قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إنَّ أرقام نمو الناتج المحلى الإجمالى الفصلى فى الصين تجرى مراقبتها عن كثب؛ بحثاً عن أدلة على اتجاه الاقتصاد، لكن نادراً ما يتم أخذها بالقيمة الاسمية؛ لأن كثيراً من المحللين يعتقدون أن أهداف المسئولين تشوه النتائج.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الحزب الشيوعى الحاكم يضع، حالياً، خطته الخمسية الرابعة عشرة، والمتوقع أن تتضمن أهدافاً للنمو حتى عام 2025 عندما يتم نشرها العام المقبل.
ولكن يستخدم الاقتصاديون الليبراليون، المناقشات لحث بكين على التخلى عن أهداف نمو الناتج المحلى الإجمالى، وإصدار التوقعات بدلاً من ذلك، إذ إن هذا من شأنه رفع العبء عن المسئولين لتحقيق هدف النمو بأى ثمن.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن أهداف إجمالى الناتج المحلى حتى عام 2030 قد وضعت بالفعل فى خطط أخرى. وأحد أهم أهدافها هو تحقيق تحديث المجتمع الاشتراكى بحلول عام 2035، وبناء دولة غنية وقوية بحلول 2049.
وقال الاقتصادى فى مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، وانج جون، إنَّ تحديد أهداف النمو أمر لا مفر منه.. لكن الوقت قد حان للحكومة لتتوقف عن نشر هدف النمو؛ حتى تتمكن من التركيز على نمو عالى الجودة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تقود فيه الاستثمارات أهداف النمو الصينية، فى حين يقول الحزب الشيوعى، إنه يريد تجنب هذا الأمر المرحلة المقبلة.
ويخشى المسئولون، تفويت أهدافهم وسط ارتفاع مشاريع البنية التحتية الزائدة أو غير المجدية، وتراكم كومة من الديون المعدومة.
وقال نائب مدير المعهد الوطنى للبحوث المالية، بجامعة تسينغهوا، تشو نينغ، إنَّ هذا النوع من التحفيز يمكن أن يضمن معدل النمو الاقتصادى على المدى القصير. وأضاف أن معدلات العائد المالى لهذه الاستثمارات منخفضة نسبياً، وبالتالى فإن الدخل من هذا الاستثمار لن يكون أقل من تكلفة التمويل، أو سيكون التدفق النقدى سيئاً بشكل موثوق، وسيؤدى ذلك على الأرجح إلى تراكم سريع للديون.
ومع ذلك، يصعب إسقاط الأهداف بسبب طبيعة عمل الحزب الحاكم فى الصين وبيروقراطية الدولة.
وأوضح الخبير الاستراتيجى للاستثمار فى شركة «ماثيوز»، أندى روثمان، أن القيادة فى بكين تشعر بأن هذه الأهداف تساعد على توصيل أهداف سياستها الاقتصادية إلى المسئولين المحليين.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أنه عندما أصدرت الصين بيانات الناتج المحلى الإجمالى للربع الثانى فى الأسبوع الماضى، أظهرت تباطؤ النمو الاقتصادى إلى %6.2 على أساس سنوى، وهو أدنى معدل رسمى منذ 27 عاماً على الأقل.
ويعتقد العديد من المحللين أن الرقم سيكون أقل.
وتعلم الاقتصاديون ومنهم «روثمان»، تحليل مجموعة من الإحصاءات الأخرى لاستنباط رأى حول ما يحدث بالفعل فى الاقتصاد.
وقال «روثمان»: «معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى هو أقل الإحصائيات الاقتصادية أهمية فى الصين، ويعزى ذلك جزئياً إلى أنه الأقل دقة».
ومع ذلك، تستخدم المؤسسات متعددة الأطراف، الأرقام الرسمية للصين مما يتيح عدم اليقين بشأن نتائج الصين لتغذية التوقعات العالمية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تدمج فيه المؤسسات المالية الغربية، البيانات فى تحليلاتها؛ لأنها تخشى أن تفقد أعمالها إذا لم تلتزم بذلك، كما قال المصرفيون الاستثماريون فى القطاع الخاص.
وقال أندرو تيلتون، المحلل لدى «جولدمان ساكس»، إنَّ القياس الداخلى البديل، هو مؤشر النشاط الحالى فى الصين، مضيفاً: «لن تسفر بالضرورة عن معدل نمو يبلغ %6 فى عام 2019».
وعلى الصعيد المحلى، يمكن أن تصبح الأرقام الأقل سلاحاً فى الاقتتال السياسى الوحشى فى الصين.
وحاول كل من رئيس مجلس الدولة، لى كه تشيانغ، التحرك صوب الأهداف اللينة.. لكنه تراجع عن الأهداف الصعبة أثناء التباطؤ الدورى.
وكان قرار عدم تبنى هدف متوقع على نطاق واسع لمضاعفة الناتج المحلى الإجمالى مرة أخرى بحلول عام 2035 مقارنة بعام 2021 فى مؤتمر الحزب التاسع عشر لعام 2017 «عملاً شجاعاً» وفقاً لتقرير نشره البنك المركزى فى ذلك الوقت.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن انخفاض معدل النمو ليس علامة على الضعف، فكلما نما اقتصاد الصين الأكبر زادت المكاسب المطلقة الناتجة عن كل نقطة مئوية من النمو.
وقال «روثمان»: «فى النهاية سيكون القادة الصينيون، سعداء بمعدلات النمو المنخفضة المكونة من رقم واحد، والتى تعتبر مرضية فى الاقتصادات المتقدمة».
وأوضح عالم الاقتصاد الكلى فى بنك «كومرزبنك» فى سنغافورة، تشو هاو: «من المبكر للغاية القول بذلك.. ولكن يمكن توقع نمو أقل من %6 للصين بعد عام 2020».
المصدر جريدة البورصة
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا