مرت 9 سنوات على اكتشاف حقل غاز طبيعى ضخم على بعد 130 كم من ساحل حيفا فى إسرائيل.
ويعد حقل لوثيان، واحداً من أكبر اكتشافات القرن الحالى، بكميات قابلة للاستخراج تقدر بـ 22 تريليون قدم مكعبة من الغاز وفقاً لمشغلى الحقل شركتى «نوبل انرجي» و«ديليك»، ويعتقد بعض المحللين أن هناك 600 مليون برميل من البترول تحت تراكمات الغاز.
ووُجدت حقول أخرى فى منطقة الشرق بما فى ذلك حقل أفروديت قبالة سواحل قبرص، وحتى الآن لم يتم تطوير سوى حقل صغير نسبياً وهو «تمار» الذى يغذى قطاع الطاقة الإسرائيلى، كما سيبدأ التنقيب حالياً قبالة سواحل لبنان. ولكن يعتقد الكثيرون من القطاع، أن هناك الكثير من الغاز (وربما البترول) على طول ساحل سيناء وغزة فى الجنوب حتى قبرص وسوريا فى الشمال، وفى قطاع الطاقة الحديث، يحتل الموقع كل الأهمية.
فبخلاف حقل «تمار»، لايزال غاز شرق المتوسط غير مطور، ولايزال المزيد من الاستكشاف جامداً لعدم وجود طريق تصدير للأحجام الهائلة من الغاز التى سيتم إنتاجها، والتى تتجاوز الاحتياج المحلى لأى دولة معنية، ومن الممكن إنشاء محطة تسييل غاز طبيعى وإرسال الموارد إلى الأسواق المتنامية فى آسيا، لكن التكلفة الرأسمالية ستكون هائلة وسعر الغاز عند وصوله إلى الصين أو الهند لن يكون تنافسياً فى عالم ملىء بإمدادات الغاز، كما أنه من الصعب، على الأقل فى الوقت الحالى، تخيل أن الدول المعنية ستتفق على مكان واحد لهذه المحطة.
وأحد الطرق التصديرية الواضحة ومعقولة التكلفة، هو خط أنابيب بحرى يمر عبر ساحل الشرق إلى الشمال إلى تركيا، ويجمع الموارد من كل الحقول على طول الطريق، ولكن هذا الحل حالياً تقيده المشكلات الجيوسياسية، وعندما برزت تركيا مؤخراً، كان من المستحيل تقريباً عدم ملاحظة التوتر بين وجهتى نظر مختلفتين تماماً عن مستقبل الدولة.
فبالنسبة للبعض يجب أن تركز طموحات تركيا المحلية على أن تصبح قوة اقتصادية وصناعية إقليمية حديثة بإمكانيات غير معهودة من قبل فى الشرق الأوسط وبشبكة تحالفات وعلاقات تجارية تصل إلى أوروبا وما ورائها.
ووجهة النظر تلك تتماشى مع حاجات الشعب التركى البالغ 88 مليون نسمة، والذى يحتاج فرص عمل ووظائف فى اقتصاد عالمى تنافس، كما أنها تناسب القطاع الخاص المكبل بالديون وبحاجة إلى دوافع جديدة للاستثمار.
وبالنسبة لآخرين، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوجان، يكمن المستقبل فى الوضع القومى لتركيا ونفوذها فى منطقة تتفشى فيها الصراعات الدينية والثقافية، ومن شأن القوة الصناعية أن تقتنص الفرصة وتبنى مجموعة واسعة من خطوط الأنابيب ومرافق المعالجة الضرورية لجلب غاز شرق المتوسط إلى السوق، داخل المنطقة وخارجها، وستصبح تركيا بذلك مركزاً لا منازع له لتوريد الغاز من منطقة بحر قزوين إلى الشرق وكذلك منطقة شرق المتوسط.
وعندما تصبح الدولة مركزاً لتجميع وتوزيع الغاز سوف تتمكن من الوصول إلى كميات كبيرة من الغاز لاستخدامها الشخصى، وعلى النقيض، ستصبح الدولة العالقة فى صراعات قديمة وسياسية غير قادرة على العمل مع دول منها قبرص وإسرائيل.
وتوفر مصر، مركزاً بديلاً، وستأخذ أول شريحة من إنتاج حقل «لوثيان»، لكن من الصعب تخيل أن مصر، التى لديها غازها الذى يمكن ان تطوره وتبيعه، ستشجع المنافسة الإضافية من خلال دعم التطوير الكامل لحقل «لوثيان» أو أى حقل غاز آخر فى المنطقة.
وحتى تغير تركيا نهجها، سيبقى الغاز فى منطقة شرق المتوسط غير مطور وغير مكتشف بقدر كبير، والمنافسة شرسة بالفعل فى ظل ارتفاع صادرات الولايات المتحدة، وعزم روسيا على الهيمنة على السوق الأوروبى، وستزداد شراسة عندما ترتفع الإمدادات منخفضة التكلفة من إيران وتركمانستان، وينمو الطلب على الغاز عالميا، ولكن لا يوجد نقص فى المعروض، وقد تزداد الآفاق سوءاً بالنسبة للمطورين عندما تصبح موارد الطاقة المتجددة أرخص وأسهل مع الوقت، ونتيجة لذلك، ستصبح المنطقة ككل أكثر فقراً، وستفقد تركيا فرصة ذهبية.
بقلم:نيك بوتلر
رئيس معهد كينجز للسياسة
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا