قالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إنَّ مصر تواجه معضلة تشغل بال صناع السياسة عبر الأسواق الناشئة، وهى أن إرضاء المستثمرين الأجانب ليس دائماً مفيداً للاقتصاد.
وتحتاج مصر للحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة لجذب الأجانب الذين يمتلكون ديوناً بالعملة المحلية بحوالى 17 مليار دولار، كما تريد أن تتجنب الانزلاق فى أزمة مشابهة لتلك التى اكتسحت الأسواق العام الجارى، ولكن تكاليف الاقتراض المرتفعة تضر بالشركات وتعوق خطط الحكومة لخفض واحد من أعلى العجوزات المالية فى الاقتصادات النامية.
ورفعت مصر أسعار الفائدة؛ لبث الاستقرار فى الجنيه، وكبح التضخم الذى وصل %30 بعد رفعها معظم الضوابط الرأسمالية فى نوفمبر 2016، وساعد إصلاح العملة على تأمين قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار لدعم إصلاحها الاقتصادى الذى يستهدف خفض عجز الموازنة إلى %8.4 من الناتج المحلى الإجمالى فى منتصف 2019.
والآن، تقول الحكومة، إنها قد تضطر إلى تعديل هذا الهدف مع ضغط تكاليف خدمة الدين.
وخفضت مصر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس فى فبراير ومارس، ولكن توقفت عن تخفيف السياسة النقدية؛ بسبب تأثير «التوترات التجارية»، و«الأحوال المالية العالمية» الأكثر تشدداً على عملات بعض الأسواق الناشئة.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية اجتماعها، اليوم (الخميس)؛ لمناقشة سعر الفائدة، وتوقع 6 اقتصاديين استطلعت «بلومبرج» آراءهم أن يثبت البنك المركزى الفائدة لليلة واحدة عند %16.75.
واستعرضت «بلومبرج» أهم القضايا التى تشغل صناع السياسة المصريين:
مشكلات الموازنة:
تترجم أسعار الفائدة العالية إلى ديون أكثر تكلفة للحكومة، ما يهدد المكاسب التى حققتها العام الماضى بتخفيض عجز الموازنة إلى دون %10 من الناتج المحلى الإجمالى لأول مرة منذ 2011.
وتوقعت الحكومة، أن تخفيضات الفائدة الكبيرة فى العام المالى 2018 – 2019 سوف تهبط بالعائد على الديون المحلية إلى حوالى %14.7، مقابل %18.5 فى العام المالى 2017 – 2018، وبدلاً من ذلك، أصدرت سندات وأذون خزانة بمتوسط عائد حوالى %19 منذ بدء العام المالى الحالى فى يوليو، وهو ما خلق مشكلة كبيرة؛ بسبب ارتفاع تكلفة خدمة الدين.
وألغت الحكومة، يوم الاثنين الماضى، رابع مزاد لسندات الخزانة على التوالى؛ لأن الفائدة التى طلبها المستثمرين كانت مرتفعة جداً.
وتسعى الحكومة لخفض تكاليف التمويل من خلال استغلال أسواق الديون الأحنبية، والاعتماد بقدر أقل على أوراق الخزانة المقومة بالجنيه المصرى مرتفعة التكلفة.
وقال جان ميشيل صليبا، الاقتصادى فى «بنك أوف أمريكا ميريل لينش»، إنَّ مشكلات الأسواق الناشئة جعلت السندات أكثر تكلفة لمصر، ولكن هذا لن يمنعها بالضرورة من إصدار سندات.
المخاوف بشأن الجنيه:
ساعد الاستقرار النسبى للجنيه على جعل مصر ملاذاً آمناً من التقلبات وسط الانهيار فى الأسواق الناشئة، ومع ذلك، غادرت 6 مليارات دولار من ممتلكات الأجانب فى سوق الدين المحلى الدولة فى الثلاثة أشهر المنتهية فى أبريل، ويشير الارتفاع فى الآونة الأخيرة فى العائد إلى خبوت اهتمام الأجانب.
وقال محمد أبوباشا، رئيس التحليل الكلى فى بنك الاستثمار «إى إف جى هيرميس» فى القاهرة، إن التأثير المباشر للتدفقات الاستثمارية الخارجة على الجنيه لن تكون حادة مثل بقية الأسواق الناشئة.
محركات النمو:
وقال منصف مرسى، مدير التحليل المالى فى «سى آى كابيتال»، إنَّ الشركات تتردد فى الاقتراض لتمويل التوسع؛ لأن القروض مرتفعة التكلفة، وينمو الاقتراض بالفعل، ولكن يكون فى الغالب لتمويل رأس المال العامل وليس للاستثمار.
ورغم نمو الاقتصاد بحوالى %5.3 فى العام المالى الماضي، وهى أسرع وتيرة منذ عشر سنوات، فإنَّ التوسع كان مدفوعاً فى الغالب من الإنفاق الحكومى على البنية التحتية بما فى ذلك العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، وتعافى السياحة والاستثمارات فى قطاع الغاز، وفقاً لعمر الشنيطى، مدير إدارى فى بنك الاستثمار «ملتبليز جروب».
وأضاف «الشنيطى»، أن النمو بدأ التسارع من قاع منخفض للغاية، بعد الاضطرابات الاقتصادية اللاحقة لإصلاح العملة، وهذه المحركات لن تنمو بالضرورة بنفس الوتيرة العام الجارى، خاصة أن بيئة أسعار الفائدة غير مشجعة على الاستثمار الخاص، وهو ما يترك الاقتصاد معتمداً بشدة على الإنفاق الحكومى للتوسع.
وأوضح أن الاعتماد على الإنفاق الحكومى ليس مثالياً بالنظر إلى تكلفة الاقتراض والحاجة إلى إعادة التمويل.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا