سجلت تقاوي البطاطس في مصر تراجعًا حادًا وصل إلى أكثر من 60% مقارنة بالموسم الشتوي الماضي ليهبط سعر طن أصناف رئيسية مثل “سبونتا” و“كارا” إلى أدنى مستوياته منذ سنوات، وذلك بعد عامين من الأسعار القياسية التي أنهكت الفلاحين.
لكن هذا الانخفاض الذي يفترض أن ينعش الزراعة جاء متأخرًا في نظر كثير من المزارعين الذين لا تزال خسائر الموسم الماضي تطارد قراراتهم، بعد انهيار أسعار بيع البطاطس تحت حد التكلفة وارتفاع أعباء الإنتاج من عمالة وسولار وتقاوي.
يدخل موسم البطاطس الشتوي الجديد بمعادلة معقدة طرفيها تقاوي أرخص وشهية زراعة أضعف، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر وانعكاس ذلك على الإنتاج المحلي والصادرات خلال 2026.
تراجع أسعار تقاوي البطاطس
انخفض سعر طن تقاوي البطاطس من صنف “سبونتا الهولندي” إلى ما بين 65 و70 ألف جنيه على أقصى تقدير مقارنةً بنحو 140 و150 ألف جنيه للطن في موسم زراعات الشتاء الماضي، بحسب شركات مستوردة للتقاوي تحدثت مع “إيكونومي بلس”.
كما تراجع سعر طن التقاوي من صنف “كارا” – الأكثر شهرة في مصر – ليتراوح بين 45 و50 ألف جنيه مقارنةً بما يتراوح بين 110 و120 ألف جنيه للطن في الموسم الشتوي الماضي.
على الرغم من تراجع أسعار التقاوي من مستوياتها القياسية في العامين الماضيين تشير توقعات الموسم الجديد إلى تراجع في المساحات وعزوف الفلاحين نحو محاصيل أخرى بعد موجة خسائر كبيرة تعرضوا لها في الموسم الماضي، بحسب ما قاله نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام.
تزرع مصر نحو 600 ألف فدان من البطاطس سنويًا على 3 عروات هي (الشتوية، الصيفية، والنيلية) وتنتج هذه المساحة نحو 7.5 مليون طن، منها نحو 1.3 مليون طن للتصدير ويتم توزيع باقي الكميات محليًا.
فيما تستورد مصر تقاوي البطاطس سنويًا خلال الفترة بين أكتوبر وحتى نهاية ديسمبر من كل عام وتستخدم هذه التقاوي في زراعات الموسم الشتوي فقط، بينما يتم استخدام جزء من إنتاج الموسم الشتوي نفسه لزراعات العروتين التاليتين فيما يسمى بـ”كسر التقاوي”.
في العادة، تستحوذ عروة الزراعات الشتوية على المساحات الأكبر من مساحات المحصول على مدار العام بما يتجاوز 250 ألف فدان ويحتاج الفدان في هذه العروة لنحو 750 كيلو من التقاوي المستورة، بينما تحتاج العروتين الثانية والثالثة إلى 1-1.5 طنا من تقاوي “الكسر”.
عزوف عن الزراعة
توقع متعاملون في زراعة البطاطس عزوف بعض الفلاحين عن زراعة البطاطس هذا الموسم نتيجة الخسائر الكبيرة التي تكبدوها الموسم الماضي بسبب تراجع أسعار البيع تحت حد التكلفة التي تفاقمت على خلفية تسجيل التقاوي أسعارًا قياسية وارتفاع تكاليف العناصر الأخرى من الأيدي العاملة والسولار وغيرها.
“سعر بيع البطاطس حاليًا يتراوح بين 4 و7 جنيهات للكيلو جملة بحسب الصنف والجودة وذلك مقارنة بأسعار تراوحت الموسم الماضي بين 15 و20 جنيه في الكيلو” قال أحد كبار المزارعين في محافظة القليوبية.
تابع: قمت بتخزين بعض الكميات من الإنتاج خلال الموسم الماضي لبيعها بأسعار أفضل في نهاية الموسم كما يحدث كل عام لكني تكبدت خسارةً كبيرة وقررت على إثرها عدم الزراعة البطاطس هذا الموسم” قال أحد كبار المزارعين.
بحسب المزارع نفسه “تكلفة التخزين تصل إلى 3.5 جنيها للكيلو بخلاف تكلفة الزراعة نفسها، لكنه وجد نفسه في نهاية الموسم مضطرا لبيع البطاطس المخزنة في الثلاجات بسعر لا يتجاوز 4 جنيهات حاليًا، ما دفعه لزراعة محاصيل أخرى أكثر أمانًا مثل القمح”.
تراجع واردات تقاوي البطاطس
انعكس تراجع المساحات المزروعة بالبطاطس على واردات مصر من تقاوي البطاطس لزراعات الموسم الشتوي 2026 حيث تراجعت بنسبة 21.5% إلى 95.8 ألف طن حتى نهاية الأسبوع الثالث من ديسمبر الجاري مقابل 122 ألف طن خلال الفترة نفسها من الموسم الماضي، بحسب بيانات الإدارة المركزية للحجر الزراعي التابعة لوزارة الزراعة.
أظهرت البيانات أن الواردات من اسكتلندا تصدرت قائمة الأصناف المستوردة بإجمالي كميات بلغت 43.9 ألف طن تلتها هولندا في المرتبة الثانية بنحو 28.7 ألف طن ثم فرنسا ثالثة بإجمالي 12.6 ألف طن، والدنمارك رابعة بكميات اقتربت من 7000 طن.
استوردت مصر كميات محدودة من عدد آخر من الدول الأوربية ضمت ألمانيا بنحو 2375 طن والنمسا 550 طن وبلجيكا 468 طنا ولوكسمبورج 156 طن فقط.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا