يواجه الاقتصاد الصينى العديد من المشاكل من أزمة عقارات إلى ضوابط كوفيد الصارمة إلى أدنى هدف للنمو منذ ثلاثة عقود لكن التضخم ليس من بينها.
أظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضى أن أسعار المستهلكين أضافت 2.1 فى المائة على أساس سنوى فى أكتوبر – وهو نوع من المكاسب المعتدلة التى لا يمكن لصناع السياسة الغربيين إلا أن يحلموا بها، دخلت أسعار المنتجين، وهى مقياس لأسعار السلع عند خروجها من بوابات المصانع، المنطقة السلبية لأول مرة منذ عام 2020.
لكن هناك محاذير. لاحظ المكتب الوطنى الصينى للإحصاء أن أسعار المنتجين تراجعت مقابل قاعدة مرتفعة العام الماضى، مع انخفاض أسعار المعادن وصناعة تعدين الفحم بشكل كبير، لكن بدون الغذاء والطاقة، كان التضخم الأساسى 0.6 فى المائة: تعتمد أسعار المستهلك بشكل كبير على لحم الخنزير، الذى يشكل عُشر السلة والذى ارتفع سعره بنسبة 52 فى المائة فى أكتوبر بعد هلاك قطعان مرتبط بحمى الخنازير.
بينما تكافح الاقتصادات الكبرى الأخرى لترويض التضخم أثناء الوباء، فإن الصين، حيث لا يزال كوفيد يهيمن على اقتصاد ضعيف وتواصل السلطات فرض عمليات الإغلاق والاختبارات الجماعية، تكافح خطر الانكماش. بالإضافة إلى تشجيع المستهلكين على تأخير الشراء على أمل انخفاض الأسعار أكثر، فإن الانكماش يمثل مشكلة بالنسبة للبنوك لأنه يزيد من القيمة الحقيقية لديونهم، مما يجعل سدادها أكثر صعوبة مقارنة بالدخل الحالى.
قالت دان وانج، كبير الاقتصاديين الصينيين فى بنك «هانج سنج تشاينا»: «الانكماش أسوأ من التضخم فى الصين بالتأكيد لأنه يرفع تكلفة الاقتراض على كل من المستهلكين والشركات». وأضافت أن ديون الشركات والحكومات المحلية لا تزال تشكل «أعلى المخاطر المالية» فى البلاد.
تكمن مخاطر الديون المرتفعة فى الصين فى أزمة العقارات فيها، والتى شهدت العام الماضى موجات من التخلف عن السداد عبر مطورى العقارات ذوى الاستدانة العالية وتراجع فى المعاملات، وأضاف وانغ أن الانكماش قد يؤدى إلى زيادة الضغط على مدفوعات الرهن العقارى للأسر، وكان تباطؤ سوق العقارات يضغط بشكل غير مباشر على الاستهلاك.
يرتبط مستقبل التضخم فى الصين بسياسات مكافحة فيروس كورونا. على الرغم من أن الحالات وصلت هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى لها فى ستة أشهر، فإن نهج الحكومة يعنى فى الوقت الحالى أن نسبة ضئيلة فقط من السكان قد أصيبوا بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من ظهوره. خففت الحكومة قليلاً من قواعد الحجر الصحى الداخلى وتتبع جهات الاتصال الأسبوع الماضى، لكن الجدول الزمنى لأى إعادة فتح لا يزال غير مؤكد.
واحدة من علامات التضخم القليلة فى الصين هى أسعار المواد الغذائية فى المدن الكبرى، والتى تقترح وانج أنها قد تكون نتيجة لارتفاع تكلفة نقل الطعام بين المقاطعات، بالنظر إلى قيود السفر الصارمة بموجب قانون صفر كوفيد.
بخلاف ذلك، تشير وانج إلى أن مدخرات الأسر قد ارتفعت بسرعة العام الجارى. ولا يوجد تشابه كبير مع ما حدث فى الاقتصادات الغربية، التى تصدت فى عام 2020 أيضًا لخطر الانكماش وشهدت مدخرات أعلى، قبل أن تبدأ الأسعار فى الارتفاع بشكل حاد فى عام 2021.
فى الصين، سعت الحكومة خلال العام الماضى إلى تخفيف السياسة النقدية برفق بدلاً من إطلاق العنان لتحفيز كبير من النوع الذى شهدناه فى الولايات المتحدة وأوروبا. لكن بكين قد تضطر إلى توفير مثل هذا التحفيز لحكوماتها المحلية، التى تتحمل الكثير من تكاليف صفر كوفيد ولم يعد بإمكانها الاعتماد على مبيعات الأراضى للمطورين.
قد يتغير مسار التضخم مع إعادة الفتح السريعة للاقتصاد الصينى جنبًا إلى جنب مع التحول فى نهج الحكومة للتحفيز، وهو ما سيكون لها تأثيرات عميقة على العالم نظرًا لطلب الدولة على الطاقة وإنتاجها من السلع.
لكن فى الوقت الحالى، هذا ليس السيناريو الأساسى، فالصين، فى ظل إطار سياستها الصارمة تجاه كوفيد تقترب من الانكماش. بالنسبة لبقية العالم، قد يوفر هذا مصدرًا غير متوقع للراحة.
بقلم: توماس هيل، مراسل صحيفة «فاينانشال تايمز» فى شنغهاى.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا