كتب: سليم حسن
في وقت تُعاني فيه أغلب القطاعات الصناعية العالمية من أزمة ارتفاع أسعار الطاقة ونقص المعروض، تجد صناعة الصلب المصرية في ذلك متنفسًا جيدًا تحقق منه عائدات أعلى منذ بداية 2021، ولعل نتائج “حديد عز” و”الدخيلة للصلب” خير دليل.
ما القصة؟
تُحقق مصانع الصلب المصرية حاليًا مكاسب أعلى، ربما أكثر من أي وقت مضى، إذ تحولت الشركات المدرجة في البورصة المصرية من الخسارة للربحية، رغم الأزمات المتوالية على الاقتصاد العالمي.
تبيع الحكومة المصرية الغاز الطبيعي للمصانع بسعر 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما يتخطى سعر الغاز العالمي حالية الـ5 دولارات، وهو أقل من مستوياته قبل نحو أسبوعين عندما ناهز 6.5 دولار للمليون وحدة حرارية.
أسعار الغاز التي كانت في وقت ما شكوى دائمة للمصنعين في مصر، حينما كانت أسعاره العالمية حول 3 دولارات، أصبحت الآن ميزة تحقق أرباحا.
من جانب آخر رفعت مصانع الصلب خلال الأيام الأخيرة أسعار البيع لديها بنحو 900 جنيهًا في الطن ليصل سعره إلى 15.6 ألف جنيه.
ارتفاعات الصلب جاءت رغم توقعات التجار تخفيض بواقع 1000 جنيه مع بداية أكتوبر الجاري بعد تراجع الأسعار العالمية لخام “البليت” بواقع 100 دولارًا في الطن خلال أغسطس وسبتمبر الماضيين.
المصانع لم تخفض الأسعار كما توقع التجار، لكنهم انتظروا حتى استعاد الخام ما خسره، خلال أكتوبر الجاري، ومن ثم رفعت الأسعار من جديد بواقع 900 جنيهًا في الطن، وصولا إلى 15.6 ألف جنيه، ومن هنا تتحقق أغلب المكاسب.
كيف زادت المكاسب؟
تأتي تكاليف الصناعة الأقل حاليًا عبر عنصرين رئيسيين، الأول … “انخفاض أسعار الطاقة أمام ارتفاعها بالأسواق العالمية”، هذا بالإضافة لـ”تسعير المصانع منتجاتها على أساس ارتفاع أسعار البليت الذي زاد سعره 4 مرات ضعف الزيادة التي طالت أسعار المكورات”، باعتبار أن مصانع الدورة المتكاملة تعتمد على المكورات.
ارتفعت أسعار البليت بحلول نهاية الأسبوع الثاني من أكتوبر الجاري بواقع 100 دولار في الطن، وصولًا إلى 730 دولارًا، في حين كانت الزيادة في أسعار المكورات أبطأ بواقع 13 دولارًا فقط، وصولًا إلى 125 دولارًا، ومن هنا تتحقق المكاسب، إذ أن سعر الخامات المستخدمة (المكورات) لم ترتفع كثيرًا.
كانت أسعار “البليت” قد انخفضت بواقع 100 دولارًا في الطن خلال شهري أغسطس وسبتمبر، نزولًا إلى 630 دولارًا، وتوقع التجار وقتها خفض الأسعار المحلية بنحو 1000 جنيه في الطن، لكن المصانع لم تنفذ ذلك اعتمادًا على توقعات عودة السوق العالمية نحو الارتفاع من جديد، وهو ما تحقق بالفعل واستغلته المصانع لزيادة الأسعار.
بعد أن كسبت أسعار البليت 100 دولار في أكتوبر الجاري، كانت قد خسرتها في أغسطس وسبتمبر، تضاعفت مكاسب المصانع، والتجار أيضًا من الذين اشتروا مخزونات كبيرة بالأسعار القديمة.
مكاسب أعلى لـ”حديد عز” و”الدخيلة”
ساهمت المكاسب التي تحققها الصناعة محليًا الفترة الحالية على تحويل شركة “حديد عز” من خانة الخسارة إلى الربحية، وفقًا للمحللة المالية لقطاع الصناعات بشركة العربي الأفريقي، ريهان حمزة.
حققت حديد عز أرباحًا قيمتها 1.6 مليار جنيه أول 6 أشهر من العام الجاري، مقابل خسائر بـ1.8 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا للقوائم المالية للشركة.
أيضًا، تحولت شركة العز الدخيلة للصلب من الخسارة للربحية في النصف الأول من 2021، إذ حققت صافي ربح بقيمة 2.05 مليار جنيه مقابل خسارة أيضا بـ2.3 مليار جنيه بالنصف المقارن العام الماضي.
كيف يكون التسعير؟
تُسعر مصانع الصلب المصرية منتجاتها للبيع المحلي والتصدير وفقًا للأسعار العالمية، وتظهر مكاسبها الحالية عبر التسعير على أساس ارتفاع أسعار خامات التصنيع بشكل عام في أي مرحلة، بينما تعمل هي بتكاليف أقل.
“المكاسب أفضل العام الجاري، والشركات ستحقق عوائد أفضل من أي عام بسبب الاستفادة الكبيرة من ارتفاع اسعار الخام العالمي، في حين تستورد تلك الشركات خامات بأسعار أقل، إذ تعتمد على استيراد المكورات بأسعار أقل حاليًا، في حيت يتم التسعير على أساس خام البليت والمنتج النهائي اللذان يرتفعان كثيرًا”، وفقًا لحمزة.
خلفية عن مراحل صناعة الصلب في مصر
يصل إلينا المنتج النهائي من الصلب بعد مروره بـ5 مراحل رئيسية، هي استخراج الخام الأولى “أيرون أور”، يتحول في المرحلة الثانية إلى “مكورات”، ثم “صهر” بالثالثة، ثم يتحول إلى “بليت” في الرابعة، قبل أن يصل في المرحلة الأخيرة إلى إما “أطوال” أو “مسطحات”.
يعمل بقطاع الصلب المصري 3 أنواع من المصانع، الأول هي مصانع الدورة المتكاملة ويمثل 80% من القطاع، وتستورد تلك المصانع “المكورات”، والنوعان الثاني والثالث هما نصف متكاملة وغير متكاملة، ويمثلان 20% فقط، ويستوردان البليت والخردة.
فروق الطاقة تعزز صادرات الصلب
عزز توافر الطاقة في مصر بالتكاليف الطبيعية مقارنة بالأزمة العالمية من صادرات قطاع الصلب في مصر، إذ سجلت الصادرات نموًا بنحو 197% خلال أول 8 أشهر من العام الجاري وصولًا إلى 1.097 مليار دولار، وفقًا لبيانات المجلس التصديري لمواد البناء.
قالت مصادر لـ”ايكونومي بلس”، إن ارتفاع التكاليف الصناعية العالمية هي السبب الرئيسي لقفزات الصادرات المصرية من الصلب، خاصة وأن صناعة الصلب كثيفة استهلاك للطاقة التي تمثل 40% تقريبًا من تكلفة الطن.
بالنظر إلى الأرقام المعلنة من شركة حديد عز عن صادراتها أول 9 أشهر من العام الجاري، سنجد أنها تخطت المليار دولار أيضا، وهو مستوى جديد لم تبلغه الشركة من قبل، وفقًا لما أعلنته بالقوائم المالية الخاصة بها، ردا على استفسارات عدد من المستثمرين وإدارات البحوث وبنوك الاستثمار عن حجم التصدير.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا