كتب: سليم حسن
قبل يومين، تحدث وزير الصناعة كامل الوزير عن إمكانية دراسة تحويل مصنع الحديد والصلب بحلوان إلى مجمع للصناعات النسيجية والصناعات المغذية لصناعة الملابس الجاهزة تستهدف جذب استثمارات أجنبية للمجمع.
تصريحات الوزير جاءت خلال جوله له في مصنع شركة تكنوتكس – إحدى شركات مجموعة النيل – والمتخصص في الملابس الجاهزة بالمنطقة الصناعية الثانية بمدينة 15 مايو.
اقرأ: “الصناعة” تدرس تحويل مصنع الحديد والصلب بحلوان إلى مجمع للصناعات النسيجية
الحديد والصلب من القمة إلى التصفية؟
تأسست شركة الحديد والصلب المصرية (المعروفة باسم مصنع حلوان للحديد والصلب) عام 1954 بقرار جمهوري على مساحة إجمالية تبلغ 5.45 مليون متر مربع، وبدأ إنتاجها الفعلي في عام 1958، بغاية رئيسية هي تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الحديد والصلب.
بلغت الشركة ذروة إنتاجها قبل سنوات طويلة عند 1.2 مليون طن، لكنها تدهورت بشكل كبير في العشرين عاما الأخيرة للدرجة التي انخفض فيها الإنتاج إلى نحو 112 ألف طن قبل قرار التصفية الصادر في مطلع يناير من العام 2021، بحسب بيانات رسمية لمجلس الوزراء.
بحلول هذا التاريخ، مثل الإنتاج السنوي للشركة أقل من 1% من إجمالي إنتاج مصر من الصلب سنويا، وهو ما دعم توجه الحكومة لاتخاذ قرار التصفية بشكل نهائي.
بلغت الشركة ذر,ة خسائرها في العامين الماليين الأخيرين قبل إعلان التصفية في 2021، بإجمالي خسائر بلغت 1.5 مليار جنيه في العام المالي 2018-2019، ثم مليار جنيه أخرى في العام لمالي التالي له، بحسب بيان لمجلس الوزراء.
وبلغت نسبة الخسائر المرحلة إلى رأس المال نحو 410% بحلول عام 2020، في الوقت الذي يقضي فيه قانون شركات قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 أن الشركة تخضع للتصفية إذا تجاوزت الخسار السنوية حاجز الـ50% من رأس المال.
كما قفزت المديونيات على الشركة قبل التصفية مباشرة إلى 9 مليارات جنيه لصالح الجهات السيادية والبنوك والشركة القابضة للصناعات المعدنية.
اقرأ: تصفية مصنع الحديد والصلب بعد 67 عاما من إنشائه
الحكومة حاولت إنقاذ الموقف بالفعل، ففي الربع الأول من عام 2019، دعت وزارة قطاع الأعمال شركات عالمية متخصصة لتطوير وإدارة الشركة لمدة 20 عام بتمويل يقترب من 100 مليون دولار، ووعدت بتقديم حوافز كان أهمها تقليص العمالة إلى 4 آلاف عامل و سداد مديونيات الشركة البالغة 6.5 مليار جنيه وقتها.
خمسة شركات عالمية سحبت كراسة الشروط وقتها، لكن شركة واحدة فقط هي ميت بروم الروسية التي تقدمت بعرض مقاولة “EPC” – عقد تسليم المفتاح- و ليس شراكة كما طلب الحكومة المصرية في كراسة شروطها للتطوير.
لاحقا في يونيو 2020، وقعت الشركة عقد شراكة بالأحرف الأولى مع شركة فاش ماش الأوكرانية، لرفع تركيز خام الحديد في الواحات البحرية باستخدام تكنولوجيا الفصل المغناطيسي الجاف الموفر للمياه بتكلفة تصل لنحو 100 مليون دولار للمصنعين، ولكن لم يصل الأمر إلى نهاية.
كل ما سبق كان محاولة للتطوير ووقف نزيف خسائر الشركة، لكن النتائج غير المرغوبة دعمت اتجاه الدولة نحو اتخاذ قرار التصفية في 11 يناير 2021.
بعد قرار التصفية تم فصل نشاط المناجم والمحاجر وتأسيس شركة منفصلة باسم “الحديد والصلب للمناجم والمحاجر”، بينما تم تصفية شركة “الحديد والصلب المصرية” الأصلية. الشركة الجديدة مملوكة بنفس المساهمين ونسب مساهمتهم في الشركة الأم.
اقرأ: عمومية الحديد والصلب تقرر تقسيم الشركة وتصفية جزء منها
لم تفضح الحكومة صراحة أو بشكل رسمي بعد عن موقفها من شركة الحديد والصلب رغم مرور 4 سنوات تقريا على قرار التصفية، وتم تداول سيناريوهات عدة خلال السنوات القليلة الماضية جميعها اقتراحات وليس اتجاه محدد أو نهج تعتزم الدولة السير فيه لاستغلال أراضي وأملاك الشركة سواء بقطاع العقارات أو التصنيع أو غير ذلك، خاصة وأن التصفية لم تتم بالكامل بعد.
الغزل والنسيج أحد التحولات المقترحة
قبل يومين أعلن وزير الصناعة كامل الوزير عن إمكانية تحويل الشركة إلى مجمع صناعي للغزل والنسيج.
في الوقت نفسه نفت شركة الحديد والصلب المصرية، وجود أي معلومات لديها بشأن ما تم تداوله عن دراسة تحويل مصنع الحديد والصلب بحلوان إلى مجمع للصناعات النسيجية والملابس الجاهزة.
أكدت الشركة، في إفصاح للبورصة المصرية، أنها لم تتلق أي مخاطبات أو مستندات رسمية في هذا الشأن، مؤكدة أنها لا تمتلك تفاصيل عن مشروع مجمع الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة المزمع طرحه.
لماذا التفكير في الغزل النسيج؟
من الممكن أن تتحول الشركة إلى أي صناعة، لكن الأولى هو أن تتحول إلى صناعة نحن بحاجة إليها للقدرة على استغلالها بأفضل صورة ممكنة، بحسب أحد المصادر المطلعة على ملف التطوير.
التفكير في تحويل الشركة إلى تصنيع الغزل والنسيج تحديدا جاء بهدف توفير مزيد من المصانع الجاهزة للمسترمين الأجانب خاصة الأتراك، والذيين يتوافدون على مصر في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة، بحسب المصدر.
المستثمرين الأتراك وغيرهم لديهم رغبة شديدة في دخول مصر نظرا لتوافر كل العوامل الجيدة التي تساعد على التصنيع والتصدير إلى الأسواق المجاورة والتي تملك مصر فيها أفضلة نسبية عن أسواق أخرى كثيرة، مثل تركيا نفسها، والتي يرتفع فيها متوسط أجر العامل إلى 1000 دولار شهريا، بعكس مصر.
أضاف: “الكثير من المستثمرين الجدد يبحثون عن فرص استثمارية جاهزة بغرض ضخ الاستثمارات ومن ثم العمل مباشرة، وأغلبهم يرفض الانتظار لعام أو عامين لحين تأسيسهم مشروعات من الصفر، وربما هذا السبب كان أحد الاتجاهات الداعمة لنظرية تحويل الشركة إلى الغزل والنسيج.
ويدعم هذا التوجه موافقة المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية على طلب شركة هاندسوم تكس الصينية لتأجير مصنع التفصيل بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، في سابقة تحدث للمرة الأولى التي يتم فيها تأجير مصنعا في منظومة الغزل الحكومية.
اقرأ: شركة صينية تؤجر مصنعا بـ”مصر للغزل”
الأمر بيد مجلس الوزراء
أوضح المصدر، أن أمر الشركة بعد انتهاء كل الجوانب المتعلقة بخطة التصفية يتعلق بقرارات مجلس الوزراء، وما أعلنه وزير الصناعة ليس إلا مقترحا ولا توجد دراسات فعلية على أرض الزاقع لهاذ الغرض حتى الأن، خاصة وأن الشركة تابعة بالأساس لزارة قطاع الأعمال وليس وزارة الصناعة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا