رفعت «ستاندرد آند بورز»، تصنيف المخاطر الائتمانية لصناعة البنوك المصرية، إلى الفئة التاسعة بدلاً من العاشرة.
وحددت الوكالة قوة القطاع المصرفى فى انخفاض نسبة القروض، بما يعنى مجالاً أكبر للنمو، وارتفاع معدلات السيولة المحلية، بجانب انتشار البنوك الأجنبية الخاصة التى تنقل خبرات فروعها الرئيسية للسوق، ودعم البنك المركزى لرسملة البنوك المملوكة للدولة.
واستبعدت الوكالة خصخصة كلية أو جزئية لأكبر بنكين حكوميين على المدى القصير، بناء على مناقشاتهما مع البنك المركزى.
وذكر تقرير «ستاندرد آند بورز»، أنَّ البنوك العامة لا تنشر ميزانيات متكاملة عن نتائج أعمالها، ولا تتناسب مع المعايير الدولية، وتتأخر فى نشرها لأكثر من 6 أشهر بعد انقضاء السنة المالية، ولا تعلن بصورة ربع سنوية.
وتضم المجموعة التاسعة القطاعات المصرفية فى تركيا وتونس وكازاخستان وأذربيجان، ومقارنة بمتوسط تلك الدول، فإنَّ اقتصاد مصر أكثر مرونة، وأقل مخاطر ائتمانية، لكن اختلالاته الاقتصادية أكبر نتيجة عجز الموازنة المرتفع، كما أن الأطر المؤسسية أضعف، وآليات المنافسة أقل تحفيزاً.
وذكرت الوكالة، أن الصناعة المصرفية ما زالت مقيدة بضعف الثروات، واتساع الاقتصاد غير الرسمى، والصراعات السياسية فى الإقليم، وتعرض البنوك الكبيرة لأوراق الخزانة ذات التصنيف الائتمانى، المنخفض، وضعف الشفافية لدى بعض البنوك العامة، مقارنة بأقرانها فى دول المجموعة، كما أن الحصة الأكبر من القروض بالعملة الأجنبية يسيطر عليها المقترضون أصحاب النشاط التصديرى.
وقالت إنه رغم التحسن ما زالت مصر بين أكثر المجموعات التى لديها مخاطر مرتفعة، بصفة أساسية نتيجة امتلاكها حيازات ضخمة من الديون السيادية، بجانب أن الاقتصاد مُقيد بقلة الثروات ومحدودية نصيب الدخل من الناتج المحلى الإجمالى عند 3100 دولار، وسوء توزيعها، وثغرات البنية التحتية.
وأوضحت أن نسبة الأوراق الحكومية والقروض إلى القواعد الرأسمالية تصل إلى %40، وفقاً للبيانات المجمعة للقطاع المصرفى بنهاية يونيو الماضى، ورغم ذلك فإنَّ الفوائد المرتفعة على الديون الحكومية ساعدت البنوك على تقديم أداء قوى ومرن عوَّض انكماش قروض القطاع الخاص، كما أن الغالبية العظمى من الديون السيادية بالعملة المحلية.
وأشارت إلى انخفاض معدل نمو القروض البنكية إلى %14 سنوياً، خلال عامى 2018 و2019، ما أدى لزيادة تعرض البنوك لقروض الحكومة، فى ظل استحواذها على %28 من قروض البنوك، مقارنة بنحو %10 فى الماضى.
ورغم توقع «ستاندرد آند بورز» نمو قروض القطاع الخاص، فإنَّ الزيادة ستكون محدودة حول %1 من الناتج المحلى الإجمالى سنوياً، خلال العامين المقبلين.
وأوضحت أن ذلك يرجع إلى الأوضاع السياسية والبيئة الهشة التى تعد العقبة الأكبر أمام تحسن الشمول المالى، ورغم أن ذلك سيأخد الكثير من الوقت، فإننا نملك ثقة كافية فى أدوات البنك المركزى ومبادراته لاختصار المسافات، وتحسين مستويات الشمول المالى، ودمج الاقتصاد غير الرسمى، وتقليص الجهل المالى.
وقالت إن شهية البنوك للمخاطر مقيدة، رغم تحقيقها معدلات ربحية أكبر من جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، مع تركيزها على العملاء أصحاب الملاءات المالية المرتفعة، لكنها توقعت ارتفاع معدلات نمو القروض ما بين 10 و%15 خلال 2020 و2021.
وتوقعت نمو الودائع ما بين 15 و%20 خلال الفترة من 2019 إلى 2021، بدعم من تسييل القروض الحكومية عبر البنك المركزى، وارتفاع الفائدة التى رغم خفضها مؤخراً فإنها ما زالت فى معدلات مرتفعة، وأن يعزز الشمول المالى معدلات نمو الودائع.
ورجحت «ستاندرد آند بورز» ارتفاع حصة القروض من الأصول إلى 38% فقط خلال 2021، وذلك نتيجة رؤيتها بضعف نمو قروض القطاع الخاص.
وأضافت أنه على الجانب المشرق، فإنَّ تعرض البنوك للقطاعات ذات الطبيعة المتقلبة وسريعة التأثر ضعيف ومحدود مثل الزراعة، والسياحة والعقارات، والإنشاءات.
تابعت الوكالة: «يجب الإشارة هنا إلى أننا نتوقع ارتفاعاً حقيقياً فى أسعار العقارات، ولا نرجح تراجعها أو اضمحلال أصول المطورين».
أوضحت أن توقعها بارتفاع أسعار العقارات خاصة السكنية رغم ارتفاعها بالفعل خلال السنوات الأربع الماضية، يرجع كون قيمتها زهيدة بالنسبة للأجانب، كما أن مخاوف تراجع سعر الصرف خاصة مع خفض الفائدة، ستصب فى صالح شهية المصريين للعقار كملاذ آمن.
وأشارت الوكالة إلى أن البنوك رغم أنها لا تمول شراء الأفراد لوحدات تحت الإنشاء، فإنها تمول المطورين العقاريين، وهى ممارسة لا تقل خطورة.
وقالت إن هناك مخاطر إضافية تواجه القطاع المصرفى من القوانين وأنظمة الدفع، بجانب المخاطر التى ستنشأ نتيجة النمو المتوقع لمحافظ القروض.
أضافت أنه رغم الاستقرار الاقتصادى والسياسى، ما زال هناك فرص فى مواجهة البنوك لمخاطر تعثر العملاء نسبياً، يغذيها التضخم المرتفع جراء إجراءات التوحيد المالى خلال الفترة الماضية والذى ما زالت آثاره تلقى بظلالها على الاقتصاد.
وأشارت إلى أن معدل خسائر الائتمان كان %1.35 فى البنوك خلال 2019، وأن %1.5 هو المعدل المتوقع لعامى 2019 و2020.
وتوقعت أن تقترب مستويات الديون الرديئة إلى %5 فى الأعوام المالية المقبلة مع استمرار معدلات التغطية عند %100 خلال الفترة من 12 إلى 18 شهراً المقبلة، مقابل %4.3 فى يونيو 2019، لتستقر تكلفة المخاطر عند %1.5.
تابعت الوكالة: «رغم تقديرنا أن معدلات الديون غير المنتظمة أقل من المستويات الفعلية كونها لا تضع فى الاعتبار الديون المعاد هيكلتها لكن تطبيق المعيار المحاسبى الدولى التاسع عالج جزءاً من تلك الإشكالية».
ورغم رؤيتها بتحسن الوضع الإشرافى، ما زال هناك نقص فى إفصاحات البنوك العامة، لكن من الجيد أن مصدر البنوك الرئيسى للتمويل هو ودائع العملاء، والتى تعد أكثر من كافية لتمويل الأنشطة التجارية، والأكثر من ذلك أن تلك الودائع نمت بشكل مستدام خلال الأعوام الماضية.
وتوقعت الوكالة نمو الودائع ما بين 15 و%20 خلال 2019 وحتى 2020، وذلك نتيجة تسييل البنك المركزى للديون الحكومية، والفائدة المرتفعة رغم خفض المركزى لها مؤخراً، وكذلك انخفاض قيمة العملة وقلة خيارات الأفراد للاستثمار، مشيرة إلى أن تعزيز الشمول المالى، سيكون محفزاً لضمان استدامة نمو الودائع بهذا المعدل على المدى الطويل.
وأشارت إلى أن البنوك لم تنته من تنفيذ مقررات «بازل 3» بعد، لكن مخاطر العملة الأجنبية تتم تغطيتها تحت الإطار الرقابى الحالى؛ حيث إنَّ صافى الفائض أو العجز فى العملة لا يجب أن يتعدى %10 من القاعدة الرأسمالية، و%20 إجمالاً لكل العملات.
كما أن توليد إيرادات بالعملة الأجنبية الشرط الأساسى للحصول على تمويل بالعملة الأجنبية.
ووفقاً للمناقشات مع «المركزى»، فإنَّ البنوك تبلغ «المركزى» باستمرار ودون أى تأخير بجميع البيانات، بما يسمح له بمتابعة ومراقبة الحسابات المجمعة والفردية، ومساعدة البنوك فى التنبؤ بالمخاطر وإدارتها، وذلك بفضل استثمارات البنوك فى أنظمة المخاطر وإدارة المعلومات.
وتوقعت الوكالة، أن يسهم قانون البنوك الجديد فى اندماج عدد من البنوك الصغيرة أو خصخصة بعض البنوك العامة فى مرحلة ما، وأن ترتفع ملكية الأجانب للبنوك فى مصر.
وأشارت إلى أن مناخ المنافسة ليس مشوهاً رغم سيطرة البنوك العامة على أصول القطاع المصرفى، فبعيداً عن شركات الغاز والبترول فإنَّ البنوك الخاصة غير مهتمة بإقراض المنشآت العامة، بخلاف البنوك الحكومية، ما يعنى اختلاف نماذج الأعمال مع وجود قاعدة عريضة من العملاء الأفراد المحتملين.
وقالت «ستاندرد آند بورز»، إنَّ نهج المخاطر التى تواجهها البنوك سواء من الاقتصاد أو الصناعة، مستقر، ولا يدعو للقلق، فمصر مستمرة فى تنفيذ إصلاحات هيكلية لدعم الاستثمارات والناتج المحلى الإجمالى، ما دفع الوكالة لتثبيت تصنيفها الائتمانى للدولة عند B فى نوفمبر الماضى، ليعكس النمو القوى المتوقع للناتج المحلى الإجمالى، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبى، وإتمام برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى فى يوليو الماضى، الذى أدى لخفض عجز الحساب الجارى وتباطؤ التضخم.
أضافت أن مزيداً من معالجة ضعف الوضع الخارجى، وتحسين التصنيف الائتمانى للبلاد أو استمرار معدلات التضخم المنخفضة، يغير رؤية «ستاندرد آند بورز»، بالإيجاب لبيئة التشغيل التى تعمل بها البنوك، لكن الوضع قد يختلف إذا تدهورت الأوضاع السياسية.
ولكنها استبعدت اشتداد المنافسة فى السوق المصرى، فى ظل سيطرة البنوك العامة، على الحصة الأكبر من القطاع المصرفى؛ حيث إنَّ بنوك «مصر» و«الأهلى» و«القاهرة» تسيطر وحدها على ما يتراوح من 40 إلى %50 من إجمالى أصول البنوك، كما أن السيولة ستظل مرتفعة، مشيدة بمعدلات الديون على القطاع المصرفى المنخفضة.
وتوقعت نمو الاقتصاد المصرى بنسبة %5.6 فى المتوسط خلال السنوات المالية من 2019 إلى 2020، مقابل %5.3 فى العام المالى 2017 – 2018 بدعم من تراجع معدلات التضخم، بما يدعم نمو الاستهلاك، وانخفاض أسعار الفائدة الذى سيدعم استثمارات القطاع الخاص.
تابعت: «نحن نعتقد أن الأداء الاقتصادى مستقبلاً، سيكون معتمداً على الأحوال الجوية، وتغير أسعار المنتجات، رغم أن %3 من مساحة الدولة فقط قابلة للزراعة، لكن القطاع يمثل %12 من الناتج المحلى الإجمالى وثلث العمالة».
وأشارت إلى أن النشاط الاقتصادى سيستفيد من نمو الاستثمارات العامة، والتزايد المتوقع للاستثمارات الخاصة خاصة الأجنبية، بما سيحسن صافى الصادرات.
أضافت الوكالة: «كما ستظل السياحة محركاً أساسياً للنمو الاقتصادى، رغم أنها تستحوذ على %3 فقط من قروض القطاع المصرفى، ومع التعافى السريع للسعات لديها، والسيطرة على المخاطر الائتمانية، ومبادرات البنك المركزى ونمو الإيرادات السياحية، بجانب انخفاض عجز ميزان الطاقة، وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج».
وقالت «ستاندرد آند بورز»، إنَّ السياسة النقدية تواجه عدة تحديات؛ أبرزها ضعف آليات انتقال أثر قرارات السياسة النقدية، وذلك فى ظل التعرض الكبير للبنك المركزى والقطاع المصرفى لديون الحكومة بالعملة المحلية.
أضافت أن قروض الحكومة للبنك المركزى ما زالت مرتفعة، لكنها توقعت انخفاضها تدريجياً، وذلك بجانب محدودية الدوائر المتعاملة مع البنوك، لكن تحرير سعر الصرف أضفى مرونة نسبية على أدوات البنك المركزى.
وتوقعت استقرار متوسط معدلات التضخم عند %9 خلال السنوات الثلاث المقبلة، مدفوعاً بخطط رفع الدعم عن الكهرباء، والتقلب فى أسعار الغذاء، وأى انخفاض فى قيمة العملة.
وذكرت أنه رغم الضغوط المتوقعة على المدى القصير جراء التأثر القائم من خفض قيمة العملة، فإنَّ على المدى الطويل نتوقع استقرار جودة أصول البنوك؛ حيث إنَّ النشاط الاقتصادى سيؤدى لتعافى العديد من أصحاب الأعمال، وبالتالى زيادة فرص معالجة القروض غير المنتظمة، وارتفاع القيمة الحقيقية للأصول، وتحسن معدلات التشغيل، وتوليد التدفقات النقدية للشركات والعملاء التجاريين.
أضافت الوكالة، أنه رغم توقعها تضييق عجز الحساب الجارى، فإنها ترى أن صافى الاحتياطيات الدولية غير كافٍ، رغم تخطيها 45 مليار دولار فى سبتمبر الماضى مقابل 31.3 مليار دولار فى يونيو 2017.
وتوقعت خفض عجز الحساب الجارى إلى %2.6 من الناتج المحلى الإجمالى، خلال الأعوام المالية 2020 وحتى 2022، بدعم من التحسن الكبير فى الإيرادات السياحية والتحويلات الخاصة، وأن يتم تمويله بشكل أساسى عبر الارتفاع المتوقع للاستثمارات الأجنبية المباشرة والديون الخارجية.
واستبعدت أن يطرأ تطور ملحوظ على أسواق الدين، مع استمرار سيطرة الحكومة وبعض البنوك الكبرى والشركات على إصدارات الديون، رغم رؤيتها باستمرار تعافى أسواق المال من حيث حجم التداول، وإدراج شركات جديدة، بدعم من برامج الطروحات الحكومية.
وأشارت إلى أن البنك المركزى لديه سجل حافل بدعم البنوك المصرية، وإنقاذها من أزمات السيولة، عبر الاحتياطى الإلزامى، والتسهيلات لإعادة الشراء التى يقدمها سواء لأسبوع أو 28 يوماً، وكذلك الإقراض لليلة واحدة، أو خصم الأوراق الحكومية.
وتابعت الوكالة، «الحكومة لا تقل دعماً فعندها استعداد دائم لمساندة البنوك وقت الأزمات، لكن وضعها المالى نتيجة ضعف تصنيفها قد لا يسمح بذلك».
«موديز»: البنوك المصرية أكثر صلابة من نظيرتها الأفريقية
أعطت موديز للتصنيف الائتمانى رؤية مستقبلية لتصنيف البنوك الأفريقية، خلال الاثنى عشر شهرًا المقبلة، مشيرة إلى أن هناك اختلافاً بين منطقة أخرى فدول مثل مصر، والمغرب، وموريتانيا وكينيا أكثر صلابة فى حين أن جنوب أفريقيا ونيجيريا يوجهان التحديات الأكبر.
وأشارت إلى أن %60 من أصول البنوك المصرية عالية السيولة، لكن نسبة الأوراق الحكومية إلى إجمالى حقوق الملكية تصل إلى %603 ما يجعل تصنيف البنوك المصرية متأثرًا بتصنيف الدولة.
أشارت إلى أن قاعدة تمويلات البنوك المصرية واجهت تحديات نقص السيولة بالعملة الأجنبية لكنها تغلبت عليها العامين الماضيين بعد تحرير سعر الصرف وتحويلات المصريين بالخارج، وأن جهود تعزيز الشمول المالى تقوى مصادر التمويل فى البنوك.
وقالت إن الإصلاحات المالية والاقتصادية تسهم فى دعم النمو المتوقع وصوله إلى %5.8 خلال العام المالى الحالى، وبالتبعية نشاط البنوك فى الاقراض.
وذكرت أن خفض الفائدة يشجع الطلب على الاقراض، لكنه سيقيد هوامش أرباح البنوك.
وأشار إلى أن مخاطر الأصول تظل مرتفعة رغم التوقعات باستقرار الديون الرديئة، نتيجة تزايد إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة مرتفعة المخاطر مع ارتفاع نسب التركز الائتمانى والعقبات القانونية.
أوضحت أن رؤوس الأموال لدى البنوك العامة متواضعة، نتيجة التعرض الكبير للديون السيادية صفرية المخاطر، وستدات صفرية كوبون لكن قانون البنوك سيسهم فى تقوية القواعد الرأسمالية للبنوك مع زيادة لحد الأدنى لرأس المال إلى 5 مليارات جنيه.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا