مستثمرون يراهنون على انخفاض سعر الفائدة والطاقة
خطة طموحة؛ وضعتها الحكومة منذ بداية تطبيق منظومة الإصلاح الاقتصادى نهاية 2016، استهدفت من خلالها تحقيق نهضة اقتصادية شاملة فى جميع القطاعات، خصوصاً القطاع الصناعى الذى يعد أحد الركائز الأساسية التى تعول عليها الدولة؛ لخفض عجز الميزان التجارى، وتوفير مزيد من فرص العمل للحد من تفاقم البطالة.
وأعقبت هذه الخطة، بعض التأثيرات السلبية تمثلت فى ارتفاع أسعار الغاز، ومعدلات الفائدة، فضلاً عن استحداث نظم ضريبية مثل الضريبة العقارية التى طالت المصانع، وتسببت فى إرجاء خططها التطويرية لحين وضوح الرؤية.
ولم يطرأ على عمل القطاع أى تغير إيجابى يذكر، خلال السنوات الثلاث الماضية، سوى خفض طفيف لأسعار الفائدة، وخفض أسعار الغاز لعدد من القطاعات الصناعية، وتعديل بعض القوانين المنظمة للعملية الاستثمارية، فى الوقت الذى تستهدف فيه الحكومة الوصول بمعدل النمو صناعى إلى %8 العام المقبل 2020.
وطالب عدد كبير من الصناع ورجال الأعمال، الحكومة بأن يكون 2020 هو عام عودة الأمل إلى القطاع الصناعى، وبداية انطلاقة جديدة تحمل مزيداً من الحوافز والتسهيلات حتى يتمكن من التطور والنمو.
رهن مستثمرون، وصول النمو الصناعى إلى %8، خلال العام المقبل، وفقاً لمستهدفات الحكومة، بمزيد من خفض سعر الفائدة، وتعميق التصنيع المحلى، وتوفير الدعم اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ للمساهمة فى توفير الصناعات المغذية للصناعات الكبرى.
قال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إنَّ زيادة النمو الصناعى، ورفع نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى، يتطلبان من الحكومة عدة إجراءات، على رأسها خفض سعر الفائدة للمصانع.
وأضاف لـ«البورصة»، أن القطاع الصناعى يحتاج إلى فائدة مخفضة ومميزة؛ للمساهمة فى ضخ استثمارات محلية جديدة بجانب جذب استثمارات أجنبية.
وأوضح أن سعر الفائدة المطلوب يجب أن يتراوح بين 6 و %10 بحسب المشروع، لتكون %10 للمشروعات الكبيرة، و%8 للمتوسطة، و%6 للمشروعات الصغيرة.
وقرر البنك المركزى 14 نوفمبر الماضى، خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وذلك للمرة الرابعة فى 2019، بواقع 100 نقطة أساس، بحيث يصل إلى %12.25 على الإيداع، و%13.25 على الإقراض.
وعزا مجلس الوزراء، قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، الخاص بخفض سعر الفائدة، إلى تراجع معدل التضخم للحضر ليسجل %3.1 فى أكتوبر الماضى، بجانب ارتفاع معدل النمو الاقتصادى إلى %5.6 خلال الربع الثالث من العام الحالى، مقابل الفترة نفسها من 2018.
أضاف «أبوالمكارم»، الذى يترأس شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية، أن انخفاض سعر الدولار يؤثر سلباً على الصادرات المصرية، لذلك يجب زيادة نسبة المكون المحلى فى المنتجات المصرية.
وتابع: «زيادة نسبة المكوّن المحلى ستقلل التكلفة بدلاً من دخول مكوّنات مستوردة ترفع السعر، ما سيسهم فى زيادة تنافسية المنتجات المصرية عند التصدير».
وقال أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إنَّ القطاع يحتاج من المصانع العاملة بالقطاع، إلى التوافق مع متطلبات هيئة سلامة الغذاء التى تتولى الرقابة على الصناعات الغذائية.
أضاف أن رفع جودة المنتجات المحلية ومطابقتها للمعايير العالمية، سيسهم فى زيادة تنافسيتها عالمياً، ومن ثم يتحقق ارتفاع حجم وقيم صادرات الصناعات الغذائية.
أما تنمية القطاع، فتتطلب ضم القطاع غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية، من خلال قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أكد «الجزايرلى»، ضرورة توفير قروض مخفضة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى خفض سعر الأراضى الصناعية، وتقليل زمن الإفراج الجمركى عن خامات الصناعات الغذائية.
وقال الدكتور تامر أبوبكر، رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، إنَّ القطاع الصناعى يراهن على السياسات التشجيعية التى وعدت بها الدولة، ومنها خفض معدل الفائدة وسعر الدولار.
أضاف أن أغلب المشروعات الراغبة فى التوسع، تعتمد على التمويلات البنكية، لذلك فإنَّ ثبات سعر الفائدة عند معدلاتها الحالية، يمثل عائقاً أمام الاستثمارات المحلية، بخلاف الاستثمارات الأجنبية التى تأتى بتمويلها.
واعتبر التعديلات على بعض القوانين المنظمة للعملية الاستثمارية؛ مثل الثروة المعدنية، والاستثمار، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى يناقش حالياً بمجلس النواب، بمثابة ثورة إصلاحية للقطاع الصناعى.
طالب «أبوبكر»، الحكومة بالإسراع فى إعداد قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة العام المقبل، كوْنها من ركائز نهضة الصناعة؛ لأنها تستطيع توفير جميع مستلزمات الإنتاج التى تحتاجها الصناعات الكبيرة، وبذلك تتمكن الدولة من تشجيع الصناعة المحلية والحد من الاستيراد.
وقال سمير عارف، رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، إنَّ استمرار الحكومة فى إقامة المجمعات الصناعية المتخصصة، وتمكين الشباب من تنفيذ مشروعاتهم من خلال توفير تمويلات مالية، سينهض بالقطاع الصناعى الفترة المقبلة.
ورهن ارتفاع معدل النمو الصناعى نهاية العام المقبل، بتطبيق القوانين التى صدرت على أرض الواقع مثل تفعيل نظام الشباك الواحد وقانون التراخيص الصناعية الجديد.
أشار «عارف»، إلى أن تراجع سعر الدولار طمأن المصانع التى تعتمد على مستلزمات إنتاج مستوردة، وعادت للعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، بعد أن كانت خفضت طاقتها؛ بسبب عدم استقرار سعر الصرف منذ نهاية عام 2016.
وقال أكرم القويرى، رئيس مجلس إدارة شركة الشمعدان للصناعات الغذائية، إنَّ مصر من أكبر الأسواق الاستهلاكية فى السلع الغذائية، لذلك فإنَّ استقرار المناخ الاستثمارى سيحفز عدداً كبيراً من الشركات على تنفيذ خطط توسعية لزيادة الطاقات الإنتاجية.
أضاف أن الشركة تنفذ خططاً توسعية بشكل مستمر فى السوق المحلى، بدعم من الزيادة السنوية فى أعداد السكان، موضحاً أن الخطة الخارجية مرتبطة بتحسن الأوضاع فى عدد من الدول العربية، ومنها ليبيا، وسوريا والعراق.
وقال علاء الدين السبع، رئيس مجلس إدارة شركة السبع أوتوموتيف، الموزع المعتمد لسيارات نيسان، إنَّ القطاع الصناعى يسير على الطريق الصحيح للوصول لأعلى معدلات نمو خلال 2020، فى ظل خفض أسعار الفائدة، وتوقعات استمرار خفضها.
أضاف أن أبرز المعوقات التى تقف حائلاً أمام توسعات المستثمرين بالقطاع الخاص، هو مزاحمة الدولة لهم، الأمر الذى يجعل المستثمر دائماً فى حالة ترقب وحالة تساؤل.. «إلى أين يتجه الاقتصاد المصرى؟».
وتابع «السبع»: «نحتاج لإعادة النظر فى أسعار الطاقة الموجهة للمصانع.. وإذا أرادت الدولة إنعاش الصناعة المحلية، فعليها أن تتحلى بالجرأة، وإبعاد أصحاب الأيدى المرتعشة عن مواقع اتخاذ القرار».
وأشار إلى أن السيارات من أبرز القطاعات التى تساعد الدولة على تحقيق النمو الصناعي، إذ تستوعب عدداً كبيراً جداً من الصناعات المغذية التى تفتح الأبواب أمام استثمارات جديدة.
وشدد على أهمية إلغاء الرسوم الجمركية على المكونات الخاصة بصناعة السيارات، لتحريك المياه الراكدة بشأن صناعة السيارات.
وقال «السبع»: «بالطبع سيؤثر ذلك على حصيلة الدولة الجمركية، ولكن الجنيه الذى نخسره اليوم، نسترده 10 جنيهات فى المستقبل، وسينعكس الأمر على السعر النهائى للسيارات، وتنشيط حركة مبيعاتها وجذب استثمارات أكثر».
وقال كمال جبر، العضو المنتدب لشركة ديورافيت إيجيبت لصناعة الأدوات الصحية، إنَّ عام 2020 سيشهد نمواً صناعياً ملحوظاً، خصوصاً إذا اتجه البنك المركزى لمزيد من خفض الفائدة إلى مستويات أقل من %9.
وتوقع أن يعتمد النمو الصناعى على القطاعات التى تعانى فاتورة واردات مرتفعة.
أشار «جبر»، إلى أن الوصول لمعدل نمو %8، صعب إلى حد ما، ولكن لا شك أن النمو الصناعى سيتجه صعوداً خلال السنوات المقبلة.
وقال على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إنَّ الحكومة بدأت الإجراءات المحفزة للنمو الصناعى فى وقت متأخر جداً، لن يُمكنها من تحقيق النمو الصناعى المستهدف.
وأضاف: «نرحب بالتفات الحكومة للاقتصاد الإنتاجى المعتمد على الصناعة، فهى المحرك الحقيقى لزيادة الدخل القومى».
وأشار إلى أن العام المقبل سيشهد تحركاً من المصانع التى تنتظر الفرصة لإجراء توسعات، لتستغل خفض معدلات الفائدة، لشراء ماكينات وخطوط إنتاج أو تدشين مصانع جديدة. ولكن هذا التحرك لن يؤتى ثماره قبل 5 سنوات من البدء فى تنفيذه.
وتابع: «بالطبع سيشهد العام المقبل نمواً، ولكن ليس بالمعدل المأمول، وسيسهم فى ذلك زيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع التى كانت تعمل بنصف إنتاجها».
وقال مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إنَّ الصناعة المحلية قادرة على تحقيق معدلات نمو تصل إلى %18 وليس %8 فقط كما تستهدف الحكومة.
ويتوقف ارتفاع معدلات النمو الصناعى، على تقديم مزيد من الدعم للقطاع، من خلال تيسير الإجراءات، وإقرار مزيد من خفض أسعار الفائدة.
وأشار إلى أن الحكومة لم تقم بالترويج الكافى لأبرز عوامل تحقيق النمو، وهى خريطة الاستثمار الصناعى، مؤكداً أن كل القطاعات قادرة على النمو، ولا توجد ميزة لقطاع دون آخر.
وقال محمد المصرى، نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إنَّ القطاع الصناعى سيشهد تطوراً، خلال السنوات الثلاث المقبلة، خصوصاً فى أعداد المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تتزامن مع مبادرة البنك المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة بفائدة مخفضة %5.
وأضاف أن هذا التطور سينعكس على توفير السلع فى السوق المحلى بديلاً للمستورد، ومع الوقت وزيادة الطاقات الإنتاجية للمصانع وخفض التكلفة، ستزيد الصادرات، وتُطرح فى الخارج بسعر تنافسى.
أشار «المصرى»، إلى ضرورة استكمال الثورة التشريعية التى شهدتها بعض القوانين، وإعادة النظر فى قانون العمل، فضلاً عن سرعة الفصل فى القضايا المنظورة أمام المحاكم الاقتصادية، باعتبار أن العدالة الناجزة من وسائل تشجيع الاستثمار.
وقال وجيه بسادة، رئيس مجلس إدارة شركة سيراميكا ألفا، إنَّ تحقيق نمو %8 فى القطاع الصناعى يمكن الوصول إليه خلال 3 سنوات، خاصة أن الصناعة تستغرق وقتاً فى الإنشاءات والتعاقد على شراء خطوط إنتاج ثم التركيب ومراحل التجريب ثم الإنتاج الفعلى، وبعدها رفع حجم الإنتاج.
وأوضح أن النمو الصناعى مرهون بمراجعة أسعار الطاقة مرة ثانية والوصول بها إلى السعر العالمى، فضلاً عن الحاجة إلى تسهيل الإجراءات والأوراق المطلوبة لإنشاء مصانع جديدة لجذب المستثمرين.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا