة إلى الشعور بالرضا عن تلبية احتياجاتهم إلى حد كبير، لكن لديهم مخاوف أكبر بشأن التأثير النفسى للتكنولوجيات الرقمية.
وبالنسبة لتباين النظرات بين الرجال والنساء اللواتى أظهرن تشاؤماً أكثر فإنه يمكن تفسيره بالفجوات التعليمية التى تكون فيها مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ممثلة تمثيلاً ناقصاً بشكل عام من قبل الفتيات والنساء بداية من المدرسة إلى التعليم العالى.
علاوة على ذلك، فإن صناعة التكنولوجيا يسيطر عليها الذكور، مما قد يزيد من تعقيد التصورات السلبية بين النساء حول الإمكانات الأوسع للتكنولوجيات الرقمية فى المجتمع.
ويجب أن تشعر العلامات التجارية والشركات وواضعو السياسات فى الحكومات بالقلق الشديد إزاء أزمة التفاؤل بالمستقبل الرقمى.
وتتخذ العديد من الحكومات فى جميع أنحاء العالم تدابير لمعالجة ذلك حالياً فعلى سبيل المثال تجرى إقامة معسكرات التخلص من السموم الرقمية من النوع الذى شوهد فى الصين.
ولكن غياب دور مؤثر للعلامات التجارية يظل موضع تساؤل، وبشكل عام يمكن أن تساعد النظرة الأكثر توازناً حول مدى تلبية احتياجات الناس الرقمية على تحسين فهمنا لكيفية إشراكهم كمستخدمين ومستهلكين.

الشركات تراهن على المستهلكين الجدد لاستدامة النمو

ينضم كل يوم للسوق مستهلكون رقميون جدد يستخدمون منتجات وخدمات رقمية عبر مجموعة من الأنشطة، لكنهم أيضًا أذكياء رقمياً وتعلموا إدارة العالم عبر الإنترنت وفقاً لشروطهم الخاصة عبر الحد من كمية البيانات والوقت الذى يقضونه عبر الإنترنت وتثبيت برامج حظر الإعلانات فكلما تطورت صفحات الإنترنت تطور المستخدمون بشكل أفضل.
ويعد التكيف مع سلوك هؤلاء الأفراد بمثابة فرصة كبيرة للعلامات التجارية لبناء علاقات أفضل وأكثر ثقة وهناك حاجة إلى تطوير اقتصاد رقمى يعمل لجميع الناس فى المجتمع، وللحكومات دور تنظيمى كبير فى ضمان حق الوصول للتكنولوجيا.
ومن الناحية التجارية يعتبر انضمام الأفراد للرقمنة فرصة جيدة للشركات وعليها استغلال ذلك فى خلق قيمة تجارية طويلة الأجل للعملاء من خلال مساعدتهم فى بناء علاقات موثوقة ووضع الناس فى قلب التحول الرقمى، ويحتاج أصحاب المصلحة إلى استراتيجية للتأثير الاجتماعى ولعب دور قيادى فى تطوير المهارات الرقمية للأجيال القادمة ودعم موجة جديدة من رواد الأعمال خاصة السيدات، وبات من المسلمات، أن ما هو جيد «للمجتمع» جيد «للشركات»، ولكن من المهم أن يحدث ذلك بالشكل الصحيح.


ويمنحنا الاقتصاد الرقمى القدرة على تحقيق ما هو أفضل وهذا يعنى تسخير التحول الرقمى بالطريقة الصحيحة ووضع الاحتياجات البشرية فى قلب الاهتمامات فمن خلال القيام بذلك يمكن بناء علامات تجارية أفضل وبناء شركات أفضل، وبالتالى مجتمع أفضل فى النهاية، وما يقرب من ثلثى الناس يعتقدون أن وتيرة التغيير التكنولوجى سريعة للغاية مما يزرع القلق بداخلهم وبالطبع ربما كانت هناك لحظات قليلة فى التاريخ لم يكن الناس قلقين بشأن وتيرة التغير التكنولوجى.
وتظهر الكثير من الأبحاث أن الطبيعة البشرية تميل إلى المبالغة فى تقدير الأثر قصير الأجل للتغيير، بينما تقلل من تأثيره على المدى الطويل لكن بالنظر إلى حجم التغيير وسرعته التى أحدثها التحول الرقمى فى العديد من مناحى الحياة، فإن هذا الاكتشاف يعبر عن شعور بالعجز فى مواجهة الاضطراب المستمر.
وإحدى النتائج الطبيعية لهذه الدراسة هى أن 6 من بين كل 10 أشخاص يعتقدون أنه لا يتم عمل ما يكفى لضمان الاستفادة من التقنيات الرقمية لكل فرد فى المجتمع ومقارنة نتائج البلدان الـ10 الأصلية فى تحليل العام الماضى تكشف أن هذه النسبة فى ازدياد.
ويحدث الخطر إذا تجاوز التغير التكنولوجى احتياجات المستهلكين بشكل كبير، لأنه سيواجه رد فعل عنيف رافض لهذا التحول وعندها قد يسعى صانعو السياسة إلى التدخل وحماية مصالح المستهلكين من خلال معايير ولوائح مشتركة تعطل الشركات، وحدث ذلك بالفعل فى سياق البيانات الشخصية فى ظل مناقشات حول التنظيم المحتمل للذكاء الاصطناعى، لأن السباق من أجل توفير قدرة رقمية أكبر لم يأخذ دائماً فى الاعتبار الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
ويمكن قياس مدى نجاح البلدان فى تطوير اقتصاد رقمى يناسب الجميع من خلال مؤشر المجتمع الرقمى الذى يفحص الأداء عبر 3 أبعاد رئيسية:
■ الديناميكية:
وهى تعبر عن قوة القطاع الرقمى الأساسى الذى يتضمن مؤشرات بما فى ذلك حجم ونمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنفاق على البحث والتطوير وتوافر الجامعات التقنية عالية الجودة والمواهب.
■ الشمول:
ويعنى اتساع نطاق وصول الناس إلى الفوائد التى يوفرها الاقتصاد الرقمى ويشمل هذا البعد مؤشرات تتضمن الوصول إلى البنية التحتية الرقمية وكذلك جودة التعليم المتعلق بالتكنولوجيا.
■ الثقة:
وتعنى مباشرة مدى ثقة الناس فى استخدام البيانات وكذلك التفاؤل الأوسع حول المستقبل وتقاس بمؤشرات مثل الاستعداد لجرائم الإنترنت وتشريعات الحماية وشفافية استخدام البيانات من قبل الشركات والحكومات.
ويوفر الأداء النسبى عبر الأبعاد الثلاثة نظرة ثاقبة وقد كشف هذا التحليل عن اختلالات فى طريقة عمل البلدان التى تمتع بمزايا النمو الرقمى على نطاق واسع، وعلى سبيل المثالى، تعمل الولايات المتحدة بقوة على الديناميكية، ولكنها أقل أداءً على الثقة، وهو اكتشاف انعكس فى نقاشات زعماء الكونجرس الأمريكى وشهاداتهم على حد سواء خلال العام الماضى.
ويشير هذا الخلل إلى اتجاه أوسع يرى الأسواق الغربية الأخرى مثل أستراليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة فى النصف السفلى من عينة الثقة، والتى يغذيها عدم التفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد الرقمى وتأثيره على الحالة النفسية الشعوب.
وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن الصين مازالت ضعيفة نسبياً فيما يتعلق بالديناميكية، ولكنها تحقق أداءً جيداً من حيث اتساع إمكانية الوصول والفرص التى يوفرها الاقتصاد الرقمى، مما يعكس الاتجاه السائد بين الاقتصادات الناشئة الأخرى، ويوجد اتجاه ثالث يرى أن اقتصادات بلدان الشمال الأوروبى تبلى بلاءً حسناً فيما يتعلق بالاندماج والثقة، ولكنها تؤدى أداء أقل فيما يتعلق بديناميكية صناعاتها الرقمية.
توصيات الازدهار الرقمى للعلامات التجارية والحكوماتمن الواضح أن جعل عملية الرقمنة مستدامة سيعتمد على تلبية احتياجات الناس فى المجال الرقمى بدلاً من السعى وراء الابتكار من أجل الابتكار، وللاستجابة للتحديات الكثيرة المحددة فى هذه الدراسة هناك عدة توصيات للعلامات التجارية والحكومات.
فى البداية يجب تقسيم شريحة المستهلكين والجمهور حسب الدافع والاحتياجات، فالأساليب التقليدية للتقسيم حسب الخصائص الديموغرافية غير كافية فهناك حاجة لتحليل دوافع التعامل مع المنتجات والخدمات ما يعنى للعلامات التجارية إمكانية تصميم استراتيجياتها بدقة أكبر بكثير.
وعلى سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بالنماذج الأولية للمنتجات والخدمات الرقمية الجديدة فقد يكون من المنطقى استهداف جماعة ذات مستويات منخفضة من الإلمام بالأدوات الرقمية أو لا تؤمن بالتأثير المجتمعى الرقمى ومن خلال التعرف على هذه المجموعات المهمشة يمكن ضمان تطوير منتجات وخدمات أكثر شمولاً واسرع انتشاراً على نحو أكثر فاعلية فى أسواق متعددة.
ويعمل المستهلكون على الأرجح عند استخدام المنتجات والخدمات الرقمية على تقليل كمية البيانات التى يشاركونها وتثبيت برامج حظر الإعلانات وإدارة بصمتهم الرقمية بشكل عام وفقاً لشروطهم، وهذا يميز قدرة العلامات التجارية على زيادة قيمة التفاعلات التى تجنيها من المستهلكين.
فعلى سبيل المثال، احتفلت شركة «أديداس» بشراكتها التى دامت 30 عاماً مع «هيئة ألعاب الوى» فى بوسطن وإصدار نسخة جديدة من حذاء الركض فقامت بتقديم مقطع فيديو مخصصاً لكل واحد من 30 ألف عداء شاركوا فى مارثون بوسطن 2018 وتم إرسالها بالبريد الإلكترونى إلى المتسابقين بعد ساعات فقط من انتهاء السباق.
واستفادت الحملة الإعلامية لـ«أديداس» من فعالية كبيرة انطلاقاً من خط الأساس العام للعلامة التجارية وارتفع معدل البريد الإلكترونى المفتوح للحملة بنسبة %113 وزادت مبيعات المنتج الفعلى لكل بريد إلكترونى بنسبة %1.189.
على جانب آخر، مع اتخاذ العديد من المستهلكين خطوات لتقليل كمية البيانات التى يشاركونها والوقت الذى يقضونه عبر الإنترنت يمكن استخدام مميزات الولاء فى مساعدتهم على التفاعل مع المنتجات والخدمات الرقمية بشروطهم الخاصة.
وإذا تمكنت العلامات التجارية من وضع احتياجات المستهلكين فى المقام الأول من خلال دعم ارتباطهم الصحى بالعالم الرقمى، فسوف يعززون علاقات عملائهم، وعلى سبيل المثال تمتلك كل من «أبل» و«جوجل» ميزات غير مكتشفة لتشجيع مستخدميها على التخلص من السموم رقمياً بإظهار «زر وضع القيلولة» بعد الظهر ليأخذوا استراحة لمدة معينة خلال يوم واحد أو لمدة أسبوع واحد أو أكثر، ويمكن للشركات جعل الشفافية حول استخدام البيانات مصدراً إيجابيًا، لأن استخدامها هو المحرك الأول لعدم الثقة فى صناعة التكنولوجيا.
وقام البنك الأسترالى «إيه إن زد» بالشراكة مع الوكالة الرقمية «إسبور» بتحويل عملية طلب القرض إلى أسلوب سلس وشفافة للعميل من خلال «Banker Desktop» وهى تجربة شاشة مشتركة موحدة تمكن العملاء من تولى مسئولياتهم المالية بأنفسهم.
وبسط البنك العملية للعملاء والمصرفيين على حد سواء وتطلب ميزة هذه الشاشة فقط البيانات الأكثر أهمية من العميل ومن خلال التركيز على الشفافية فى تجربة العميل تمكن البنك من تقليل وقت تقديم الطلب بنسبة %83، مما يوفر للشركة 1660 ساعة يومياً بجميع أنحاء أسترالياً.
ومن التوصيات المهمة أيضاً ضرورة فهم المهارات الرقمية لدى موظفى الشركات وإعادة وضع تصور عمليات العمل وتصميم المؤسسة باستمرار حسب القدرات الكاملة للأفراد.
وتوجد شركة واحدة قدمت نموذجاً مثالياً للحرص على تحديد مهارات موظفيها وهى شركة «تى ايه آند تى» متعددة الجنسيات كجزء من مبادرتها «الاستعداد للمستقبل» لإعادة تشكيل موظفيها من حيث المهارات التكنولوجية.
وقامت الشركة بإنشاء بوابة الذكاء المهنى «AI-p»، والتى ترسم خريطة طريق لكل موظف مع القيام بوضع مسار لرحلة عمل الموظف من حيث يقف هو إلى حيث يريد أن يكون، وتمكن البوابة الموظفين من التعرف على الوظائف المطلوبة فى الشركة والمهارات طويلة الأجل المطلوبة منهم، ثم يتم وضع منهج للموظفين لاكتساب هذه المهارات، حيث تهدف المبادرة لإعادة تدريب 100 ألف موظف بحلول عام 2020.
وتتناول زاوية أخرى من التوصيات أهمية البحث عن طرق ذات مغزى لتعزيز فهم قوة التقنيات الرقمية فى تحسين المجتمع وتلبية احتياجات الناس ورغباتهم.
وفى أواخر عام 2017، بالاشتراك مع الوكالة الرقمية «i 360» أصدرت شركة «ناشونال جيوجرافيك» أول تطبيق تأمل صوتى على الإطلاق باسم «Bravo Tango»، للمحاربين القدامى لمعالجة مشاكل الصحة العقلية فى مجتمعهم.
ويقدم التطبيق تمارين التأمل بداية من التنفس والتركيز إلى التصور واسترخاء العضلات ويتعرف التطبيق على أكثر من 40 حالة مزاجية بما فى ذلك الغضب والشعور بالوحدة والتعب والحزن والخوف لربط المستخدمين بممارسة مناسبة بناءً على مشاعرهم، ومنذ إطلاقه، اكتسب التطبيق أكثر من 10 آلاف مستخدم جديد وكان متوسط الوقت الذى يقضيه الشخص فى التطبيق خلال الشهر الأول من إطلاقه 10 دقائق.
ولكن ماذا عن دور الحكومة؟.. فى عام 2018، احتلت حكومة الدنمارك المرتبة الأولى فى استبيان الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية الذى يجرى كل سنتين، وهو ترتيب للحكومات الرقمية الأفضل أداءً فى العالم نتيجة لاستراتيجيتها الرقمية الأولى التى تنص على وجوب استخدام جميع المواطنين للخدمات العامة عبر الإنترنت وتلقى البريد الإلكترونى من الحكومة.
ويسلط النظام الضوء على أهمية حماية ثقة الجمهور فى هذه البيئة من خلال التزام شفاف بجعل هذه الخدمات آمنة للمواطنين والشركات على حد سواء، وتشمل الاستراتيجية الرقمية للدنمارك الجهود المبذولة لدعم فرص الأعمال الجديدة للقطاع الخاص وتشجيع الانتقال الرقمى للأعمال من خلال تحسين الظروف المحيطة، ويمكن للحكومات أن تأخذ زمام المبادرة من خلال إشراك الناس فى عملية تقرير ما هو أخلاقى وما يحمى مصالحهم، لا سيما من حيث صلته بالأخلاقيات حول استخدام البيانات الشخصية.
وفى إسبانيا، يهدف مشروع التشفير «DECODE» إلى بناء مجتمع رقمى جدير بالثقة من خلال إنشاء أدوات تسخر تقنيات سلاسل الكتلة والتشفير لاسترداد الأشخاص لملكية بياناتهم، وهى تعمل حاليًا مع مجلس مدينة برشلونة ومنصة التكنولوجيا المدنية Decidim.org لتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم مع التحكم بالوقت نفسه فى بياناتهم الشخصية.
ولتسهيل الأمر على الناس من حيث تحديث مهاراتهم على مدار حياتهم والاستفادة من إمكانات التقنيات الرقمية لخلق تجارب تعليمية أكثر مغامرة استخدمت حكومة سنغافورة تقنيات الواقع الافتراضى والمعزز لإنشاء وحدات تعليمية جذابة وتدريب لطلاب الطب فى السنة الأولى والثانية بجامعة سنغافورة الوطنية.
ويمكن من خلال النظام ممارسة التشريح البشرى التفاعلى الظاهرى عبر استكشاف التشريح والتعامل مع الأجزاء والهياكل المختلفة باستخدام سماعة رأس وأجهزة تحكم محمولة باليد، فضلاً عن المشاركة بتمارين ظرفية يصعب تكرارها فى الحياة الواقعي.

 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

“نيسان مصر” تصدر 16 ألف سيارة محلية وتسعى لزيادة التصدير بنسبة 50%

كشف العضو المنتدب لشركة نيسان - مصر، محمد عبد الصمد،...

منطقة إعلانية