يُظهر الاقتصاد الأمريكى بعض الإشارات على التعافى من تباطؤ نهاية العام.. الأمر الذى يربك جهود الرئيس المنتخب حديثًا جو بايدن للفوز بموافقة الكونجرس على حزمة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار.
وتراجعت المطالب الجديدة المقدمة للحصول على إعانات البطالة لأسبوعين متتاليين، فى حين ارتفع مؤشر التوظيف الأمريكى بمقدار 49 ألف وظيفة خلال يناير بعد المستوى الضعيف الذى سجله فى ديسمبر.
كما تسارع النمو فى الشركات العاملة بقطاع الخدمات، الشهر الماضى، إلى أعلى مستوياته فى عامين تقريبًا، وقال بناة المنازل إن الطلب لا يزال قويًا.
بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات المختارة، مثل قراءات ثقة المستهلك الأسبوعية وحجوزات المطاعم، إلى بعض القوة، مع تراجع معدلات الإصابة بفيروس كورونا وتخفيف القيود التجارية، حسبما نقلت وكالة أنباء «بلومبرج».
وقال كبير الاقتصاديين الأمريكيين لدى مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس»، جريجورى داكو: «إننا نشهد نموا متسللا تحت السطح». ويأتى هذا التحسن الاقتصادى المؤقت فى الوقت الذى تواجه فيه حزمة بايدن الضخمة، معارضة من بعض المشرعين الذين يتساءلون عما إذا كان هذا الدعم مطلوبًا، بالإضافة إلى أكثر من 3 تريليونات دولار قدمتها الحكومة الفيدرالية بالفعل أو التزمت بها.
تقرير الوظائف
وانتعش نمو الوظائف الأمريكية بأقل من المتوقع فى يناير. وقالت وزارة العمل الأمريكية إنَّ عدد الوظائف فى القطاعات غير الزراعية زاد بمقدار 49 ألف وظيفة الشهر الماضى، لتسجل بذلك خسائر أكبر من المتوقع فى البداية، وهو ما يعزز حجة المطالبة بمزيد من أموال الإغاثة الحكومية لدعم التعافى من جائحة كورونا.
وقالت رئيسة قسم الاقتصاد الأمريكى فى بنك أوف أمريكا، ميشيل ماير: «إلى الحد الذى يبدو فيه خلق فرص العمل أقوى، فقد يستلزم الأمر بعض الإلحاح لتمرير خطة تحفيز واسعة النطاق بدلا من خطة تحفيز الأكثر استهدافا».
وحذرت ماير، من أن مسار الاقتصاد على المدى القريب سيتحدد من خلال مستوى التقدم الذى تحققه البلاد فى السيطرة على الوباء، خصوصا فى الوقت الحالى بعد ظهور متغيرات جديدة أكثر عدوى فى الولايات المتحدة.
نقطة انعطاف
ويبدو أن الاقتصاد الأمريكى يستفيد بالفعل من حزمة المساعدات البالغة قيمتها 900 مليار دولار، والتى وافق عليها الكونجرس فى نهاية ديسمبر، إذ أظهرت بيانات بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم التى جمعها بنك «أوف أمريكا» انتعاشا فى إنفاق المستهلكين.
ويعتقد مكتب الموازنة فى الكونجرس، أن الناتج المحلى الإجمالى للبلاد يتعافى من جائحة كورونا بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعًا فى السابق، حتى قبل تقديم الحكومة الفيدرالية لأى تحفيز إضافى، متوقعا توسع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة %4.6 فى عام 2021، وهى أسرع وتيرة منذ 1999، بعد الانكماش بنسبة %3.5 فى 2020.
وإذا تمت الموافقة على حزمة بايدن بالكامل، فإن مساعدة الحكومة الفيدرالية للاقتصاد أثناء الوباء ستسجل ما يقرب من %25 من الناتج المحلى الإجمالى السنوى البالغ 21.5 تريليون دولار تقريبا.
وقال الرئيس العالمى للبحوث الاقتصادية لدى «دويتشه بنك»، بيتر هوبر، إن خبراء الاقتصاد يقولون إن ثمة مجالًا لمزيد من الدعم، ولكن الجدل يدور حول المدى الذى تريد الوصول إليه وتجاوز حد الحزمة.
وفى الوقت نفسه، يروج مسئولو إدارة بايدن، لمزايا أن تصبح الشركات كبيرة، مشيرين إلى الدمار الذى تسبب فيه الوباء، إذ انخفض عدد العاملين الأمريكيين بنحو 10 ملايين شخص منذ بدء تفشى الوباء قبل عام.. لذا فإن الوقت الراهن ليس هو الوقت المناسب للحكومة للتراجع.
وفى مقابلة أجريت معه فى 31 يناير فى برنامج «Meet the Press» على شبكة «إن. بى. سى» الإخبارية الأمريكية، قال برايان ديس، مدير المجلس الاقتصادى الوطنى بالبيت الأبيض: «لدينا حاجة ملحة للعمل والتصرف بشكل شامل، خصوصًا أن النهج التدريجى، الذى نحاول من خلاله معالجة عنصر واحد ومن ثم ننتظر لنرى الباقى، ليس وصفة مثالية للنجاح».
ويؤكد مؤيدو الحزمة أيضًا أنها ستساعد فى الحد من الأضرار طويلة المدى التى تلحق بالاقتصاد، من خلال إعادة الناتج المحلى الإجمالى وسوق الوظائف إلى مستويات ما قبل الوباء بسرعة أكبر. وفى إطار إثبات وجود خطة أصغر، قال الخبير الاقتصادى دوجلاس هولتز-إيكين، إن ما يعيق الاقتصاد هو الوباء، وليس نقص الأموال فى جيوب المستهلكين، إذ وصل معدل الإدخار الشخصى إلى %13.7 فى ديسمبر، أى أكثر من ضعف المتوسط منذ عام 2000.
ويراهن معظم خبراء الاقتصاد فى «وول ستريت»، على أن بايدن سيحصل على بعض، وليس كل، الإنفاق الإضافى الذى يسعى إليه.. لكن هل سيكون هذا كافيًا لرفع الناتج المحلى الإجمالى بشكل كبير فى الأرباع القادمة.
وقالت ماير، من بنك أوف أمريكا، إن احتواء الوباء وحزم التحفيز ستقدم دعما للاقتصاد الأمريكى بالتأكيد، متوقعة ارتفاع إجمالى الناتج المحلى الأمريكى بنسبة %7.5 فى الربع الثانى و%10 الربع الثالث، فى ظل حزمة تحفيز إضافية بقيمة تريليون دولار.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا