أكدت الصين أن حصتها البالغة 67% في ميناء “بيرايوس” اليوناني ليست مطروحة للبيع، رافضة بشكل قاطع التصريحات الصادرة عن السفيرة الأمريكية الجديدة في اليونان كيمبرلي آن جيلفويل، والتي ألمحت فيها إلى إمكانية طرح الميناء للبيع في إطار جهود واشنطن للحد من النفوذ الصيني في الموانئ الأوروبية، بحسب رويترز.

جاء الموقف الصيني في بيان رسمي أصدرته السفارة الصينية في أثينا، لتؤكد أن ملكية الصين لحصتها في ميناء بيرايوس “ليست محل نقاش”، وأن العلاقات الصينية – اليونانية “لا يمكن أن تتأثر بأطراف ثالثة”.

يعد هذا الرد من أندر البيانات العلنية التي تصدر عن البعثة الدبلوماسية الصينية في اليونان، في إشارة إلى حساسية الملف وأهميته لبكين.

بيرايوس.. بوابة الصين إلى أوروبا

يعد ميناء “بيرايوس” أحد أهم الموانئ الاستراتيجية في أوروبا، ومحورا رئيسيا على طريق التجارة البحرية الذي يربط آسيا وإفريقيا وأوروبا.

تملك شركة “COSCO”، وهي واحدة من أكبر تكتلات الشحن وإدارة الموانئ في العالم، حصة قدرها 67% في الميناء، بعد إتمام صفقة الاستحواذ عام 2016 خلال ذروة أزمة الديون اليونانية.

منذ دخول “COSCO”، تحوّل “بيرايوس” إلى واحد من أسرع الموانئ نموا في شرق المتوسط، وبات محطة محورية ضمن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، ما جعله نقطة اهتمام متزايدة في التنافس الأمريكي – الصيني على النفوذ البحري.

واشنطن تلوح بموازنة النفوذ الصيني

التوتر الأخير بدأ مع مقابلة أجرتها السفيرة الأمريكية كيمبرلي آن جيلفويل مع قناة “ANT1” اليونانية، حيث قالت إن “من المهم جدا أن يكون لدينا وجود للبنية التحتية الأمريكية هنا لدعم المنطقة”، مضيفةً أن الولايات المتحدة ترى “طرقا مختلفة لتحقيق ذلك، سواء من خلال تعزيز طاقات موانئ أخرى، أو ربما يكون ميناء بيرايوس معروضا للبيع”.

التصريح الأخير تحديدا أثار غضب بكين، إذ تراه تدخلا مباشرا في استثمارات صينية قائمة، ويمس واحدا من أكبر مشروعاتها في أوروبا.

رد صيني حاد

في بيان شديد اللهجة، وصفت السفارة الصينية تصريحات جيلفويل بأنها “هجمات بلا أساس”، مؤكدة أن الولايات المتحدة “بدوافع أنانية” تحاول تحريض اليونان على إنهاء التزاماتها التعاقدية مع الصين وبيع الميناء.

أضاف البيان أن واشنطن تُظهر “ذهنية الحرب الباردة”، محذرة من أن الميناء “لا يجب بأي حال من الأحوال أن يقع ضحية لمواجهة جيوسياسية”.

تصر بكين على أن استثماراتها في “بيرايوس” ذات طبيعة تجارية بحتة، وأن الميناء جزء من شراكة اقتصادية طويلة الأمد مع اليونان.

ميناء بيرايوس في قلب استراتيجية الطاقة الأمريكية

تسعى الولايات المتحدة منذ سنوات إلى زيادة وجودها البحري والطاقي في اليونان، لدعم صادرات الطاقة الأمريكية إلى أوروبا وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

في هذا الإطار، أبدت واشنطن اهتماما بالاستحواذ على حصص في موانئ يونانية صغيرة أخرى يمكن استخدامها لتخزين أو إعادة تصدير الغاز والطاقة.

كما يأتي هذا الاهتمام بالتوازي مع اتفاق دفاعي مُحدث بين واشنطن وأثينا، يوسع من نطاق الوصول الأمريكي إلى منشآت عسكرية في جزيرة كريت والبرّ الرئيسي لليونان، ما يعزز أهمية اليونان كمركز استراتيجي في جنوب أوروبا.

صراع النفوذ في الموانئ الأوروبية

يعد ميناء بيرايوس أحد أبرز نقاط التماس بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، فبينما ترى الصين أن الميناء جزء أساسي من حضورها البحري العالمي، ترى الولايات المتحدة أن تنامي السيطرة الصينية على موانئ أوروبا يشكل تهديدا استراتيجيا طويل الأمد، خاصة فيما يتعلق بسلاسل الإمداد والطاقة والتجارة.

يأتي ذلك في ظل جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إضعاف نفوذ الصين في الموانئ العالمية، وطرح اليونان باعتبارها مركزا محوريا للطاقة في أوروبا.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا