توقع بنك بى أن بى باريبا، نمو الناتج المحلى الإجمالى 5.8% خلال العام المالى الحالي، وتراجع متوسط معدلات التضخم إلى 10.4%، وانخفاض عجز الموازنة إلى 6.7% من الناتج المحلى.
وقال البنك فى مذكرة بحثية، إن الديون على الحكومة ستتراجع إلى 88% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 89% العام المالى الماضي، لكن عجز الحساب الجارى سيتسع إلى 3% من الناتج المحلي، مقابل 2.7%، كما أن احتياطيات النقد الأجنبى ستتراجع إلى 43 مليار دولار مقابل 44 مليار دولار فى يونيو الفائت.
عجز الميزان التجارى
وذكر البنك أن العجز مازال محلوظًا لكن الميزان التجارى حقق تحسنًا ملحوظًا منذ 2017، واستفاد من تعافى الصادرات البترولية، فى حين أن الخفض الكبير فى قيمة العملة لم ينعكس إلا فى نطاق محدود على الصادرات البترولية، فى ظل ممارسة العوائق الهيكلية ضغوطا على قدرة البلاد التصديرية.
وأضاف أن الارتفاع فى سعر الصرف خلال العام المالى لم يكن فى صالح تنافسية الأسعار، كما أن التدابير التى تم اتخاذها كان هدفها دعم الصادرات، مضيفا أنه لا يزال حذرا بشأن تحسن ملحوظ فى حركة التجارة العالمية على المدى المتوسط.
وذكر “بى أن بى باريبا” أن الاقتصاد المصرى وجد نفسه فى 2016 نفسه فى مواجهة الموت، فى ظل تدهور أوضاع المالية العامة واتساع عجز الحساب الجارى وغياب تدفقات رؤوس الأموال، الأمر الذى تطور فى النهاية إلى نقص السيولة الأجنبية، لكن التسارع فى إنتاج الغاز وتجدد ثقة المستثمرين بعد تبنى مصر برنامج اصلاحى مع صندوق النقد الدولى أدى إلى تحسن فى الحسابات الخارجية.
السيولة بالعملة الأجنبية
وتراجع عجز الحساب الجارى بصورة ملحوظة منذ عادت مستويات السيولة بالعملة الأجنبية لمستويات مقبولة، لكن أداء التجارة الخارجية خلال العام الماضى والسابق له كان محبطًا.
ورغم حقيقة فقدان الجنيه لنصف قيمته بعد تحرير سعر الصرف، استمر الحساب التجارى فى تحقيق عجز ملحوظ عند 27.3 مليار دولار خلال العام المال 2018 و38 مليار دولار العام المالى 2019.
وكانت النقطة الأكثر إشراقا فى الحسابات الخارجية تحول الميزان التجارى البترولى إلى فائض مقابل عجز بلغ 5.4 مليار دولار العام المالى 2017، وذلك بدعم من ارتفاع صادرات الغاز الطبيعى وارتفاع انتاج غاز ظهر خلال النصف الأول من 2019 إلى متوسط 500 مليون متر مكعب شهريًا بعد توقف تام خلال 2014 و2015، وفى الوقت نفسه أوقفت مصر استيرد الغاز بدءًا من نوفبمر 2018 بدو وصولها 750 مليون متر مكعب فى 2017.
ورغم أن البلد مازال مستوردا صافيا للمواد البترولية، فقد تضاءلت الاختلالات على مدى العامين الماضيين، وارتفعت الصادرات البترولية لثلاثة أمثالها مقارنة بمستويات 2016.
أوضح “بى أن بى باريبا” أن الزيادة فى أسعار البترول خلال العام المالى الماضى نحو 8% فى خام برنت كانت لها توابع إيجابية على الميزان البترولى بجانب الزيادة الكمية.
الصادرات غير البترولية
وذكر أن العوامل الأكثر وضوحًا بشأن الأداء المخيب للاَمال للصادرت غير البترولية يتمثل فى زيادة تكلفة الإنتاج بعد التعويم، الذى أدى لارتفاع تكلفة الاستيراد وزيادات الأجور، ما حد من مكاسب المصدرين جراء تنافسية الأسعار.
وقال إنه بشكل عام فقد التجربة العملية اثبتت ضعف استفادة الصادرات من خفض قيمة العملة، وهوما أكدته دراسة حديثة للبنك الدولى.
ووفقًا لهذه الدراسة فإن تصنيف مصر وفقًا للخصائص والمناطق الجغرافية لا يساعدها على كسب حصة أكبر من التجارة العالمية، فنحو 25% من الصادرات السلعية موجهة للدول العربية، والتى تمتلك ديناميكيات ضعيفة فى مجال التجارة العالمية، فواردات تلك الدول نمت 1.6% فى المتوسط سنويًا خلال الفترة بين 2014 و2018 مقارنة بمتوسط عالمى 3.3%.
كما تأثرت الصادرات المصرية بالأوضاع السياسية فى شمال إفريقيا وليبيا، وضعف الأداء الاقتصادى لدول الخليج، كما لم تستفد مصر من النمو السريع فى قارة مثل اسيا التى ترتفع الصادرات فيها 4.2% سنويًا، فى ظل أنها تستحوذ على 10% فقط من الصادرات المصرية.
وأضاف البنك أن الأكثر أهمية هو ضعف المحتوى التكنولوجى فى الصادرات المصرية، فمعظمها تصدر فى شكلها الخام مثل الهيدروكربون والمعادن والمنتجات الزراعية، أو بتدخل طفيف مثل المنسوجات والأطعمة.
وتوقع استمرار تحسن الميزان التبرولى على المدى الطويل مع مزيد من النمو فى صادرات الغاز، لكن مع زيادة الطلب المحلى على الطاقة، فإن حقول الغاز التى تم اكتشافها بالكاد ستوقف تحول مصر نحو العجز مجددًا خلال عامين أو ثلاثة.
تراجع الجنيه أمام الدولار
وقال “بى أن بى باريبا” إن آفاق للميزان التجارى غير الترولي، لا تشير إلى أى تحسن، وعلى المدى القصير قوة لجنيه بالتزامن مع الاتجاه التضخمى التنازلى سيجعل الصادرات المصرية أقل تنافسية.
وارتفع سعر الصرف الحقيقى الفاعل 47% منذ نهاية 2016 فى حين أن الليرة التركية تراجعت 12% والدرهم المغربى ظل مستقرًا، وفى ظل الأداء غير المواتى للحسابات الخارجية المتوقع خلال العام المقبل، ورغم سيطرة البنك المركزى على التضخم فإن الجنيه على الأرجح سيتراجع إلى مستويات 17.4 جنيه للدولار بنهاية يونيو المقبل.
وأشار البنك إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر بوسعه معالجة بعض العوائق الهيكلية، بما يدعم الصادرات المصرية، عبر دمج البلاد فى سلاسل الإمداد العالمية، ومؤخرًا بدأ العديد من الشركات متعددة الجنسيات أعمالها فى مصر، لكن فى الوقت الحالى مازالت التدفقات للقطاع غير البترولى أقل من المأمول لها.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا