تواجه ثورة السيارات الكهربائية، التى كانت آخذة فى الازدهار هذا العام، وفق معظم الحسابات، أحد أكبر التهديدات منذ أن بدأ هذا النوع من السيارات فى دخول الأسواق وفقا للاتجاه السائد فى العقد الماضي.
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن ثمة تطورات عديدة شهدها العالم ربما تشكل أخبارا سيئة بالنسبة للصناعات التى كانت تتطلع إلى قلب الميزان لصالح القطاع الكهربائى هذا العام، إذ تسبب تفشى فيروس كورونا نهاية ديسمبر فى شل أجزاء رئيسية من الاقتصاد الصيني. وانتشر الأمر بشكل أكبر فى كافة أنحاء أوروبا والولايات المتحدة فى مارس، ثم انهارت أسعار البترول فى 9 مارس الحالي.
وفى ظل التقلبات السوقية، اتخذت الحكومات من إيطاليا إلى الولايات المتحدة، تدابير صارمة بشكل متزايد، منها إغلاق دول بأكملها وحتى تعليق الرحلات الجوية وإعلان حالات الطوارئ.
كما خفضت البنوك المركزية فى العالم، أسعار الفائدة ووعدت بشراء السندات فى خطوة تستهدف الحفاظ على اقتصاداتها متقلبة.
قال مدير البحث الكلى العالمى فى «أكسفورد إيكونوميكس»، بن ماى، إن التطورات الأخيرة رفعت احتمالية دخول الاقتصاد العالمى فى الركود، استجابة لارتفاع حالات الإصابة بكورونا على مستوى العالم، وما يرتبط بها من إعاقة للنشاط الاقتصادى وعمليات البيع المكثفة فى الأسواق.
ويعتقد المحللون فى «بلومبرج إن إى إف»، أن سوق السيارات العالمية سيتأثر بشدة بالانكماش الاقتصادى، مما قد يؤدى إلى عواقب سلبية على مبيعات السيارات الكهربائية والقدرة التصنيعية للبطاريات.
وأظهرت بيانات مبكرة صادرة عن «بلومبرج إن إى إف»، انخفاض إجمالى مبيعات السيارات بنسبة %44 فى الصين خلال شهرى يناير وفبراير، مقابل الفترة ذاتها من العام الماضى، فى حين انخفضت بنسبة %18 فى كوريا الجنوبية، وهى من الدول الأكثر تضررا من فيروس كورونا.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية، التى كانت تسجل ارتفاعًا فى الأعوام الأخيرة، تعتبر حساسة للأنماط المختلفة فى سوق السيارات الأوسع نطاقاً.
ومع ذلك، لا تزال هناك توقعات تشير إلى إمكانية ارتفاع مبيعات السيارات فى أوروبا بنسبة %50 عن العام الماضى، بينما يمكن أن تظل مبيعات الصين ثابتة أو ربما تنخفض إذا واصلت البلاد التعافى من الفيروس.
وضخت شركات صناعة السيارات، ومنها «فولكس فاجن» و«جيلي» و«جنرال موتورز»، مليارات الدولارات فى السيارات الكهربائية، ولا تزال عمليات طرح السيارات متوقعة هذا العام، إذ ستستمر اللوائح القوية فى دفع السوق إلى الأمام داخل أوروبا والصين.
ومن المقرر إطلاق «فولكس فاجن» لسيارتها الجديدة «ID.3» بنمط الهاتشباك ثم ستقدم سيارة دفع رباعى جديدة مدمجة فى نهاية العام ليتم بيعها فى أوروبا والصين، ويعتزم صانع السيارات الأمريكى «فورد«، طرح سيارة «موستانج موستنج ماك اي» نهاية العام الحالي.
وقال مايكل جوست، مدير قسم استراتيجية المنتج بمجموعة «فولكس فاجن«، فى مؤتمر صحفى عقد الشهر الحالى، إن شركته لديها التزام واضح بإنتاج سيارات عديمة الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، مؤكدا أنه لا يوجد بديل لاستراتيجيات السيارات الكهربائية لتحقيق ذلك.
وفيما يخص انخفاض أسعار البترول، من الممكن أن يشجع البترول الرخيص، بعض المشترين على شراء السيارات العاملة بمحركات الاحتراق، خصوصا فى الولايات المتحدة.
وقال رئيس قسم ممارسة السيارات فى شركة «أليكس بارتنرز» الأمريكية، مارك ويكفيلد، إن استمرار انخفاض أسعار الغاز لعدة شهور سيكون بالتأكيد بمثابة أخبار سيئة لأى إطلاق لمركبة كهربائية.
وأوضح أنه إذا وصل انخفاض أسعار الغاز إلى مستوى يجذب ثقة المستهلكين، فإنهم سيتحولون من السيارات ذات الكفاءة الأكبر فى استهلاك الوقود، إلى سيارات أقل كفاءة فى استهلاك الوقود.
وتجدر الإشارة إلى أن البنزين الأمريكى انخفض بنسبة %23 فى 16 مارس الحالى، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2005.
وقالت شركة بكين للسيارات الكهربائية، أكبر صانع للسيارات الكهربائية فى الصين، عبر رسالة بثتها على موقع «Wechat» بداية مارس، إنها لا تعتزم تعديل خطة إنتاجها أو مبيعاتها مع تقلب أسعار البترول، مشيرة إلى أن وحدة الطاقة الجديدة فى الشركة تركز على منع تفشى فيروس كورونا واستئناف العمل بشكل مطرد.
وأوضحت «بلومبرج» أن الدعم الحكومى ساهم فى مضاعفة المبيعات خلال 2018 فى الصين، التى تعرف بأنها أكبر سوق للسيارات الكهربائية فى العالم، ولكن الخفض الجزئى لهذا الدعم فى العام الماضى، أدى إلى تباطؤ المبيعات.
وخفضت شركة «سي.أر.يو جروب» الاستشارية تقديراتها لمبيعات العام الحالى، إلى 1.35 مليون مركبة بعد أن كانت 1.5 مليون مركبة، نظرا لتفشى فيروس كورونا فى البلاد وتأثيره على الاقتصاد، ولكن هذه الأرقام لا تزال أعلى من مبيعات السيارات الكهربائية البالغة 1.2 مليون مركبة فى 2019.
ومع ذلك، يتوقع كولين ماك كيرشر، المحلل فى «بلومبرج إن إى إف»، نمو مبيعات السيارات الكهربائية فى أوروبا هذا العام، رغم انكماش سوق السيارات بشكل عام.
وقال جوسيه لازوين، كبير محللى السيارات فى شركة «روسكيل»، إن الحكومات فى الصين والاتحاد الأوروبى، نفذت إجراءات لتسريع اعتماد الكهرباء فى وسائل النقل بصرف النظر عن أسعار البترول، موضحا أن المخاوف بشأن التلوث فى المدن الكبيرة وتأثيرها على صحة المواطنين كانت واحدة من الأمور الأكثر بروزا، ولا يبدو أن تقلبات أسعار البترول ستغير ذلك.
وترتفع تكاليف السيارات الكهربائية بنسبة تتراوح بين %50 و%70 عن السيارات التقليدية، ولكن من المتوقع انخفاض هذه التكاليف فى السنوات القادمة مع تطور تقنيات بطاريات الليثيوم أيون، وزيادة أعداد الشركات المصنعة للإنتاج.
ووفقا للوتيرة الحالية، تقدر «روسكيل» أن تكلفة السيارات الكهربائية ستتطابق مع تكلفة السيارات العاملة بمحرك الاحتراق الداخلى بداية من عام 2023.
وقال دييجو دياز، رئيس المشاريع الجديدة وآفاق التكنولوجيا فى شركة «إيبردرولا» الإسبانية العاملة فى مجال الكهرباء، إن ثمة عوامل أخرى تتجاوز التكلفة، ستقود مبيعات السيارات الكهربائية، مضيفا: «رأينا دعمًا ثابتًا للسياسات العامة بشأن المخاوف المتعلقة بجودة الهواء والتغيرات المناخية، ونتوقع استمرار هذا الاتجاه».
وفى 10 مارس، أعلنت «إيبردرولا» خططها لاستثمار ما يصل إلى 150 مليون يورو (أى 171 مليون دولار) لتعزيز شبكاتها من شواحن السيارات الكهربائية فى إسبانيا من عددها الحالى البالغ 5000 شبكة لتصل إلى 150 ألفاً بحلول عام 2025.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا