كتبت: هدى السهيلي
خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 2.25%، في خطوة تعكس الاتجاه للتيسير النقدي لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحريك الأسواق، ومن المتوقع أن ينعكس هذا الخفض على عدد من القطاعات الحيوية، من بينها سوق السيارات، الذي يرتبط بشكل مباشر بتكلفة التمويل.
اعتبر منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن قرار خفض الفائدة يمثل “بداية الغيث” لسوق السيارات، خاصة أنه قد يدفع شريحة من المستهلكين، ممن كانوا يؤجلون قرار الشراء بسبب ارتفاع الأقساط، إلى العودة مجددًا للتفكير في اقتناء سيارة بنظام التمويل البنكي.
أوضح زيتون في حديثه لـ”إيكونومي بلس”، أن الخفض الحالي، رغم كونه غير كبير نسبيًا، إلا أنه يحمل إشارة إيجابية، مشيرًا إلى أن التأثير الأوضح سيكون على المصنعين الذين يعتمدون على فتح اعتمادات ائتمانية بنكية، حيث سيسهم الخفض في تقليل تكلفة التمويل وبالتالي الإنتاج، رغم أن عدد هذه الحالات لا يزال محدودًا داخل السوق.
من جانبه أوضح خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعي السيارات، أن الخفض يعد خطوة مهمة لتحريك السوق، إذ تعتمد نحو 70% من مبيعات السيارات الجديدة على التمويل البنكي، لكنه يرى أنه رغم الخفض ستظل المبيعات متباطئة في ظل ارتفاع الأسعار، ليشكل القسط الشهري “عبئًا كبيرًا” على المستهلك، إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود التي ترفع تكلفة التشغيل.
“السوق يحتاج نوع من الثبات حتى يتمكن المستهلك من اتخاذ قرار الشراء”، قال سعد.
بداية.. لكنها غير كافية
من جانبه، اعتبر هاني توفيق، الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر الأسبق، أن خفض الفائدة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تكفي لتحفيز السوق بشكل فعال. موضحاً أن التأثير الحقيقي لن يظهر إلا مع استمرارية خفض الفائدة.
في السياق ذاته، أكد خالد سعد أن السوق بحاجة إلى خفض أكبر قد يصل إلى 10% حتى يشعر المستهلكون بتأثير ملموس على قيمة الأقساط الشهرية. أما منتصر زيتون، فرأى أن انتعاش السوق لن يتحقق فعليًا إلا إذا تم خفض الفائدة إلى نصف المستويات الحالية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السيارات بسبب سعر الصرف، وهو ما أدى إلى تجاوز الأقساط الشهرية لقدرة شريحة واسعة من المشترين.
يبلغ معدل الفائدة المحدد من البنك المركزي حاليا 25% للإيداع، و26% للإقراض.
حسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات “الأميك”، سجلت مبيعات السيارات في مصر نحو 8.15 ألف سيارة خلال فبراير 2025، مقارنة بمبيعات تجاوزت الـ36 ألف سيارة في فبراير 2022، حينما كان معدل الفائدة المحدد من البنك المركزي عند 9.25%، قبل اندلاع الحرب الروسية وخروج نحو 20 مليار دولار من الأموال ساخنة من مصر.
السيارات الاقتصادية المستفيد الأكبر
يتفق كل من خالد سعد ومنتصر زيتون وهاني توفيق على أن الفئة الاقتصادية من السيارات هي الأكثر استفادة من خفض الفائدة، نظرًا للاعتماد على التمويل البنكي. أما السيارات الفاخرة، فتأثير الخفض عليها محدود، لأن مستهلكيها لا يتأثرون كثيرًا بالفائدة ولا يعتمدون عليها في قرارات الشراء.
تسعير السيارات وتحديات السوق
أكد سعد أن العامل الرئيسي في تسعير السيارات هو سعر صرف الدولار، موضحًا أنه طالما استمر الدولار في الثبات أو الصعود، فلن تشهد الأسعار انخفاضًا ملحوظًا.
أضاف أن التوسع في الإنتاج المحلي، بنسب تتخطى 50% من مكونات بعض السيارات، خفف نسبيًا من الاعتماد على الاستيراد، وأسهم في خفض أسعار بعض الموديلات.
عن التحديات التي تواجه السوق، أشار سعد إلى صعوبة الاستيراد وارتفاع تكاليف الشحن بسبب التوترات العالمية، إضافة إلى غياب الإنتاج المحلي واسع النطاق، وضبابية الرؤية بشأن الشراكات مع الشركات العالمية، ما يحد من فرص جذب استثمارات جديدة.
لكن توقع سعد تحسنًا موسميًا في المبيعات مع حلول الصيف، خاصة في الفترة من يونيو إلى سبتمبر، لكنه ربط هذا التحسن بعدة عوامل، أبرزها استمرار خفض الفائدة، واستقرار الأسعار، وتحسن سعر صرف الدولار.
في السياق ذاته، شدد الخبير الاقتصادي هاني توفيق على أن خفض الفائدة وحده لا يكفي، ما لم يترافق مع سياسات مالية وتجارية داعمة، مثل تعزيز الإنتاج المحلي، وتوطين الصناعات المغذية، وجذب الاستثمارات، بهدف رفع معدلات التشغيل وتحفيز الطلب المحلي.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا