المملكة تخفض تقييم الشركة.. والبنوك تسهل الإقراض لجذب المستثمرين المحليين
حددت المملكة العربية السعودية، هدفا لتقييم الاكتتاب العام الأولى لشركة «أرامكو» والذى جاء أقل من طموحات ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، البالغ 2 تريليون دولار.
وقلصت المملكة أيضًا، حجم البيع لضمان إدراج أكبر منتج للنفط فى العالم بنجاح فى بورصة الرياض الشهر المقبل.
وخفف البنك المركزى السعودى، من حدود الإقراض لزيادة الطلب من المستثمرين المحليين، بعد أن عجز المصرفيون عن إقناع العديد من مديرى الأموال الدوليين بمزايا الصفقة.
ومن المقرر ان تبيع «أرامكو» 1.5% فقط من أسهمها فى البورصة المحلية، وتسعى إلى تقييم يتراوح بين 1.6 تريليون دولار و 1.71 تريليون دولار.
ورغم أن ذلك سيتيح لـ«أرامكو» أن تتفوق على شركة «أبل» كأكبر صفقة اكتتاب فى العالم، فإن الخطط بعيدة جدًا عن الأهداف الأولية للأمير محمد، والتى كانت تهدف إلى إدراج محلى ودولى يجمع ما يصل إلى 100 مليار دولار لصندوق الثروة السيادية للمملكة.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أنه على الجانب الآخر، سيكون حجم الطرح أقل من المستويات القياسية ،إذ سيصبح أقل بقليل من 25 مليار دولار التى جمعتها مجموعة «على بابا» عام 2014.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن الاستجابة الضعيفة من قبل المستثمرين خارج المملكة، تعنى أن «أرامكو» قررت عدم تسويق الأسهم فى الولايات المتحدة وكندا كما هو مخطط لها فى البداية، وأصبحت اليابان أيضا خارج القائمة.
لكن المصرفيين العاملين فى الصفقة، قالوا إنهم واثقون من أن هناك أكثر من طلب محلى كافٍ لضمان نجاح الصفقة فى التقييم المقترح.
وبدأ أمين ناصر، الرئيس التنفيذى لشركة «أرامكو»، المرحلة الأخيرة من الاكتتاب العام، فى عرض تقديمى لمئات من مديرى الصناديق المحليين فى الرياض.
وقالت وكالة «بلومبرج»، إن «أرامكو» ستحتاج إلى الاعتماد بشدة على المستثمرين كبيرهم وصغيرهم لإنجاز المهمة.
ونقلت الوكالة الأمريكية عن أشخاص مطلعين على القضية، أن مؤسسة النقد العربى السعودى، سمحت للمستثمرين الصغار من الأفراد باقتراض ضعف استثماراتهم النقدية، أى ما يعادل ضعف القيمة العادية التى تسمح بها المؤسسة للاكتتابات العامة الأولية.
ومن المتوقع أن تسهم أغنى العائلات فى المملكة والتى كان بعض أفرادها محتجزين داخل فندق «ريتز كارلتون» فى الرياض، خلال حملة الفساد المزعومة عام 2017، بإسهامات كبيرة فى الاكتتاب العام، وسيسمح لهم بالاقتراض بأى مضاعفات أعلى لتمويل مشترياتهم.
وحتى الوقت الحالى، لم تحدد النسخة النهائية من نشرة الإصدار أى مستثمر أساسى على، رغم أن الشركة لا تزال تجرى محادثات مع الصناديق الشرق أوسطية والصينية والروسية.
وكان المستثمرون الأجانب دائمًا يشككون فى التقييم البالغ 2 تريليون دولار، وأشاروا مؤخرًا إلى أن التقييم ربما يكون أقل من 1.5 تريليون دولار.
وذكرت «بلومبرج»، أن هذا من شأنه أن يوفر عائدًا على استثماراتهم بالقرب من شركات البترول والغاز الرائدة الأخرى مثل شركة «إكسون موبيل»، وشركة «رويال داتش شل».
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن التقييم الجديد يعنى أن «أرامكو» التى وعدت بتوزيع أرباح بقيمة 75 مليار دولار على الأقل العام المقبل، ستكافئ المستثمرين بعائد توزيعات أرباح تتراوح بين 4.4% و4.7%.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تدفع فيه شركة «إكسون موبيل» عائد توزيعات أرباح أقل بقليل من 5%، فى حين تدفع «شل» 6.4%.
وقال محللون فى شركة «سانفورد سى» و«بيرنشتاين» فى مذكرة بحثية، إنه من غير المرجح أن يجد المستثمرون المؤسسيون نطاق التقييم جذابًا.
وأضاف المحللون: «لا يزال بإمكان المستثمرين المؤسسين وصناديق الثروة السيادية والمستثمرين المحليين، تقديم الدعم الكافى للاكتتاب فى ضوء بعض المصالح الاستراتيجية».
وأزاحت السعودية، كافة المعوقات لضمان نجاح الاكتتاب العام للجمهور المتشكك، إذ خفضت سعر الضريبة على «أرامكو» ثلاث مرات، ووعدت بتوزيع أرباح أكبر فى العالم، وعرضت أسهما مجانية للمستثمرين الأفراد.
وقال جعفر الطائى، العضو المنتدب لمجموعة «منار» الاستشارية فى أبوظبى، إن النطاق السعرى لأرامكو يأخذ فى الاعتبار بعض الشكوك التى لم يتم استيعابها بالكامل، عندما تم الطرح العام الأولى مثل الحوكمة.
وأضاف أن النطاق السعرى يأخذ فى الاعتبار أيضا، قضايا العرض شديدة التقلب، والطلب الذى لا يبدو جيدًا فى الوقت الحالى.
وواجهت «أرامكو»، أيضًا، التحدى المتمثل فى تقوية الحركة العالمية ضد تغير المناخ التى تستهدف أكبر شركات البترول والغاز فى العالم.
وذكرت «بلومبرج» أن العديد من المستثمرين الأجانب يشعرون بالقلق من التحول عن الارتفاع المطرد فى الطلب على الوقود الأحفورى، مما يعنى أن استهلاك الخام سيبلغ ذروته فى العقدين المقبلين.
واعترف ناصر، باحتمالية حدوث ذروة الطلب.. لكنه قال إنه مع تراجع تكاليف الإنتاج فى الصناعة، ستتمكن «أرامكو» من الفوز بحصة السوق من المنتجين الأقل كفاءة.
ويعد الاكتتاب العام فى «أرامكو» أحد أعمدة خطة الأمير محمد، فى تحقيق «رؤية 2030» التى ستؤدى إلى تغيير النسيج الاجتماعى والاقتصادى للمملكة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يحاول فيه الأمير الشاب، استعادة أوراق اعتماده الإصلاحية بعد أن تضررت سمعته العالمية بسبب مقتل الناقد الحكومى جمال خاشقجى، عام 2018 فى قنصلية المملكة فى اسطنبول.
وسيتم تحويل عائدات الاكتتاب العام إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذى يقوم بعدد من الاستثمارات الجريئة، إذ يخصص 45 مليار دولار فى صندوق تابع لشركة «سوفت بنك» العالمية مع حصة تبلغ 3.5 مليار دولار فى شركة «أوبر».
وذكرت «بلومبرج» أنه بغض النظر عن التقييم النهائى، فإن بيع الأسهم سيؤدى إلى إنشاء شركة عامة ذات ربحية لا مثيل لها.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا