يحمل البعض، مما يمكن أن يطلق عليهم لقب «حراس اليونيكورن»، رسالة للشركات الناشئة الكبرى التى تسعى إلى الانتقال من ملاذات الاستثمار الخاص إلى الأسواق العامة، هذه الرسالة مفادها «ابق بعيداً عن وول ستريت حتى تستجمع قواك».
يشبه هذا الأمر إلى حد كبير ما يعرف باسم «حراس السندات» فى فترة الثمانينيات والتسعينيات، عندما بدأوا البيع ولاحظوا علامات التضخم، مما دفع أسعار الفائدة للارتفاع حتى قبل تصرف البنك الاحتياطى الفيدرالى.
ويظهر المحللون ومديرو الصناديق والمستثمرون الآخرون علامات على زيادة اليقظة حول كافة الأسهم الجديدة التى تطرح فى سوق الأسهم، كما أنهم ينظرون بشك إلى اليونيكورن، وهو اسم مستعار يستخدم مع الشركات الناشئة التى تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر، والتى تخسر مبالغ كبيرة من المال.
وينظرون أيضاً إلى أولئك الذين لديهم مخططات معقدة لملكية الشركات وخطط لهياكل الأسهم متعددة الطبقات التى تخفض فعالية التصويت للمستثمرين العاديين، وإلى أولئك الذين يقدمون أنفسهم كشركات تكنولوجية تستحق تقييمات «سيليكون فالى» فى حين أن أعمالهم فى الواقع أقل من هذا المستوى بكثير.
وأوضحت مجلة «بلومبرج بيزنس ويك» أن مؤسسى الشركات لا ينجحون، فى بعض الأحيان، من الانتقال إلى اﻷسواق العامة، فقد تم إقصاء الرئيس التنفيذى السابق لشركة «أوبر» ترافيس كالانيك والرئيس التنفيذى المستقيل لشركة «وى ورك» آدم نيومان من وظيفتهما العليا فى شركاتهما الناشئة فى ظل زيادة التدقيق فى مهاراتهم الإدارية.
وعادة ما تكون النتيجة هى إسالة دماء «اليونيكورن» فى الشوارع، فقد ألغت شركة «وى»، الشركة اﻷم لـ«وى ورك»، اكتتابها الأولى المخطط له، وهذا ما فعلته أيضاً «إنديفور جروب هولدينجز»، كما أن «إير بى إنى بى» تحاول سلك طريقاً مختلفاً حيث تسمح للمستثمرين فيها بجمع النقود من خلال إدراج الأسهم مباشرة فى السوق بدلاً من محاولة جمع رأس المال عبر الاكتتاب الأولى التقليدى.
ولقد تحولت شركة «وى» إلى ملصق إعلانى لشركات «اليونيكورن» الجريحة التى تأتى إلى «وول ستريت»، لتقدم وعوداً بالاضطراب مع رؤى رأسمالية لسوق الأوراق المالية فى رؤوسهم.
وكتب بنك «رينيسانس كابيتال» فى مذكرة، إن الاكتتاب العام المخطط له لشركة «وى ورك» تحول إلى كارثة حظيت بتغطية واسعة، فقد كان هناك اقتراحات باحتمالية دفع المستثمرين العموميين لمزيد من الأموال فى النهاية لتعزيز النمو السريع.
إن هذا الأمر لا يشكل خيبة أمل بالنسبة لليونيكورن، فقد تمكنت شركات مثل «أوبر تكنولوجيز» و«ليفت» و«بلتون إنتراكتيف» من المضى قدماً فى اكتتاباتها الأولية، رغم تداول الأسهم عند مستوى أدنى بكثير من التقييمات اﻷولية.
وفى الوقت نفسه، بدأ مؤشر «فوتسى رينيسانس» الخاص بالشركات التى قامت بطرح أسهمها للاكتتاب العام خلال العامين الماضيين عام 2019 بنجاح كبير، فقد تفوق على سوق الأسهم الأوسع، ولكنه خسر %15 بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته فى يوليو الماضى.
ويعتبر الأشخاص الذين يتحكمون فى مؤشرات الأسهم الأساسية من بين أكبر حراس «اليونيكورن»، ففى ظل تغير القواعد خلال الأعوام الأخيرة، أصبح من الصعب إدراج الشركات ذات فئات الأسهم المتعددة إلى المؤشرات المدرجة ضمن مؤشرات «إس آند بى داو جونز» وتلك التى تواجه قيود فى مؤشر «فوتسى راسل».
ووفقاً لـ«جولدمان ساكس»، هناك 7 من بين أكبر 10 شركات طرحت أسهمها للاكتتاب العام فى عام 2019 تأثرت بتلك القواعد، بما فى ذلك «ليفت» و«بينترست».
وأشارت «بلومبرج إيكونوميكس» إلى أن عدم الإدراج ضمن مؤشر مهم يعنى أن هذه الأسهم سيتجاهلها معظم المستثمرين السلبيين، الذين يستحوذون على أكثر من نصف الأموال فى صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المؤشرات الأمريكية.
ويعتبر السوق الحديث والاتجاهات الاقتصادية ذات تأثير أيضاً، فالحرب التجارية التى شنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ومنحنى العائد المقلوب لسندات الخزانة والتقارير التى تظهر تقلص الصناعات التحويلية العالمية أدت إلى زيادة التكهنات المتعلقة بالركود.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن هذه البيئة ليست البيئة المثالية التى يمكن أن يُطلب فيها من المستثمرين تحمل الكثير من المخاطر من خلال شراء أسهم فى الطرح العام الأولى، خاصة من الشركات غير المربحة.
وأوضحت أن أفضل القطاعات أداء فى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» خلال الربع الثالث كانت المرافق والعقارات وشركات السلع الأساسية الاستهلاكية، التى تشتهر بتوزيعات عالية للأرباح أو أعمال آمنة ومستقرة نسبياً.
ويشير بعض المستثمرين أيضاً إلى عدم الترابط بين الأسواق الخاصة، حيث بدأت «اليونيكورن» التى كانت تعتمد على الإمدادات النقدية والتقييمات اللانهائية فى الظهور وكأنها فقاعات.
*ولكن من أين جاءت كل هذه النقدية فى السوق الخاص؟
تفسر إحدى النظريات فى ورقة بحثية حديثة صادرة عن مايكل إوينز من معهد كاليفورنيا التقنى وجوان فار منسا من جامعة إلينوى فى شيكاغو، هذا الأمر، فهى تشير إلى الجهود المبذولة لإلغاء القيود التنظيمية من أجل توظيف الأموال الاستثمارية فى التسعينيات، خاصة فى قانون تحسين أسواق الأوراق المالية لعام 1996، حيث سهل هذا القانون إمكانية جمع الشركات الناشئة للأموال اللازمة من خلال الحد من بعض متطلبات الإفصاح.
وساعد القانون أيضاً فى ارتفاع عدد المستثمرين المسموح لهم بالاستثمار فى الصناديق حتى قبل أن يُطلب منهم التسجيل بموجب قانون الاستثمار، والنتيجة كانت فتح صنابير الاستثمار المباشر ورأس المال الاستثمارى على نطاق واسع، مما يسمح للشركات بالبقاء ضمن القطاع الخاص لفترة أطول والنمو بشكل أكبر دون الحاجة لجمع الأموال عبر الاكتتاب العام.
وبطبيعة الحال، غالباً ما يكون سوق الأسهم هو الوجهة النهائية للمستثمرين فى رؤوس الأموال الاستثمارية والاستثمار المباشر، الذين يتطلعون إلى اﻷموال.
*ولكن لماذا سلكت الكثير من شركات «اليونيكورن» هذا الاتجاه؟
ربما كان ذلك من قبيل الصدفة إلى حد ما، رغم أن هناك الكثيرين سيجادلون بأن السبب فى ذلك هو تقادم دورة الأعمال فضلاً عن أن النافذة المخصصة للاستفادة من سوق الأوراق المالية المزدهر بدت وكأنها تغلق.
وبصرف النظر عن اﻷسباب، أصبح لدينا الآن قطيع من شركات «اليونيكورن» ذات التقييمات المتضخمة التى تحاول بيع نفسها فى سوق الأوراق المالية التى تضم مستثمرين يتمتعون بمزاج جيد للعب دور دفاعى، فالمستثمرين لا يفضلون عادة وضع رهانات محفوفة بالمخاطر على الشركات التى طالما كان لديها طموحات طويلة اﻷجل دون تحقيق ربح فى كثير من الحالات
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا