قال محمود محي الدين، وزير الاستثمار المصري الأسبق والمبعوث الحالي للأمم المتحدة لتمويل رؤية 2030، خلال مؤتمر للمجموعة المالية هيرمس مطلع أكتوبر الجاري، إن رغبة مصر في تنمية صادراتها لـ100 مليار دولار من نحو 30 مليار دولار في الوقت الحالي سيكون لها دور في تنمية الاقتصاد وجذب الاستثمار.
كما أوضح أن الخصخصة بمفهوم التسعينات وبداية هذا القرن تختلف تمامًا عن طبيعة واحتياجات المرحلة الراهنة، وتوقع أيضا أن يشهد العالم المزيد من العولمة بعد الجائحة ولكن بشكل آخر.
وأضاف: “ما زلت على قناعة بأن هناك حاجة ضرورية لاتباع نهج مرن يقوم على التفاعل بشفافية وانفتاح مع حركة الأسواق والمعطيات الاقتصادية“.
ولازالت الأسواق الناشئة تحتاج بشكل ملح لمزيد من قيم الكفاءة والتنافسية والقدرة الإنتاجية وغيرها من القيم الرئيسية اللازمة لنجاح أي منظومة اقتصادية حول العالم، وفق محي الدين.
العولمة برؤية أوسع وطموح مصري لتنمية الصادرات
وقال محي الدين: “نموذج التجارة والاستثمار السبيل الرئيسي لتحقيق النمو الاقتصادي” غير أننا سنشهد من يتصدر المشهد خلال العقد المقبل، كما أن الأزمة الراهنة أدت لتسريع وتيرة التوجه إلى العولمة.
ففي مصر، الدولة تستهدف لأول مرة تنمية حجم الصادرات إلى 100 مليار دولار، من 30 مليار دولار في الوقت الحالي وهو الذي سينعكس تأثيره بشكل واضح على النمو الاقتصادي وحجم الاستثمار.
وبحسب محي الدين فمن المفترض أن زيادة حجم الصادرات إلى 100 مليار دولار سيأتي من القطاعات غير النفطية، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول سبل الاستثمار والإنتاج والتمويل اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
والواضح أن المسعى هنا هو تنويع الاقتصاد على الرغم من كونه أكثر فعالية وإفادة للدول النامية في الوقت الحالي. وستظل زيادة الصادرات مهمة بالنسبة للدول العربية لأن أسواقها المحلية ليست ضخمة بالشكل الكافي، وهو ما سيساهم في جذب المزيد من الاستثمار وزيادة المعرفة اللازمة شريطة عدم تطبيق النماذج بعينها التي تتبناها الدول المتقدمة.
دور الدولة في التنمية الاقتصادية
يرى محي الدين أن دور الدولة قد يتخطى في بعض الحالات الرقابة والتشريع، وأن هذا قد يكون ضروري وصحي لحماية الأسواق، شريطة أن يتم في إطار منهجي متطور وأن يستند لبيانات واضحة ومتكاملة وأن يكون مدعومًا بالقدرة على المتابعة والإشراف بفعالية، وهو ما
ينطبق أيضا على دور الدولة من حيث إدارة الأصول سواء بالبيع أو الشراء أو التشغيل.
ويرى محي الدين أنه ليس من الضروري أن يكون للنماذج الاقتصادية شكل محدد بقدر ما يتعلق بضمانات التعامل بشفافية ووضوح حول كيفية تحقيق الأهداف النهائية وهي خلق النمو الحقيقي وتشجيع المنافسة والتنافسية وإتاحة المزيد من فرص العمل.
دورا جوهريا للشفافية والإفصاح في عملية التنمية
تعتبر معايير مستوى الإفصاح مازالا بحاجة إلى مزيد من التقدم والعمق، ففي الوقت الحالي تعتبر المعايير قليلة ودوافع الإفصاح أقل، ولكن هناك قناعة بدأت تترسخ لدى الجميع بالدور الحيوي الذي تمثله الأبعاد البيئية والمجتمعية ومعايير الحوكمة في تشجيع المناخ الاقتصادي بشكل عام.
وبحسب محي الدين فإن الإفصاح بشفافية أمر جيد للجميع حتى ندرأ الادعاءات بغير الحقيقة عن الشركات والدول على حد سواء شأنها شأن المعايير المحاسبية.
الملكية ليست شرطا في مشاركة القطاع الخاص
لا تعد الملكية في حد ذاتها ليست مقصدًا في النهاية، وهناك معايير أكثر كفاءة ودقة لقياس الأداء الاقتصادي ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، قيم الانضباط ونظم الإدارة وغيرها.
نرى حول العالم الكثير من الأمثلة الناجحة لنماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص مثل الأصول الفندقية ومشروعات المرافق والمؤسسات المالية وغيرها من الأصول المملوكة للدولة وتخضع إدارتها لمعايير القطاع الخاص. فكلما وجدنا منافسة سوقية والتزام بالمعايير التنظيمية، سنجد نماذج ناجحة للأصول المملوكة للدولة.
لماذا لا ينعكس الوضع الاقتصادي على أداء الأسواق المالية؟
يقول محمود محي الدين إن عدم الارتباط بين الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي ليس ظاهرة جديدة ولكنه أكثر إثارة للاهتمام في الوقت الراهن. في ظل كثير من حالات الشركات التي استفادت بأشكال عدة من الحزم التحفيزية الأخيرة أو استفادت من الأوضاع الراهنة بشكل مباشر.
وكمثال على ذلك الشركات الرقمية والتقنية وغيرها من الأنشطة التي صعدت للمقدمة خلال جائحة كوفيد-19، كما أن الكثير من المواطنين حصلوا على دعم نقدي مباشر.
ويعتقد محي الدين أن الوقت قد حان لتجاوز تحليلات السوق وأنه يجب البدء في متابعة قطاعات بعينها أو شركات بعينها أو حتى أصول بعينها إذا أردنا صورة دقيقة لما يحدث على أرض الواقع.
وبخصوص خفض الفائدة، فهناك الآن مساحة أكبر للبنوك المركزية بالأسواق الناشئة لإعادة النظر في ترتيبات السياسة النقدية في إطار توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتوجيهاته بشأن افتراضات العام المقبل.
كيف تواجه الدول ذات الدخول المنخفضة الأزمة؟
سيتوجب على الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة اتخاذ ما يلزم من إجراءات قبل اتجاه الأسواق إلى تسعير مخاطر العجز عن سداد الديون.
الأهم من ذلك، أنه يجب على تلك البلدان تحري الشفافية فيما يتعلق بهياكل الديون وقدرتها على السداد وسط الظروف الراهنة، إذ أن هذه الدول ستحتاج المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ولتنمية محفظتها الاستثمارية، وبالتالي يجب تأسيس مناخ أعمال يساهم في تحقيق النمو عبر جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بدلاً من الاعتماد على تمويل الديون.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا