ألقى صانعو صفقات الدمج والاستحواذ خارج الولايات المتحدة نظرة حساسة تجاه نظرائهم الأمريكيين فى عام 2019.
وفى الوقت الذى تراجعت فيه صفقات الدمج والاستحواذ حول العالم إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2013، أبرمت الشركات الأمريكية معاملات كبيرة فى الداخل حيث شكلت 15 صفقة من أكبر 20 صفقة فى العام الماضى.
وأوضحت بيانات شركة «ريفنتيف» أن ما يقرب من نصف الـ3.9 تريليون دولار إجمالى عمليات الاندماج والشراء العالمية المسجلة فى 2019 تضمنت أهدافًا أمريكية كبيرة بزيادة قدرها 6% مقارنة بعام 2018.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الطفرة فى الولايات المتحدة تتناقض مع عقد صفقات باهتة فى الأسواق الأوروبية والآسيوية التى سجلت 742 مليار دولار و757 مليار دولار على التوالى من إجمالى القيمة العالمية لتتراجع بنسبة %25 فى أوروبا وتنخفض %16 فى آسيا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن نشاط الولايات المتحدة كان كافياً لتزويد عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية بأربعة مستويات قياسية.
وكانت الصفقات عريضة القاعدة} حيث اقتحمت الصفقات قطاع الأدوية بعد شراء شركة «بريستول مايرز سكويب» البالغة 93 مليار دولار لشركة الأدوية المنافسة «اليرجين» مقابل 84 مليار دولار وشركات صناعية أخرى مثل صفقة «يونايتد تكنولوجيز» البالغة 90 مليار دولار لشراء مؤسسة «رايثيون».
وشملت عمليات الدمج الأخرى للقروض فى عام 2019 أكبر عملية استحواذ على قطاع البترول فى عقد من الزمان، عندما استحوذت شركة «أوكسيدنتال بتروليوم» على منافستها «اناداركو» بقيمة 54 مليار دولار.
وسجلت الولايات المتحدة أكبر صفقة مصرفية منذ الأزمة المالية، حيث وافقت البنوك الإقليمية «بى بى آند تى» و«صن تراست» على الاندماح فى صفقة بلغت قيمتها 66 مليار دولار.
وبحلول نهاية العام، وجدت بعض أكبر الشركات فى أوروبا فرصًا للانضمام إلى السوق الأمريكية حيث وافقت شركة «إل فى إم إتش» الفرنسية على شراء مجموعة مجوهرات «تيفانى آند كو» بقيمة 17 مليار دولار، فى وقت استحوذت فيه شركة الأدوية السويسرية «نوفارتيس» على شركة «ميدسنس» اﻷامريكية مقابل 9.7 مليار دولار.
وقالت آنو أيينجار، رئيس عمليات الاندماج والشراء فى أمريكا الشمالية لصالح «جيه بى مورجان»، إن تركيز النشاط فى الولايات المتحدة يعد أبرز المخاطر التى تواجهها الشركات الأوروبية والتى لم تستوعب فوائد النمو المدفوع بصفقات الدمج والاستحواذ.
وقبل عقد من الزمان ضمت أوروبا 16 شركة ضمن أفضل 50 شركة من حيث القيمة السوقية حول العالم ولكنها تراجعت فى الوقت الحالى إلى 7 شركات فقط.
وأضافت أيينجار، «بعض الشركات الأوروبية لديها الفرصة والترخيص للذهاب إلى الولايات المتحدة والقيام بصفقات حيث يوجد هناك حافزًا للشركات الأوروبية لبذل المزيد من الجهد».
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن نشاط الصفقات فى أوروبا ظل ضعيفًا جزئيًا بسبب عدم اليقين الجيوسياسى المرتبط بمغادرة المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى.
وظلت المملكة المتحدة أقوى سوق أوروبى للصفقات، لكن النشاط تراجع بنسبة %4 ليصل إلى 221 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يؤدى انتصار رئيس الوزراء بوريس جونسون، زعيم المحافظين الذى وعد بـ»الحصول على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى» إلى مزيد من الوضوح فى عام 2020 مما قد يساعد فى رفع النشاط الكلى للصفقات.
وقال أليسون هاردينج جونز، نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس عمليات الدمج والاستحواذ الأوروبية فى «سيتى جروب»: «أعتقد أن حالة عدم اليقين فى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لم تنته بالكامل».
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن العوامل الاقتصادية التى دفعت المدى الطويل من إبرام الصفقات بقيت على حالها حيث أدت الديون الرخيصة والنمو الاقتصادى المتواضع والمخاوف من تعطل عمالقة التكنولوجيا إلى دفع كبار المديرين التنفيذيين ومجالس الإدارة إلى بيع الأصول.
وقال جريج ليمكاو، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية فى بنك «جولدمان ساكس» إن حجم الشركة أمر مهم عندما تفكر فى الحاجة إلى إنفاق المؤسسات على التكنولوجيا لتحويل أعمالها.
وأضاف «تلك الشركات التى لديها قواعد إيرادات أكبر لديها القدرة على الاستثمار أكثر فى التكنولوجيا لتنمو بغض النظر عن صناعتها الأساسية».
وارتفعت قيمة الصفقات التى تزيد على 10 مليارات دولار بنسبة %28 مقارنة بالعام الماضى، مما ساعد على زيادة حجم التداول.
وفى المقابل انخفضت عمليات الاستحواذ على الشركات التى تتراوح قيمتها بين مليار دولار و5 مليارات دولار بنسبة %13 مقارنة بمستويات العام الماضى.
وتراجعت الصفقات فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء اليابان بشكل كبير ويعود ذلك جزئيًا إلى انخفاض نشاط المدمج والاستحواذ بنسبة %14 فى الشركات الصينية.
وتم حظر المجموعات الصينية فعلياً من الشراء فى الولايات المتحدة حيث وضعت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حواجز حمائية لمنع بكين من التوغل فى واشنطن.
وتوقع ليمكاو، أن يشهد عام 2020 زيادة فى النشاط الآسيوى على الرغم من أننا لن نرى الكثير من الصفقات بين الولايات المتحدة والصين، ولكن سنرى عمليات الدمج والاستحواذ داخل آسيا وبين المنطقة وأجزاء أخرى من العالم.
وتنبأ معظم المصرفيين أن تظل عمليات الدمج والاستحواذ قوية خلال العام الجارى خاصة بعد تعرض مجموعات الاستثمار المباشر لضغوط متزايدة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا