تسعى الإمارات العربية المتحدة لزيادة إنتاج تحالف أوبك بلس من النفط بشكل أسرع، إذ تقول إنها تحاول تهدئة الأسعار وتخفيف حدة الصدمة التي تعرض لها السوق بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.. لكن ثمة في الأمر شيئاً آخر.
قال سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، لشبكة CNN العالمية، الأربعاء، إن بلاده تريد زيادة إنتاج النفط وستشجع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على زيادة الإمدادات.
تصريحات السفير الإماراتي دفعت أسعار النفط للهبوط لينخفض خام برنت القياسي 13٪ دفعة واحدة ليعد هذا الانخفاض الأكبر خلال يوم واحد منذ ما يقرب من عامين.
الأسبوع الماضي، وقبل تصريحات العتيبة، لامس سعر برميل خام برنت 140 دولارا، مقتربا أعلى مستوى له على الإطلاق، عند 147.50 دولارا، في أغسطس 2008.
لاحقا أكد وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، التزام بلاده باتفاق أوبك بلس.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تثير فيها الإمارات خلافا، منتصف العام الماضي ظهر خلاف إماراتي سعودي للعلن إذ رغبت أبو ظبي تغيير الطريقة التي يتم عن طريقها توزيع حصص الإنتاج في أوبك بلس بما يدعم زيادة ضخ الإمارات.
نجحت المفاوضات لاحقا في تخطي الأمر، لكن ما حدث يظهر بشكل ما أن الإمارات قد لا تكون على قلب رجل واحد مع باقي دول الاتحاد وعلى رأسهم السعودية.
في الوقت الحالي، وإذ تعتبر روسيا لاعبا رئيسيا في أوبك بلس، ترغب واشنطن في زيادة إنتاج الكارتل، وهي في الوقت نفسه هي على خلاف كبير مع الكرملين بسبب الحرب على أوكرانيا، ليبدو أن تصريحات العتيبة كانت نتاجا لمحادثات واشنطن مع أبوظبي.
قالت وكالة بلومبرج الأمريكية، إن الإمارات ربما تستعد لأن تكون بديلاً عن البراميل الروسية المحظورة من قبل الولايات المتحدة والتي تجنبها الآخرون.
رغم حظر الولايات المتحدة واردات الطاقة الروسية لها إلا أنها لم تكن تعتمد عليها بنسبة كبيرة.. بلغت واردات الولايات المتحدة من إجمالي صادرات النفط الروسي 1.3% فقط في 2020.
في حين أن أوروبا التي تتلقى كميات أكبر بكثير من الطاقة روسية لم تفعل ذلك، ومع ذلك أدت العقوبات المفروضة على البنوك الروسية لمخاوف بشأن القدرة على شحن المواد البترولية وضعف تدفق النفط الروسي إلى السوق العالمية.
إذا هل يمكن للإمارات منفردة أن تلعب دورا؟
لا يمكن أن لأبوظبي أن تسد الفجوة دون اتفاق مع المملكة العربية السعودية إذ أنها أكبر منتج في أوبك وبين أكبر المنتجين في أوبك بلس وهي أكبر مصدر للنفط في العالم.
أساسيات العرض والطب
رغم ما سبق، يعتبر مندوبو أوبك بلس الارتفاع الأخير في الأسعار إلى ما يقرب من 140 دولارًا للبرميل بسبب التوترات الجيوسياسية، وليس ناتج عن أساسيات العرض والطلب.
الاتفاقية الحالية بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، تحدد جدولًا زمنيًا لزيادة الإنتاج الشهرية – حاليًا 400 ألف برميل يوميًا – حتى سبتمبر المقبل.
تصريح ممثل دولة الإمارات في واشنطن ليس بالشيء الهين، إذ يعتبر أول تلميح لأحد دول منظمة أوبك حول استعدادها لمنع أسعار النفط من الارتفاع عن نطاق السيطرة.
يتطلب القيام بأي شيء مختلف في سياسات إنتاج براميل النفط، موافقة جميع الأعضاء الآخرين في المجموعة.
تتمتع أوبك بالقدرة على زيادة الإمدادات بسرعة حيث تمتلك الرياض وأبوظبي طاقة إنتاجية فائضة، في وقت يأمل فيه الغرب في أن يتمكن من إضافة النفط من مصادر أخرى، بما في ذلك من أعضاء أوبك إيران وفنزويلا المفروض عليهم العقوبات منذ سنوات.
هل تتخلى أوروبا عن خام روسيا؟
ربما تشكل مطالبة الإمارات بزيادة الإنتاج فرصة كبيرة لدول أوبك، يجعل أوروبا تنفصل عن خام روسيا وتتجه إلى شراء ويجعلها تشتري خام أوبك.
“الإمارات العربية المتحدة تقول بشكل أساسي للسعودية والكويت، دعونا نستخدم طاقتنا الفائضة حتى لا يضطر الأوروبيون إلى الاعتماد على روسيا”، قال آندي ليبو، رئيس شركة ليبو أسوشيتس الاستشارية لـ “سي إن إن”.
كيف سينعكس كل هذا علينا في مصر؟
مصر من بين الدول المستوردة للنفط التي تتضرر بارتفاع سعره وتستفيد من انخفاضه، وهي تسعى لإنهاء استيرادها من المشتقات البترولية من بنزين وسولار وخلافه بحلول منتصف العام المقبل، عن طريق بناء محطات التكرير الخاصة بها، وبالتالي تستورد نفطا خاما تكرره محليا.
السياسية المصرية الحديثة ستخفض بالطبع فاتورة الصادرات البترولية إذ أن أسعار المشتقات أعلى بكثير من النفط الخام، لكن في النهاية التكرير محليا لن يجعلها بمعزل عن ارتفاعات الأسعار العالمية.
رفعت مصر بالفعل أسعار البنزين 4 مرات بواقع 25 قرشا كل مرة على مدار الـ12 شهرا الماضية، وهو ما ساهم بشكل أو آخر في ارتفاع معدلات التضخم في المدن لأعلى مستوياتها في نحو 3 سنوات، لكن ومع ارتفاعات النفط العالمية لن تجد لجنة تسعير المشتقات البترولية بمصر، والتي تعقد اجتماعا كل 3 أشهر، حلا سوى زيادة جديدة لأسعار البنزين ربما تتخطى بكثير الزيادة التي اعتاد عليها المصريون (25 قرشا) لتزيد أسعار الطاقة العبء على الحكومة والمصريين على حد سواء.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا