بين عودة صعود الأسعار خلال الساعات الماضية، وتراجعها قبل عدة أيام، يحاول الغرب خفض عائدات صادرات البترول الروسى دون التسبب فى ارتفاع الأسعار العالمية منذ فبراير الماضى.
تصدر روسيا نفس القدر من البترول الذى كانت تصدره قبل غزوها لأوكرانيا، لكن خام الأورال، وهو الدرجة الرئيسية التى تضخها البلاد، يتم تداوله بخصم %37 مقارنة بخام برنت، وهو المعيار العالمى، الأمر الذى يعنى حصول موسكو على صفقة سيئة.
فى الوقت نفسه، انخفض خام برنت إلى أدنى مستوى سنوى يبلغ حوالى 80 دولارا للبرميل، الأسبوع الماضى، ثم عاود الصعود للعقود الآجلة تسليم فبراير 2023، بمقدار 2.15 نقطة، ومعدل تغير قدره %2.65 فى الاتجاه الموجب، ليتم التداول عند 83.12 دولار للبرميل الواحد.
ولا شك أن بعضاً من هذا الانخفاض «المؤقت» يعود إلى الجهود الغربية، ففى 14 و 15 ديسمبر، أعلنت البنوك المركزية فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى عن زيادات فى أسعار الفائدة، وأشارت إلى أن المزيد سيأتى، مما أدى إلى امتصاص الطلب من الاقتصاد.
نشرت الصين، التى تعانى من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19، أسوأ بياناتها الخاصة بالمصانع والتجزئة فى ستة أشهر.
كما ينتج أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفاؤها «أوبك بلس» ما يقرب من مستوى إنتاجهم الفعلى قبل الإعلان عن خفض هدفهم الجماعى فى أكتوبر، لأن معظمهم كانوا يضخون بالفعل أقل من حصصهم، حسبما نقلت مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية.
من المحتمل أن تؤدى مقاطعة الغرب لخام الأورال الروسى، الذى يمثل ما يتراوح بين 10ـ %15 من إمدادات البترول الخام فى العالم، إلى خفض سعره قليلاً، إذ إن درجة النفط تقلل من أسعار الآخرين.
وربما يساعد الإعفاء من الحظر الأوروبى على التأمين على الناقلات التى تحمل البترول الروسى، والذى ينطبق على المشترين الذين يوافقون على دفع حد أقصى قدره 60 دولار للبرميل، على منع حدوث صدمة فى الإمدادات.
مع ذلك، لم يكن لأى من المقياسين تأثير كبير، لأن الأسعار بإمكانها أن ترتفع بشكل كبير فى حال تغيرت الظروف الاقتصادية أو ظروف السوق.
علاوة على ذلك، يبدو أن المقرضين الماليين كان لهم دور أكبر من المعتاد فى خفض الأسعار الأخير المؤقت.. الأمر الذى يمكن أن ينذر بتصحيح صعودى مفاجئ عندما تعود أساسيات العرض والطلب إلى الظهور.
يشير مصدر فى الصناعة إلى طلبات «بيع» كبيرة يتم تقديمها يومياً فى الساعة الثانية مساءً بتوقيت لندن فى الأسابيع الأخيرة.
يلاحظ سعد رحيم، من شركة «ترافيجورا» التجارية، أن الأحداث التى يفترض أن تدفع الأسعار إلى الارتفاع، مثل إغلاق خط أنابيب «كيستون» فى الولايات المتحدة، وهو أحد أكبر خطوط الأنابيب فى العالم، فى التاسع من ديسمبر، لم تُسجل إلا بصعوبة.
بحلول الربع الثانى من عام 2023، من الممكن أن يكون هناك نقص آخر فى البترول، إذ يتحول المستخدمون فى القطاع الصناعى فى أوروبا من الغاز الطبيعى إلى الغاز الأرخص ثمناً.
وأشارت المجلة البريطانية إلى أن الاستهلاك فى الهند والشرق الأوسط أثبت أنه أكثر مرونة مما كان متوقعاً.
كذلك، من المحتمل أن يؤدى إعادة فتح الصين لأبوابها إلى انتعاش اقتصادى بعد أن تصل حالات الإصابة بكوفيد إلى ذروتها.
هناك بالفعل دلائل على أن حظر التأمين فى أوروبا قد ينتهى به الأمر إلى إحداث اضطراب أكبر مما كان متوقعاً.
تعتقد وكالة الطاقة الدولية، وهى المتنبئة الرسمية، أن روسيا ستضطر إلى خفض الإنتاج بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً، إلى 9.6 مليون برميل يومياً، بحلول الربع الثانى.
كما انخفضت شحنات درجة البترول الروسية الثانوية التى تُعرف باسم «إسبو«، والتى تأتى على عكس خام الأورال حيث تُداولت مؤخراً عند مستوى يتجاوز الـ 60 دولار، إلى النصف تقريباً منذ الخامس من ديسمبر، عندما بدأ تنفيذ سقف السعر على البترول الروسى.
إذا دفع الطلب المتزايد على البترول، سعر خام الأورال إلى ما فوق 60 دولار، فقد يكون لدى مُلاك السفن أفكار أخرى تتعلق بكيفية حمله ونقله أيضاً.
يذكر أيضاً أن روسيا هددت بقطع الإمدادات عن الدول التى تلتزم بعقوبة سقف الأسعار، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو فى أماكن أخرى.
علماً بأن عجز الإمدادات العالمية سيؤدى إلى تراجع قيمة الأسهم العالمية الضئيلة بالفعل، والتى لا تزال قريبة من أدنى مستوياتها فى خمسة أعوام، ما يتسبب فى ارتفاع الأسعار أكثر.
وهذا كله يعنى أن الاختبار الحقيقى لتكتيكات الحرب البترولية الغربية ستنجح على الأرجح خلال العام المقبل.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا