ينمو اقتصاد منطقة اليورو بأبطأ معدل منذ أزمة الديون التى ضربت اقتصادات المنطقة قبل 7 سنوات.
وكشفت البيانات أن منطقة العملة الموحدة نمت بمعدل ربع سنوى قدره %0.1 فى الربع الأخير من العام الماضى وهو أبطأ معدل توسع منذ أوائل عام 2013.
ومع ذلك، استمر سوق العمل فى التحسن مع زيادة عدد الأشخاص العاملين بنسبة %0.3 فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019.
واستقر النمو فى ألمانيا خلال الربع الأخير محققة نموًا صفريًا وهو أداء كان أقل من توقعات المحللين وهبوطًا من %0.2 فى الربع الثالث.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن هذه الأرقام جاءت فى أعقاب المؤشرات القاتمة التى بددت إلى حد كبير المزاج المتفائل الذى بدأ به تكتل العملة الموحدة العام الجديد.
وأظهرت أرقام الإنتاج الصناعى الضعيفة لشهر ديسمبر والتى صدرت فى وقت سابق من الأسبوع الماضى أكبر انخفاض شهرى خلال ما يقرب من 4 سنوات.
وجاء ذلك عقب انخفاض مبيعات التجزئة فى منطقة اليورو بنسبة %1.6 فى ديسمبر الماضى وهو أكبر انخفاض شهرى منذ عقد من الزمان.
وقالت نادية غربى، كبيرة الاقتصاديين فى «بيكتيت لإدارة الثروات»: «فى بداية العام الجديد رأينا استطلاعات تشير إلى تعافى التصنيع ومرونة الخدمات فى منطقة اليورو ولكن البيانات الصعبة التى رأيناها مؤخراً كانت فظيعة للغاية».
وتوقع عدد من الاقتصاديين أن يؤدى الانخفاض الحاد فى الإنتاج الصناعى والإنفاق الاستهلاكى إلى تراجع نمو ألمانيا ومنطقة اليورو إلى ما دون الصفر.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الاقتصاد الألمانى تضرر من انخفاض الاستهلاك المنزلى والحكومى، فى حين انخفض الاستثمار فى الآلات والمعدات.
وتراجعت الصادرات الألمانية مع ارتفاع الواردات، لكن الانخفاضات قوبلت جزئياً بالنمو فى البناء والاستثمارات الرأسمالية الأخرى.
وقال أناتولى أنينكوف، كبير الاقتصاديين الأوروبيين فى «سوسيتيه جنرال» إن الأرقام الجديدة فظيعة للغاية، ليس فقط الإنتاج الصناعى ولكن أيضًا مبيعات التجزئة.
ومع ذلك، لا يزال الاقتصاديون يراهنون على انتعاش فى وقت مبكر من العام الحالى حيث إن التوقعات فى الربع الأول تتحسن ولكن سوف يتطلب الأمر حدوث خلل كبير فى خطوط الإمداد.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن الاضطراب الاقتصادى جاء نتيجة لتفشى فيروس «كورونا» فى الصين، والذى من المتوقع أن يؤثر على سلاسل التوريد الصناعية والصادرات والسفر.
وتمثل صادرات البضائع إلى الصين %7 من جميع الصادرات الألمانية، أى ما يعادل %2.8 من الناتج القومى فى عام 2018 وفقاً لصندوق النقد الدولى.
وقال ستيفان شنايدر، كبير الاقتصاديين فى ألمانيا فى «دويتشه بنك» إن ظهور فيروس «كورونا» يضع مخاطر كبيرة فى طريق الانتعاش العالمى المتوقع، حيث كانت الآمال معلقة على تحسن الاقتصاد الصينى.
وأضاف «هذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لألمانيا، حيث كان الطلب الصينى الضعيف محركًا مهمًا وراء تباطؤ الصادرات فى عام 2019».
وتوقع «دويتشه بنك» أن تفشى فيروس «كورونا» سيؤدى إلى تراجع 0.2 نقطة مئوية فى معدل النمو فى الربع الأول، مما يؤدى إلى حدوث ركود تقنى محتمل.
وكان المستثمرون غير قلقين نسبيًا بسبب البيانات الضعيفة، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر «ستوكس 600» للشركات الكبرى فى المنطقة إلى مستوى قياسى مرتفع.
وقال الاقتصاديون إن هذه الزيادة فى السوق كانت مدفوعة باعتقاد المستثمرين أن البنوك المركزية ستتدخل لتخفيف السياسة النقدية.
وأوضحت كاثرينا أوترمول، كبيرة الاقتصاديين فى أوروبا لدى شركة «أليانز» إن انخفاض الإنتاج الصناعى سيعطى فرصة للبنك المركزى الأوروبى، لمراجعة توقعاته للنمو والتضخم الشهر المقبل.
ويتوقع بنك «إيه بى إن أمرو» أن يقوم البنك المركزى الأوروبى، بتخفيض أسعار الفائدة من %0.5 إلى %0.6 وزيادة حجم برنامج شراء السندات من 20 مليار يورو إلى 40 مليار يورو فى الشهر.
واستنادًا إلى أسعار تبادل أسعار الفائدة، لا يزال معظم المستثمرين يتوقعون أن يبقى البنك المركزى الأوروبى، أسعار الفائدة دون تغيير هذا العام.
وقال بنك «جولدمان ساكس» فى مذكرة بحثية «من غير المرجح أن يكون هناك تخفيض فى سعر الفائدة لكننا لا نستبعد احتمال أن يستجيب البنك للتخفيف النقدى إذا كان فيروس كورونا يؤثر على معنويات الأعمال والظروف المالية».
وأوضح أوليفر راكاو، كبير الاقتصاديين فى منطقة اليورو بشركة «أكسفورد إيكونوميكس» أن هناك تكهنات متزايدة بأن البنك المركزى الأوروبى، سوف يتحرك فى مارس المقبل، لكننا نعتقد أن هناك عقبة كبيرة أمامه لخفض أسعار الفائدة.
وقال فيليب لين، كبير الاقتصاديين فى البنك المركزى الأوروبى، إنه يراقب تأثير فيروس «كورونا» الذى يمكن أن يوفر ضربة كبيرة قصيرة الأجل على الاقتصاد لكنه أضاف أن هذا تبعه عادة ارتداد كبير بمجرد انتهاء الأزمة.
ورغم كل هذه الأخبار القاتمة، يقول الاقتصاديون إن هناك بعض الأسباب للتفاؤل، حيث إن أرقام الإنتاج الصناعى المخيبة للآمال يمكن تفسيرها جزئياً بسبب عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية، مثل عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، فى نهاية العام الماضى عندما تغلق الشركات فى كثير من الأحيان.
ومن المتوقع أن يساعد الانخفاض الحاد فى أسعار البترول وتراجع قيمة اليورو مقابل الدولار الأمريكى منذ بداية العام على تعزيز نشاط منطقة اليورو.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا