سجل الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثالث من عام 2025 معدل نمو بلغ 4.3%، هو الأعلى منذ عامين بحسب تقرير صادر عن وزارة التجارة الأمريكية.
تجاوز الناتج المحلي الإجمالي وهو المؤشر الأشمل لقيمة السلع والخدمات المُنتَجة التوقعات بفارق كبير، في إشارة لتعافي الاقتصاد الأمريكي في فصل الصيف.
بحسب مكتب التحليل الاقتصادي، فإن هذا النمو القوي وغير المتوقع يعكس زيادات في الإنفاق الاستهلاكي والصادرات والإنفاق الحكومي جرى تعويضها جزئيًا بتراجع في حجم الاستثمارات.
كان خبراء الاقتصاد يتوقعون تباطؤ النمو إلى 3.2%، مقارنة بمعدل سنوي بلغ 3.8% في الربع الثاني.
يأتي صدور التقرير في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تراجع رضا الأمريكيين عن أداء دونالد ترامب في إدارة الملف الاقتصادي خصوصًا فيما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية، في حين تنظر المحكمة العليا حاليًا في الطعون القانونية المُقدَّمة ضد هذه الرسوم.
علق ترامب على الأرقام عبر منصته “تروث سوشيال” قائلًا: “الرسوم الجمركية هي السبب وراء الأرقام الاقتصادية الأمريكية الرائعة التي أُعلن عنها للتو… وستتحسن أكثر بالإضافة إلى ذلك لا يوجد تضخم والأمن القومي ممتاز. صلّوا من أجل المحكمة العليا الأمريكية!!! الرئيس دونالد ترامب”.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الصورة
من شأن أرقام الناتج المحلي الإجمالي أن تزيد من تعقيد قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فقد أعلن المجلس في وقت سابق من الشهر الجاري خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس، في ظل دلائل على ضعف سوق العمل إلا أن أعضاءه منقسمون بشأن الخطوات المقبلة، وفق صحيفة جارديان البريطانية.
تتمثل المهمة المزدوجة للاحتياطي الفيدرالي في الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق أقصى قدر ممكن من التوظيف.
رغم أن التضخم لا يزال أعلى بكثير من مستهدفه السنوي البالغ 2% ما يعزز الرأي الداعي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لكبح الأسعار، فإن وجود فجوات في سوق العمل يدعم في الوقت نفسه خيار خفض الفائدة لتفادي ارتفاع معدلات البطالة.
كما تتأثر قرارات الاحتياطي الفيدرالي بنقص البيانات المتاحة إذ تأخر صدور أحدث أرقام الناتج المحلي الإجمالي على غرار تقارير اقتصادية رئيسية أخرى بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية الذي استمر من 1 أكتوبر حتى 12 نوفمبر، وتسبب في إجازات قسرية لموظفي الحكومة بمن فيهم القائمون على جمع البيانات الاقتصادية.
مرونة الاقتصاد الأمريكي
على مدار عام مليء بتحديات استثنائية أظهر الاقتصاد الأمريكي قدرًا لافتًا من المرونة، ففي أبريل أعلن ترامب فرض تعريفات جمركية واسعة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين، ورغم تخفيفه أو إلغائه عددًا من هذه الرسوم لاحقًا فإن حالة عدم اليقين التي أحدثتها أثارت قلق الشركات والمستهلكين.
كان الاقتصاد الأمريكي قد انكمش خلال الربع الأول من عام 2025 بعدما سارعت الشركات إلى استباق الرسوم الجمركية التي لوّح بها ترامب عبر زيادة غير مسبوقة في الواردات.
غير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي عاد سريعًا إلى المسار الصاعد مدعومًا باستثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب قوة الإنفاق الاستهلاكي.
في هذا السياق، كتب بول آشورث، كبير الاقتصاديين لشؤون أمريكا الشمالية في كابيتال إيكونوميكس في مذكرة للمستثمرين “لا يزال الاقتصاد يحتفظ بزخم قوي ومع ذلك قد يؤدي الإغلاق الحكومي إلى تباطؤ النمو في الربع الرابع إلى نحو 2% على أساس سنوي”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا