مقالات

خفض الفائدة حول العالم تضر بأصول اﻷسواق الناشئة

هناك أخبار سيئة وأخرى جيدة بالنسبة لمستثمرى اﻷسواق الناشئة هذا العام.

الأخبار السيئة تتمثل فى انخفاض نمو اﻷسواق الناشئة، أما الجيدة فهى إمكانية جنى اﻷموال فى ظل هذا الانكماش، وذلك يثير تساؤل واضح حول “إلى متى سيبقى كل شىء سىء بوضوح للاقتصادات الناشئة مفيد لأولئك الذين يستثمرون فيها؟

فعلى سبيل المثال، أفاد مؤشر “جى بى مورجان” للأسواق الناشئة بارتفاع أسعار سندات العملات المحلية بنحو 8% هذا العام، وتحققت معظم هذه المكاسب خلال الأسابيع الستة الماضية عندما تراجعت حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وارتفعت توقعات خفض البنك الاحتياطى الفيدرالى ومجموعة من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لأسعار الفائدة.

حدث هذا اﻷمر فى نفس وقت صدور سلسلة من المراجعات الهبوطية لتوقعات النمو الاقتصاد العالمى والأسواق الناشئة هذا العام، فقد خفض العديد من الاقتصاديين توقعاتهم لنمو اﻷسواق الناشئة من نحو 5% فى بداية العام الحالى إلى 3.5%.

ويبدو أن المستثمرين واثقون من أن صانعى السياسة سيواجهون تدهور البيئة الاقتصادية بخفض أسعار الفائدة وزيادة تدفق القروض ذات الفائدة المنخفضة، وبالتالى تغذية مطاردة عالمية للعوائد مرة أخرى، ولكن كما أظهر عقد من التجارب منذ الأزمة المالية العالمية، تميل القروض ذات الفائدة المنخفضة إلى تعزيز أسعار الأصول، بينما لا تقدم الكثير لصالح الاستثمارات الإنتاجية.

وقال ميشيل نيس، الاقتصادى المعنى بشئون الأسواق المالية لدى “سيتى بنك”: “ربما نكون في بيئة ذات ظروف مالية مواتية للغاية، ولكن لا يوجد منفذ حقيقى مثمر لهذه الأموال، لذا فإن التيسير النقدى ليس له تأثير على النمو بالشكل الذى كان عليه في الماضى، أو أن التأثير يأتى في قنوات لها جانب سلبى، كالاستهلاك المدفوع بالائتمان أو الإسراف المالى”.

وأشار موقع “سنترال بانك نيوز” إلى خفض 30 بنكاً مركزياً ﻷسعار الفائدة حتى الآن خلال العام الحالى، من بينها 3 فقط في الاقتصادات المتقدمة، ومن المتوقع أن تتخذ العديد من البنوك المركزية النهج ذاته.

وبدأ العديد من صانعى السياسة، مثل هؤلاء في كمبوديا والبرازيل، فى خفض أسعار الفائدة منذ بداية العام الماضى، أى قبل وقت طويل من تحول البنك الاحتياطى الفيدرالى عن موقفه التشددى إلى موقف أكثر طمأنة.

وظل معدل التضخم يتراجع في معظم دول العالم الناشئ لفترة جيدة، تتراوح بين ستة وتسعة أشهر، مع ارتفاع الانكماش بشكل شهرى على مدار العام الحالى فى تايلاند وماليزيا وكوريا الجنوبية وبيرو وغيرها من الدول، ويشير هذا اﻷمر إلى انعكاس الظروف السابقة عندما كان صانعو السياسة يرفعون أسعار الفائدة بشكل كبير لإبقاء معدلات التضخم تحت السيطرة.

فعلى سبيل المثال رفعت المكسيك سعر فائدتها من 3% عام 2016 إلى 8.25% العام الماضى، ومنذ ذلك الحين انخفض التضخم السنوى من 5% إلى مستوى يقل عن 4% حالياً، ويتوقع استمرار انخفاضه.

وقال بول جرير، مدير المحافظ المالية لدى مؤسسة “فيدلتى إنترناشونال”، إن مثل هذه الأمثلة وغيرها تشكل حجة قوية بالنسبة لسندات العملات المحلية طويلة اﻷجل.

ولايزال، أقل تفاؤلاً بشأن عملات الأسواق الناشئة، فرغم اعتقاده أنها منخفضة القيمة، إلا أنها سجلت انتعاشا جيداً فى الآونة اﻷخيرة، ولكن الجميع يدرك أن هذا الانتعاش ليس تقليدياً، فالعملات حساسة للغاية للنمو العالمى والتجارة العالمية.

ورغم الارتفاع الأخير، لاتزال الأصول المقومة بالعملات المحلية، مثل العملات والأسهم والسندات بالعملات المحلية، عند مستويات أدنى من ذروتها في العام الماضي، قبل أن تتسبب قوة الدولار غير المتوقعة فى عمليات بيع واسعة عبر الأسواق الناشئة.

وخلال العام الحالى، انعكس انتعاش اﻷصول فى الربع الثانى، رغم أنها وصلت مرة أخرى أو اقتربت من أعلى مستوياتها على مدار العام حتى الآن.

وقال ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين المعنيين بالأسواق الناشئة لدى مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس”، إن الحالة الضبابية التي كانت محيطة بأصول الأسواق الناشئة في النصف الثانى من العام الماضي بدأت فى التلاشى، ولكن ذلك يعود إلى التحول في موقف البنك الاحتياطي الفيدرالى.

وأضاف أنه مع استمرار الاقتصاد العالمي في الضعف، قد يتسبب ذلك في تدهور الرغبة فى المخاطرة وتحويل النصف الثانى من العام ليصبح أكثر تقلبا بالنسبة لأصول الأسواق الناشئة.

ويثير هذا السؤال الأكبر حول ما إذا كان هناك أى شىء سيثير انتعاش نمو الأسواق الناشئة.

ومن الممكن أن يؤدى الائتمان الرخيص، إلى تعزيز الثقة وإنفاق المستهلك وحتى الاستثمار، ومن الواضح أن هذا ما يأمل صانعو السياسة تحقيقه.

ويشعر جاكسون، بالتشاؤم. فقد قال إن هناك بعض الانتعاش في تلك الدول التى سجلت أداءً سيئاً، ولكن من المحتمل أن يكون هذا الانتعاش بطيئاً للغاية، مضيفاً: “نحن نتطلع إلى تسجيل نموا نسبته بين 1% و1.5% فى دول مثل المكسيك وروسيا والبرازيل، وهو معدل كان محبطا للغاية قبل 5 سنوات، ولكن لا يوجد شىء يمكنك رؤيته بوضوح قد يؤدي إلى انتعاش أكبر”.

بقلم: جوناثان ويتلى

الكاتب لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز”

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية