في الأيام المئة الأولى من حكمه بعد عودته إلى المنصب، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة غير مسبوقة من السياسات،مما قلب بعض جوانب النظام العالمي الذي ساعدت واشنطن في بنائه بعد الحرب العالمية الثانية.
شملت هذه السياسات حربًا تجارية شاملة، وتخفيض المساعدات الخارجية، واستهداف حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى أطماع توسعية بما في ذلك محاولات لضم جرينلاند والمرور مجانا من قناتي السويس وبنما، كما سعى لضم كندا لتصبح الولاية الأمريكية رقم 51.
ترامب ومبدأ “أمريكا أولًا“
سعى ترامب في ولايته الثانية إلى تطبيق سياسة “أمريكا أولًا” بشكل أكثر تطرفًا، مما أدى إلى نفور الحلفاء واكتساب أعداء جدد. شملت مواقفه تكتيكات غير تقليدية، ما أثار قلق الحكومات حول العالم بشأن كيفية التعامل مع سياسته المتقلبة. وقد كان هذا الاتجاه يعكس قلقًا متزايدًا داخل الولايات المتحدة من تراجع الديمقراطية، حيث هاجم ترامب القضاة، ومارس ضغوطًا على الجامعات، وأطلق حملات ترحيل واسعة للمهاجرين، وفق تقرير لرويترز.
تغييرات كبيرة في النظام العالمي
أدى تصعيد ترامب في سياسته إلى اهتزازات في النظام العالمي القائم على التجارة الحرة والاحترام المتبادل بين الدول. في ظل حكمه، تم تطبيق رسوم جمركية شاملة ضد حلفاء الولايات المتحدة، مما أدى إلى اضطراب الأسواق المالية وزيادة المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي. في الوقت نفسه، لم يكن هدف ترامب من هذه السياسات واضحًا تمامًا، حتى مع محاولاته للتفاوض على اتفاقات منفصلة مع عشرات الدول.
الحروب التجارية والتهديدات العسكرية
أدى ترامب إلى تدهور العلاقات مع حلفائه الأوروبيين. فبالإضافة إلى التصعيد التجاري، تحدى ترامب السياسات الأمريكية التقليدية تجاه الحرب الروسية في أوكرانيا، مما أثار مخاوف من أن يصبح هو نفسه أكثر انحيازًا إلى موسكو، مما قد يؤثر على تحالفات أمريكا التقليدية.
وفي الجانب العسكري، طالبت بعض الدول الأوروبية بتقوية صناعاتها الدفاعية لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأمريكية. في كوريا الجنوبية، تزايدت النقاشات حول تطوير قدراتها النووية في ظل تهديدات ترامب بسحب القوات الأمريكية. أما كندا، فقد بدأت في تعزيز علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع أوروبا وسط تزايد الاستياء من تصرفات ترامب.
الأطماع التوسعية
ترامب لم يتوقف عند حد السياسة الاقتصادية فحسب، بل أطلق أيضًا تصريحات مثيرة للجدل حول ضم مناطق جديدة إلى الولايات المتحدة. كان أبرز هذه التصريحات عن رغبة الولايات المتحدة في “الحصول” على جزيرة جرينلاند، بالإضافة إلى تهديدات بشأن الاستيلاء على قناة بنما وجعل غزة منتجعًا على طراز الريفييرا. هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة من الدول المعنية وأعادت طرح تساؤلات حول نوايا ترامب الحقيقية في السياسة العالمية.
الردود الدولية وتحولات العلاقات
في ظل هذه السياسات، بدأ بعض الحلفاء في إعادة صياغة سياساتها. فالاتحاد الأوروبي بدأ في وضع خطط لفرض رسوم جمركية مضادة إذا استمرت التوترات مع واشنطن. بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا بدأت في زيادة الإنفاق على الجيوش الوطنية، فيما عملت دول أخرى على تعزيز علاقاتها مع الصين لمواجهة التهديدات التي أوجدتها سياسات ترامب التجارية.
كما سعى بعض الحلفاء في أمريكا اللاتينية وآسيا إلى التعاون بشكل أكبر مع الصين، خاصة في ضوء التدهور الملحوظ في العلاقات مع واشنطن.
مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية
يقول الخبراء إن هناك مجالًا أمام ترامب لتغيير مساره في السياسة الخارجية، خاصة إذا شعر بالضغط من زملائه الجمهوريين القلقين من تداعيات سياسته. إذا استمر في هذا الاتجاه، قد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام تحديات كبيرة في محاولة إعادة بناء دورها كقوة مهيمنة على النظام العالمي. وفي حال فشل ترامب في تصحيح المسار، قد يؤدي ذلك إلى نتائج غير قابلة للإصلاح في العلاقات مع الحلفاء، بينما قد يستفيد الخصوم من هذا التراجع.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا