كيف ستمول أوروبا المبالغ الضخمة اللازمة للاستثمار فى تحول الطاقة والبنية التحتية الرقمية والدفاع؟
رغم وجود مدخرات هائلة يصل إجماليها إلى 33 تريليون يورو، تواجه أوروبا مشكلة فى بنيتها التحتية المالية، كما أن أسواق رأس المال لديها متخلفة، بينما يعانى القطاع المصرفى من عدم القدرة على تلبية الطلبات المتزايدة على الإنفاق الرأسمالى.
ولمعالجة هذه المشكلة، هناك حاجة إلى تطوير أسواق رأس المال بشكل أكبر.
هناك تحديات هائلة، فقد قدرت المفوضية الأوروبية أن التحول الأخضر يتطلب 620 مليار يورو إضافية سنويًا حتى 2030، مع حاجة أخرى قدرها 125 مليار يورو للتحول الرقمى، حسب ما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
علاوة على ذلك، فإن الحرب التى شنها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على أوكرانيا، واحتمالية فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية يزيدان من الضغط على الإنفاق العسكرى.
ورغم جهود البنك المركزى الأوروبى، كان نمو الإقراض للشركات الأوروبية منذ 2014 أقل من نصف ما هو عليه فى الولايات المتحدة.، وهذا الفارق فى الأداء الاقتصادى بين المنطقتين لطالما أزعج صُناع السياسات فى أوروبا، وتفاقم الفجوة يجعل هذا القلق أشد.
وقال ماريو دراجى، رئيس الوزراء الإيطالى السابق ورئيس البنك المركزى الأوروبى السابق قبل نشر تقريره حول تعزيز التنافسية الأوروبية: «نحتاج إلى تعبئة المدخرات الخاصة على نطاق غير مسبوق، وبشكل يتجاوز ما يمكن أن يوفره النظام المصرفى».
ورغم بعض التقدم، لا تزال هناك فجوة ضخمة فى رأس المال الاستثمارى نسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى بين أوروبا والولايات المتحدة.
كما أن الشركات الأوروبية لديها تفتقر إلى خيارات التمويل الكافية لدعم الاستثمار والنمو.
تتزايد الأصوات التى تدعو لإحياء الخطط غير المكتملة لاتحاد أسواق رأس المال، بقيادة رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد.
كما أن هناك تقارير حديثة مؤثرة من قبل رئيس الوزراء الإيطالى السابق إنريكو ليتا ومحافظ البنك المركزى الفرنسى السابق كريستيان نوييه تدعم هذا التوجه.
لكن فكرة سوق رأس المال الموحد فى أوروبا متوقفة منذ عقد زمنى، كما أن الأفكار الجريئة غالبًا ما تتعثر فى التنفيذ.
وربما تجعل الانتخابات الأوروبية الأخيرة الأمور أكثر صعوبة، لذا ربما حان الوقت لتغيير التكتيكات.
وللتخلص من العوائق التى تعيق النظام بالكامل، يجب أن يتعاون صُناع السياسات مع المتخصصين الماليين، خاصة من القطاع الخاص.
يعد إحياء التوريق المالى البداية المناسبة، مما يمكن شركات التأمين وصناديق المعاشات من دعم نمو أوروبا، كما أنه يسمح للبنوك بنقل الأصول إلى المستثمرين، مما يحرر قدرتها على الإقراض، هذا مهم بشكل خاص لأن البنوك توفر الغالبية العظمى من الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة فى أوروبا، التى تمثل حوالى ثلثى الوظائف.
وكانت القواعد التى كُتبت استجابة للأزمة المالية بمثابة عقوبات على التحول نحو الأوراق المالية، كما لم يتعافى السوق الأوروبى منها حقًا.
ونتيجة لذلك، لجأت البنوك إلى تحويلات اصطناعية معقدة للمخاطر، والتى لا يمكن أن تقوم بها إلا البنوك الكبيرة، مما يعوق البنوك الإقليمية.
وتجعل الملاءة الثانية، وهو الكتاب التنظيمى لشركات التأمين، تمويل مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل أو شراء حزم القروض التجارية الصغيرة غير جذاب اقتصاديًا، مما يقلل من العوائد المحتملة ويحد من التمويل المتاح.
وحان الوقت لإعادة تعديل قواعد التوريق لتعكس بشكل أفضل المخاطر الحقيقية للأصول، ومواكبة تطور أسواق رأس المال وتشجيع الاستثمار لنمو أوروبا.
يجب رعاية نظام رأس المال الاستثمارى، وتوظيف الائتمان الخاص، وإعادة ضبط القواعد المعقدة للاستدامة للصناديق.
وقبل كل شيء، تحتاج أوروبا إلى سوق مالية أكثر مرونة وتنوعًا. وإذا فشلت خطط اتحاد أسواق رأس المال فى تحقيق ذلك، فقد يؤدى ذلك إلى انخفاض النمو، وبالتالى حان الوقت لاستدعاء المتخصصين الماليين.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا