رئيس التحرير / أسامه سرايا | المشرف العام / خالد أبو بكر |
أخبار

هل يواجه التمويل الاستهلاكي في مصر سيناريو فقاعة الائتمان الأمريكية؟

9 أشهر

كتب: محمد غنيم 

لم يعد بين المصريين من الطبقة المتوسطة من لا يوجد في دائرة معارفه القريبة مستخدم لمنصات التقسيط الإلكترونية التابعة لشركات التمويل الاستهلاكي.

على الرغم من حداثة نشاط التمويل الاستهلاكي في مصر إلا أنه لاقى إقبالًا واسعًا وبصفة خاصة بين فئات الشباب.

انعكس هذا الإقبال الكبير على أرقام القطاع الذي سجل تمويلات تصل إلى 75 مليار جنيه خلال أول عشرة أشهر من العام الجاري بزيادة 58% على أساس سنوي، وفق تقرير حديث صادر عن الهيئة العامة للرقابة المالية.

فيما قفز عدد العملاء المستفيدين من هذه التمويلات بنسبة 182.7% على أساس سنوي، ليصل إلى 9.25 مليون عميل بنهاية أكتوبر 2025.

رافق التوسع في محفظة التمويلات الاستهلاكية تحذيرات من مخاطر حدوث فقاعة ائتمانية قد تقود إلى موجة تعثرات واسعة.

تعزز الآراء المُحذرة من مخاطر الفقاعة إطلاق البنك المركزي المصري تعليمات شفوية مؤخراً للبنوك بضرورة الحصول على موافقته المسبقة كشرط للمشاركة في عمليات التوريق.

أرجعت مصادر بالسوق تعليمات البنك المركزي إلى توسع البنوك في الاكتتاب بسندات التوريق والتي تتركز أغلبها في أنشطة التمويل الاستهلاكي والعقاري، وما قد يمثله ذلك من مخاطر محتملة على الجهاز المصرفي في حال تضرر جودة الأصول.

الأرقام لا تعبر عن الواقع 

“الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي للائتمان الاستهلاكي وهناك قلق عبرت عنه هيئة الرقابة المالية سابقًا إزاء انتشار ظاهرة تسييل القروض – شراء منتج بالتقسيط ثم بيعه نقدًا للحصول على سيولة – وهي ممارسة شديدة الخطورة” قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع، لـ”إيكونومي بلس”.

“ينبغي التحذير من أن نسب النمو المعلنة لم تُظهر معدلات تغطية الديون مع إمكانية انفجارها حال تدهور الأوضاع الاقتصادية” أكد نافع.

ربط الخبير الاقتصادي في حديثه بين مخاطر الفقاعة الائتمانية وتآكل دخول الأفراد قائلاً: “الخطر الأكبر يكمن في تراجع الدخل الحقيقي للأفراد مقابل استمرار توسعهم في الاقتراض للحفاظ على نمط إنفاقهم، بينما لا يوجد أي نوع من الضمانات يدعم هذا النوع من الائتمان سوى الدخل الذي يتآكل فعل، وهذا لا يؤثر فقط على الإنفاق بل على القدرة على السداد”.

وصف نافع اعتماد المصريين على التمويل الاستهلاكي بقوله: “لو دخلك 10 آلاف وأصبح 5 آلاف فمن غير الطبيعي أن تواصل نمط إنفاقك القديم، لكن الآن هناك من يقول لك: لا تخفض إنفاقك وسأمنحك ما تحتاجه”.

التجربة الأمريكية في الأذهان

بحسب نافع “ما يحدث في مصر من الإشارة إلى أن الأرقام طبيعية يشبه أنماطًا سبقت في الولايات المتحدة حين كانت الرؤية المسيطرة أن الأمور طبيعية جدًا لكن عندما انفجرت الفقاعة تم سجن آلاف الأشخاص”.

الخبير الاقتصادي حذر من أن استمرار النمو الحالي قد يحول شريحة واسعة من المقترضين إلى غارمين، خاصة مع الاعتماد المتزايد لبعض الأسر على القروض الشخصية لتمويل الاحتياجات الأساسية من طعام ومدارس.

عبّر نافع عن قلقه من دخول القطاع في نمط “نمو فقاعي”، قائلًا: “الجميع يتحدث عن فقاعة عقارية وأنا أتحدث عن فقاعة التمويل الاستهلاكي”.

تابع: “الأزمة تتفاقم ببطء، لكن انفجارها قد يكون دفعًة واحدًة عبر موجة تعثر واسعة وسيكون إعلان إفلاس شركة كبيرة واحدة كفيلًا بإرسال إشارة سلبية قوية للسوق”.

العلاقة بين التعثر ونمو قاعدة العملاء

“من غير المنطقي أن تظل مستويات التعثر منخفضة رغم الزيادة المفاجئة في عدد العملاء وحجم المحافظ، وهناك تساءل عن مدى جاهزية الشركات للتوسع بهذه الوتيرة ودرجة انعكاس ذلك على معدلات توظيف المحللين وإدارة المخاطر” ذكر نافع.

وفق الخبير الاقتصادي، فإن هناك تباين بين القوة المالية لمؤسسات التمويل حيث إن البنوك لديها قدرة مالية قوية تمكنها من تحمل أرصدة الديون المعدومة بينما شركات التمويل الاستهلاكي تفتقر إلى هذه القدرة”.

اختتم نافع حديثه قائلًا: “لا أدعو إلى وقف نشاط التمويل الاستهلاكي بل التعامل مع الإشارات السلبية بجدية وتعتبر قيود الرقابة المالية على التراخيص الجديدة ووضع ضوابط إضافية أدلًة على وجود مشكلات حقيقية في السوق”.

شركات التمويل الاستهلاكي: لا مخاوف من الفقاعة

في المقابل، يرى مسؤولو شركات التمويل الاستهلاكي أن القطاع يتمتع بتماسكٍ وقدرة على مجابهة المخاطر بفضل معدلات التعثر المنخفضة.

عبر عن هذه الرأي سعيد زعتر، رئيس الاتحاد المصري للتمويل الاستهلاكي، قائلًا لـ”إيكونومي بلس”: “معدلات التعثر في القطاع في الحدود الآمنة إذ تتراوح حاليًا بين 3 و4%، بينما تجاوز مستوى 5% يعبر عن منطقة غير آمنة مع اختلاف قدرة الشركات على التحمل بحسب حجم الاحتياطيات لديها”.

“حالات تعثر عملاء التمويل الاستهلاكي لا تؤدي إلى الحبس لكون القانون لا يسمح بذلك وتقتصر العواقب على الحجز على بعض الممتلكات أو تدهور الجدارة الائتمانية، ما يحد من قدرة العميل على الحصول على تمويلات مستقبلية” قال زعتر.

وهو ما أكده علي عبد الوهاب، المدير التنفيذي لقطاع التمويل الاستهلاكي بشركة بي تك، إذ أوضح أن “الضمانة الوحيدة للتمويل الاستهلاكي هي السند الإذني وهو سند مدني يخضع للقانون المدني وليس الجنائي ولا يترتب عليه الحبس”.

“حالات الحبس التي ارتبطت بالنشاط في الماضي تعود إلى فترة ما قبل تنظيم القطاع تشريعيًا حين كان التمويل يتم خارج الإطار القانوني باستخدام كمبيالات وهو ما انتهى مع صدور قانون تنظيم التمويل الاستهلاكي رقم 18 لسنة 2020″ قال عبد الوهاب لـ”إيكونومي بلس”.

مع ذلك اعتبر المدير التنفيذي لقطاع التمويل الاستهلاكي بشركة بي تك، أن الشركات تعتمد على آليات تحصيل مرنة تشمل إعادة الجدولة والتأجيل وخطط السداد المناسبة وهو ما تترجمه نسب التعثر الحالية المنخفضة والتي تُعد آمنة للغاية وفقًا للمعايير المحلية والدولية.

وفي هذا السياق، أكدت إحدى المؤسسات الخيرية العاملة في سداد ديون الغارمين أنها لم تتلقَّ أي حالات تعثر قادمة من شركات التمويل الاستهلاكي المرخصة قانونًا، وأن جميع الحالات التي تتعامل معها ترتبط بكمبيالات تطورت إلى قضايا.

“معدلات التعثر في البنوك أعلى من شركات التمويل الاستهلاكي فهي تتراوح بين 3 و6%” دافع محمد الفقي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سيمبل المتخصصة في حلول الشراء الآن والدفع لاحقًا عن موقف نشاط التمويل الاستهلاكي في مصر.

تابع: “حجم التجارة الداخلية في مصر يبلغ نحو 3 تريليونات جنيه سنويًا مقابل تمويل استهلاكي لا يتجاوز 75 مليار جنيه، إضافة إلى نحو 1.5 تريليون جنيه قروضًا استهلاكية من البنوك”.

بل أن الفقي ذهب إلى نمو قطاع التمويل الاستهلاكي طبيعي مفسراً ذلك بأن “النشاط جديد على السوق وينتشر للمرة الأولى”.

شريف سامي: لا ينبغي تجاوز نسب التعثر 10%

من وجهة نظر شريف سامي، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للرقابة المالية، فإن المؤسسات المالية تقبل معدلات تعثر أعلى مقابل تحقيق هوامش ربح أكبر ولا يوجد رقم ذهبي للتعثر لكن في كل الأحوال يجب ألا يتجاوز 10%.

“الإقبال المتزايد على التمويل الاستهلاكي يعود إلى ارتفاع الأسعار وحاجة الأفراد إلى تقسيط السلع، إلى جانب أن التعثر لا يؤدي إلى الحبس إنما يؤثر على التصنيف الائتماني للفرد” أوضح سامي لـ”إيكونومي بلس”.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

هل يواجه التمويل الاستهلاكي في مصر سيناريو فقاعة الائتمان الأمريكية؟

كتب: محمد غنيم  لم يعد بين المصريين من الطبقة المتوسطة...

منطقة إعلانية