أكد مستثمرون ومصنعون، أن المبادرات التي اطلقتها الحكومة والبنك المركزي، أمس الأربعاء، لتنشيط قطاعي الصناعة والعقارات لبّت مطالبات عديدة قديمة، مضيفين في حديثهم لـ”إيكونومي بلس”، أنهم لطالما ناشدوا الحكومات المتتالية بهذه المطالب لتنشيط صناعاتهم، ومساعدتهم على استمرارية الإنتاج، والتوسع وفتح أسواق جديدة.
وأعلن محافظ البنك المركزي، طارق عامر، أن مباردة البنك مع الحكومة قيمتها الإجمالية 181 مليار جنيه، وتهدف لتنشيط الصناعة المصرية وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة وتمويل إسكان متوسطي الدخل.
100 مليار جنيه لقطاع الصناعة
وقال عامر خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر مجلس الوزراء، إنه بالتعاون مع وزارة المالية سيوفر تمويل بـ100 مليار جنيه قروض لتمويل السلع الاستثمارية، ورأس المال العامل، بسعر فائدة 10٪ سنويًا لقطاع الصناعة، واصفا إياها بالخطوة الكبيرة وتعد تضحية كبيرة من البنك المركزي ووزراة المالية في تحمل فرق التكلفة.
ستغطي هذه المبادرة 96 ألف مؤسسة صناعية سوف تتمتع بقروض قصيرة وطويلة الأجل، على أن تكون الأولوية للصناعات البديلة للواردات والصناعات التصديرية.
وأوضح عامر أنه يوجد 5184 مصنعًا متعثرًا لديهم قضايا مع بنوك أمام القضاء، مشيرًا إلى أنه عقب دراسة هذا الملف سيوجه البنوك بإعفاء المصانع من الفوائد المتراكمة التي بلغ حجمها 31 مليار جنيها، فضلا عن إزالة هذه الشركات من القوائم السلبية في البنك المركزي لتعود للتعامل مع الجهاز المصرفي مرة أخرى إذا رغبت في الحصول على تمويل جديد، حال سددت 50٪ من أصل الدين البالغ 6 مليارات جنيه.
إلا أن النقطة السابقة بالمباردة المتعلقة بسداد الشركات 50% من أصل القرض حال رغبت في الحصول على تمويل جديد، كانت محل تباين بين المستثمرين على مدى قدرة الشركات على سدادها، وفي نفس الوقت أظهرت اتفاقهم على كونها نقطى فنية تختلف متطلباتها من شركة لأخرى.
“إيكونومي بلس” تحدثت إلى نائب رئيس اتحاد المستثمرين، سمير عارف، الذي يرى أن تعويم الجنيه كان سببًا رئيسيًا في تراكم هذه المديونيات على الشركات، وعدم قدرتها على مواكبة التغيرات السريعة التي أعقبت التعويم.
إعفاء الشركات من الفوائد المتراكمة تأخر كثيرًا
وقال إن قرار إعفاء هذه الشركات من الفوائد المتراكمة تأخر كثيرًا، لكن ذلك لا يمنع كونه قرارًا جيدًا، وأن الجزء الأصعب في القرار هو مدى قدرة الشركات على سداد 50% من أصل القرض، في حال رغبت في استئناف حصولها على تمويل جديد.
ولحل هذه النقطة التي وصفها بـ”بالغائبة” عن مبادرة المركزي، اقترح عارف، أن يتم جدولة نسبة الـ50% من أصل القرض على فترات يتم الاتفاق عليها مع كل حالة على حده، حيث توقع أن غالبية هذه الشركات لا تزال بحاجة إلى تمويل جديد لاستئناف الإنتاج.
تابع: ” نفترض أن شركة اقترضت 5 ملايين دولار، جميل أن يتم إعفائها من الفوائد، لكن سيكون من الصعب بكل تأكيد قدرتها على سداد 50% من قيمة القرض في حال رغبت في الحصول على تمويل جديد”.
ووصف عارف، إتاحة 100 مليار جنيه قروض للمؤسسات الصناعية بنسبة فائدة 10% لشراء السلع الاستثمارية التي أعلنها المركزي ضمن مبادرته لتنشيط القطاع الصناعي، بالفرصة الهائلة لشراء أصول رأسالية، وتحقيق توسعات خارجية للشركات، وزيادة معدلات التوظيف.
واتفق رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، شريف الجبلي، مع عارف، على تحفيز المبادرة للمستثمرين ومساعدتهم على التحرك ومواكبة التطور، والتوسع خارجيًا، واصفًا المبادرة بالـ”ممتازة للغاية”.
وتابع، “البنك عمل اللي عليه، أسقط الفوائد وأزالهم من القوائم السلبية، فعلى الشركات كمان أنها تعمل اللي عليها” هكذا رد الجبلي على مدى قدرة هذه الشركات التي أعلنها المركزي على سداد 50% من قيمة القرض في حالة طلب قرض جديد.
لكنه أضاف “هذه نقطة فنية، أعتقد أنه لو القرض صغير أو متوسط على الشركات التصرف والسداد حال رغبت في الاستكمال، لكن لو كان القرض كبير بحجم 800 مليون أو مليار على سبيل أعتقد أن الشركات ستواجه صعوبة في سداد نصف القيمة، وأتمنى أن يتم منافشة الأمر مع المركزي في مثل هذه الحالات”.
وفيما يتعلق بالقطاع العقاري في المبادرة، قال رئيس رئيس غرفة التطوير العقاري، باتحاد الصناعات، طارق شكري إن المبادرة “مصلحة للقطاع والمواطن”.
50 مليار جنيه للتمويل العقاري
وكان المركزي أعلن ضمن المبادرة أمس، عن توفير 50 مليار جنيه للتمويل العقاري لفئة متوسطي الدخل، بسعر فائدة 10% بأجل سداد يصل لـ20 سنة، بهدف تنشيط مبيعات العقارات، على ألا تتجاوز مساحة الوحدة السكنية 150 مترًا.
وأضاف في حديثه لإيكونومي بلس: “ما أعلنه المركزي والحكومة أمس هو ما تقدمت به الغرفة من 4 شهور في اجتماعها معهما، لكن هناك بعض التفاصيل المحددة التي يجب معرفتها لم يتم الإعلان عنها، وسنتواصل مع البنك لمعرفتها”.
تابع: “أحد أهم هذه التفاصيل ما هو القيمة المحددة للوحدة السكنية”.
وفي سياق متصل، أبدت منظمات أعمال ترحيبًا واسعًا بمبادرتي البنك المركزي لدعم المصانع الكبيرة والمتوسطة والكيانات المتعثرة، والتي أطلقت اليوم لتشجيع وتمويل القطاع الخاص الصناعي.
وقال محمد خميس شعبان، رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر، إن مبادرة البنك المركزي لدعم المصانع الكبيرة والمتوسطة ستسهم بشكل كبير في تقليل تكاليف الانتاج التي ارتفعت على القطاع الصناعي الفترة الماضية، وستساعد الشركات على زيادة حجم مبيعاتها وأعمالها في السوق.
وأضاف شعبان أن المبادرة ستدعم الخطط التوسعية للشركات وتساعدها على تنفيذ مشروعاتها المؤجلة، خاصة مع إتاحتها تمويلات بفائدة 10% متناقصة التي طالما طالب بها القطاع الصناعي.
ويرى شعبان أن أسعار الفائدة ضمن المبادرة الجديدة للبنك المركزي “مناسبة وعادلة” للمصانع والبنوك على حدا سواء، وسيستفيد منها السوق المصري العام المقبل بشكل كبير.
واتفق معه محمد سعد الدين، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، وقال إن الاتحاد طالب بمثل تلك المبادرة في مجلس النواب الأشهر الماضية، لتشجيع الصناعة المحلية.
خفض الأعباء التمويلية
وتوقع سعد الدين أن تسهم المبادرة في خفض الأعباء التمويلية على الشركات وزيادة انتاجية المصانع وتنفيذ الخطط التوسعية المعلقة وسد فجوة الإستيراد وزيادة الصادرات.
وقال إن المصانع عانت الفترة الماضية من ارتفاع معدلات الفائدة على القطاع الصناعي، وإن اطلاق مبادرات بفائدة متناقصة تساعد على تشجيع الصناعة المصرية لتحقيق النمو الصناعي المطلوب.
وأوضح مجلس الوزراء في بيان، اليوم، إن التمويل سيغطي كافة الصناعات القائمة، مع منح الأولوية للصناعات التي تأمل الدولة في تواجدها لسد فجوة الإستيراد، مثل مستلزمات الانتاج، أو الصناعات التي ترتفع فاتورة استيرادها، لفتح المجال للصناعات الجادة لتتوسع.
وقال المجلس أن عدداً كبيراً من المصانع لديه القدرة على التوسع ولكن ينقصه مبالغ لشراء ماكينات جديدة أو تشغيل عمالة.
وذكر أنه مناقشة المبادرة والتوافق على فائدة أقل من سعر الفائدة الحالي، وتم التوافق على أن يكون تحمل هذا الفارق بصورة مشتركة بين الحكومة ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزي، والبنوك المصرية المشاركة في المبادرة.
وبالتزامن مع مبادرة دعم المصانع الكبيرة والمتوسطة أطلق “المركزي” مبادرة أخرى لإعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة عليها والمقدرة بـ31 مليار جنيه، بجانب إزالة هذه الشركات من القوائم السلبية بالبنك المركزي حال سداد 50% من أصل الدين لتعود للعمل مرة أخرى.
ورحب سعد الدين بمبادرة المصانع المتعثرة، وقال “كانت مطلوبة ومنتظرة منذ قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه نهاية 2016 والذي أعقبه تراكم مديونيات كبرى على المصانع”.
وطالب سعد الدين بإعادة النظر فيما يتعلق بإشتراطات البنك المركزي لإزالة الكيانات المتعثرة من القوائم السلبية والتي تلزمها بسداد 505 من أصل الدين، وقال “يجب إبداء بعض المرونة في تلك النسبة وأن يتم التعامل مع كل حالة على حدا حسب مدة التعثر وحجم الدين وسببه ومدى إمكانية نجاحه بعد خروجه من التعثر”.
عودة الكيانات الصناعية المتوقفة
واتفق معه محمد خميس شعبان رئيس جمعية مستثمري أكتوبر، وقال إن إعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة ستسهم بشكل كبير في عودة عدد من الكيانات الصناعية المتوقفة وتوفير فرص عمل جديدة.
وأوضح شعبان أن 70% من المصانع المتعثرة المقدر عددها بـ5184 مصنع متوقفة لأسباب تتعلق بتراكم الديون، وإن إعفاءها من الفوائد المتركمة سيساعد على إعادة النظر في سداد أصل الدين واسئناف النشاط.
ويرى شعبان أن شرط المركزي لإزالة الكيانات المتعثرة من القوائم السلبية قد يمثل عبء عليها، وطالب بخفض نسبة السداد من أصل الدين الى نحو 20% مع منح جدول زمني محدد لسداد 30% أخري، لضمان مشاركة عدد أكبر من المصانع في المبادرة.
وقال مجلس الوزراء في بيان إن مبادرة المصانع المتعثرة تتضمن برنامجاً لرفع عدد كبير من الأعباء المترتبة عليها، وفتح المجال مرة أخرى لأصحابها للعودة والتشغيل لتشجيع المصانع المغلقة وأعدادها بالآلاف، لتدور من جديد عجلة الانتاج.
الصناعة ستسهم في 30٪ من الناتج المحلي في 2020
توقع خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، بأن تسهم مبادرة البنك المركزي بتخصيص 100مليار جنيه لتمويل القطاع الصناعي في رفع نسبة معدل مساهمة القطاع الصناعي في الناتج القومي الاجمالي من 17.5% الى أكثر من 30% بنهاية 2020.
وأوضح، أبو المكارم” خلال اجتماع المجلس اليوم، أن المبادرة صائبة، المبادرة ستسهم في حل مشاكل المصنعين، لكنها جاء متأخرة وطال انتظارها، وسترفع الغرامات المتراكمة للشركات المتعثرة في السداد للبنوك التي تدفع 50٪ من المبالغ المستحقة.
وأضاف أبو المكارم أن المبادرة تشمل 10% فائدة متناقصة والتي ستشجع على جذب وضخ استثمارات اجنبية جديدة وتحويل وجهتا الى مصر حيث المستثمر الأجنبي يضخ فقط 50% من رأسمال ويقوم بالحصول على الجزء الباقي كقروض من البنوك.
أشار إلى أن هذه المبادرة ستدعم الصناعة المحلية، وسيتم تطبيقها مع المبادرة الخاصة بتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
لفت إلى أن المبادرة تشمل الشركات التي تصل مبيعاتها إلى 100مليار جنيه أي ستشمل كل الشركات على اختلاف حجمها.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا