ملفات

المشكلات الاقتصادية تهوى بالهند فى دوامة التباطؤ

الهند

قبل عامين فقط، ساعد رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، الاقتصاد على التوسع بنسبة %8، مما آثار التفاؤل بأن الهند فى طريقها لتصبح محركًا رئيسيًا للنمو العالمى، ولكن فى الوقت الحالى، أصبح الركود يلوح فى الأفق، فى الوقت الذى يتجه فيه الاقتصاد نحو تسجيل أبطأ توسع له منذ أكثر من عقد، إلى جانب ارتفاع التضخم فوق هدف البنك المركزى، مدفوعًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية.

يأتى ذلك فى الوقت الذى أصبحت فيه الاضطرابات الاجتماعية ضد قانون الجنسية الجديد، بمثابة تحد آخر فى طريق نمو البلاد، وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن هذه التحديات تأتى فى الوقت الذى يوجد فيه عدد قليل من الخيارات الجيدة للتعامل مع التباطؤ.

وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن تراجع الإيرادات الحكومية فى ظل الارتفاع المفاجئ بنسبة %7.35 فى تضخم أسعار التجزئة خلال ديسمبر الماضى، والتهديد بارتفاع أسعار البترول يعنى غلق الباب أمام مزيد من التخفيضات فى أسعار الفائدة.
وكشفت البيانات، أن السندات السيادية تراجعت بعد بيانات التضخم، إذ ارتفع العائد على السندات آجل 10 سنوات القياسى بنحو 10 نقطة أساس إلى %6.7 يوم الثلاثاء الماضى، وهى أعلى وتيرة منذ 5 ديسمبر الماضى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ارتفع فيه تضخم أسعار الجملة إلى أعلى مستوى فى 7 أشهر.
أشارت الوكالة إلى وجود مشكلات رئيسية فى قلب الاقتصاد الهندى، إذ يوجد تباطؤ فى نشاط الاستهلاك بعد مجموعة من القرارات السياسية السيئة، مثل القرار غير المسبوق لحظر الأوراق النقدية ذات القيمة العالية فى نهاية عام 2016، وصولاً إلى التنفيذ الفوضوى لضريبة موحدة على السلع والخدمات فى العام التالى.
وأعقب ذلك فترة وجيزة من أزمة الائتمان، والتى تسببت فى تفاقم المشكلات، وتفاقمت فيما بعد أزمة بين مصارف الظل التى تمثل «مقدمًا رئيسيًا» للقروض الصغيرة لمئات الملايين من المستهلكين والشركات، وذكرت «بلومبرج»، أن المشكلات تتفاقم فى ظل ارتفاع معدل الاستهلاك الذى يمثل حوالى %60 من الناتج المحلى الإجمالى وتراجع الإنفاق، مع تخلى الشركات عن الوظائف وتأجيل خطط الاستثمار.
وأضافت أن معنويات المستهلكين لاتزال فى حالة ركود، وقد يكون التقلب الأخير فى أسعار البترول بمثابة عائق آخر أمام الإنفاق، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادى فى الهند للسنة المالية المنتهية 31 مارس المقبل إلى %5، وهى أضعف وتيرة منذ أكثر من عقد من الزمان.


وقالت الخبيرة الاقتصادية فى شركة «نيرمال بانج» للاستثمار المباشر فى مومباى، تيريزا جون، إنه من المرجح أن يكون التعافى تدريجيًا للغاية، ومن المحتمل حدوث سيناريو تضخم اقتصادى، إذ يشير الركود إلى حالة تسارع التضخم وضعف النمو.
أضافت أن التخفيضات الـ5 فى أسعار الفائدة التى أجراها البنك المركزى العام الماضى، وضخ السيولة بمليارات الدولارات التى تم ضخها فى الأسواق المالية لم تفعل سوى القليل لتحفيز الإقراض.
وقال الهندى الاقتصادى لدى وحدة «بلومبرج ايكونوميكس»، ابهيشيك غوبتا، إن الحكومة والبنك المركزى بحاجة إلى تعزيز الحوافز لإنعاش الاقتصاد، إذ يظهر متتبع الناتج المحلى الإجمالى للنمو فى اتجاه التراجع منذ نوفمبر.. وهذا يحذر من أى انسحاب سابق لأوانه لدعم السياسة.
واتخذت الحكومة خطوات لإنعاش الاقتصاد، لكنها لم تجنى ثمارها بعد، وقدم وزير المالية، نيرمالا سيترامان، للشركات تخفيضات ضريبية بقيمة 20 مليار دولار، ودمج البنوك الضعيفة التى تديرها الدولة ببنوك أقوى، وخفف من قواعد الاستثمار الأجنبى، ويأتى ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لبيع أصول الدولة فى أكبر حملة خصخصة لها منذ أكثر من عقد.
وقال أبهيجيت بانيرجى، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد العام الماضى: «نحن قريبون للغاية من نقطة يمكن أن نغرق فيها فى ركود كبير، والمشكلة الحاسمة فى الاقتصاد الهندى هى معدل الطلب».
وأضاف أن الحكومة ينبغى عليها تحفيز الطلب، وحث السلطات على التخلى عن أهداف التضخم وعجز الميزانية، وقد يحدد مخطط وزير المالية، المزيد من الإجراءات لتعزيز النمو فى الميزانية السنوية الجديدة.
وتوقع المحللون، أن يتوسع العجز المالى ليصل إلى %3.8 من إجمالى الناتج المحلى فى السنة المالية الحالية، مقابل هدف قدره %3.3.
ياتى ذلك فى الوقت الذى توجد فيه دلائل مبكرة، على أن الاقتصاد قد يكون قد دخل مرحلة التعافى، إذ أظهرت أحدث مؤشرات مديرى المشتريات للصناعة والخدمات، أن النشاط آخذ فى الارتفاع فى ظل تحسن الإنتاج الصناعى والنفقات الرأسمالية فى أواخر العام الماضى، وتوقع الاقتصاديون انتعاش النمو إلى %6.2 فى السنة المالية الحالية، رغم أن الكثير سيعتمد على مدى سرعة تعافى الطلب العالمى والإنفاق المحلى.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية